عرابي.. فشلوا في هزيمته فلجأوا لخيانته

منوعات

بوابة الفجر


إذا أردت أن تنظر إلى قائد عسكرى واجه مصيره بكل شجاعة وكبرياء ورجولة، أنظر إلى صورة محاكمة الزعيم أحمد عرابى، وترحم على زمن القادة الرجال الذين لم يعرفوا طريق المستشفيات الدولية، وكانوا أشجع من الهروب خلف النظارات السوداء.

لم يستطيعوا هزيمة عرابي طوال شهر كامل، فلجأوا إلى الخيانة كآخر وسيلة يمكنهم بها هزيمته وكسر ثورته.

وجدوا ضالتهم فى عدد من المقربين منه أمثال "على يوسف خنفس، سعيد الطحاوي، عبد الرحمن حسن"، الأول كان ينقل خطط عرابى للإنجليز، والثانى كان ينقل معلومات خاطئة عن تحركات الإنجليز لعرابى، والثالث كان يحرس معسكر عرابي وفتح الطريق للإنجليز ليلاً، وبفعل خيانتهم إستشهد نحو ألفان من خيرة جنود مصر.

عاد عرابي إلى القاهرة لتجهيز جيش جديد فلم ينجح إلا فى جمع 40 خفيراً، فذهب إلى بيته فى القاهرة وتقلد ملابسه العسكرية كاملة ونياشينه وسيفه، وذهب إلى الجنرال ( لو) وسلمه نفسه وهو يقول "أننى أسلم نفسى رغما عني، ولو كان فى وسعي مواصلة الحرب ما سلمت نفسى".

ظل عرابي معتقل لدى الإنجليز لبضعة أيام قبل أن يسلموه لرجال الخديوي، لتبدأ مرحلة من المهانة والذل يندى لها جبين الشرف والإنسانية يلقاها عرابى من رجال الخديوى الخائن، الذى وبكل غل يرسل له يوميا أغوات ورجال القصر وخدم القصر وآخرون تخصصوا فى إهانة السجناء، يسبوه ويقظفوه بأقذر السباب ويضربوه ويخلعوا عنه ثيابه ويبصقون على وجهه.

ظهرت القائمة السوداء لتضم كل محامي يحاول أن يدافع عن عرابى فى المحكمة الهزلية التى نصبها الاستعمار الإنجليزى له، وعندما يأس عرابى من وجود محامى مصرى واحد يدافع عنه وعن قضيته وقضية مصر، وافق على الدفاع عنه محاميان من دعاة الحرية وحقوق الإنسان فى إنجلترا وهما "مستر بابير"، "برودلى"، وقالا أن شخصية عرابي تركت فى نفسيهما أعظم الإنطباعات، وأشادا بروحه العالية وشجاعته، وقوة إيمانة بقضية بلده، ونجحا بالفعل فى تبرئته من كل التهم الموجة إليه، لكن الخديوى أصر على إعدامه.

خافت إنجلترا من تأليب الرأى العام العالمى ضدها فى حال إعدام عرابي، فقررت إدانته بتهمة العصيان وإصدار قرار بإعدامه مصحوبا بعفو من الخديوى ونفيه من البلاد، وأقنعت لجنة المحكمة المحاميان باعتراف عرابي على تهمة العصيان مقابل العفو، لكن عرابي رفض الإعتراف بالعصيان وقال "كيف أكون أنا عاصي، وإذا كان الخديو إنحاز للإنجليز، فهل أسمى أنا عاصياً، لأننى أطعت إرادة الأمة المصرية ؟"فقرر المحامى مستر بابير التحدث بدلاً من عرابي.

وحصل عرابي على قرار العفو والنفى خارج البلاد هو ورفاقه وكان المنفى فى جزيرة " سرنديب".

عاد عرابي من منفاه بعد 19 عاما عندما توسط الأمير جورج ولى عهد إنجلترا للعفو عنه، عاد الزعيم البطل فوجد أن الثورة المضادة نالت منه ومن نضاله، ووصل الجحود بالبعض أن بصقوا على وجه وهو جالس على أحد المقاهي.