المعوذات: أفضل سور أنزلت في الكتب السماوية
المعوِّذات هي: السور الثلاثُ التي اختتم بها الحقُّ سبحانه كتابه، وهي أفضلُ ثلاثِ سورٍ أُنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم، وفيما يأتي الحديث عن فضلها، ومعانيها:
أولًا: فضلها:
ورد في فضلها عدةُ أحاديثَ نبوية، منها ما جاء:
1- عن عقبةَ بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألم ترَ آيات أُنزلت الليلةَ لم يُرَ مثلهنَّ قطُّ: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]؟))[1].
2- وفي رواية: قال: "بينا أنا أسيرُ مع رسول الله بين الجُحفة، والأبواء، إذ غشيتْنا ريح، وظُلمة شديدة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوَّذ بـ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، و﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]، ويقول: ((يا عقبة، تعوَّذ بهما؛ فما تعوذ متعوِّذٌ بمثلهما))[2].
3- وعن أبي سعيد قال: "كان رسول الله صلى الله عليه يتعوَّذ من الجانِّ وعين الإنسان، حتى نزلت المعوِّذتان، فلما نزلتا أخذ بهما، وترك ما سواهما"[3].
4- وفي رواية أنه قال: ((يا عقبةُ بنَ عامر، ألا أعلِّمك خيرَ ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم؟)) قال: قلت: بلى جعلني الله فداك.
قال: فأقرأني: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1].
ثم قال: ((يا عقبةُ، لا تنساهنَّ، ولا تبِتْ ليلة حتى تقرأهن))، قال: فما نسيتُهن من منذ قال: "لا تنساهُنَّ"، وما بتُّ ليلةً قطُّ حتى أقرأهن"[4].
5- عن عبدالله بن خبيب أنه قال: خرجنا في ليلة مطر وظُلمة شديدة نطلب رسولَ الله صلى الله عليه؛ ليصلِّي لنا، فأدركناه،
فقال: ((أصلَّيْتم؟))، فلم أقل شيئًا، فقال: ((قل))، فلم أَقُل شيئًا، ثم قال: ((قل)) فلم أقل شيئًا، ثم قال: ((قل))، فقلت يا رسولَ الله، ما أقول؟
قال: ((﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، والمعوذتَيْنِ حين تمسي وحين تصبح ثلاثَ مرات - تكفيك من كل شيء))[5]، وفي رواية: ((ما تعوَّذ بمثلِهنَّ أحدٌ"[6].
ثانيًا: المناسبة بين المعوِّذتين وبين سورة الإخلاص:
لما بيَّن سبحانه وتعالى أمر اﻹلهية في سورة اﻹخلاص، جاء بالمعوذتين بعدها بيانًا لما يُستعاذ منه من أنواع الشرور بالله تعالى، ومعنى أعوذ: أي: ألتجِئ، وأعتصم بالله سبحانه منها.
"وأما المناسبة الخاصَّة بين السورتين وبين سورة الإخلاص، فهي:
أن سورة الإخلاص قد عرَّفت الخلقَ بخالقهم بما فيها من التوحيد والتنزيه والتمجيد؛ فإذا قرأتَ القرآن وتدبَّرته على ترتيبه، ووجدتَ توحيدَ الله منبثًّا في آياته وسورِه، متجلِّيًا ذلك التجلِّي الباهر بما عرضه وصوَّره، سادًّا ببراهينه على النفوس كلَّ ثنية وكل مطلع - كانت آخر مرحلة يقطعها فكرُك من مراحل التوحيد في القرآن، هذه السورة المعجزة على قصرِها، فكأنها توكيدٌ لما امتلأت به نفسك من معاني التوحيد، وكأنها وصيَّة مودِّع مشفق بمهمٍّ يخشى عليك نسيانه؛ فيعمدُ فيها من الكلام إلى ما قلَّ ودلَّ ولم يُمَلَّ.
