مى سمير تكتب: اعترافات مسجلة لـ «أشرف مروان» قبل اغتياله فى كتاب جديد للمؤرخ اليهودى آهارون بيرجمان

مقالات الرأي



مواجهة بين عادل حمودة وأشرف مروان حول اتهامه بالتجسس لإسرائيل

■ ذهبت للموساد إعجابا بانتصار إسرائيل فى حرب يونيو

■ المخابرات الإسرائيلية أنقذت زواجى بخاتم «ألماظ» قدمته إلى «منى عبدالناصر»

■ حصلت على مليون دولار فى كل جلسة معلومات قدمتها للموساد

■ أصرت إسرائيل على أن أعود بجهاز لاسلكى إلى مصر فألقيت به فى النيل


«إنها قصة بوليسية ملفقة»، هكذا رد أشرف مروان صهر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر والذراع اليمنى للرئيس الراحل أنور السادات على الكاتب الصحفى عادل حمودة الذى واجهه بكتاب «تاريخ إسرائيل» الذى كتبه المؤرخ الإنجليزى اليهودى آهارون بيرجمان.

علم حمودة بصدور الكتاب فى لندن، وكان من بين فصوله فصلا بعنوان «الجاسوس العريس»، صهر عبد الناصر، وذراع السادات، دون أن يقول صراحة إن هذا «الجاسوس» هو أشرف مروان.

وقتها اتصل عادل حمودة بأشرف مروان، وأخبره عن الكتاب الذى يشير إليه دون أن يذكر اسمه صراحة، فرد مروان بشيء من الغرور «اقرأ الكتاب الأول»، فما كان من الكاتب الصحفى الكبير إلا الاتصال بالزميلة «خلود الجمل»، محررة مجلة الأهرام العربى فى لندن، وطالبها بشراء الكتاب، وبالفعل اشترته خلود وصورت الفصل المذكور وأرسلته على الفاكس من لندن إلى القاهرة، لتتم ترجمته فى الليلة نفسها، ليعاود حمودة الاتصال بأشرف مروان قائلا بجملة قاطعة: «الكتاب مترجم وجاهزون للحوار».

لم يكن أمام أشرف مروان مهربا من الحوار، لذا حدد موعد اللقاء فى فندق «انتركونتننتال»، لكنه غيره قبلها بقليل -بحسب عقليته المخابراتية وشكوكه الكبيرة– إلى فندق «شيراتون هليوبوليس»، قبل أن يغيره للمرة الأخيرة ليتم اللقاء بالفعل فى مكتبه خلف منزل مبارك من ناحية صلاح سالم.

طوال 4 ساعات كاملة ظل، مروان يغرى حمودة بألا يعطى للموضوع أهمية وأن يصرف النظر عنه، بحجة أن هيكل كرر نفس التهمة من قبل، وأن الاتهام قد يطول أى شخصية، وأمام إصرار حمودة قال مروان اكتب أنها «قصة بوليسية ملفقة»، فطالبه حمودة بالتوقيع على كلامه، حتى يكون موقفه القانونى سليما، فوقع بالفعل، لتصبح المرة الأولى التى ينشر فيها اسمه فى هذه الاتهامات.

علم المؤرخ الإنجليزى اليهودى آهارون بيرجمان، بما نشره عادل حمودة، فطلب لقاء مع خلود الجمل وأجرت معه حوارا، قال لها خلاله إنه بالفعل لم يصرح باسم «أشرف مروان» لكنه فى حقيقة الأمر «هو» الشخص المقصود، وأن ثمة وثائق ستصدر بمرور خمسة وعشرين عاما على حرب أكتوبر وستؤكد إدانته، غير أن المحكمة العليا فى إسرائيل قبلت المعادلة تماماً وأكدت قبل وفاة مروان بشهور أنه «كان عميلا نظيفاً»، يعمل لصالح تل أبيب فقط، ولم يكن مزدوجاً، أو يعمل لمصلحة مصر.

بعد هذه السنوات أصدر «آهارون بيرجمان» كتابا جديدا بعنوان «الجاسوس الذى هوى إلى الأرض.. علاقتى مع الجاسوس الذى هز الشرق الأوسط»، وهو بمثابة ضربة عالمية لما يحويه من وثائق وتسجيلات تدين أشرف مروان.. ونستعرضه فى حلقتين.

ويؤكد آهارون أن قناعته الشخصية تؤكد له أن أشرف مروان لم يكن عميلاً لإسرائيل وحدها.. بينما كان عميلاً مزدوجاً.. وهو ما ننشره فى الحلقة الثانية.


«إلى أشرف مروان الذى كان يستحق نهاية أفضل»، بهذا الإهداء افتتح المؤرخ الإسرائيلى «آهارون بيرجمان» كتابه الجديد «الجاسوس الذى هوى إلى الأرض: علاقتى مع الجاسوس الذى هز الشرق الأوسط».

