حوادث "النقل الثقيل" تلتهم الأرواح ..وخبراء:خلل في المنظومة

 لم يتوقف نزيف الدماء على الأسفلت رغم قوانين المرور التي تضعها الدولة من أجل منع الحوادث المتكررة على الطرق والتي تحصد الأرواح وتهدر الدماء بلا رادع قانوني، ويأتى آخرها مقتل الطفلة"دانية" أثناء تواجدها مع والدتها داخل السيارة على الطريق السريع.

وهو الأمر الذي دفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و "تويتر"، لإطلاق هاشتاجاً باسم "امنعوا سير سيارات النقل الثقيل أثناء الذروة" و "سير النقل في أوقات معينة"، مطالبين بضرورة إجراء الكشف الطبي على سائقى النقل الثقيل للتأكد من عدم تعاطيهم للمخدرات أثناء رحلتهم مستخدمين هاشتاج "الكشف الطبي على سواقين النقل".

وناشدت والدة الطفلة المتوفاة المواطنين بالتدخل والمطالبة بمنع سير سيارات النقل الثقيل أوقات الذروة لمنع تكرار هذه الحوادث وفقد أطفالا وكبارا.

ويسلط الحادث الضوء على القوانين التي يأبى سائقو النقل تطبيقها على الأرض، إذ يضربون بها عرض الحائط غير مبالين بالأرواح التي تزهق، حتى وإن كانوا ضمن قائمة القتلى أو المصابين، ففي الثامن عشر من أغسطس الجاري، تسبب انقلاب سيارة نقل ثقيل في وفاة ثلاثة أطفال في حادث طريق، حيث أغرقت دمائهم مدخل المعهد الأزهري، الذى كانوا يدرسون فيه، المباشر للطريق السريع بمدينة المنصورة، أمام حي المجزر الآلي، بمحافظة الدقهلية، بعد أن قامت سيارة نقل مقطورة بدهسهم جميعا.

وبدورها تحدثت "الفجر" مع المتخصصين للوقوف على أسباب تكرار مثل هذه الحوادث وكيفية الحد منها.

ومن جانبه أكد مصطفى صبري، أستاذ النقل بجامعة عين شمس، أن معظم أسباب حوادث الطرق ترجع لأسباب بشرية، نظرًا لأن الطرق السريعة بين المدن ذات صيانة جيدة بنسبة 75%، موضحًا أن الطرق ليست السبب الرئيسي في الحوادث بل نسبتها ضئيلة مقارنة بالعامل البشري، لافتًا إلى أن الدولة ليس لها إرادة حقيقية في تطوير المنظومة.

وأضاف"صبري"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن وزارة النقل كانت أصدرت قانون تعديل المقطورات عام 2008، ونص على وقف تصنيع واستيراد وسير المقطورات للحد من حوادث الطرق، ورغم صدور تعديلات فإن الحكومة أجلت التطبيق مرات عدة، وسط رفض سائقي النقل تطبيق القوانين التي ما زالت حبرًا على ورق دون معرفة الأسباب الحقيقة خلف عدم التطبيق، والنتيجة زيادة الحوادث، مؤكدًا أن عدم تطبيق هذا القانون يعد "إهمال" من قبيل الوزارة ولا مبالاة للأرواح_ بحسب وصفه.

وأشار"صبري"، إلى أن الأزمة الحقيقة تكمن في عدم تطبيق قانون المرور من قبل المسئولين، مؤكدًا أن الأزمة ستظل قائمة في ظل وجود تقاعس المسئولين، مشدداً على ضرورة  تطبيق العقوبات على السائقين المخالفين، وضرورة استمرار إجراء تحليل للدم بصورة دورية، ومعاقبة من يثبت تعاطيهم للمخدرات.

