عادل حمودة يكتب: تصريحات عجينة.. فعلا عجينة

مقالات الرأي



■ وصف رجال مصر بالضعف الجنسى فهل هو واحد منهم؟

■ طالب النساء بالختان وأنقذ بناته منه فهل يدعونا إلى قبول ما يرفض؟

■ لو كنا أمة من العجزة فلم يستمر فى تمثيله لنا؟

■ هل يعرف أن ما يصفه بالعلم كلام مصاطب يكذبه الطب وتنفيه الخبرة؟!

■ العلم الذى يدعيه لا يقبل التعميم لم يقل نسبة أو رقماً أو إحصاءً


فى أسابيعه الأولى يسبح الجنين فى رحم أمه حائرا بين الذكورة والأنوثة.. فهو فى تلك الفترة يكون خلطة كيميائية غير محددة الجنس.. أو النوع.. ليحسم الله الأمر بالتى هى أحسن.. بأن ينحت رجلا.. أو يجسد امرأة.. نافخا فيهما رغبة جنسية تجذب كل منهما إلى الآخر ليستعيدا معا ذكرياتهما الأولى فى الرحم.

لم يبح الله الجنس للرجل وحده.. وإلا اقتصر الرجل على العادة السرية.. واشترط لصحته النفسية أن يقتسم مع المرأة الشعور بالشهوة.. والمتعة.. ويصلان معا إلى الذروة.. وإلا كان الثمن الذى يدفعه غاليا.. زوجة مضطربة.. مصابة بالهيستريا.. تنكد عليه حياته.. وتدمر سلامة أولاده.

هذا يعنى أن الدين وهو يسعى للبشر تنظيما وتهذيبا لم يكن تجريديا وإنما كان واقعيا يخاطب حواس الإنسان وغرائزه بأمر من الذات العليا.

وليس الحور العين اللائى ذكرهن القرآن وهو يصور مشاهد الحياة المترفة فى الجنة سوى تأكيد على أن الإسلام دين تجسيد لا تجريد.

وبنفخة ونفحة سماوية جمعت المرأة بين الفاكهة العقلية ودوائر ومرتفعات ومنخفضات هندسية.. لتكون شريانا مكتمل المواصفات للرجل.. تشاركه المتعة الجسدية بجانب متاعب الحياة الدنيوية.

لكن.. صرامة التقاليد حرمت على المرأة التعبير عن مشاعرها ــ ولو بينها وبين زوجها ــ وإلا اعتبرت فاجرة رغم أنها بنص القرآن سكن للرجل.. فكيف يحرم السكن من الحق فى قبول أو رفض الساكن؟.

إنها حالة من الفاشية الجنسية أن يكون استنزاف الثروة النسائية احتكارًا لطرف واحد دون أن تحصل المرأة على عائد منها.

ويتصور كثير من الرجال أن تأميم المرأة بالختان يحميها ويحميهم من فضيحة.. ويضمن عدم خروجها عن حدود الأدب.. لكنهم.. لو عرفوا أن النسبة الغالبة من النساء اللاتى احترفن الدعارة مصابات بالبرود الجنسى لشطبوا من أذهانهم تلك الصورة الشيطانية للمرأة.. ولفهموا واستوعبوا وآمنوا وصدقوا أن الوقوع فى الرذيلة أسبابه الرئيسية.. اجتماعية واقتصادية.. أسرة مفككة.. ومحفظة خالية.. خاوية.

ولو تورطت المرأة فى خطيئة فلن ينجو الرجل من الاتهام بأنه السبب.. أب شرس.. أو زوج قاس.. وعيشة معهما لا تطاق.. فلا حياة معها بمعروف.. ولا تسريح بإحسان.

هنا.. لا ينتبه الرجل للتحذير من كيد النساء.. إن كيدهن عظيم .. فلم يخلق الله كائنا مهما كان ضعيفا إلا ومنحه سلاحا سريا.

والمؤكد أن المرأة بالطبيعة أكثر احتراما لجسدها من الرجل.. فهى تميل للتوحد بينما الرجل مجلوب على التعدد.. وهى لا تأكل إلا ما تحب.. وهو يأكل ما يتوافر أمامه.. وهى لا تميل إلى وضع أكثر من صنف فى طبق طعامها.. وهو لا يهنأ إلا فى البوفيهات المفتوحة.

والختان.. استخدام آلة حادة لقطع مناطق استفزاز الرغبة الجنسية عند المرأة إلى حد تشويه أعضائها التناسلية.. وهى جريمة تحرمها من حقوقها الشرعية.. كأنك قطعت معدة إنسان فلم يعد يأكل.. أو قطعت لسانه فلم يعد يعبر.. ولنا أن نتصور موقف الرجل لو قطعنا نصف ذكورته؟.

والختان ــ على خلاف ما هو شائع ــ يريح الرجل العاجز من واجبات الفراش.. أما الرجل السليم فيجبر عند التعامل مع امرأة مختنة على اللجوء إلى المنشطات والمخدرات ليوقظ رغبتها.. ويحرض شهوتها.. وينتظر منها ما يسعى إليه من متعة.

إن إدمان المخدرات الذى يكلفنا سنويا 15 مليار دولار وجنون المنشطات الذى ندفع فيه ما يزيد على المليار دولار سببه ختان المرأة وليس ضعف الرجل الذى لصقه عجينة برجال مصر بلا استثناء فى جرأة يحسد عليها.

