حضانات "أبو الريش".. عار على جبين الحكومة.. وأطباء لا حول لهم ولا قوة.. (تحقيق)
الأهالي: 3 آلاف جنيه سعر الحضانة في اليوم.. وننتظر رحمة الحكومة
موظفو المستشفى: نعاني من نقص الحضانات.. ونرفض استقبال الحالات
طبيب بـ"أبو الريش": لدينا 18 حضانة.. والدولة تدعم نصف "واحدة"
طبيبة بالمستشفى: الحضانات تعمل بنصف طاقتها.. والممرضة تتابع 6 حالات في وقت واحد
على رصيف مستشفى أبو الريش الياباني تجلس سيدة في الستين من عمرها حاملة بيدها طفل لم يكتمل عمره اليوم ودموعها تنهمر على خديها لم تنطق غير بجملة واحدة هي:«حسبي الله ونعم الوكيل»، تقولها بكل جبروت يكشف عن مدى قهرها وخوفها على حفيدها الذي تحمله بين يديها وتمنعه المستشفى من أبسط الحقوق وهو الدخول للحضانة.
روايات أهالي الأطفال
وتقول بدر الصباح بشير، جدة الطفل «محمد»، الذي لم يتخطى عمره الـ 24 ساعة، والمولود بمستشفى الجلاء مريض بثقب في القلب ويحتاج إلى تدخل جراحي وحضانة كي يشفى، إنهم ترددوا على الكثير من المستشفيات ولم يجدوا أي حضّانة فارغة لاستقبال الطفل، مشيرة إلى أن كل المستشفيات الحكومية التي ترددوا عليها نصحتهم باللجوء لمستشفى أبو الريش الياباني والتي غلقت الباب في وجههم بحجة عدم وجود حضانات فارغة.
وأضافت في حديثها لـ "الفجر" أن المستشفيات الخاصة التواجد ليوم واحد بها يصل لـ3000 جنيه، وأنهم غير قادرين على هذه التكلفة.
وقاطعها في الحديث «محمد محمود» الشاب ذو الـ22 من عمره، حيث روى بمرارة أن طفله «يس» الذي لم يتعدى عمره الأسبوع بحاجة إلى حضانة، مشيراً إلى أن زوجته وضعت الطفل في مستشفى القصر العيني الحكومي وعندما وجدت المستشفى أن الطفل يحتاج إلى حضانة قامت بتحويله إلى مستشفى أبو الريش .
وأوضح محمود أنه عندما توجه إلى مستشفى أبو الريش لم يجد حضانة فارغة، واقترح عليه أحد الأطباء بالمستشفى أن يضعه في حضانة أخرى مقابل أن يوفر له واحدة بالمستشفى بعد أربع أيام .
وتابع: «بعد وعد الطبيب تحملنا وقومنا بإدخال الطفل في حضانة خاصة دفعنا في أربعة أيام 12 ألف جنيه، وفلوسنا خلصت ومش لاقيين حضّانة في مستشفى حكومي ووعد دكاترة أبو الريش لينا سحبوه.. ابني هيموت ومحدش سائل فينا"».
وقال عمر القرشي، والد أحد الأطفال المبتسرين، والقادم من الإسكندرية، أنه يجلس أمام مستشفى أبو الريش منذ يومين في انتظار خلو مكان بالحضانات لإبنه الذي يعاني من عدم نمو في الكلى لكنه لم يجد.
وطالب القرشي الدولة أن تنظر بعين الرحمة لهؤلاء الأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة، وتطبيق قانون يعاقب المستغلين لأزمة نقص الحضّانات ويقومون بإستغلال الأهالي والأطفال من خلال توفير حضّانات خاصة لهم بمبالغ زاهدة لا يقدر عليها الكثيرين.
كما قابلت "الفجر" محمد نجيب، ابن محافظة قنا ووالد الطفلة «شهد»، الذي كانت ترتسم على وجهه علامات الحزن والمشقة، والذي قال إن ابنته مولودة بعيب خلقي وتحتاج إلى حضّانة، ولكن الحضّانات في المستشقيات الخاصة باهظة الثمن وبها استغلال ومثيل الحكتهاومية مكتملة العدد.