ومن صدقك في توحيدك لله في ربوبيته وإلهيته أن تنقطعَ عن هذا الكون وتكون منه وكأنك لست منه بصدقِ معاملتك لله، وإخلاص توحيدك إيَّاه، فأنت وقد آمنتَ وصدقت، وخرجت من سورة الإخلاص متشبِّعًا بمعانيها، ومنها معنى الصمد - تستشعر أن العالم كلَّه عجز وقصور، وأن خيراته مكدَّرة بالشرور، وأن لا ملجأَ إلا ذلك الفرد الصمد، الذي لم يَلِد، ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحدٌ، فتجيء المعوِّذتان بعد الإخلاص مبينتَيْنِ لذلك الالتجاء الذي هو من تمام التوحيد، ولأجل هذه المناسبة والارتباط بين السور الثلاثةِ جمع بينهن في التسمية..."[7].
ثالثًا: معنى الفلق في قوله تعالى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]:
يفسَّر بالصبح، بدليل قوله تعالى: ﴿ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ... ﴾ [الأنعام: 96].
وخُصِّص الفَلَق بالذكر؛ ﻷن الشرور تحدثُ في النهار، والصباح أنموذج من يوم القيامة؛ فالدور كالقبور، والنوم أخو الموتِ، والخارجون من منازلهم صباحًا منهم من يذهب لنضرة وسرورٍ، ومنهم من يكون من مطالبة ديونٍ في غموم وشرور!
"وسرُّ إضافة الفلق إلى "رب" هنا: أن الفجرَ بمعناه العُرفي هو: تشقُّق الظلمة عن النور، فإن الليلَ يكون مجتمعَ الظُّلمات مسدول الأوراقِ، فإذا جاء الصبح حصل الانفراقُ، والذي يبقى بعد ذلك الانفلاق هو النورُ الذي نفى الظلمة، ولا ينفي ظلماتِ الشر والضلال والباطل إلا أنوارُ الخير والهدى والحق من خالقها وفالق أنوارها"[8].
وتفسيرُ "الفلقِ" بالصبح يناسبُ قراءةَ هذه السورة المباركة أولَ النهار، فأنت عندما تقرؤها في الصباح تشعر بأن اللهَ سبحانه قادرٌ على كل شيء، مغيِّرٌ للأحوال، مقلِّب للأطوار، فيزيلُ الهموم والأكدار.
كما يفسر "الفلق" بأنه يعمُّ جميع الموجودات، وهذا المعنى مرويٌّ عن ابن عباس رضي الله عنهما، ولفظه: "الفلق: الخَلْق"، وبيانه: أن الله تعالى خلق الكون من بعد العدمِ، ونحن نرى مظاهر الانفلاق في صفحات هذا الكون الفسيح: كالعيون فلقَها من الجبال، والأمطار من السحاب، والنبات من الأرض، والأولاد من الأرحام، وعليه فإن تعليقَ الالتجاء والاستعاذة باسم الربِّ المضاف إلى الفلق ينبِّئُك عن النور بعد الظلمة، والسَّعة بعد الضيق، والفتق بعد الرَّتْق، واليسر بعد العسر، والفرج بعد الشدة، وهذا تذكير ينفع العبدَ، ويقوِّي رجاءه بالله سبحانه، والاعتناء بقرع باب الالتجاء إليه.
رابعًا: الشرور المُستعاذ منها في هاتين السورتين خمسة، وهي:
اﻷول: الاستعاذةُ من شر المخلوقات كلِّها، يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴾ [الفلق: 2]؛ أي: من شرِّ جميع المخلوقات في الدنيا والآخرة.
فهو يشمل شرَّ الإنس، والجن، والشياطين، وشرَّ السِّباع، والهوام، وشر النار، وشر الذنوب، والهوى، وشرَّ النفس، وشرَّ العمل، كما أنه يشمل نفس المستعيذ.
الثاني: الاستعاذة من الشرور التي تحدثُ في الليل عندما يُقبِل بظلامه، يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴾ [الفلق: 3]، ومعنى الغاسق: الليلُ إذا اشتدَّ ظلامه، والوقوب بدخول ظلامه.
والتقييد بهذا الوقت؛ لأن حدوثَ الشر فيه أكثر، والتحرُّز منه أصعب وأعسر.
ومن أمثالهم: الليلُ أخفى للويلِ.
وقد جاء عن عائشة قالت: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا إلى القمر لما طلع، فقال: ((يا عائشةُ، استعيذي بالله تعالى من شرِّ هذا؛ فإن هذا الغاسقُ إذا وقب))[9].
