أكادميون : مبادرة "تعلم وتميز" عبر برنامج "فطن" تنشر قيم الاعتدال

السعودية

السعوية - أرشيفية
السعوية - أرشيفية


أكد مثقفون وأكاديميون سعوديون الحاجة الماسة لغرس قيم الوسطية والاعتدال في النشء والشباب، ونشر التسامح والاعتدال بين أفراد المجتمع؛ لمواجهة الأفكار الضالة وظاهرة التشدد والغلو التي يسعى البعض لتكريسها.
 
  ويرى المثقفون أن البرنامج الوقائي الوطني للطلاب والطالبات (فطن) عبر مبادرة (تعلم وتميز)، الذي يفعِّل الاستفادة من القدوات والنماذج الناجحة في المجتمع السعودية، خير من يحصن الشباب، ويوجه طريقهم في الاتجاه الصحيح لخدمة دينهم ومجتمعهم وبلادهم.
 
  جاء ذلك في تصريحات لهم بمناسبة استضافة مبادرة (تعلم وتميز) الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، المستشار في الديوان الملكي إمام وخطيب المسجد الحرام أستاذ كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية، في حوار مع الطلاب والطالبات ضمن برنامج فطن على مسرح التعليم في محافظة جدة صباح غد الثلاثاء 20/ 11/ 1437 بمشيئة الله.
 
  وأوضح حمد بن عبدالله القاضي عضو مجلس الشورى السابق والأديب المعروف أن القدوة نهج إسلامي، نص عليه القرآن الكريم بالاقتداء بالرسول - عليه الصلاة والسلام -. وأضاف "نحن الأولى أن نتبع تعاليم ديننا في القدوة؛ ليقتدي بنا الآخرون، ونكون قدوة حسنة".
 
ولفت القاضي إلى أن الشباب لا يؤثر عليهم مجرد خطاب النصح أو كلمات الوعظ، مشيرًا إلى أن الأثر الأكبر عليهم، وربما على غيرهم، هو أن يكون المربي قدوة لهم، سواء كان أبًا أو معلمًا أو مديرًا أو إمام مسجد.
 
  وتابع "عادة الإنسان أنه يتأثر بالفعل لا بالقول. وأسوأ شيء أن يقول الأب أو المعلم أو الإنسان الكبير بشكل عام قولاً لا ينفذه، ولا يعمل به؛ فهنا تسقط القدوة، وقد يكون لها تأثير سلبي؛ ولهذا قال الله تعالى { كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ}".
 
وأشار عضو مجلس الشورى السابق إلى أن مبادرة تعلم وتميز ببرنامج (فطن) "جاءت في وقتها، وقد تعايشت معها منذ أن بدأت، وعرفت أهدافها النبيلة التي ستتحقق مع الزمن، وبالجهد الذي يبذله الإخوة في البرنامج".
 
  واستطرد بقوله "رأيت كيف يتفاعل الشباب مع البرنامج، وأحيي البرنامج في اصطفاء بعض الأسماء الفاعلة والمؤثرة التي تشكل فعلاً قدوة صالحة ناصحة للشباب، مثل استضافة الدكتور عبدالله الربيعة. والآن يستضيفون الشيخ صالح بن حميد، وكلاهما نِعْم القدوة عندما يتحدثان ويوجهان. ونتمنى أن يرسخ برنامج فطن في عقول الشباب أن الإسلام هو دين السلام والمحبة والاعتدال".
 
من جانبه، أكد الدكتور سعيد الأفندي المشرف العام على كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز للقيم الأخلاقية أن من أعظم ما يعزز القيم الأخلاقية في قلوب الشباب وعقولهم وتفكيرهم القدوات الصالحة والحسنة.
 
  وأردف "لذلك كان في فكرنا الإسلامي وتراثنا أن الصحابة - رضي الله عنهم - والعرب عمومًا أثرت فيهم شخصية الرسول - عليه الصلاة والسلام -، سلوكه وتصرفاته وقيمه ومبادئه؛ فكان قدوة حسنة، تأثرت بها قلوب الصحابة حتى أصبحوا نماذج وقدوات صالحة؛ أفادت البشرية حتى اليوم".
 
  ولفت الأفندي إلى أن المجتمع السعودي خلال مسيرة دولته لنحو 70 عامًا أبرز قدوات صالحة في سلوكها وتصرفاتها وعملها الجاد والمثمر، وكان ينبغي على أي جهة أن تأتي وتلفت النظر إلى هؤلاء، وتقول للشباب "انظروا لهؤلاء، تستطيعون أن تصلوا لما وصلوا إليه من أعمال في حياتهم".
 
  ورأى الدكتور سعيد أن البرنامج الوقائي الوطني للطلاب والطالبات (فطن) بمبادرة تعلم وتميز وُفِّق في هذه الاستراتيجية، وقدَّم نموذجًا رائعًا للدكتور عبدالله الربيعة، بوصفه شخصية وطنية بارزة في مجالها، وأدت أعمال جليلة لبلادها.
 
