بالتفاصيل.. نكشف مأساة تهجير 24 قبطيًا بالمنيا ونقلهم للسكن في "جراج" .. (صور)
أحد المُهجرين: الأمن لم يساعدنا.. وآخر: نعيش حياة غير آدمية داخل "جراج"
باحث: المتشددون يعاقبون الأقباط على مساندتهم لـ"السيسي"
التحالف الشعبي: توجد حملة ممنهجة ضد الأقباط.. ومعاقبة الجناة حل رادع
شهدت قرية كوم اللوفي التابعة لمركز سمالوط بمحافظة المنيا، أحداثًا طائفية يوم 30 يونيو الماضي، بعدما قام مجموعة من الأشخاص بحرق ٤ منازل مملوكة للأقباط، وتهجير 4 أسر قبطية من القرية، بعد تداول شائعة عن اعتزام هذه الأسرة تحويل منزلهم إلى دور عبادة "كنيسة".
البداية جاءت بعد أن شرع أشرف خلف، فى البناء على قطعة أرض مملوكة لهما بالقرية، فثارت شائعة بين أهالي القرية عن أنه يبني كنيسة.
ممنوع دخول وسائل الإعلام إلى القرية أو حتى أي شخص غريب، هكذا تم تحذرينا في البداية، وذلك خوفاً من معرفة حقيقة وضع الأقباط هناك، يوجد حالة من التعتيم والتجاهل، لذلك أجرينا الحوار تليفونيا مع "إبراهيم ويونان" الأشقاء الإثنين من الأربعة المُهجرين.
يقول إبراهيم خلف من أحد العائلات التي أحرق منازلهم :"نحن 4 عائلات مكونة من 23 فرداً بهم 14 طفلاً، وجدنا عشرات الأشخاص يحملون زجاجات بها بنزين ومسدسات خرطوش، وكان معهم شيخ البلد فقال لهم "خلصوا يلا" ومن هنا بدأ الهجوم من كل مكان، فأحرقوا الخشب وقذفوا به على كل الثلاث منازل.
ويضيف إبراهيم في تصريحات لـ"الفجر" : كانوا عايزين يرموا الأطفال في النار، ويغتصبوا النساء، الأمر كان فظيعاً، تمكنا من الهرب بعد أن هجموا يوم 30 يونيو الماضي، إلى خالي وهو يبعد شارع عن المنزل".
كما يقول :"الأمن لم يستطيع أن يساعدنا، فالأهالي حرقوا سيارات الشرطة واعتدوا على المأمور ومنعوا دخول سيارة المطافي إلى القرية، فلم نجد بديل إلا الهرب من القرية".
وأشار إبراهيم خلف إلى أنه وقع على إقرار بأن البناء لغرض السكن، وليس لأداء الشعائر الدينية، ووزعه على أهالي القرية، لكن هذا الإقرار لم يمنع بعض مسلمى القرية من التجمهر، والاعتداء على منازلهم، مما أسفر عن حرق ٤ منازل.
أما يونان شفيق إبراهيم يقول : "بعد خروج المتهمين جاءت لنا تهديدات بالقتل يومياً، ونحن بدون منزل بدون مال بدون أي شيء، حتى تنصالح مع المتهمين، كنا نخشى أن يحدث مكروه لأي طفل أو امرأة، فانتظرنا حتى مساء 7 أغسطس، وأخذنا حصيرتان وأربع بطاطين واستقدمنا سيارة ربع نقل، ركبنا بها جميعاً لنذهب إلى الكاتدرائية بالعباسية، في القاهرة، لطلب العون والمدد، وبتنا ليلة واحدة على سلم الكاتدرائية حتى صباح يوم 9 أغسطس، أُمرنا بالرجوع إلى المنيا".
"كنا مقررين نعمل وقفة احتجاجية أمام قصر الاتحادية، لكن جاءت لنا تعليمات بعدم الشروع في ذلك الأمر، لما تمر به البلاد من حالة مضطربة، وجاءت لنا وعود من قيادادت أمنية ومن البرلمان بحل المشكلة وبرجوع حقنا"- بحسب يونان.
شيخ البلد يهددهم :هنهد البيوت وهنبني جامع
واتهم يونان، شخص يدعى عبدالواحد حسن طه، شيخ البلد، مرشح للعمودية، إنه سبب الاعتداء عليهم برفقة 150 شخصاً تقريباً أمام منزلهم، وهو يقول : "سواء كان بيت أو كنيسة هنده وهنبنى مكانه جامع"، ويسفر يونان ذلك بأن عدد أفراد القرية 12 ألف شخص من ضمنهم 1700 قبطي، ويريد "حسن" كسب أغلبية المسلمين في القرية على حساب الأقباط.