وتفسير الغَسَق بالليل إذا أقبل يناسب قراءتَها في الليل لا سيِّما عند النوم؛ وفي ذلك إشعار بدخولِ العبد المستعيذ بها في حصن الله تعالى الحصين في ظلمات الليل البهيم.
وقيل الغسق هو: كلُّ شر يعتري الإنسان، والشر يوصف بالظلمة والسواد، ووقوبه هجومُه.
الثالث: الاستعاذة من شر النفوس الخبيثة من السواحر ممن يَعقِدْنَ عقدًا في خيوط، وينفُثْنَ عليها، يدل على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ﴾ [الفلق: 4].
"والنَّفث: إخراجُ الهواء من الفم مدفوعًا بالنفس بدون بصاقٍ، أو مع قليل منه، تتطاير ذرَّاته وهو دون التفل.
والنفث وإن كان عامًّا لكنه اشتهر فيما يفعله السحرة، يعقدون خيطًا، ويُتمْتِمون عليه برقًى معروفة عندهم، وينفثون على عقدةٍ منه بقصد إيصال الشرِّ من نفوسهم الخبيثة إلى نفس المسحور، وما هم بضارِّين به من أحد إلا بإذن الله.
وما أمرنا الله بالاستعاذة من شرِّه إلا لأنه يؤثر في بعض النفوس القابلة للتأثُّر به حاشا النفوس المعصومة؛ كنفوسِ الأنبياء فإن شرورَ الدنيا وأسواءها لا تعدو أبدانهم إلى أرواحهم، ولا يتعاصى على هذه القاعدة ما ورد في سحر لبيد بن الأعصم اليهوديِّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يوهمُه لفظ الرواية، فإن ذلك كلَّه لا يخرج عن التأثر البدني.
ونحن نعتقد دينًا أن تأثير المؤثِّرات هو من وضع الله وحده، ونقطع علمًا وتجربة أن للقوى النفسيَّة تأثيرًا أعظم من تأثير القوى الجسمانيَّة؛ فالنفث المذكور في الآية إن أثَّر فإنما يؤثر بالقوة النفسية التي من ورائه، وأما النفوس الخيِّرة الطيبة - كنفوس المؤمنين - فإنها تنفث الخيرَ للخير.
(عن عائشة رضي الله عنها: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه كلَّ ليلة جمع كفَّيه، ثم نفث فيهما، فقرأ فيهما: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1]، ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴾ [الفلق: 1]، ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ﴾ [الناس: 1]، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ بهما على رأسه ووجهِه وما أقبل من جسده، يفعل ذلك ثلاث مرات)[10]. فهذا نفثُ الخير من خيرِ نفسٍ خلقها الله. ثم قالت في تمامه: (فلما اشتكى كان يأمرُني أن أفعل ذلك)[11].
وفي رواية: (كان يقرأ بالمعوِّذات، فلما ثقل كنت أنفُثُ عليه بهذا، وأمسح بيد نفسِه؛ رجاء بركتها)[12]، وفي رواية مسلم عنه: (أنه كان يفعل ذلك إذا مرض أحدُ أهله)[13].
فهذه الأحاديث الصحيحة تثبتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ المعوذات، وينفث حين القراءة نفث الخير قطعًا، وتبيَّن لنا أن كلَّ نفس تنفث ما وقر فيها، وأن النفث إيصالٌ للقوة الروحانيَّة إلى ما يراد وصول الأثر إليه، وهي دليلنا على ما أسلفنا من أن في النفث خيرًا وشرًّا، ولولاها لما كان النفثُ إلا من فعل السَّحرة...
ومن الشواهد لنفث الرِّيق، ما جاء عن عائشة رضي الله عنها:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى الإنسان الشيءَ منه، أو كانت به قُرحة، أو جرح - قال النبي بإصبعه هكذا - تعني: وضعها على الأرض كما فسرها سفيان بالعمل - ثم رفعها، وقال: ((بسم الله تربةِ أرضنا، بريقة بعضِنا؛ ليُشفَى به سقيمُنا بإذن ربِّنا))[14].
وهناك نوع آخرُ من النفث في العقد، وهو النَّفثُ الذي يكون بسبب الكلام المؤذي؛ مثل: الغيبة، والنميمة، والبهتان، وهي أمورٌ تلحق الشرَّ واﻷذى بمن جُعِل هدفًا ﻹيقاع اﻷذى به.