« بيرجمان» كان ضابطا بالجيش الإسرائيلى، ووصل إلى رتبة «كابتن» ولكنه استقال اعتراضاً منه على الممارسات القمعية للجيش الإسرائيلى ضد الفلسطينيين أثناء الانتفاضة، واتجه بعد استقالته إلى لندن لدراسة التاريخ.

ويكشف الكاتب فى كتابه الجديد، تفاصيل دقيقة عن عمل أشرف مروان مع المخابرات الإسرائيلية، ويلقى الضوء على علاقة الصداقة التى ربطته به، وأسرار المذكرات التى كان يكتبها «مروان» وكان يساعده فيها قبل وفاته الغامضة، ولكن أهم ما يتضمنه هذا الكتاب هو تحليل « بيرجمان» الذى يؤكد فيه أن «مروان» لم يكن عميلا للمخابرات الإسرائيلية، ولكنه عميل لصالح المخابرات المصرية، والتى نجحت من خلاله فى تنفيذ أكبر عملية خداع للمخابرات الإسرائيلية.

الكتاب يضم جزءين، الأول يروى تفاصيل عمل مروان مع المخابرات الإسرائيلية، والثانى تبعيات كشف هوية «مروان»، ولماذا يعتقد أنه كان يعمل لصالح مصر؟.


1- أشرف مروان

يبدأ الكتاب بفصل يحمل عنوان «من هو أشرف مروان؟»، يقدم فيه الكاتب بورتريه عن شخصية مروان الذى نجح فى اختراق دوائر الحكم فى مصر عندما تزوج «منى» كريمة الرئيس الراحل عبدالناصر، وعندما تولى السادات حكم مصر بعد رحيل عبدالناصر أصبح «مروان» من الشخصيات المقربة منه ومبعوثه الخاص فى الكثير من المهام الخاصة والمهمة.

ولد مروان عام 1944 فى عائلة ضابط جيش وكان طفلا ضمن أربعة أخوة، شاب طموح وذكى، فضل دراسة الكيمياء على دخول الكلية الحربية، كما كان يفعل أغلب الشباب فى هذه المرحلة، وبعد تخرجه التحق بالجيش كضابط ومهندس كيميائى.

بدأت قصة حبه مع «منى عبدالناصر» على شاطئ الإسكندرية، حيث نجحت شقيقته التى كانت صديقة «منى» فى تدبير لقاء يجمعهما، لكن عبدالناصر، بحسب الكتاب لم يشعر بالرضا عن هذه العلاقة وكان لديه العديد من الشكوك حول هذا الشاب الذى يتقرب من ابنته.

طلب الرئيس المصرى الراحل من مدير مكتبه سامى شرف إعداد ملف عن مروان، ولم تأت النتيجة فى صالح الأخير وتضمن التقرير إشارة إلى أنه شخص انتهازى ومتعدد العلاقات.

لكن منى عبدالناصر أصرت على الزواج من مروان، ولضمان ألا يغيب مروان عن نظره أصدر عبدالناصر قرارا بتعيينه فى مكتب المعلومات بالرئاسة، حيث كان يعمل تحت إشراف سامى شرف.

بعد حرب 1967 ومع الضغوط النفسية التى كان يعانى منها عبدالناصر اختار مروان السفر إلى بريطانيا بحجة استكمال تعليمه والحصول على درجة الماجستير، فى البداية رفض عبدالناصر سفر منى ابنته المقربة منه لكن بضغوط منها، رضخ لرغبتها.

فى لندن، التحق «مروان» بالعمل بالسفارة المصرية، وبحسب الكتاب كان الهدف إبقاءه تحت المراقبة، ولكن المرتب الضئيل والحياة اللندنية التى أصابت الزوجين بصدمة حضارية، دفعت مروان إلى توطيد علاقته بشاعرة عربية تدعى «سعاد» ساعدته بالمال وكانت زوجة لثرى كويتى.

وقالت السيدة سعاد إن هذه الأموال كان الهدف منها مساعدة عائلة ابنة الرئيس الذى تحبه على الحياة فى لندن بشكل لائق، لكن هذه الأموال أهدرها «مروان» على طاولات «القمار» كما يشير الكتاب، ما دفع عبدالناصر إلى استدعائه على الفور ومطالبته بإعادة جميع الأموال التى أخذها من زوجة الشيخ العربى، لتعود عائلة مروان إلى القاهرة ويعود من جديد للعمل تحت إشراف سامى شرف.


