مفاجأة | المعتقد الدينى والخوف من المصريين .. سر مصطلح "عمود السحاب"

عربي ودولي


عرفت عملية عامود السحاب العسكرية، والتى يقوم بها الجيش الإسرائيلى، ضد الفلسطينيين بقطاع غزة، بأنها سلسلة من الغارات تشنها قوات الاحتلال على غزة بدءا من 14 نوفمبر، وأسفرت عن استشهاد عدد من الفلسطينيين، أبرزهم القائد الفعلي لكتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة حماس، أحمد الجعبري، ولا تزال مستمرة حتى الآن.

اليهود يرون أن عامود السحاب رمز لمعجزة الله في الكتاب المقدس، أثناء حمايته وسيره وسط شعبه وقيادته لهم في كل رحلاتهم، وبالنص في الكتاب المقدس: كان الرب يسير أمام الشعب نهارًا في عامود سحاب ليهديهم في الطريق، وليلًا في عامود نار ليضيئ لهم، لكي يسهل عليهم السير نهارًا وليلًا, ولم يفارق عامود السحاب نهارًا وعامود النار ليلا هذا الشعب طيلة مسيرته .

وذكرت شبكة سي إن إن الإخبارية أنه تمت الإشارة إلي عامود السحاب في عدة مواقع من التوراة، وخاصة تلك التي تتعلق بإظهار الله قدرته أمام اليهود أو لمساعدتهم في سفر الخروج ، أو عند مخاطبة النبي موسى، غير أن إسرائيل اختارت أن تستخدم هذه التسمية في الإعلام المحلي، بما في ذلك الموقع العربي للإذاعة الإسرائيلية، بينما استخدمت تسمية عمود الدفاع بالإنجليزية.

عمود السحاب يتعلق عند اليهود بـ سلوك طريق البحر الأحمر للفرار من مصر، حيث يظهر عمود السحاب ليدل اليهود على الطريق التي يجب عليهم سلوكها، كما يظهر لهم في الليل على شكل عامود من نار، وكان الرّبُّ يسيرُ أمامَهُم نهاراً في عَمودٍ مِنْ سَحابٍ ليَهديَهُم في الطَّريقِ، وليلاً في عَمودٍ مِنْ نارٍ ليُضيءَ لهم.. فواصلوا السَّيرَ نهارًا وليلا.

وخلال المواجهة مع جيش فرعون مصر، ظهر العامود من جديد في السفر نفسه، إذ جاء فيه: فانتقل ملاكُ اللهِ مِنْ أمامِ جيشِ بَني إِسرائيل وسارَ وراءَهُم وانتقل عَمودُ السَّحابِ أيضًا ووقفَ وراءَهم، بحيث دخل بَينَ جيشِ المِصْريِّينَ وجيشِ بَني إسرائيل، فكان مِنْ جانبِ أولئكَ مُظلِمًا ومِنْ جانبِ هؤلاءِ يُنيرُ اللَّيل حتّى لا يقتربَ أحدُ الفريَقينِ مِنَ الآخرُ طول اللَّيلِ.

وأثناء السفر عينه، يذكر أنه كلما نزل اليهود في مكان أخذ موسى الخيمَة اُلمقدَّسَة ونصَبَها في خارجِ المَحلَّةِ على بُعْدٍ مِنها.. وسَمَّاها خَيمَة الإجتماعِ، فكان كلُّ مَنْ َ طَلبَ مَشورَة الرّبِّ يخرُجُ إليها .. ويرد أيضاً: وكان إذا رأى الشَّعبُ عَمودَ السَّحابِ واقفًا على بابِ الخيمةِ، يقومون ويسجُدون، كلُّ واحدٍ على بابِ خَيمتِه.. ويُكلِّمُ الرّبُّ موسى وجهًا إلى وجهٍ، كما يُكلِّمُ الإنسان صاحبَه.

إذن فسر اعتزاز الإسرائيلين بهذا المصطلح، يرجع إلى رواية الكتاب المقدس عندما طارد فرعون وجيشه شعب بني إسرائيل أمام البحر الأحمر، كان عامود السحاب هو السبب الرئيسي في حماية بني إسرائيل من جنود فرعون مصر، بأنه جعل الدنيا ظلاما دامسا إمام المصريين، الأعداء، ليضلهم عن طريق بني إسرائيل طوال الليل، فكان ضياء ونورا على بني إسرائيل، و نارا على نظرائهم المصريين.

يقول الدكتور هاني مصطفى، مدرس الأدب العبري القديم بجامعة القاهرة، أن عامود السحاب كان يرمز في العهد القديم إلى الإله الذي يسير أمام الشعب نهارا ثم يتحول إلى عامود نار بالليل ليضيء لهم الطريق أثناء السير، وهو الرأي يتفق مع ما جاء بالآية القرآنية 57 من سورة البقرة في قوله تعالى وظللنا عليهم الغمام ، مشيرا إلى أن هذا الغمام هو ما يدل على عامود السحاب المذكور في الكتاب المقدس.

ويضيف مصطفى أن استخدام هذا المصطلح فى العملية الإسرائيلية على غزة، من باب التبرك برواية مقدسة، لأنهم يتصورون أن الله كما حماهم عند مطاردة فرعون لهم سيحميهم أثناء خروجهم نهارا للعدوان على غزة.

من جهته، يؤكد الدكتور أحمد هويدي، رئيس قسم اللغات الشرقية بكلية الآداب جامعة القاهرة، أن سبب تسمية إسرائيل لعمليات هجوم غزة بـ عامود السحاب لما لها من دلاله روحية ودينية عندهم.

ويشير هويدي، الى أن دلالة تلك التسمية تكمن في أن الخروج كان بقيادة الإله ومحاربة الفلسطينيين بقيادة الإله وإرشاده وأمره، والحرب بهذا الاسم طاعة لأمر الإله الذي يسمي لديهم برب الجلود.