وقد يؤدي ذلك إلى قتل النفوس البريئة، أو قطع اﻷرزاقِ، أو الطلاق في اﻷسر، أو الخصومات بين المتحابِّين، وغير ذلك من أنواع الفساد بين الناس. وهذا النوع ربما يكون أشدَّ فتكًا وضراوة وأثرًا في اﻹيذاء.
الرابع: الاستعاذةُ من شر الحاسدين الذين يتمنَّون زوالَ النعم عن أصحابها، يدلُّ على ذلك قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5]؛ أي: إذا أظهر ما في نفسه من الحسد، وعمل بمقتضاه بترتيب مقدمات الشر، ومبادي الأضرار بالمحسود قولًا وفعلًا.
إن ضرر الحسد إنما يحيقُ بالحاسد لا غير، كما قال علي رضي الله عنه: "لله درُّ الحسدِ ما أعدلَه! بدأ بصاحبه فقتلَه"، وقال ابن المعتز:
اصبِر على حسد الحسو
دِ فإن صبرَك قاتلُه
فالنار تأكل بعضَها
إن لم تَجِدْ ما تأكلُه
والحسد نوعان: تمنِّي زوال نعمة الغير، وتمنِّي استصحاب عدمِ النعمة ودوامِ ما في الغير من نقصٍ أو فقرٍ أو نحوه.
والحاسد بكلا الإطلاقين ممقوتٌ عند الله تعالى وعند عبادِه عز وجل، آتٍ بابًا من الكبائر على ما اشتُهر بينهم، لكن التحقيق أن الحسد الغريزيَّ الجبلي إذا لم يُعمل بمقتضاه من الأذى مطلقًا، بل عامَل المتصف به أخاه بما يحبُّ الله تعالى، مجاهدًا نفسه - لا إثم فيه، بل يثاب صاحبُه على جهاد نفسه، وحسن معاملته أخاه ثوابًا عظيمًا؛ لما في ذلك من مشقة مخالفة الطَّبْع.
ويطلقُ الحسد على الغبطة مجازًا، وكان ذلك شائعًا في العرف الأول؛ وهو تمني أن يكون له مثلُ ما لأخيه من النعمة من غير تمنِّي زوالها، وهذا مما لا بأسَ به، ومن ذلك ما صحَّ من قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا حسدَ إلا في اثنتَيْنِ: رجل آتاه الله تعالى مالًا، وسلَّطه على هَلَكته في الحق، ورجل آتاه الله تعالى الحكمةَ؛ فهو يقضي بها، ويعلِّمها الناس))[15].
وقال أبو تمام:
هُمُ حسدوه لا ملومين مجده ♦♦♦ وما حاسدٌ في المَكرُمات بحاسدِ
وقال أيضًا:
واعذِر حسودَك فيما قد خصِّصْتَ به ♦♦♦ إن العلا حسنٌ في مثلها الحسدُ
"وإنما ينشأ الحسدُ من العجب وحبِّ الذات، فتسوِّل له نفسه أن غيره ليس أهلًا لنعم الله، وكفى بهذا معاداةً للمنعِم.
والحسد شرٌّ تلازمه شرور: العجب، والاحتقار، والكبر، وقد جمع إبليس هذه الشرورَّ كلَّها: حسد آدم عجبًا بنفسه فقال: ﴿ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ ﴾ [الأعراف: 12]، ورآه لا يستحقُّ السجود احتقارًا له، فقال: ﴿ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ ﴾ [الإسراء: 62]، ثم تكبَّر ولم يسجد، ورضي باللعنة والخزي، ولا أشنع من صفة يكون إبليسُ فيها إمامًا!
والحسد شرٌّ على صاحبه قبل غيره؛ لأنه يأكل قلبه، ويؤرِّق جَفنه، ويقضُّ مضجعه، ولا يكون شرًّا على غيره إلا إذا ظهرت آثاره؛ بأن كان قادرًا على الإضرار، أو ساعيًا فيه؛ ولهذا قال تعالى: ﴿ إِذَا حَسَدَ ﴾ [الفلق: 5]، والمتمنِّي للشيء لا يمنعه من إتيانه إلا العجز، وأعظم ما ينمِّي الحسد ويغذيه امتدادُ العين إلى ما متَّع الله به عباده من متاع المال والبنين ونعمة العافية، والعلم والجاهِ والحكم.