2- اللقاء الأول

بعنوان «مروان يتطوع للعمل للموساد» يبدأ الفصل الثانى من كتاب المؤرخ اليهودى بالإشارة إلى حالة الإحباط التى كان يشعر بها «مروان» عند عودته إلى القاهرة، مضيفا: إنه لايمكن لأحد أن يعرف على وجه التحديد إذا ما كانت الأجواء الخانقة بالقاهرة، أو إحباطه الشخصى وعلاقته المتوترة مع عبدالناصر هى التى دفعت فى النهاية الشاب الذى لايزال فى السادسة والعشرين من عمره إلى الإقدام على تلك الخطوة التى ستغير فى وقت لاحق شكل حياته وسيكون لها أعمق تأثير على الشرق الأوسط.

فى يوليو 1970، وأثناء عودته إلى لندن فى واحدة من رحلاته الدراسية، اتجه «مروان» إلى تليفون عمومى، وطلب رقم السفارة الإسرائيلية وطلب التحدث مع أحد من المخابرات الإسرائيلية، تم تحويله إلى مكتب الملحق العسكرى، وقام مروان بتعريف نفسه وطلب العمل لصالح المخابرات الإسرائيلية، ولكن الشخص على الطرف الآخر من المكالمة لم يكن يعرف هوية من يتحدث معه، وبالتالى لم تتم متابعة التواصل معه بعد انتهاء المكالمة.

بعد شهرين من هذه المكالمة رحل عبدالناصر وتولى السادات رئاسة مصر ليصبح «مروان» المبعوث الخاص للرئيس المصرى فى أكثر المهام الدبلوماسية أهمية خاصة إلى السعودية وليبيا.

يشير الكتاب إلى أن «السادات» كان فى حاجة إلى شخص من عائلة عبدالناصر يعطى الإيحاء بأن وجوده على رأس الدولة المصرية قد تم برضاء من النظام السابق، غير أنه برحيل عبدالناصر، وضع «مروان» يده على الخزانة الشخصية للرئيس الراحل والتى كانت تتضمن معلومات سرية عن العديد من الشخصيات المهمة فى الدولة وهى المعلومات التى سلمها مروان إلى السادات وساعدته على التلاعب بأعدائه والتخلص منهم.

فى ديسمبر 1970، عاد «مروان» من جديد إلى لندن فى رحلة دراسة جديدة، ولكن هذه المرة كان فى وضع أكثر قوة، وقام بالاتصال بالسفارة الإسرائيلية مرة أخرى من تليفون عمومى، وعلى العكس من المرة السابقة ترك «مروان» رقم تليفون للاتصال به، ولكنه رفض طلبا بالذهاب إلى السفارة، لمناقشة الأمر، مؤكداً أن مثل هذه الزيارة قد تعرض حياته للخطر.

هذه المرة أدركت السفارة الإسرائيلية هوية هذه الشخصية الغامضة، وفى تلك الأثناء كان هناك اثنان من عملاء «المخابرات الإسرائيلية» فى زيارة إلى لندن وهما «رافيه فاردي» والذى كان يشغل فى ذلك الوقت منصب رئيس تسوميت أو وحدة الموساد المسئولة عن جمع المعلومات من مصادر بشرية، وبصحبته «شموئيل جورين» المسئول عن عمليات الموساد فى أوروبا الغربية.

الاثنان كانا فى طريقهما لمغادرة لندن، وفى الطريق إلى مطار «هيثرو» اتصل بهما الملحق العسكرى، وأبلغهما بأن شخصا يدعى «أشرف مروان» يريد التعاون مع المخابرات الإسرائيلية، وأدرك الرجلان على الفور أن هذا المتصل ما هو إلا صهر الرئيس المصرى الراحل عبدالناصر واليد اليمنى للرئيس السادات.

عاد الرجلان على الفور إلى السفارة للإشراف على عملية ترتيب لقاء مع مروان دون حتى الاتصال بالمكتب الرئيسى للموساد فى تل أبيب، وكان إغراء التعامل مع أشرف مروان أكبر من الشكوك المحيطة بإمكانية اتصال شخص مثله للتعاون مع المخابرات الإسرائيلية، وعلى الرغم من إدراكهما أن مروان يندرج تحت فئة يطلق عليه «الوواك إن» أو الشخص الذى يتبرع بتقديم خدماته، ومثل هؤلاء الأشخاص عادة ما يكونوا عملاء «مزدوجين»، إلا أنهما اتخذا قرارا بالتواصل معه.

ولم يكن هناك وقت لاستدعاء أحد عملاء الموساد من أجل لقاء مروان ووقع الاختيار على «دوبى أشيروف» الرجل الثانى بمكتب الموساد فى لندن لكى يتولى مهمة لقاء مروان.

أشيروف كان فى منتصف الثلاثينات، طويل القامة، نحيف، وبملامح أوروبية وانضم للموساد بعد حرب 67 مباشرة، ولعل أهم ما يميزه أنه كان يتحدث الإنجليزية والعربية بطلاقة، فلم يكن أحداً يعلم إذا كان مروان يجيد التحدث بالإنجليزية، وتم تحديد اللقاء فى أحد فنادق لندن، وفى اليوم المحدد انتشر عملاء المخابرات الإسرائيلية حول الفندق على أهبة الاستعداد للتدخل من أجل إنقاذ العملاء الإسرائيليين فى حالة ما إذا كان هذا اللقاء مجرد «فخ».