وأضاف "ثم ها هو البرنامج يتصدى لشخصية كبيرة جدًّا، وتحظى بقبول ليس فقط على المستوى المحلي، بل على المستوى العربي والإسلامي والإنساني، هو معالي الشيخ الدكتور صالح بن حميد، أستاذ كرسي الأمير نايف للقيم الأخلاقية، الذي اختير أثناء فترة الأمير نايف - رحمه الله – لإنشائه كرسي القيم الأخلاقية؛ لأنه يمثل فعلاً القيم الأخلاقية المتزنة والوسطية والعاملة والجادة. وأعتقد أن اللقاء سيكون متميزًا، والضيوف لاحقًا سيكونون بالمستوى نفسه".
 
  وجزم الأفندي بأن البرنامج سيكون له تأثيرٌ كبيرٌ جدًّا على الشباب عندما يستمعون إلى قصص هؤلاء القيادات المتميزة، وكيف شقوا طريقهم، وتعلموا، وأفادوا مما وفرته الدولة من إمكانيات، ولن ينصرفوا للشائعات. وواصل الحديث بقوله: "أعتقد أننا في أمسّ الحاجة إلى تعزيز قيمة الوسطية والاعتدال في أبنائنا وأنفسنا وأسرنا ومناهجنا ومجتمعنا. والسعودية نشأت على وسطيتها واعتدالها، إلا أن كثيرًا من الأفكار وفدت إلى بلادنا من الخارج، وأثرت على بعض الشباب - هداهم الله -. وهذه القدوات نالت أعلى المناصب في بلادها، وتعلمت في أرقى الجامعات في العالم، ولم تحمل فكرًا متشددًا. فالشيخ صالح عالم إسلامي في المقام الأول، ومع ذلك خلال مسيرته لم يَمِلْ إلى التطرف أو التشدد أو الغلو، بل دعا إلى الوسطية والتسامح والاعتدال. نحن في أمسّ الحاجة لتعزيز قيمة الوسطية والاعتدال. هذا ما سيجعلنا نماذج وقدوات لغيرنا، وهذا ما أعتقد أن البرنامج سيقوم به".
 
وفي السياق ذاته، أشار الدكتور محمد السليمان، الأستاذ الجامعي في جامعة شقراء، إلى أن فكرة مبادرة تعلم وتميز ببرنامج (فطن) جميلة جدًّا، وتعزز دور القدوة لدى الشباب الذين يتأثرون بالقدوة أكثر من أي أمر آخر، ولاسيما إذا كان القدوة قريبًا من المجتمع واللغة؛ فيكون وصول الرسالة مؤكدًا، وبالشكل المطلوب ظاهريًّا وداخليًّا.
 
  واقترح السليمان أن يتمخض عن مبادرة تعلم وتميز برامج أخرى على المستويات الخاصة في المناطق عبر إدارات التعليم والمدارس، تحكي تجاربها وقدواتها؛ فتنتشر هذه الثقافة بشكل أكبر. وتابع "ينبغي أن يكون هناك تزامن بين المستويات، واستغلال التأثير بالشكل المطلوب والمتكامل؛ لتخدم الرسالة جميع المستفيدين، بدءًا من الفئات العمرية المقصودة".
 
  كما شدد الأستاذ في جامعة شقراء على أهمية وجود العنصر النسائي الذي له دور كبير جدًّا في الموضوع، على حد قوله. وأردف "يجب أن يكون ذلك متزامنًا مع العنصر الرجالي؛ فتحقق هذه الأهداف نتائج متراكمة زمنيًّا، ويجب التركيز على مستوى الإعلام المحلي عبر إدارات التعليم والمدارس؛ فيكون هناك تركيز على العنصر الإعلامي المباشر، والترويج لذلك داخل المدرسة من خلال المعلمين وإدارة المدرسة، والتنويه في الحصص الدراسية، ويتلقى المعلمون التغذية الراجعة من الطلاب والطالبات؛ فتتكون هذه التغذية الراجعة، وتحسّن من الأداء، ويُستفاد من الملاحظات التي قد ترد من الطلاب بمختلف مستوياتهم".
 
  ووفقًا للدكتور محمد فإن تجميع مثل هذه المعلومات يضمن التقدم للأمام بثقة وأكثر تأثيرًا. مبديًا تفاؤله بنجاح البرنامج على المستوى العام، خاصة إذا روعي فيه جميع المعايير العلمية، وتوافق مع عناصر البحث والدراسة التي تعطينا نتائج علمية وموثوقة، يمكن الاعتماد عليها.
 
  وفي معرض تعليقه على استضافة الشيخ الدكتور صالح بن حميد في البرنامج قال الدكتور محمد السليمان إن الشيخ ابن حميد يُعتبر قدوة للكثير من الصغار والكبار، وهو امتداد لما كان عليه والده - رحمه الله -. وتابع: "لقد تبحر في العلم، وتوسع.. والاستفادة منه في المجال الشرعي وعمق البحث فيها الكثير من الأمور الشرعية والعامة.. وخطب الجمعة في المسجد الحرام دروس مستمرة، يجب الاعتناء بها من أهل العلم، ونقلها لطلبتهم في جلساتهم وحلقاتهم".