"الحياة اللندنية": معضلة دستورية تنتظر البرلمان المصري
قالت صحيفة الحياة اللندنية، إن إعلان رئيس البرلمان
المصري علي عبدالعال اختتام الدورة البرلمانية الأولى بعد ثلاثة أسابيع أثار عاصفة
من الجدل الدستوري، لعدم شروع النواب في مناقشة حزمة قوانين انتقالية ألزم الدستور
بتمريرها خلال الدورة البرلمانية الموشكة على الانتهاء.
وألزم الدستور الذي أقر مطلع العام 2014 البرلمان
بأن يمرر خلال الدورة الأولى التي تختتم الشهر المقبل قانون «تنظيم بناء وترميم الكنائس»
الذي لا يزال يثير الجدل بين الحكومة والكنائس، و «العدالة الانتقالية»، و «القانون
الموحد للصحافة والإعلام» المعروض على مجلس الدولة لمراجعة صياغته القانونية ولا يزال
يثير شداً وجذباً بين الحكومة والجماعة الصحافية.
لكن الحكومة والبرلمان تجاهلا إصدار تلك القوانين،
وركزا على حزمة مشاريع قوانين اقتصادية لتنفيذ البرنامج المرتبط بقرض صندوق النقد الدولي،
ما أثار جدالاً قانونياً في شأن إمكان الطعن بعدم دستورية القوانين المطلوبة في حال
تمريرها خلال الدورات النيابية المقبلة.
وشكا عبدالعال مراراً من غياب النواب الذي قال إنه
«يتسبب في تأخر إصدار القوانين». ونبه النواب خلال جلسة أول من أمس إلى أن «هناك العديد
من مشاريع القوانين التي لا بد من الانتهاء منها وإقراراها في الدور التشريعي الأول
الذي لم يتبق له سوى ثلاثة أسابيع فقط... هناك عدد من النواب ينصرفون من القاعة العامة
بعد ربع ساعة من بدء الجلسة العامة».
وكان تأخر مناقشة تلك القوانين أثار جدالاً بين
النواب داخل البرلمان، إذ أبدى رئيس لجنة حقوق الإنسان النائب محمد أنور السادات انزعاجه
من «عدم تنفيذ الاستحقاقات الدستورية التي ألزمنا بها الدستور في مواد واضحة وصريحة
في ما يخص قانون بناء الكنائس ومفوضية عدم التمييز وقانون العدالة الانتقالية، وأوجب
الالتزام بها في دور الانعقاد الأول كموعد إلزامي وليس تنظيمياً وبإجماع كل أساتذة
القانون الدستوري». وتساءل عن «من وراء هذا التحايل والالتفاف على مواد الدستور؟».
وأضافت الصحيفة خلال تقرير لها، غير أن عضو اللجنة
التشريعية النائب محمد العتماني أوضح لـ «الحياة» أن رئيس البرلمان الذي كان ضمن لجنة
العشر التي صاغت المسودة الأولى للدستور «أكد أكثر من مرة للنواب أن تلك المواعيد تنظيمة،
وليست إلزامية». وحمل العتماني الحكومة «تأخير إرسال تلك القوانين إلى البرلمان، فالحكومة
أعتادت على إرسال مشاريع القوانين في آخر وقت حتى نسارع إلى تمريرها».
ويرى أستاذ القانون الدستوري محمد نور فرحات أن
«المعضلة لها شقين، أحدهما دستوري إذ إنه إذا صدرت تلك القوانين في غير الدورة التي
حددها الدستور، تكون هناك شبهة بعدم دستورية لا أقدر على حسمها، والأمر متروك للمحكمة
الدستورية التي تفصل في الأمر».