فى بهو الفندق جلس «شموئيل جورين» وتظاهر بقراءة جريدة «التايمز»، بينما فى حقيقة الأمر كان ينظر إلى صورة يعود تاريخها إلى أربع سنوات نشرت فى الجرائد لفرح أشرف مروان على منى عبدالناصر.

تأخر «مروان عن موعده وبدأ القلق فى التسلل لجميع عملاء الموساد سواء داخل أو خارج الفندق، فى النهاية ظهر مروان وتأكد «شموئيل» من شخصيته عن طريق الصورة وبالفعل أعطى إشارة إلى دوبى أشيروف الذى اقترب من مروان وألقى عليه التحية باللغة العربية، قائلاً: إنه من الجيد لقائه وأشار إلى أن اسمه ألكس، فوجئ مروان بأن عميل الموساد يتحدث معه باللغة العربية، ولهذا رد عليه بالإنجليزية التى تجاوب معها عميل الموساد على الفور قبل أن يدعو مروان الذى كان يحمل معه حقيبة مستندات سوداء اللون لكى يذهب معه للحديث فى غرفة خاصة.

فى هذا اللقاء الأول مع الموساد، بذل مروان أقصى جهد لديه، بحسب الكتاب، لكى يترك انطباعا جيدا، وفى هذه الجلسة اصطحب معه وثائق تتضمن «تنظيم المعركة المصري»، وهو تعبير يشير إلى جميع التفاصيل المتعلقة بقيادات الجيش المصرى، التشكيلات والوحدات الخاصة، هذا إلى جانب المعدات العسكرية الخاصة بالوحدات المختلفة.

لم يطلب مروان شيئا فى المقابل ولكن فى نهاية اللقاء أشار إلى أنه سيعود إلى لندن بعد عدة أسابيع فى زيارة دراسية أخرى وأنه سيتصل بـ«دوبى أشيروف» للقائه، مشيرا إلى أن الشخص الوحيد الذى سيلتقى معه سيكون أشيروف أو ألكس كما يعرفه مروان.

بالطبع قام رجال الموساد بتتبع مروان بعد انتهاء اللقاء، وفى السفارة الإسرائيلية جلس أشيروف مع جورين، وأشار الأخير إلى أن مثل هذه المعلومات من مصدر مثل هذا هى أمر لا يحدث سوى مرة واحدة كل ألف عام.

فى اليوم التالى عقد قادة الموساد اجتماعا عاجلا لمناقشة أمر الجاسوس المصرى، على رأس الاجتماع كان رئيس الموساد فى ذلك الوقت «تسيفى زامير» الجنرال السابق بالجيش الإسرائيلى، وحضر الاجتماع عملاء الموساد جورين وفاردى.

كان الهدف من هذا الاجتماع مناقشة ما إذا كان مروان صادقا فى رغبته فى التعاون مع الموساد أم أنه أشبه بحصان طروادة الذى ستنجح من خلاله المخابرات المصرية فى اختراق الموساد.

استمر الاجتماع لعدة ساعات وكانت النتيجة النهائية هى أن مروان صادق فى رغبته بالتعاون مع إسرائيل، وهناك ثلاثة أسباب جعلت قادة الموساد يتوصلون إلى هذه النتيجة، أولاً: إن إدارة عميل «مزدوج» تتطلب مستوى استخباراتى متقدم، ومن وجهة نظر الموساد لم تكن المخابرات المصرية تمتلك مثل هذه الإمكانيات، وثانياً: استخدام صهر عبدالناصر واليد اليمنى للسادات قد يتضمن الكثير من المخاطر من وجهة النظر المصرية، حيث قد يتعرض للسجن أو القتل، وثالثا: إن فى اجتماعه الأول قدم مروان معلومات مهمة للغاية ولايمكن للمخابرات المصرية تسريبها للعدو حتى لو كان هذا الأمر بهدف زرع عميل مزدوج.

بقى سؤال واحد مهم حاول قادة الموساد الإجابة عنه فى هذا الاجتماع، مفاده: لماذا؟ ما هو الدافع وراء رغبة مروان فى التعاون مع الموساد؟ وتوصلوا فى النهاية أن المال قد يكون سببا قويا، كذلك الرغبة فى المغامرة، وأخيرا دافع قاله أشرف لعميل الموساد فى اجتماعهما الأول وهو أن العرب تعرضوا للإهانة بهزيمة 67 وأنه يريد أن يكون مع الجانب المنتصر.

