الأزهر ما بين الموالى والمعارض للسلطة..محللون: هناك محاولات من الحزب الحاكم لأخونته


خالد داود: الأزهر صمام الأمان بين القوى السياسية

مصطفى النجار: بداية لأخونة الأزهر

جمال زهران: لم يُعْرَف عن الأزهر المعارضة إلا فى حالات قليلة

عاصم الدسوقى: الأمر عبارة عن فخ لليبراليين ومعارضة الأزهر للسلطة لم تحدث من قبل إلا فى حوادث فردية

يبدو أن الصدام فى الأيام القليلة المقبلة سيكون مع الأزهر, لأنه وبعد أن حدَّد الدستور الجديد أن الأزهر هو من سيُفسّر الأمور وبعد أن تُحدَّد كيفية إختيار شيخ الأزهر وأن رأيه سيُؤْخَذ به, وهو ما إعتبره البعض أنه تأسيس للدولة الكهنوتية , بينما إعتبره البعض أنه فى مرحلة الأخونة, فيما إعتبره البعض الآخر أنه رمانة الميزان .

وبصرف النظر عن أى منها أصح, فإننا أمام تدخل واضح وصريح, وإذا راجعنا تاريح الأزهر مع السلطة ومواقفه, نجدها متباينة وإن كانت إتسمت معظمها باللين فيما عدا القليل من المواقف التى وقف فيها الأزهر فى وجه السلطة وفى الأوقات الحرجة كذلك, هذا بالإضافة إلى دوره بعد ثورة يوليو الذى تضائل حتى أصبح مجرد مؤسسة دينية فقط .

وإذا نظرنا إلى نشأة الأزهر من الأساس, سنجدها كانت فى العصرالفاطمى وقد أُنْشئ أولا وأخيرآ من أجل المد الشيعى فى العالم العربى, أى أنه من وجهة نظر الكثير أنه تم إنشاؤه لصالح السلطة والأغراض السياسية ليحكم المشروع السياسى للمذهب الشيعى, وحينما تحوَّل إلى مذهب سُنّى, لم يختلف كثيرًا فى نفس الأسلوب مع إختلاف المذهب بالطبع .

تم إنشاء الأزهر وبدأت علاقته بالسلطة فى عصر المماليك عندما زاد الطغاة فى جلب الضرائب, ومن ثَمَّ وقوف الشيخ الشرقاوى فى وجههم, حتى إنتهى الأمر بإعادة الضرائب كما كانت, ويُعْتَبر هذا من أولى المواقف السياسية للأزهر .



وتوالى دور الأزهر فى عهد الثورة الفرنسية, والدور البارز للأزهر وحملته فى مقاومة الظلم, وكذلك فى كثير من الأحداث, حتى برزت قيادات كالشيخ عمر مكرم , الذى كان له الدور الأساسى فى تولى محمد على الحكم, والذى بدأ بنهضة كبيرة كان من أهمها هى بداية إستقلال مصر عن الحكم العثمانى .

وفى عهد أسرة محمد على , لم يكن للأزهر دوره الواضح, خاصة بعد المذبحة التى أعدها محمد على ونفى عمر مكرم , حيث هدأ دور الأزهر كثيرًا ولم نرى مقاومة واضحة تُذْكَر فى هذا العهد إلا ما تعلّق فى نهاية الأمر بثورة 1919, فكان للأزهر دوره الواضح فى الثورة وهو الأمر الذى بدأه منذ الإحتلال البريطانى, ولكن من يلاحظ تلك الفترة يرى أن المعارضة تمثّلت فى الإحتلال وليس فى الذات الملكية فى حد ذاتها .

ولكن تراجع دورالأزهر كمرجعية وطنية بعد ثورة يوليو 52، حيث وضعت الدولة يدها على أوقاف الأزهر, فضربت إستقلاليته وجعلته مؤسسة حكومية، وفى 21 سبتمبر 1953 أصدرت قراراً بإلغاء المحاكم الشرعية الخاصة بالأحوال الشخصية تماماً وضمها للمحاكم العامة، وألغت كل القوانين المتعلقة بترتيبها وإختصاصها وألحقت دعاوى الأحوال الشخصية والوقف والولاية إلى القضاء العادى .

وفى عام 1961 أصدرت الثورة قانونا يسند صلاحية تعيين شيخ الأزهر ووكيله ورئيس جامعته وعمداء كلياته إلى رئاسة الجمهورية، حيث فقد الأزهر إستقلاله التى كان يتمتع بها، وأصبح مؤسسة حكومية تابعة للنظام الحاكم, وهو الأمر الذى ظل مرتبط به حتى الآن .

وفيما يتعلق بالأزهر والثورة, فقد كان فى موقفه من الثورة خاصة فى بداياتها لم يكن إيجابيا، وكان منحازا بشكل أو بآخر مع النظام السابق، الذى عيّن الإمام الأكبر فى عام 2010، فإستأذنه الإمام للإستقالة من لجنة السياسات والحزب الوطنى, وهذا ما يؤكد الموقف السلبى للأزهر من الثورة, فعلى سبيل المثال, إن مجمع البحوث الإسلامية فى إجتماعه الذى عقد الخميس السابق لقرار التنحى والذى لم يتطرق إلى أى من أحداث الثورة، كما تم الإفتاء بـ حرمانية الثورة لأنها تُعد خروجا على الحاكم لكونها حرامًا شرعًا, ومَن يدعو إليها ومَن يستمع لها مصيره النار .