وعجينة ــ لقب وليس صفة واسم أول مرة اسم به ــ هو النائب فى البرلمان إلهامى عجينة الذى نشرت له جريدة الوفد على صفحتها الأولى يوم الجمعة الماضى تبريرا ساذجا لقبوله بالختان بعد تشديد العقوبة القانونية مؤخرا على من يقوم به أو من يحرض عليه أو من يرتكب الجريمتين.

اعتبر عجينة أن تجاهل الختان يزيد من القدرة الجنسية للمرأة فى وقت يعانى رجال مصر من حالة ضعف جنسى.

وضرب مثلا للتدليل على صحة ما يدعى بصعوبة أن تقود سيارة بفردة نايمة وفردة شدة .. وبذلك التفسير الميكانيكى لا تتجاوز العلاقة الراقية بين الجنسين فى خياله ركوب عربة.

لم يستوعب عجينة الحكمة المصرية التى ورثناها أبا عن جد.. الملافظ سعد .. حكمة سهلة تدعونا لاختيار ما نقول قبل أن ننطق به.. لكن.. عجينة بجملة واحدة محدودة الكلمات أهان رجال مصر كلهم.. بلا استثناء.

ولا يكفى أن يبشرنا عجينة بأن لا حياء فى العلم حتى نصدق أن ما يقوله علما.. بل.. نخشى أن يكون جهلا.. فالعلم يا عجينة يؤكد أن المرأة المكتملة عضويا لا تتعب رجلها.. وتزيد من قدرته الجنسية لو استمتعت.. واذهب بنفسك إلى مراكز الصحة النفسية وراجع مع أطبائها حالات النساء فيها لتتأكد أنك تورطت فى خطأ فادح.. يجبرك على الصوم عن الكلام -تحت قبة المجلس وخارجها- شهورا.. وإلا عرضت نفسك من جديد لما لا تطيق من سخرية.. ولما لا تقدر من محاسبة.. وحسنا فعلت باستقالتك من لجنة حقوق الإنسان.. فالحقيقة أنت فى حاجة لمعرفة أكثر عن مكونات ومتطلبات الإنسان حتى تدافع عنه.. وإلا كنت مثل شخص لم يدرس القانون ويقف أمام المحاكم مترافعا لمجرد أنه يرتدى ثوب المحاماة.

والعلم الذى تدعيه يا عجينة لا يقبل التعميم.. لا يقبل أن توصم كل الرجال بما وصفت.. هكذا.. بسهولة.. لم تقل بعضهم .. ولم تقل نسبة منهم .. ولم تذكر رقما.. ولم تدلل بإحصاء.. وهو ما يعنى أنك أنت المصاب بالضعف...... فى التعبير.

ويذكر عجينة أن لديه مؤشرات تدلل على صحة ما يقول.. لكنه.. لا يذكرها.. ليجسد أمامنا نموذجا صارخا لنائب البرلمان الذى يتكلم أسرع مما يفكر.. ويعبر عن رأى دون إسناد.. ويأخذ موقفا دون دراسته.. ولو كان مثل هذا النموذج سائدا فكيف نطمئن لسلامة ما يصدر عن البرلمان من تشريعات وقوانين؟.. هل بعضها شدة وبعضها نايمة أم أنها كلها تحتاج إلى نفخة وزقة؟.

بالتأكيد.. يا عجينة ليس كل الرجال يعانون ضعفا.. بعضهم فقط.. بحكم من القدر.. أو بحكم السن.. فكل شىء يهدأ بالتقادم.. فى سن المراهقة يتحرك الرجل باتجاه رائحة الأنوثة.. مثلما تتحرك النحلة باتجاه الزهور.. وما أن يتجاوز العشرين حتى يركز على التكوين الخارجى للمرأة.. تضاريسها وتقاطيعها وأناقتها.. وما أن يصل للأربعين حتى يضيف للاهتمام بالجسد اهتماما بالعقل.. وفى الخمسين وما بعدها لابد للمرأة أن تكون قد حفظت الرجل وعرفت جغرافيته جيدا.

لكن.. ما أن جاءت الفياجرا وأخواتها حتى غيرت المعادلة.. ومنحت الرجل والمرأة سنوات أطول من المتعة المشتركة.. وحررت الرجل الضعيف وأنقذت المرأة المصابة بالبرود.. ما يعنى أن المنشطات ليست دليل عجز مبكر وإنما دليل نشاط ممتد إلى وقت متأخر.

ولو كنت منك يا عجينة لدرست ظاهرة أخطر سببتها المنشطات.. وتنفى تماما ما تذكر عن الضعف.. ظاهرة كبار السن من الرجال الذين يتزوجون من شابات فى سن بناتهم.. مسببين مشاكل اجتماعية إضافية فى النسب والميراث.

على أن هذه قضية أخرى.

أما القضية الأهم فهى أن عجينة لا يثق فيما يؤمن به.. فهو ضد الختان.. لكنه.. فى الوقت نفسه لم يختن بناته.. حالة من الفصام لا يجوز قبولها.. ويحتاج للشفاء منها.

أما القضية الأكثر أهمية فهى كيف يقبل عجينة أن يمثل أمة كل رجالها ضعفاء مهزومين فى بيوتهم؟.. إن الناس عادة ما تختار نائبا يكون صورة منها.. مثلها.. فهل هو واحد من رجال مصر الذين أهانهم؟.. عليه أن يعلن ذلك حتى نطمئن على أنه يعبر عنهم.. وإلا فاليتفضل غير مطرود قبل أن يخرج من المجلس محمولا إلى عربة إسعاف.