وبالفعل تم اتخاذ قرار رسمى بتجنيد «مروان»، وأطلق عليه لقب «الملاك» نسبة إلى المسلسل البريطانى الشهير فى ذلك الوقت «القديس»، والذى عرض فى إسرائيل تحت اسم «الملاك».


3- التجسس

فى الفصل الثالث الذى حمل اسم «التجسس»، كشف المؤرخ الإسرائيلى عن تفاصيل التعاون بين مروان والموساد، حيث يزعم الكتاب أن حالة من الحذر كانت تسيطر على الموساد فى تعاملهم مع «مروان».

ولكى يتأكدوا من صدق المعلومات التى يقدمها كانت تتم مقارنتها فى البداية مع معلومات من مصدر آخر مهم، ولكن لم يتم الكشف عن هويته.

هذا المصدر لم يكن يتبع الموساد ولكن كان يعمل تحت إشراف المخابرات العسكرية الإسرائيلية، وكان يمد إسرائيل بمعلومات مهمة متعلقة بالقطاع الجنوبى للجبهة المصرية.

بمقارنة المعلومات القادمة من مصدرين مختلفين، تأكد جهاز «الموساد» من صدق معلومات مروان ومن أن جهاز الاستخبارات الإسرائيلى أصبح يمتلك منجم ذهب.

فى أغسطس من عام 1971، قدم «مروان» لألكس عميل الموساد الذى أصبح المسئول الرسمى على عقد الاجتماعات مع مروان، خطط الحرب المصرية السرية، كما قدم محاضر اجتماعات عالية المستوى بين مصر والاتحاد السوفيتى التى كانت تمد مصر فى ذلك الوقت بالسلاح والتدريب.

ولم يكتف «مروان» – بحسب الكتاب - بتقديم محاضر الاجتماعات، ولكنه قام أيضا بتقديم شرح وتفسير لهذه الوثائق، وهو الأمر الذى يعرف فى عالم المخابرات بـ«تقييم المصدر».

ويضيف الكتاب: إن مروان كان مندوبا ممثلا للسادات فى العديد من الاجتماعات المهمة، وكما أشار أحد عملاء إسرائيل فإن امتلاك عميل مثل «مروان» أقرب للنوم فى نفس السرير مع السادات.

ونظراً لأهمية المعلومات التى كان يقدمها مروان، اتخذ «تسفى زمير» رئيس الموساد قرارا غير اعتيادى فى المخابرات الإسرائيلية، نص القرار على عرض معلومات مروان مباشرة على دائرة صغيرة من صناع القرار فى إسرائيل تضم رئيسة الوزراء جولدا مائير، وزير الدفاع موشى ديان، وأخيرا رئيس الأركان ديفيد إليعازر.

والمعتاد تصفية المعلومات الاستخباراتية قبل عرضها على صناع القرار بما فى ذلك المعلومات التى يقدمها أهم العملاء، ولكن الوضع كان مختلفا مع مروان، كما كانت هذه المعلومات تقدم تحت اسم حركى هى «كوتل» إمعانا فى حماية مروان وعدم ذكر اسمه على الإطلاق، على الرغم من أن هذه الدائرة الصغيرة كانت على علم أن مروان هو مصدر هذه المعلومات.

بناء على المعلومات التى قدمها «مروان» توصلت القيادة الإسرائيلية إلى نظرية حملت اسم «المفهوم»، وطبقاً لها فإن «مصر» لن تخوض حربا ضد إسرائيل، إلا إذا حصلت على أسلحة معينة من الاتحاد السوفيتى من ضمنها بشكل أساسى «قاذفات وقنابل» تمكن مصر من ضرب المدن الإسرائيلية، كما أن مصر لن تشن حربا بمفردها ودون مساندة من سوريا لضمان إلحاق الهزيمة بإسرائيل.

وبناء على نظرية «المفهوم»، فإن كل ما على إسرائيل عمله هو مراقبة القواعد المصرية للتأكد من عدم وصول مثل هذه الأسلحة، وكما يؤكد وزير الدفاع الأكثر شهرة فى تاريخ إسرائيل موشى ديان، فإن مثل هذه النظرية لم تبتكرها إسرائيل من نفسها، ولكنها اعتمدت فيها على مصدر اعتقدت أنه يقدم لها أفضل معلومات ممكنة.

ونظراً لأهمية أشرف مروان للموساد، تم اتخاذ تدابير مشددة لحمايته أثناء اللقاءات اللندنية، وكانت إسرائيل تعلم أن المخابرات البريطانية تتجسس على تليفونات السفارة ولهذا تم وضع نظام يضمن عدم اتصال مروان بالسفارة بشكل مباشر، حيث تم إعطاؤه أرقام هواتف سيدتين يهوديتين مقيمتين فى لندن وتعملان مع الموساد، كل ما عليه عمله هو الاتصال بهما وإبلاغهما بكود معين من أجل إبلاغ «أشيروف» أو ألكس حتى يذهب للقاء مروان فى شقة تم شراؤها خصيصا بالقرب من فندق «دروشستر» الشهير.