وفي سياق متصل قال النائب وحيد قرقر، وكيل لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، إنه من الصعب إيقاف سيارات النقل الثقيل من السير في الطرق في ساعات الذروة، مشيراً إلى أنه لا يمكن حصر مشكلات المنظومة بأكملها في النقل الثقيل، مضيفاً أنه ليس من المنطقي إيقاف سير النقل الثقيل لاسيما أن ذلك سيؤثر على قطاعي الصناعة والتجارة.

وأكد"قرقر"، أن أسباب الحوادث التى يتورط بها أحيانا سائقي النقل الثقيل ترجع لمشكلات في الطرق وتهالكها، بالإضافة للخطأ البشري، ويوجد مشكلات حقيقة في المنظومة ولا يمكن إصلاحها بقرارات وصفها بـ"الهوجائية"، خاصة أن النقل الثقيل مرتبط بشكل خاص بالصناعة وتبادل السلع والبضائع.

وأشار "قرقر"، إلى أن الوزارة رصدت بالفعل ميزانية تبلغ 2 مليار ونصف لإصلاح الطرق، مطالباً بإنشاء إدارة أزمات توجد في كل قطاع.

وعن الحلول لمعالجة هذه المشكلة، أكد "قرقر"، أنهم أبلغوا وزير النقل لاستحداث حارات خرسانية بدلاً من الأسفلت لمرور عربات النقل الثقيل، كما شدد على ضرورة الاتجاه للنقل النهري ونقل البضائع عبر خطوط السكك الحديد، والاهتمام بمد خطوط السكك الحديد للمدن الصناعية الجديدة للاستغناء عن النقل البري أو تقليل الاعتماد عليه على أقل تقدير.

فيما قال اللواء محمد صلاح أبو هميلة، عضو لجنة الإدارة المحلية، إن "منظومة النقل وإدارة المركبات والطرق ومواقف السيارات تعمل بعشوائية وفيها خلل ومشاكل كثيرة ووزارة النقل محلك سر".

وأضاف "أبو هميلة"، أن هناك تقصيرًا واضحًا وخللاً في هذه المنظومة، ووزارة النقل يجب أن تفعل دورها للسيطرة على هذه المنظومة، مطالبا بضرورة إعداد دراسات لتطوير منظومة النقل والمواصلات والطرق لتقديم خدمة متميزة للمواطنين وحل المشكلات، وتقنين أوضاع المركبات المخالفة والتي تعمل بدون تراخيص.

وكشفت دراسة علمية حديثة أشرف عليها فريق من العلماء بجامعة هارفارد، أن 20% من حوادث الشاحنات تنتج عن النعاس أثناء القيادة بسبب اضطراب توقف التنفس أثناء النوم.

وأوضح الباحثون أن الفشل فى الالتزام بعلاج اضطراب توقف التنفس أثناء النوم لسائقى الشاحنات يقلل معدل الحوادث لأكثر من الثلث، وفقاً للدراسة.

وتشير النتائج إلى أن سائقى الشاحنات الضخمة يجب عليهم إجراء فحص توقف التنفس أثناء النوم بانتظام من أجل مواصلة القيادة، وفقا للدكتور ستيفانوس كاليس، أستاذ الصحة البيئية فى كلية هارفارد.

وأكد الباحثون أن الفحص والتشخيص والعلاج لاضطراب توقف التنفس أثناء النوم من شأنه أن يقلل الحوادث الكبيرة التى تقع بسبب الشاحنات والحافلات، وبالتالى يقل عدد الضحايا.

وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 20٪ من جميع حوادث الشاحنات الكبيرة بسبب النعاس أثناء القيادة أو الإنهاك والتعب، والذى يمثل ما يقرب من 9000 حالة وفاة، وتصل إلى 220000 إصابة خطيرة بأمريكا وحدها.

وأضاف الباحثون أن اضطراب توقف التنفس أثناء النوم هو السبب الأكثر شيوعاً لفرط النوم أثناء النهار أو التعب، ويرتبط مع الآثار السلبية على الانتباه والذاكرة العاملة، اليقظة، والأداء التنفيذى.