خبراء نفط: نجاح اجتماع الجزائر مرهون بتوافق إيراني سعودي

السعودية

النفط - أرشيفية
النفط - أرشيفية


تلتقي الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) نهاية الشهر الجاري في الجزائر بمشاركة غالبية الدول الأعضاء، وتأكيد سعودي وإيراني على المشاركة.

 

ويرى خبراء ومتعاملون في قطاع النفط، أن السعودية (أكبر منتج للنفط في العالم)، وإيران (العائد بقوة لسوق النفط) تملكان مفاتيح إنجاح اجتماع الجزائر أو إفشاله.

 

في السياق، شرع وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة، الجمعة الماضية، في جولة إلى دول فاعلة داخل منظمة "أوبك" وخارجها، في محاولة لرأب الصدع وتقريب وجهات النظر بين المنتجين، على أمل نجاح الاجتماع.

 

وشملت زيارة بوطرفة، كلاً من إيران وقطر على أن يصل إلى العاصمة الروسية موسكو في 8 من الشهر الجاري، للاجتماع بوزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك.

 

نوفاك، أعرب مطلع الأسبوع الجاري عن أمل بلاده في مناقشة تجميد الإنتاج خلال اجتماع الجزائر، المزمع انعقاده على هامش المنتدى العالمي للطاقة الـ15 الذي سيعقد بين 26 و 28 من الشهر الجاري.

 

وقال الخبير النفطي مصطفى مقيدش ونائب رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر إنه "لا مفر من تحقيق إجماع بين الدول المنتجة للنفط من داخل منظمة أوبك ومن خارجها، بالنظر إلى جسامة التحديات التي تهدد الدول المنتجة في حال فشلت في تحقيق إجماع معين بخصوص الإنتاج".

 

وأضاف مقيدش للأناضول "الجميع يعاني من أزمة موازنة خانقة، سواء تعلق الأمر بالدول التي تنتج كميات ضخمة أو الدول متوسطة الإنتاج"، مشيراً إلى أن العقبة الرئيسية التي تُلقي بظلالها على اجتماع الجزائر، تتمثل في كيفية التوصل إلى بناء إجماع داخل منظمة أوبك، سبب الشقاق السياسي الكبير بين السعودية وإيران.

 

وأعلنت إيران صراحة عبر وزير النفط بيجن زنجنه، مطلع الأسبوع الجاري، عن رغبة بلاده في العودة إلى مستويات الإنتاج التي كانت عليها قبل العقوبات والبالغة 4 ملايين برميل يوميا، مقارنة مع 3.5 مليون برميل حالياً.

 

وتعاني أسواق النفط الخام في الوقت الحالي، من تخمة المعروض ومحدودية الطلب، تزامناً مع تراجع نمو الاقتصادات المتقدمة والنامية، إصرار المنتجين على رفع إنتاجهم خاصة العراق والسعودية.

 

وأدت أزمة هبوط أسعار النفط الخام، إلى اتخاذ الدول المنتجة رزمة إجراءات تقشفية وإصلاحات هيكلية، منها رفع الدعم ع عديد الخدمات (مياه، كهرباء، وقود بأنواعه) ودمج مؤسسات وإلغاء أخرى، كما حصل مع السعودية.

 

ويعتقد الخبير النفطي أن المشكلة الثانية، "تتعلق بالوصول إلى إجماع بين أعضاء أوبك والمنتجين من خارج المنظمة على غرار روسيا والمكسيك والنرويج".

 

وقال مقيدش إن زيارة وزير الطاقة الجزائري نور الدين بوطرفة، إلى إيران وقطر وروسيا يندرج في إطار تجنيد الجزائر لوزنها الدبلوماسي التاريخي في تقريب وجهات النظر بين أعضاء أوبك من جهة، والمنتجين من خارجها من ناحية ثانية.

 

وأشار إلى النجاحات السابقة التي حققتها البلاد، وكان آخرها اجتماع وهران عام 2008 خلال الأزمة المالية الناتجة عن أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة، التي تم الاتفاق خلالها على خفض الإنتاج بواقع 3.8 مليون برميل في اليوم، ما أسهم في عودة الأسعار إلى مستويات مرتفعة.

 

ورأى أن عدم التوصل إلى اتفاق سيدفع بالأسعار إلى المزيد من الانحدار "من مصلحة الجميع التوصل إلى توافق إيجابي خلال اللقاء القادم حتى لا تزداد الأمور تعقيداً على مستوى الأسعار".

 

من جهته، أكد وزير الطاقة الجزائري الأسبق عمار مخلوفي (1994/1997)، أنه لا يتوقع ليونة من السعودية خلال اجتماع الجزائر.

 

وأضاف مخلوفي الذي شغل سابقاً منصب الرئيس الأسبق لمنظمة أوبك، في تصريح للأناضول، أن إيران ستبدي هي الأخرى مقاومة لأية مطالب سعودية، "للحد من زيادة إنتاجها باعتبارها البلد الأقل استفادة من فورة أسعار النفط خلال العشرية الأخيرة بسبب العقوبات الغربية ضدها".

 

وتابع: "يجب أن يكون هناك إجماع سواء بين دول منظمة أوبك، أو بينها وبين المنتجين الكبار خارج المنظمة وبالأساس روسيا والمكسيك والنرويج من أجل مصلحة الجميع".

 

ويعتقد مخلوفي أن عدم التوافق سيحدث انتكاسة في أسواق النفط، "وقد تعود بالأسعار إلى مستويات أقل بكثير مما هي عليه حالياً".

 

وشدد وزير الطاقة الأسبق، على الأهمية الكبيرة لجودة العلاقات السياسية والاقتصادية بين روسيا وإيران، "ما يمنح موسكو القدرة على التأثير ايجابياً في مواقف طهران المتصلبة حول رغبتها العودة إلى مستويات إنتاج ما قبل العقوبات".

 

وترفض السعودية الرغبة الإيرانية وترى أن عودة طهران وبغداد إلى مستويات إنتاج فوق 4 ملايين برميل في اليوم يعني ضخ ما يزيد عن 8 ملايين برميل مجتمعتان، وهذا ضغط كبير على الرياض التي استفادت من تراجع حصة إيران والعراق في السوق.

 

وخلص مخلوفي إلى أن الحل للوضعية الراهنة لسوق النفط العالمية بيد السعودية، وهي من سيقرر ما إذا كانت تريد عودة الأسعار إلى مستويات أفضل أم تريد استمرار الحرب غير المباشرة التي أعلنتها على خصومها داخل وخارج أوبك، على خلفية تسوية الكثير من الملفات الجيوسياسية منها ملفات سوريا واليمن نقلًا عن وكالة الأناضول.