كان أشيروف يذهب إلى هذه اللقاءات ومعه عادة حقيبة أموال يتم منحها لمروان مقابل المعلومات التى يقدمها، وكان الموساد يمنح مروان أكثر من مليون دولار مقابل المعلومات التى يقدمها، فى المرة الواحدة وهو مبلغ كبير للغاية فى عالم المخابرات.

وعادة كان يتم اللقاء مرتين شهريا، ولكن فى مقابل تلك الإجراءات الاحترازية من جانب الموساد كان مروان يتصرف بتهور شديد، فعلى سبيل المثال كان يتصل فى الغالب بالسفارة الإسرائيلية مباشرة بدلاً من الاتصال فى البداية بأى من السيدتين، كما كان يأتى الاجتماعات بسيارة من سيارات السفارة المصرية فى لندن.

كما كان مروان يعشق المسدسات، وأهدى «أشيروف» مسدسا من طراز سميث آند ويسون، وقد طلب أشيروف من مروان كثيراً التوقف عن حمل سلاح، ففى ذلك الوقت كان رجال الشرطة أنفسهم لا يحملون أسلحة فى شوارع بريطانيا، ولكن مروان كان يرد فى هدوء «لا أحد، لا أحد..يستطيع لمس أشرف مروان».

زادت أهمية أشرف مروان، وزاد حرص إسرائيل على الحفاظ عليه إلى درجة أنه عندما وقعت مشاكل زوجية بين مروان ومنى عبدالناصر وكانا على وشك الطلاق، خشيت إسرائيل أن يفقد مروان ميزته الخاصة التى يمكن وصفها بـ(تأثير ناصر)، ولحل هذا الخلاف تم صنع خاتم ماسى فى تل أبيب وأعطاه «أشيروف» إلى مروان من أجل إعطائه لزوجته.

لكن كما كان الموساد حريصا على حماية مروان، كان حريصا أيضا على تبادل المعلومات التى يقدمها مروان مع المخابرات المركزية الأمريكية، الأمر الذى كان يشكل تهديدا كبيرا على «مروان» الذى كان يتعامل مع المخابرات المركزية الأمريكية كمبعوث من السادات.

وفى إحدى المرات لمح له عميل أمريكى أن هناك معلومات لا يمكن أن يكون مصدرها شخص غير مروان، فأعرب مروان عن غضبه الشديد فى لقائه التالى مع «أشيروف» الذى اعتذر له بشدة، ولكن هذا الاعتذار لم يمنع الموساد من الاستمرار فى مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع المخابرات الأمريكية.

ورغم إصرار مروان على عدم كشف هويته الحقيقية إلا لدائرة صغيرة للغاية، إلا أن الموساد طلب منه لقاء أحد أساتذة الكيمياء الإسرائيليين من أجل مناقشة إمكانيات مصر الكيميائية، فى البداية رفض مروان تماماً هذا الاقتراح، ولكنه رضخ فى النهاية بشرط ألا يعرف هذا الخبير هويته الحقيقية، وبالفعل تم اللقاء وفى نهايته وأثناء مغادرة أستاذ الكيمياء قال الأخير لمروان: «إلى اللقاء سيد مروان»، ما يعنى أنه كان يعرف هويته وأن الموساد لم يلتزم بشرط الحفاظ على سرية هوية مروان.

طلبت إسرائيل من مروان أن يحتفظ بجهاز لاسلكى لديه فى المنزل يساعده على إرسال أى رسالة طارئة إلى مقر الموساد فى تل أبيب، كان جهازا شبيها بالجهاز الذى كان يملكه إيلى كوهين الجاسوس الإسرائيلى الشهير فى دمشق، والذى ألقى القبض عليه وتم إعدامه سنة 1965.

لم يرحب مروان بهذه الفكرة، ولكنه فى النهاية أخذ الجهاز وعند وصوله للقاهرة وضع الجهاز فى حقيبة وألقاه فى نهر النيل.


4- التحذير

فى نهاية الفصل الثالث يشرح المؤرخ اليهودى تفاصيل الشهور الأخيرة التى سبقت حرب أكتوبر 73، مشيراً إلى أنه على الرغم من عدم امتلاك مروان لجهاز لاسلكى يمكن من خلاله إرسال رسالة تحذيرية سريعة بقرب شن مصر لحربها ضد إسرائيل إلا أنه حذر إسرائيل من استعداد مصر لشن حرب مرتين على الأقل.

المرة الأولى كانت فى نوفمبر 1972، وهو التحذير الذى لم يثر المخاوف الإسرائيلية، والمرة الثانية فى إبريل 1973، وفى هذه المرة تم تحريك جميع القوات الإسرائيلية من أجل الاستعداد لمواجهة الهجوم المصرى.

