نادية صالح تكتب: صدقونى يا ناس مازالت القناعة كنزا لا يفنى
آه والله العظيم..، مازالت هذه الحكمة الخالدة موجودة ولها ناسها الذين يؤمنون بها ويعيشون عليها، فالقناعة هى كنزهم الذى يغدق عليهم بخيره..، مهما كثر بيننا الجشع والفساد كما يقولون..، وإلى حضراتكم مثالان من الواقع أولاً ثم من الفن الراقى والهادف فى تاريخنا من زمان.
أولاً من الواقع: د. عبدالعزيز حامد اخصائى الجلد والأطفال عمره 75 سنة ويحمد الله على الصحة وعدم الاصابة بمرض مستعصى يصرف على علاجه..، هذا الطبيب الذى نشأ فى طبقة أقل بكثير من المتوسطة -على حد قوله- شعر بالفقراء وعندما فتح عيادته فى باب اللوق ملتقى عيادات كبار الأطباء الذين تصل أسعار كشوفاتهم لمئات الجنيهات حتى إنهم كزملاء طالبوه برفع سعر كشفه منعاً لإحراجهم، لكنه لم يعبأ.. وظل حريصاً على كشف بسيط مراعياً ظروف مرضاه.. وخلال ثمانية وأربعين عاما «48 سنة» تدرج الكشف لديه من 25 قرشا إلى 3 جنيهات حتى وصل الآن إلى خمسة جنيهات فقط..، ومازالت قناعته تأتى إليه بأعداد كبيرة تعوض سعر الكشف البسيط، لكن لا يتوقف عن مساعدة مريض فقير.. بل طلب من شركات الأدوية التى يصفها لعلاج مرضاه أن تقوم هذه الشركات بعمل تحاليل بالمجان يحتاجها بعض المرضى بدلاً من أن تدفع له هذه الشركات مقابل الدعاية لأدويتها.. وفى الواقع تحولت عيادة د. عبد العزيز إلى وزارة للتضامن الاجتماعى حتى إن الناس الذين يأتونها بمستوى مالى أكبر قليلا من الفقراء يطلبون أن يتكفلوا بدفع كشف الـ5 جنيهات لباقى المرضى ولا ينتظرون سوى البركة والدعاء، وفى هذه العيادة صورة أخرى من صور التكافل الاجتماعى فبعض المرضى الذى يعافيهم الله يأتون بباقى الأدوية ليستفيد منها غيرهم من المرضى.. أليس ذلك كنزا حصل عليه د. عبدالعزيز حامد لم ولن يفنى أبدا..، ولعل بعضنا يتذكر من زمان ويدعو للدكتور على إبراهيم إخصائى النساء والتوليد الذى ظل الكشف بعيادته ثلاثة جنيهات حتى انتقل إلى رحمة الله.. وتقول إحدى مريضاته والتى سألته عن سر انخفاض الكشف فأجابها بأن والده على باشا إبراهيم أوصاه ألا يكون هو والمرض عبئا على المريض.. وأظن أن كنز هذه القناعة مازال موجودا بدعوات الناس التى لا تنقطع برحيل صاحبها..
ثانياً: المواطن حسن وابور الجاز أو نجيب الريحانى فى فيلم «لعبة الست» من بطولة تحية كاريوكا وكبار النجوم مارى منيب وبشارة واكيم وعبدالفتاح القصرى وهم نجوم يعيشون بيننا حتى الآن بفن قدموه له معنى ومغزى ويؤثر فى الناس بلا شك..
ففى الفيلم نراقب حسن وابور الجاز وكيف كانت قناعته كنزاً جاءه بالمال من حيث لا يدرى وأصبح مالكاً بقدرة قادر للمحل الذى كان فيه عاملاً بسيطاً.. وأظهر لنا الفيلم قناعته عندما وافق على بيع صفقة من إبر وابور الجاز بمكسب معقول وقتها رغم أن أحد موظفيه نصحه أن ينتظر قليلا ليحققوا مكسبا أكبر لكنه رفض قائلا: «وليه الطمع ده 120 قرش كفاية مكسب فى الأروسة حتى 12000 جنيه مش كفاية؟ بلاش طمع» وأتم الصفقة لقد اقتنع بالقليل من المكسب فعاد إليه المال الحلال بالخير وعادت إليه زوجته بعد أن تمردت عليه بغواية وطمع أهلها وغواية الشيطان..، كانت قناعته كنزا لا يفنى عاد إليه بالمال وبالحب أيضاً.
صدقونى يا ناس - مازالت القناعة كنزا لا يفنى فى الواقع وفى الفن الراقى أيضاً.