وقد نهى الله نبيَّه عن مدِّ العين إلى ما عند الغير فقال: ﴿ وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 131]، وفي هذه الآية مع النَّهْي إرشاد إلى علاج الحسد، فإن الحسد مرض نفسانيٌّ معضل، ولكنه كغيره من الأمراض النفسية يُعالَج. وقد وصف الحكماء له أنواعًا من العلاج، فصَّلتْها كتب السنة وكتب الفقه النفسي؛ ككتاب "الإحياء"؛ للغزالي"[16].
ما هو الجامع بين الغاسقِ والنفاثات والحاسد؟
"الجامع بين هذه الثلاثة هو اشتراكُها في الخفاء: فإن الغاسق ظلامٌ تخفى فيه الشرور، والنفاثات مبنيٌّ أمرهن على الإخفاء تحييلًا وإبهامًا، والحسد داء دفين؛ فالثلاثة كما ترَوْن شرُّها خفيٌّ، وكل شر يخفى عملُه أو يخفى أثره، يجلُّ خَطْبه ويعظم خطرُه؛ فيعسر التوقِّي منه والاحتياط له؛ لأنك تتقي ما يظهر ويستعلن، لا ما يخفى ويستَتِرُ، لا جرمَ كانت الثلاثة جديرةً بالتخصيص، والترتيب بين الثلاثة ترقٍّ من الأخفِّ إلى الأشد.
ومن جهة أخرى نجد التناسب ظاهرًا بين الثلاثة: الغاسق والنفاثات والحاسد؛ فإن الجميع ظلام: ظلامُ الزمن، وظلامُ السحر، وظلام الحسد"[17].
الخامس: الاستعاذةُ من شرِّ شياطين الجن واﻹنس:
شياطينُ الجن الذين يوسوسون، وشياطين اﻹنس الذين ينفِّذون، وقد يوسوسون أيضًا؛ قال الله تعالى: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ ﴾ [الناس: 1 - 6].
وهنا فوائدُ متعدِّدة تتعلَّق بهذا السورة:
1- لماذا وصف الشيطان بالوسواس الخنَّاس؟
الجواب: ﻷنه ينفُثُ في قلب ابن آدم، ويوسوس له، لا سيِّما إذا سها وغفل، أو إذا حزن، أو فرح، فإذا ذكر الإنسان ربَّه خَنَس، وقد جاء عن ابن عباس قال: "ما من مولودٍ يولد إلا على قلبه الوسواس، فإذا عَقل، فذكر الله تعالى خنَسَ، فإذا غفَل وسوس"[18].
فالمسلم يستعيذُ بالله من شرِّ شياطين الإنس والجن ممن يوسوسون في صدور الإنسان، أليس قد قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ ﴾ [الأنعام: 112].
"وورد في الآثار أن لكل إنسان قرينًا من الجن، وقال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36]، وقال: ﴿ وَقَيَّضْنَا لَهُمْ قُرَنَاءَ ﴾ [فصلت: 25]، وهو من باب توزيع الجمعِ على الجمع؛ أي: لكل واحد قرينٌ.
فهذا الإنسان الضعيف يلازمه قرينٌ من الجنِّ، ثم لا يخلو من قرين أو قرناء من الإنس، يزيِّنون له ما بين يديه وما خلفه، ويصدُّونه عن ذكر الله، فماذا يصنعُ؛ ما عليه إلا أن يلتجِئ إلى الله، ويستعيذ به ويتذكَّر؛ فإنه لا يؤخذ وهو ذاكرٌ مستيقظ، وإنما يؤخذ إذا كان غافلًا، قال تعالى: ﴿ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ﴾ [الأعراف: 200]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ﴾ [الأعراف: 201][19].