وأوضح أن «الجانب الآخر سياسي، فرئيس هذا البرلمان
وأعضاؤه لم يقوموا بواجبهم، وأخلوا بالقسم الذي أقسموا عليه باحترام الدستور، لأنه
خالف الدستور حين تجاهل وضع تلك القوانين في أولوية أجندة البرلمان». وأضاف أن «الحل
هو العودة إلى الشعب ليقول كلمته في برلمان لا يحترم الدستور... هذا البرلمان لا يعبأ
كثيراً بأمر الدستور، ومنذ ولادته خالف الدستور عندما تأخر في تمرير مشاريع القوانين
التي كان أقرها الرئيس الحالي وسلفه، كما أنه أقدم على إقرار الكثير من القوانين المخالفة
للدستور، وأخيراً عدم تأدية واجبه في وضع القوانين التي نص عليها الدستور موضع الاهتمام.
هو اعتاد على مخالفة الدستور، والفيصل المحكمة الدستورية العليا. لكن الطريق إليها
طويل وشاق وقد تصدر حكمها بعد انتهاء الفترة التشريعية المتبقية لهذا البرلمان».
وعلى رغم صياغة الحكومة مشروع قانون الإعلام الموحد
الذي يراجعه مجلس الدولة، تقدم أمس مئة نائب بينهم النائب مصطفى بكري بمشروع قانون
إلى رئيس البرلمان لإنشاء الهيئات الصحافية والإعلامية التي نص عليها الدستور. وكان
بكري قدم قبل شهر تعديلاً على قانون المجلس الأعلى للصحافة يعطي الحق لرئيس الجمهورية
في إطاحة المجلس الحالي وتعيين مجلس جديد تمهيداً لحركة تغييرات في رؤساء تحرير الصحف
المملوكة للدولة، لكن التعديل توارى بعدما رفضته نقابة الصحافيين والمجلس الأعلى للصحافة.
وأوضح بكري أن مشروع القانون الذي قدمه «يتكون من
84 مادة لتنظيم إنشاء الهيئات الثلاث التي نص عليها الدستور، وهي المجلس الأعلى لتنظيم
الإعلام، والهيئة الوطنية للصحافة، والهيئة الوطنية للإعلام»، مشيراً إلى أن «مواد
القانون تنص على تشكيل المجلس الأعلى، بقرار من رئيس الجمهورية، من 13 عضواً من ذوي
الخبرة الصحافية والإعلامية والقانونية والإدارية، على أن يكون بينهم رئيس المجلس،
فيما تنص على تشكيل الهيئة الوطنية للصحافة بقرار من رئيس الجمهورية من 13 عضواً من
ذوي الخبرات الصحافية والقانونية والإدارية، على أن يكون بينهم رئيس الهيئة، وكذلك
الحال بالنسبة إلى الهيئة الوطنية للإعلام التي تشكل بقرار من رئيس الجمهورية من
13 عضواً من ذوي الخبرات الإعلامية والقانونية والإدارية، على أن يكون بينهم رئيس الهيئة».
وأضاف بكري أن «مواد الدستور نصت على أخذ رأي الهيئات
الثلاث في مشاريع القوانين واللوائح المتعلقة بمجال عملها، ما يستوجب وجود هذه الهيئات
وتحديد اختصاصاتها». لكنه لفت إلى أن «هذا المشروع لن يحل محل مشروع القانون المقدم
من الحكومة إلى مجلس الدولة»، وإن لم يوضح كيفية تحقق ذلك في ظل التقاطع بين المشروعين.
وأرجأت اللجنة التشريعية والدستورية اجتماعها الذي
كان مقرراً أمس للبت في مسألة تصعيد عمرو الشوبكي نائباً عن دائرة الدقي والعجوزة بدل
أحمد مرتضى منصور، تنفيذاً لحكم محكمة النقض. وكانت اللجنة خصصت اجتماعها أمس لمناقشة
تقرير عن حكم النقض ببطلان عضوية منصور في البرلمان وتصعيد الشوبكي، لكن عدم اكتمال
النصاب حال دون إتمام الاجتماع. ولم تحدد اللجنة رسمياً موعد الاجتماع المقبل.
وكانت محكمة النقض قضت في منتصف الشهر الماضي ببطلان
عضوية منصور وأحقية الشوبكي بمقعد دائرة العجوزة والدقي. وأحال رئيس البرلمان حكم المحكمة
على اللجنة التشريعية والدستورية في المجلس لإعداد تقرير في شأنه، في ظل رفض نواب تنفيذه.