في الإسكندرية.. "البطاطا" تنقذ شبابا من البطالة (فيديو وصور)
عربة صغيرة لا تتعدى طولها المتر ونصف تقدم منتجاتها للمواطنين في جميع أنحاء الإسكندرية، من يأكل عليها مرة، يكرر ذلك عدة مرات، مجموعة من الشباب السكندريين لا تتجاوز أعمارهم الـ24 عامًا، يدرسون فى كليات الطب والهندسة ونظم المعلومات بالإسكندرية، هم من يديرونها، بعدما قرروا ألا يقفوا في طابور البطالة الطويل بعد التخرج، والبدء في مشروع صغير بطريقة مختلفة.
عربة "بطاطا" بدأ بها الشباب مشروعهم بابتكار طرق جديدة أضيفت إلى لذة البطاطا، وجعلتها أكثر مذاقًا عن الطعم المعروف عنها، عن طريق إضافة بعض المكونات للبطاطا، ما يكسبها مذاقًا مميزًا مثل الشيكولاتة والسكر والمكسرات من السوداني وجوز الهند.
"Alex bike food" هي اسم عربة البطاطا التي بدأ الشباب تفعيلها في جميع شوارع الإسكندرية، من أجل تعريف المواطنين بأنفسهم وتشجيع الشباب على التفكير خارج الصندوق وعدم انتظار الوظائف الحكومية حتى لا يرون أنفسهم قد فات بهم قطار العمر دون أي شيء.
زياد حمدي، طالب في الفرقة النهائية بكلية الهندسة بالأكاديمية العربية تحدث لـ"الفجر"، قائلًا: "إحنا مجموعة من الشباب عاوز يغير مستقبله بنفسه ونقدر إننا نوصل من غير ما نستنى الفرصه تجيلنا لحد عندنا، كلنا في كليات قمة فكرنا بدل قعدتنا على القهوة أننا نعمل مشروع بسيط ميكونش محتاج إمكانيات عالية في البداية عشان نعرف نبتدي".
الشاب العشريني، أكد أن الفكرة ليست مبتكرة، بقوله: "الفكرة موجودة في القاهرة وقولنا مفيش مشكلة لو عملنا نفس الفكرة هنا في إسكندرية، وبسرعة بدأنا فعلًا تنفيذ المشروع وجهزنا وعملنا تصميم صغير لعربة بطاطا مودرن، ولكوننا شباب في كليات طب وهندسة ونظم معلومات قررنا نعمل عربية بطاطا بشكل مبتكر وعصري ونقف نشتغل عليها فى كل مناطق الإسكندرية".
"زياد" أشار إلى أنهم قدموا مشروعهم بطريقة مبتكرة عن طريق إضافة بعض المكسرات مثل "الفواكة والسوداني والشيكولاته"، مما أضافت لذة مختلفة عن الطريقة التي اعتاد عليها المواطنون، والناس تقبلت الفكرة بشكل كبير، وفقًا لـ"زياد"، ولم تتوقف الدعاية على ذلك، بل بدأ الشباب بعمل صفحات على مواقع "سوشيال ميديا" لتعريف الناس بالفكرة ومواعيد وأماكن المشروع، حيث إنهم كل أسبوع في مكان مختلف بالإسكندرية.
لم تتوقف ابتكارات الدعاية والمشروع على ذلك، بل قدموا أكلات وحلويات بطعم ونكهات جديدة، بحسب محمد نصر، طالب بكلية الهندسة في جامعة فاروس، الذي قال "فيه ناس مبتاكلش البطاطا وقدرنا أننا نحول هذا المنتج إلى طريقة مختلفة وجديدة بإضافة مكسرات أو فواكه أو شيكولاته عليها، لتضيف لها مذاق مختلف عن الطعم المعتاد للبطاطا، حتى ابتدى المواطنون يتوافدون علينا والعديد من السيارات تتوقف أمامنا لشراء طبق البطاطا".
ابن الثالثة والعشرين عامًا أكد أن القنصلية الفرنسية بالإسكندرية استضافتهم بناءً على دعوة من سكرتيرة القنصل الفرنسي، بعدما تقابلت معهم صدفة في داخل المركز الثقافي الفرنسي للإبداع بشارع النبي دانيال، وطالبتهم بالحضور إلى القنصلية، وهو ما حدث، لتلقى الفكرة ترحيب جميع من حضروا، خصوصًا أن هذه العربات منتشرة في شوارع أوروبا.
محمد عبدالوهاب، الطالب بكلية نظم ومعلومات، أوضح أنه "قبل الوقوف في مكان معين نضطر إلى اللجوء إلى مالك أي من المحلات لطلب الاستئذان منه بالوقوف، منعًا للمضايقات التي من الممكن أن تحصل، وهو ما يتم تقبله بشكل جيد، ويقومون بتشجيعنا عن طريق مخاطبة الزبائن التابعين لهم عن فكرتنا ومشروعنا، وحينما نسمع عن أي من حملات الإزالة قادمة، يقف مالك المحل في صفنا، ولكن تجنبًا لأى مضايقات من الممكن أن تحدث، نذهب للوقوف بعيدًا في مكان غير مرئي حتى لا يحدث أي نوع من الاحتكاك بنا".
الشاب العشريني يؤكد أن المواطنين هم الداعم الأكبر لهم، خصوصًا أنهم يحمسوهم بكلمات مثل "أحسن يا شباب شدوا حيلكم، إنتم أفضل من ناس كتير على القهاوى، الفكرة كويسة استمروا فيها متيأسوش، المنتج طعمه حلو أووي"، مشددًا على أن تشجيع المواطنين زاد من إصرارهم على الاستمرار في المستقبل وتطوير فكرتهم عن طريق إضافة بعض المنتجات الأخرى بجانب البطاطا.
هدف الشباب من المشروع بحسب "عبدالوهاب"، هو الاستقرار في محل كبير بعد إتمام الدراسة، موجهًا رسالته لمن أحبطه اليأس، وأصبح ينظر إلى الحياة بشكل بائس، بقوله: "المجتمع مليء بأشياء جديدة يجب أن نستغلها ونعمل عليها حتى تكبر أمامنا ويكبر معها أحلامنا".