2- ما هي أنواع وسوسة الشيطان في صدر الإنسان؟
لها أنواع كثيرة؛ منها:
إفساد الإيمان والتشكيك في العقائد، فإن لم يقدر على ذلك أمرَه بالمعاصي، فإن لم يَقدِرْ على ذلك ثبَّطه عن الطاعات، فإن لم يقدر على ذلك أدخلَ عليه الرياء في الطاعات؛ ليحبطَها، فإن سَلِم من ذلك أدخل عليه العجب بنفسه، واستكثار عمله، ومن ذلك أنه يوقد في القلب نارَ الحسد، والحقد، والغضب، حتى يقودَ الإنسان إلى شرِّ الأعمال، وأقبح الأحوال
.
3- ما علاج وسوسته؟
علاجها بثلاثة أشياء:
واحدُها: الإكثار من ذكر الله.
وثانيها: الإكثار من الاستعاذة بالله منه، ومن أنفع شيء في ذلك قراءةُ هذه السورة.
وثالثها: مخالفتُه والعزم على عصيانه"[20].
4- لِمَ قال في: "صدور الناس" ولم يقل: في قلوب الناس؟
فالجواب: أن ذلك إشارةً إلى عدم تمكُّن الوسوسة، وأنها غير حالَّة في القلب، بل هي محومة في الصدر حول القلب"[21].
5- ما هي الحكمة من تخصيصِ الناس بالذكر؟
وإنما خصَّ الناس بالذكر:
أ- لأنهم هم هدفه ومرمى وسوستِه، ولأنهم هم المأمورون بالاستعاذة منه؛ ولأن عالمَ التكليف أشرف، فإليهم يوجِّه الخطاب، وإليهم يُساق التحذير.
وهذه الوسوسة نتيجة للعداوة بين أصليهما؛ فأمر الله بالاستعاذة منها هو تصليحٌ إلهي لبني آدم؛ لتثبيت سنة التعمير التي هي حكمة الله من وجودهم.
ب - ونكتة أخرى في تخصيص الناس بالذكر دون بقية أفرادِ المربوبين، وهي أنهم هم الذين ينطبقُ عليهم ناموس الهداية والضلال، وقد ضلوا بالفعل في ربوبيَّة الله وفي ألوهيته: ضلوا في الربوبية باتخاذِ المشرِّعين، ليشرِّعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله، ويصدُّونهم بذلك عما شرع الله، وضلوا في الألوهية بعبادةِ غير الله بما لا يُعبَد به أحدٌ غيره؛ كالدعاء.
واختير لفظ "الناس" من بين الألفاظ المشاركة له في الدلالة؛ كالبشر والبرية - لأنه ينوسُ ويضطرب وينساق، وهي صفات يلزمها التوجه، ويسهل التوجيه، فلا غنًى لصاحبها عن توفيق الله للوِجهة الصالحة، والتسديد فيها، ما دام لا يملك لنفسه ذلك، وما دام محاسبًا عليه، وما دامت هناك قوة مسلطة تنزع به إلى الشر.
ففي تخصيص الناس بالذكر تنبيهٌ إلى أنهم أحوجُ المربوبين إلى تأييد الله وأحقهم بطلب ذلك منه؛ وقد أرشدهم إلى ذلك؛ وله الحمدُ.
ولو تفقَّه الناس في معنى اسمهم واشتقاقه، لعلموا بفطرتِهم أنهم مخلوقات ضعيفة لا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًّا، ولأيقنوا أنه لا بدَّ لهم من ربٍّ يربيهم ويحميهم، ومالكٍ يدبِّر أمورهم، وإلهٍ يعبدونه ويتخذون العبودية له جنة من استعباد الأقوياء"[22].
6- يلاحظ في اﻷسلوب القرآني أنه قدَّم الجِنَّة على الناس، فما هي الحكمة؟
"لأن الحديث عن الوسوسةِ - وهي من شياطين الجن - أخفى وأدقُّ، وإن كانت من شياطين الإنس أعظمُ وأخطرُ وأدهى وأمرُّ؛ فشيطان الجن يستخدم شيطانَ الإنس للشرِّ والإفساد، فيربى عليه ويكون شرًّا منه..."[23].