وأوضح نجيب أن البعض اقترح عليه اللجوء لمستشفى أبو الريش الياباني، مضيفاً أنه يجلس أمامها منذ ثلاثة أيام انتظاراً لخلو مكان لابنته بالحضانات، مطالبًا الدولة بوضع ضوابط للمستشفيات الخاصة التي تحدد الأسعار وفقاً لأهواء أصحابها ودون رادع من وزارة الصحة، كما طالب بتفعيل مواد الدستور التي وضعت لحماية الأطفال، حيث أن الدستور ألزم الدولة بتوفير الرعاية الصحية اللازمة للأطفال فور ولادتهم.
جهل بالأزمة
وعلى جانب آخر قال أحد موظفي المستشفى إنها تعاني من نقص في الامكانيات والأهالي تجهل الأزمة.
وروى موظف آخر بالمستشفى، فضل عدم ذكر اسمه أنه يتعرض للإهانات التي قد تصل إلى حد اللضرب من أهالي الأطفال الذين يلجئون لمستشفى أبو الريش الياباني بسبب احتياجهم للحضانات قائلاً: «عدد الحضّانات في المستشفى محدود ويومياً يتوافد على المستشفى المئات من الأهالي ومعهم أطفالهم الذين يحتاجون لحضّانات، فمنهم من يمكث أمام المستشفى بالأيام، وغيرهم يتوافد من المحافظات، وبالرغم من تعدد حالات الأطفال التي تتوافد إلى المستشفى، إلا أن الإدارة لم تستطع استقبال حالات لاكتمال عدد الحضّانات بالمستشفى».
وتابع: «الكثير من الأطفال توفوا أمام المستشفى بسبب عدم وجود اماكن خالية لهم بحضّانات مستشفى أبو الريش، والأهالي يرمون العبء على المستشفى ولا يدرون أن نقص الامكانيات هي السبب في عجز وجود الحضّانات بالمستشفى».
الحضانات تعمل بأموال التبرعات
ومن جانبه قال مؤمن فاروق، الجراح المسئول عن حضانات الجراحة بمستشفى أبو الريش، إن المستشفى تحتوي على 25حضانة 7 منهم لا يعملون والـ18 الآخرين هم الذين يتم الاعتماد عليهم لشفاء الأطفال الذين يحتاجون لحضّانات.
وأضاف في تصريح خاص لـ "الفجر" أن الدولة تكفل دعم نصف حضانة من أصل 25 حضانة، والباقيين يتم دعمهم من خلال أموال التبرعات بصندوق تبرعات المستشفى، لافتًا إلى أن المستشفى تحوي أيضاً 6 حضّانات باطنة، و 6 حضانات بأجر، ويكون اليوم فيها للطفل بـ500 جنية، مؤكداً أن تلك الأموال تصرف على المستشفى لتحسين الخدمة.
وأكد فاروق، أن المستشفى يتوافد عليها مئات الأطفال يومياً والذين يوجد الكثير منهم من محافظات مختلفة، ولكن بدون جدوى، حيث أن عدد حضّانات المستشفى يلزم الدكاترة باستقبال عدد معين من المرضى، موضحاً أنه يوجد الكثير من الحالات التي تحتاج الحضانات وتتوفى بسبب عدم توافرها .
وتابع: «لا حول لنا ولا قوة أطفال يموتون امام أعيننا ولم نقدر على مساعدتهم لنقص إمكانياتنا فمليون جنية يقوموا بتشغيل الحضانة 7 شهور، و7 آلاف جنية تكفيان لإنقاذ روح الطفل المصري».
قلة الممرضات ونقص التدريب
ومن جانبها قالت ميرهان، الطبيبة بالمستفي أن الحضّانات تحتاج إلى وجود كوادر مدربة، ما يتطلب وجود طاقم ممرضات على كفاءة عالية وتدريب قوي.
وأضافت في تصريح خاص لـ "الفجر" أن نقص الحضانات يرجع لأن الكثير من الحضانات الحكومية تعمل بنصف طاقتها، مشيرة أنه من المفترض أن تتابع الممرضة الواحدة طفلان، ولكن لقلة عدد الممرضات فإن كل ممرضة تتابع حوالي 5 أو 6 اطفال وذلك يقلل من تقديم خدمة متميزة لهؤلاء الأطفال.
وأوضحت ميرهان أن معاهد التمريض تخرج سنويا أعداد قليلة وناقصة التدريب مما يجعلهم عاجزون عن تغطية التخصصات الطبية الدقيقة في مجال الطب ويأتى أهمها الأطفال المبتسرين وحديثي الولادة داخل الحضّانات.