ما بين هذين التحذيرين وقعت حادثة قد تكون هى السبب الرئيسى فى زيادة ثقة الموساد فى أشرف مروان، ففى 21 فبراير 1973، دخلت طائرة ليبية المجال الجوى لإسرائيل بالخطأ ما أسفر عن إسقاط إسرائيل للطائرة ومقتل ركابها.

أثارت هذه الحادثة غضب الرئيس الليبى الراحل معمر القذافى الذى طلب بضرورة الرد على إسرائيل، وطالب مصر بضرورة الثأر لضحايا هذه الطائرة، وكان السادات فى ذلك الوقت يستعد لشن حرب حاسمة ضد إسرائيل ستكون بمثابة أخذ بالثأر على هذه الحادثة وكذلك رد اعتبار لجميع العرب، ولم يكن يريد تشتيت انتباهه عن معركته الرئيسية بمعركة أخرى جانبية، فسافر السادات إلى «ليبيا» للقاء القذافى الذى كان مُصرا على الانتقام، وعندما سأله السادات عن العمل الذى يرضيه، فرد عليه أنه يريد تفجير إحدى طائرات العال الإسرائيلية.

أرسل السادات أشرف مروان إلى ليبيا للتنسيق مع واحد من أهم العملاء الليبيين وهو الرائد هونى، وبالفعل تم التجهيز لعملية تعتمد على إرسال فريق من 5 فلسطينيين إلى إيطاليا، وهناك ونظرا لضعف الإجراءات الأمنية فى المطارات الإيطالية يتسلل الفريق ويقوم بتفجير الطائرة الإسرائيلية باستخدام صواريخ محمولة.

الخطوة التالية كانت مسئولية «مروان» الذى كان عليه أن يقوم بإدخال الصواريخ إلى روما، وفى القاهرة قام مروان، بحسب الكتاب، بأخذ صاروخين من الجيش المصرى ووضعهما فى صندوقين لنقلهما عبر خطوط الطيران المصرية المدنية. وكتب مروان على هذين الصندوقين اسم زوجته منى عبدالناصر، على أمل أن السلطات الإيطالية لن تفتش صندوقين يحملان ختما دبلوماسيا ومطبوعا عليهما اسم الرئيس الشهير عبدالناصر.

المثير أن السيدة منى عبدالناصر اصطحبت الصندوقين إلى روما ولم تكن تعلم ماذا بداخلهما، وبالفعل نجحت خطة مروان ولم يتم تفتيش الصندوقين، وقامت منى عبدالناصر بتسليمهما إلى شخص دبلوماسى نقلهما إلى أكاديمية الفنون المصرية فى روما، وبمجرد أن أبلغت منى عبدالناصر زوجها بوصول الصندوقين إلى روما، سافر «مروان» إلى إيطاليا والتقى مع قائد المجموعة الفلسطينية بداخل متجر الأحذية رافايل سالاتو فى قلب روما، وكانت المشكلة أن المجموعة الفلسطينية لم يكن لديها سيارة لنقل الصاروخين، فتم شراء «سجاجيد» من محل قريب لإخفاء الصاروخين بداخلها والذهاب إلى شقتهم فى منطقة أوستايا عن طريق المترو.

بمجرد انتهاء مروان من هذه المهمة، اتصل بأشيروف فى لندن وكشف له كافة تفاصيل العملية، بدوره أتصل العميل الاسرائيلى بمقر الموساد لينتقل على الفور رئيس الموساد تسيفى زمير إلى «روما» من أجل التعاون مع المخابرات الإيطالية فى القبض على المجموعة الفلسطينية قبل تنفيذ العملية.

ساهمت هذه العملية فى رفع أسهم مروان إلى حد كبير داخل جهاز الموساد قبل حرب أكتوبر 73 والتى شهدت تحذيرا جديدا من مروان حمل تفاصيل خاصة فى 4 أكتوبر 1973 .

اتصل مروان من باريس بأشيروف، وفى هذه المرحلة كان حريصا على عدم الاتصال مباشرة بالسفارة الإسرائيلية بل اتبع الروتين الخاص بإرسال رسالة من خلال إحدى السيدتين فى لندن، وكانت الرسالة التى أرسلها مروان عبر السيدة اليهودية هى أن أشيروف عليه أن ينتظر مكالمة منه، وذهب أشيروف على الفور إلى الشقة الآمنة حيث تتم لقاءاته مع مروان وانتظر المكالمة، وبالفعل اتصل مروان وكانت رسالته واضحة ألا وهى إنه يريد مناقشة الكثير من المواد الكيميائية كما أنه يرغب فى مقابلة الجنرال فى اليوم التالى فى لندن.