7- ويُلاحظ في أسلوب الخطاب القرآني أنه سبحانه كرَّر لفظ الناس، فما هي الحكمة من ذلك؟
والجواب:
1- أن العبد قد يظنُّ أن الناس هم أسباب النعم الظاهرة، وأنهم هم المتسلِّطون المتنفذون بما يملكون من صلاحيات وإرادة، وأنهم يملكون الضرَّ والنفع؛ كحال من يتَّخذ من دون الله أندادًا، فأرشد الحقُّ بأن هؤلاء الناس بكل أصنافهم، وصفاتهم ما هم إلا عبيدٌ لله؛ لأن تربية الله لعبادِه، وإنعامه عليهم إنما هو بطريق التصرُّف الكلي، والسلطان القاهر، والملك الكامل، وأن ملكَه ليس مجرد الاستيلاء عليهم، والقيام بتدبير أمور سياستِهم، وترتيب مبادئ حفظهم وحمايتهم - كما هو قصارى أمر الملوك - بل هو بطريق المعبوديَّة المؤسَّسة على الألوهية المقتضية للقدرة التامَّة على التصرف الكلي فيهم إحياءً وإماتة، وإيجادًا وإعدامًا.
2- أو لبيان عِظمِ ما يأتي به هؤلاء من ضرر بالغ عظيمٍ: حسِّي ومعنويٍّ؛ ولهذا أمر المسلم بالاستعاذة من شرِّهم بصفات الله العليا؛ وهي الربوبية، والملكية، والإلهيَّة؛ ليكونَ في حصن حصين من شرورهم وأذاهم.
3- "ونكتة الإعادة والإظهار للفظِ الناس توضيحُ المعنى، وإلفاتُ النفس إليه، وإيقاظُ شعورها به، والتسجيلُ على الناس بأن لهم ربًّا هو مالكُهم وإلهُهم"[24].
8- ما هي بلاغةُ الترتيب؟
"وبلاغةُ الترتيب، إنما تظهرُ جليَّة عند استعراض أطوارِ الوجود الإنساني:
فالأول: طورُ التربيةِ والإعداد، وهما من مظاهر الربوبية.
والثاني: طورُ القوة والتدبير، وهما من مظاهر الملك.
والثالث: طورُ الكمال والقيام بوظائفِ العبوديَّة، وهو من مظاهر الألوهيَّة.
والمُستعاذُ منه تارةً يوسوس للإنسان بما يُفسِدُ عليه صلتَه بربِّه، وتارةً بما يفسد عليه تدبيرَه وما شرع له لمنفعتِه وصلاحه، وتارةً بما يفسد عليه عبوديتَه له؛ وهي أشرف علائقه به وأقوى صلاته، وجِماعُ ذلك أن يُبعِدَه عن الله بالوسوسة بواحدة من هذه أو بكلِّها، وبما يتفرع عنها مما تضمَّنته الآيات المبينة لأفعال أصلِ هذه القوة الموسوسة؛ مثل قوله تعالى: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ ﴾ [البقرة: 268]"[25].
خامسًا: الربطُ بين سورة الناس والفاتحة:
نُقِل عن شيخنا اﻷستاذ عبدالله سراج الدين أنه قال: "المفسِّر من يستطيع الربط بين سورة الناس والفاتحة".
وقد تتبَّعت هذا الموضوع فرأيت بعضَ المفسرين قد أشار لذلك، وحاصل قولِهم ما يأتي:
1- "قد أرشد عز وجل في سورة الناس إلى الاستعانة به، كما أرشد إليها في الفاتحة"[26].
2- "افتتح القرآن بسورةٍ لم ينزل مثلُها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده، ما أُنزِلت في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في الزبور، ولا في الفرقان مثلُها، وإنها سبعٌ من المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيتُه))[27].
واختتم بسورتين لم يرَ مثلهما؛ ليجمعَ حسنَ الافتتاح والاختتام، ألا ترى أن الخُطَب والرسائل والقصائد وغير ذلك من أنواع الكلام إنما يُنظرُ فيها إلى حسن افتتاحها واختتامها؟".
3- "لما أمرَ القارئ أن يفتتح قراءتَه بالتعوذ من الشيطان الرجيم، ختم القرآن بالمعوِّذتين ليحصل الاستعاذة بالله عند أول القراءة وعند آخر ما يقرأ؛ فتكون الاستعاذةُ قد اشتملت على طرفَيِ الابتداء والانتهاء، وليكون القارئ محفوظًا بحفظ الله الذي استعاذ به من أول أمره إلى آخره"[28]. "فسبحانه من ملكٍ جليل ما أجلَّ كلمته! ولله درُّ التنزيل ما أحسن فاتحتَه وخاتمتَه!"[29].