ونظراً إلى ارتباط المظاهرات بصلاة الجمعة، فقد أفتى الدكتور على جمعة , مفتى الديار المصرية, بجواز عدم الذهاب إلى صلاة الجمعة فى حالة الخوف من الفتنة على النفس أو المال، ومن يريد الذهاب لصلاة الجمعة, فعليه الإلتزام بالهدوء وعدم الصدام مع أحد، أو التعبير عن رأى سياسى سواء تأييد أو رفض للحكومة عن طريق مظاهرة سلمية, وهو ما رآه البعض فتوى تحمل فى طياتها تثبيطا من التظاهر, ومن الغريب والمثير أن أقرب الناس للمفتى، إستشهد فى التظاهرات وهو الشيخ عماد عفت ، والذى نعاه وبكاه المفتى كإبن من أبنائه .


والآن وبعد أن دخل الأزهر فى السياسة وأصبحت له مواثيقة التى حازت بموافقة من جميع الأطراف, علينا أن نطرح السؤال, هل سيظل الأزهر مواليًا للسلطة كما كان فى السنوات الماضية ؟, أم سيعود مرة أخرى ؟ .



فيما يرى المهندس خالد دواود , ممثل حزب النهضة: أن وجود الأزهر فى المرحلة القادمة سيكون مهم وصمام الأمان فى تلك الظروف .





وأكد داوود على: أنه يجب تطوير الأزهر وتطوير مؤسساته حتى يكون قادرا على الأعباء التى سيتكلف بها فى المرحلة القادمة .



فيما يرى د مصطفى النجار , عضو مجلس الشعب المنحل: أن تلك الخطوة هى الخطوة الأولى فى سبيل أخونة الأزهر, بعد ما حدث فى النقابات وتأسيس جديد لحكم الإخوان .



بينما يؤكد الدكتور محمد الشحات , أمين عام المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: أن الأزهر له دور هام فى الأيام المقبلة لأنه مُطاَلب أن يكون هو الحكم بين القوى السياسية والأحزاب الإسلامية التى لها تصوراتها وإتجاهاتها فى تطبيق الشريعة الإسلامية .



وأضاف الشحات : أن ذلك سيفرض أعباء على الأزهر ولكنه أثبت عبر التاريخ أنه مع الدولة والشعب وضد الظلم أينما كان .



كما أوضح: أن الخوف الحقيقى هو أخونة الأزهر نفسه, وهو ما لا يجب أن يحدث, أما بشان دخول الأزهر مُعْتَرك السياسة, فهذا ليس دخولا فى السياسة بل هو إستعادة الأزهر لدوره الطبيعى .



أما الدكتور عاصم الدسوقى , أستاذ السياسة بجامعة حلوان يقول: أن الأزهر منذ نشأته وهو موالى للسلطة ولم يكن معارضا لها, فهو مرة يعمل من أجل الدولة الشيعية ومرة أخرى يعمل لصالح الدولة الأيوبية, ويوالى دولة محمد على , ويتماشى مع كل الأنظمة السابقة .



وأشار الدسوقى إلى: أن ما تم من مقاومة كـ عمر مكرم أو الشرقاوى أو الإمام الشعراوى , فهى نماذج خارج إطار الأزهر وهى أصوات رفضت الموالاة, ولكن تظل المؤسسسة بتعاليمها وتفكيرها هى ملاذ للسلطة, وفى الأيام المقبلة سيكون لها تأثيرها, ولا نستبعد ان يأتى شيح أزهر إخوانى أو موالى لهم, وفى هذه الحالة سيكون سهل عليهم السيطرة على الدولة بإسم المرجعية الدينية, مشيرا إلى أنه فخ لليبراليين والعلمانيين ليس أكثر .



فيما إعتبر الدكتور جمال زهران , أستاذ الإقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة: أن هذه المادة والتى تُعْطى للأزهر حق التفسير أو يُؤْخَذ رأيه فى الأمور التى تتعلق بالشريعة هو أمر له مميزاته وعيوبه, فإننا بهذه المادة وفى الوقت الراهن, سيكون هذا هو حل اللغز, فالمشكلة كبيرة بين التيارات السياسية الموجودة بإعتباره تيار وسطى يلْقَى نسبة قبول كبيرة يمكن الإرتكاز عليها لتخطى المرحلة الراهنة .



وأضاف زهران : أما العيب القاتل هو التخوف من سيطرة الإخوان المسلمين على الأزهر فى المستقبل, أو من الممكن أن يكون من داخل الأزهر نفسه, حينما يُصاب بجنون السلطة, فعلينا الحذر, لأن الأزهر طوال عمره كان موالى للسلطة فى ظل السنوات الماضية, ولا أعرف, ما إذا كان الأزهر سيقف فى وجه السلطة ؟, أم أنه سيبقى كما كان فى العهود السابقة ؟ .





هذا هو الأزهر الشريفو ونحن نتعرض له فى ظل هذه الظروف التى نمر بها سويًا ونحن فى مركب واحد, فعلينا جميعًا أن نتكاتف من أجل النهوض بهذه البلد والعبور إلى بر الأمان, فهل سيكون للأزهر هذا الدور المصيرى ؟ , أم أنه سيبقى مجرد مرآة فقط لما يحدث حوله ؟ .