عبارة «المواد الكيميائية» كانت هى الكود السرى للإشارة أن مصر بصدد شن هجوم على إسرائيل عبر قناة السويس، ولكنها فى نفس الوقت كانت بمثابة تحذير عام وليست هى كلمة السر التى يتم استخدامها للاشارة إلى أن مصر سوف تشن حرباً.

لم تكن هذه العبارة الإشارة التحذيرية الأكثر خطورة، فقد كان هناك عبارات سرية أخرى لإرسالها فى حالة إرسال تحذير بشأن استعداد مصر لشن حرب ضد إسرائيل.

لم يكن طلب مروان رؤية رئيس الموساد أمرا معتادا، لقد سبق لهما اللقاء من قبل، ويدرك زمير أن مروان هو عميل شديد الأهمية، ولكن كل اللقاءات السابقة كانت تتم بناء على الطلب الموساد وليس العكس، وكانت هذه هى المرة الأولى التى يطلب فيها مروان لقاء زمير.

بالفعل سافر «تسفى زمير» رئيس الموساد على الفور إلى لندن، وفى نفس الوقت سافر مروان من باريس إلى لندن، وحجز جناحا فى الدور السابع بفندق تشرشل بالقرب من شارع أكسفورد.

فى 5 أكتوبر 73 وبالعاشرة صباحا، كان زمير وأرشيوف فى انتظار مروان بالشقة الآمنة فى كينجستون بقلب لندن، وتمت إحاطة المبنى بعشرات من العملاء المسلحين.

وصل مروان متأخرا كعادته، وفى هذه المرة تأخر ساعة ونصف الساعة عن ميعاده، والأخطر أنه وصل بسيارة يقودها سائق وتحمل أرقام السفارة المصرية، وبرر مروان تأخره بأنه كان فى القنصلية المصرية يحاول جمع أكبر قدر من المعلومات من القاهرة.

كانت رسالة مروان فى هذا الاجتماع واضحة وهى استعداد مصر وسوريا لشن هجوم وشيك على إسرائيل خلال 24 ساعة، وأخذ أشيروف فى كتابة الملاحظات بينما حرص «زمير» على الاستماع بتركيز إلى كل ما يقوله مروان وبداخل رأسه مجموعة لا نهائية من الأسئلة ومن ضمنها: هل يمكن له أن يثق فى مروان؟ هو يدرك بالفعل أن «مروان» من أهم العملاء فى منظمته، ولكنه حذر فى مرتين سابقتين من شن حرب ولم يحدث شىء، وهذه المرة هناك مشكلة خاصة، أنه «يوم الغفران».

لم يكن القرار سهلاً، فمن الصعب مطالبة الحكومة الإسرائيلية بإعلان التعبئة العامة فى أكثر الأيام تقديساً عند الإسرائيليين الذين سيضطرون إلى مغادرة المعابد والتوقف عن كل المراسم الاحتفالية من أجل ارتداء الملابس العسكرية، استعداداً للحرب، وأخذ مروان يشرح بالتفصيل خطة الحرب المصرية بدءًا من عبور القناة عبر 5 جسور والتوغل 10 كيلومترات فى أرض سيناء المحتلة والتوقف عند حدود قدراتهم الصاروخية لضمان توفير عطاء حماية لهم من الهجمات الجوية الإسرائيلية.

وبعد اجتماع استمر لمدة تقترب من الساعتين، اتخذ «زمير» قراره بضرورة إبلاغ القيادة الإسرائيلية بتلك المعلومة الخطيرة التى قدمها له أفضل جاسوس لديه، وبالفعل فى تمام الثانية والنصف صباحا من يوم السادس من أكتوبر أطلق «زمير» رسالة تحذيرية عبر مكالمة هاتفية استخدام فيها كودا متعارفا عليه.

بعد تلقى الرسالة التحذيرية اجتمعت «جولدا مائير» مع وزير الدفاع «موشى ديان» ورئيس الأركان ديفيد إليعازر، وكان موشى ديان لا يرى ضرورة لتحريك الجيش بأكمله بناء على معلومات من صديق «تسفى زمير» فى إشارة لمروان، ولكن «جولدا مائير» انحازت لرأى رئيس الأركان الذى نصح بضرورة التحرك وتعبئة الجيش.

هذه المرة كان مروان محقا مع فارق مهم للغاية، أبلغ مروان الإسرائيليين أن الحرب ستبدأ مع غروب الشمس، ولكن الهجوم المصرى بدأ فى تمام الثانية ظهرا.

الأسبوع المقبل:
■ الأدلة المختلفة على أن مروان كان يعمل لصالح مصر.
■ تفاصيل الصداقة التى نشأت بين مروان وبيرجمان الذى كشف هويته
■ قصة مذكرات مروان التى تحمل اسم (73: ماذا حدث؟)
■ الرسائل الصوتية الثلاث التى تركها مروان قبل وفاته الغامضة فى لندن