4 - ويلاحظ في أسلوب الخطاب القرآني أن الله سبحانه وصف نفسه بثلاث صفاتٍ، وهي: الربوبية، والملك، والألوهية؛ وما ذلك إلا لتأكيدِ أن الله ربُّ كل شيء، ومليكُه وإلهه.
وقد جاء في سورة الفاتحة: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ... ﴾ [الفاتحة: 2 - 4] فقد اشتملت هذه الآيات الثلاث على هذه الصفات الثلاث معًا.
سادسًا: سرُّ الختم بهما:
"ولهاتين السورتين خصوصيَّة غير المناسبات التي يذكرونها في ارتباط بعض السور بالبعض، ولكن أجلاها وأوضحَها:
أنهما ختم على كنوز القرآن في نفس المؤمنِ، وتحصين لهذه النعم المنشأة له من القرآن عليه أن يكدِّرها عليه كيدُ كائد، أو حسد حاسد، ومن أوتي القرآنَ فقد طوى الوحي بين جنبَيْه؛ فكان حقيقًا - وقد ختم القرآن حفظًا أو مدارسة أو تلاوة - أن يلتجئ إلى الله طالبًا منه الحفظ والتحصين من شر كلِّ كيد وحسد يصيبه على هذا الخير العظيم، الذي كمل له هذه النعمة الشاملة التي تمَّت عليه.
ب- والأخرى: هي أن من أوتي القرآن وتفقَّه فيه، فقد أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وأن من آفات العلم اغترارَ صاحبه به، فكان من رحمةِ الله بصاحب القرآن، ولطف تأديبه له، وحسن عنايته به - أن ختم بهاتين السورتين كتابه؛ لينبِّهه إلى أنه مهما امتد في العلم باعُه، واشتد بالحكمة اطِّلاعُه - فإنه لا يستغني عن الله، ولا بدَّ له من الالتجاء إليه، والاعتصام به، يستدفع به شرَّ الأشرار، وحسد الحاسدين..."[30] [*].
[1] أخرجه مسلم في صحيحه: (1891).
[2] أخرجه أبو داود في السنن: (1463).
[3] أخرجه الترمذي (2058) وحسنه، والنسائي: (5494).
[4] أخرجه أحمد في مسنده: (14814).
[5] أخرجه أبو داود في سننه: (5082)، والترمذي في جامعه: (3575)، وقال: "وهذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه".
[6] أخرجه النسائي في سننه: (5430).
[7] انظر: تفسير المعوذتين؛ لابن باديس
[8] المصدر السابق.
[9] أخرجه أحمد، والترمذي، والحاكم وصححه.
[10] رواه البخاري في صحيحه: (5018).
[11] رواه البخاري في صحيحه: (5416).
[12] لفظ البخاري في فضائل القرآن باب: 14.
[13] كتاب السلام، حديث: 50.
[14] أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب السلام، حديث رقم: 54، وأخرجه أيضا البخاري في الطب باب: 38.
[15] متفق عليه.
[16] انظر تفسير المعوذتين؛ لابن باديس.
[17] انظر: تفسير المعوذتين؛ لابن باديس مختصرًا.
[18] أخرجه الحاكم وصححه، والضياء في "المختارة".
[19] انظر: تفسير المعوذتين، لابن باديس.
[20] انظر: التسهيل؛ لابن جزي.
[21] المصدر السابق.
[22] انظر: تفسير المعوذتين؛ لابن باديس.
[23] المصدر السابق.
[24] المصدر السابق.
[25] المصدر السابق.
[26] انظر: روح المعاني؛ للألوسي.
[27] أخرجه الترمذي: (2875)، وقال: "حديث حسن صحيح".
[28] انظر: التسهيل؛ لابن جزي.
[29] روح المعاني؛ للألوسي.
[30] تفسير المعوذتين؛ لابن باديس.
* ملاحظة: غالبُ المعلومات الواردة هنا مختصرة من "روح المعاني"؛ للألوسي، وما كان من غيره بينته.
د. عبدالسميع الأنيس