د.دينا أنور تكتب: برلمان "مدرسة المشاغبين"

مقالات الرأي

د.دينا أنور - أرشيفية
د.دينا أنور - أرشيفية

شد وجذب وخناقات ومشادات ومعارك، حصيلة لا بأس بها للفصل التشريعي الأول للبرلمان الذي حصل نوابه على إجازة برلمانية لإلتقاط الأنفاس قبل بدء الفصل التشريعي الثاني في أكتوبر المقبل.

على أن أبرز ما جذب انتباهي هو تحول العلاقة بين النواب ورئيسهم الدكتور علي عبد العال إلى أشبه بفصل دراسي، فعلى سبيل المثال عندما يبدي نواب مجلس الشعب الذين تم انتخابهم من قبل الشعب تهاوناً في تنفيذ تعليمات رئيس المجلس بعدم استخدام الهواتف المحمولة في القاعة خلال الجلسات العامة، ويضطرونه لإصدار قرار للأمانة العامة للمجلس باستيراد أجهزة تشويش على الهواتف المحمولة داخل القاعة لعدم استجابة عدد من النواب لمطالباته السابقة بمنع إستخدامه خلال الجلسات العامة للمجلس، فنحن إذن في مشهد من مسرحية مدرسة المشاغبين ولكن تحت قبة البرلمان وليس على خشبة المسرح.

نواب الشعب الذين من المفترض أن عملهم خلال دورتهم البرلمانية يأتي في إطار خدمة ناخبيهم وأبناء دائرتهم، يجلسون تحت قبة البرلمان ليتبادلوا رسائل الواتس آب و يتصفحوا صفحات الفيس بوك ويغردوا على تويتر ويبحثوا في جوجل وما خفي كان أعظم، فالأمر قد يصل إلى إرسال واستقبال الفيديوهات الإباحية كما حدث من أحد النواب على جروب الواتس آب الخاص بأعضاء البرلمان، قبل أن يبرر موقفه باختراق حسابه الشخصي من خلال شخص ما أراد الكيد له بإرسال تلك المقاطع لمجموعة المجلس.

وتتوالى حكايات نواب المجلس التي تماثل إلى حدٍ كبير حكايات الطلبة الفاشلين والراسبين في المدارس الثانوية الحكومية، والذين يصرون على الهروب من فوق سور المدرسة للتسكع في الشوارع والوقوف على الأرصفة، مما اضطر الدكتور عبد العال رئيس مجلس النواب للتشويش على هواتفهم المحمولة لإجبارهم على احترام المجلس وجلساته العامة، تماماً كما يلجأ ناظر مدرسة المشاغبين لكهربة سور المدرسة أو نثر الشظايا الزجاجية أعلى ذلك السور لإجبار الطلبة على البقاء في المدرسة وتلقي العلم.

ورغم ما أثاره ذلك القرار من جدل في البهو الفرعوني، ورغم إثارته حفيظة الكثيرين من النواب، ورغم إعتراض صحفيي المجلس عليه باعتباره سيشكل عائقاً في عملهم و يعيق تواصلهم مع أي نائب داخل القاعة، إلا أن منطق العقاب الجماعي هو ما سيجدي مع هؤلاء الذين لا يحترمون مهام وظيفتهم ولا يعيرون تعليمات رئيس المجلس الإهتمام المطلوب، فالتشويش على هواتفهم سيجبرهم على غلق هواتفهم تلك، وسيضطرهم للإنصات بدقة لمباحثات البرلمان والتداخل فيها، يعني من الآخر كده عشان يجبروهم يحللوا القرش اللي بياخدوه، ليكفوا عن إبداء تلك السلوكيات غير اللائقة بنواب برلمان بعكس ما تبدو مناسبة أكثر لعيال صغيرة في مدرسة أميرية للمرحلة الإبتدائية فتحوا لهم باب الفصل وقالوا لهم طول اليوم فسحة!!

ولا عزاء للشعب الذي لم يجن من مجلس نوابه سوى الفضائح وسوء التمثيل والعجز عن الظهور بالصورة اللائقة أمامه وأمام العالم، الذي جلس ليترقب ويراقب أداء أول برلمان مصري بعد القضاء على حكم الإخوان المسلمين ومجلس شيوخه تحت قبة البرلمان، اللهم إلا قلة قليلة ممن يحترمون وظيفتهم ويعلمون مسئولياتهم ويعون دورهم، ولكنهم قطعاً تائهون في دهاليز ممرات المجلس التي تكتظ بالنواب العابثين بـ"موبايلاتهم".