أما بخصوص جلسة الصلح العرفية فيقول : "وجه لنا بيومي محمد وجاد نصفي، وأكثر من 35 شخصاً التهديد بالقتل لي وأشقائي الثلاثة، وقيل لنا نصاً: "عندكم بنات، والحكومة مش هتحميكم، ونهايتكم خزنة رصاص".
ويؤكد يونان في تصريحات لـ"الفجر": "لا يوجد مسؤول في البلد جاء ينظر أين يعيش 24 فرداً في جراج بدون حمام صحي، أنا حاسس إننا مش في دولة".
بعد هذه الأحداث وفرت لهم الشرطة جراج صغير مساحته 4 في 5 متر يجلس به حالياً 4 عائلات مكونة من 23 فرد بهم 14 طفل، جميعم يعيشوا في مكان غير آدامي، لا يوجد به حمام لقضاء الحاجة، الجميع يجلس وسط تهديدات من أهالي القرية المسلمين للتنازل عن البلاغات المقدمة.
باحث في الشأن القبطي: يتم معاقبة الأقباط لمساندتهم "السيسي"
يعلق على ذلك الباحث في الشأن القبطي والمتحدث الإعلامي لمبادرة مصريون ضد التمييز الديني، نادر شكري، فيقول :"حدثت لعائلات المنيا جلسة استماع في البرلمان وتم إقرار رجوعهم إلى القرية، ويتم إعمار منازلهم حاليا، لاحتواء الأمر".
ويشير إلى أن مصر بعد فترة الإخوان كان بها حالة من عدم الاستقرار الأمني بعد 30 يونيو 2013 كانت الأشد عنفاً عليهم، فحدث فرض لمبالغ مالية على أي قبطي وحبس للأقباط في المنيا.
"يوجد تيار حالياً يسعى لعقاب الأقباط بسبب مساندتهم للرئيس عبدالفتاح السيسي في الاستحقاقات الماضية بداية من الدستور حتى الرئاسة والانتخابات البرلمانية، لكن الاشكالية في تجاهل الجهات الأمنية بهذه الاعتداءات وفي بعض الحالات تتواطىء مع المعتدي"- بحسب الباحث القبطي.
ويتابع :" يجب أن يكون هناك محاسبة للمقصرين، وكل من يتغاضى عن محاسبة أي متطرف أو من يشعل الفتنة الطائفية".
شكري: المتشددون أقوى من الدولة
كما يقول :"أما جملة الرجوع للجهات المعنية، فهي تؤكد التعامل الأمني وفكرة الدواعي الأمنية غير المفهومة، فيوجد أكثر من كنيسة داخل مصر حصلت على موافقة أمنية وجمهورية حصلت على تصاريح رسمية بالفتح منذ عقود، لكن المتشددين يرفضوا فالسؤال الذي يطرح نفسه بعد ذلك، هل المتشددون أقوى من الدولة والقانون".
ولفت إلى أن للخطاب الديني جانب في زيادة الاحتقان بين الجانبين الأمام مسجد كوم الوفي خرج في خطبة وقال :"لا يجوز من بناء كنيسة في بلاد المسلمين"، فهذه الجمل والكلمات تزيد من حالة التعصب الطائفي والاضطهاد تجاه الاقباط.
عضو التحالف الشعبي: إعادة بناء منازل أقباط المنيا ليس تعويض
وعلى الجانب الآخر، أشار مدحت شكري، عضو حزب التحالف الشعبي، إلى أن هناك حملات ممنهجة ضد الاقباط حاليًا، وليست هذه هي الحالة الوحيدة، فهناك قرية الكرم وتم تعرية سيدة قبطية بها وحرق منزلها، وفرار ابنها بعد انتشار شائعة عن علاقة عاطفية بينه وبين سيدة مسلمة".
"لا يوجد مجتمعات بدون مشاكل، لكن الفيصل هنا هو تطبيق القانون، فالجلسات العرفية لا تصلح في القرن الـ21، وهي دائما تبخث حق الفئة الأقلية والضعيفة" بحسب شكري.
واعتبر شكري أن بناء المنازل المحترقة لعائلة "خلف" ليس تعويض كافٍ، فتعويضهم يكون بمحاسبة المعتدين عليهم، ومن قام بالتحريض على العنف هنا، حتى نعلى بقيم المواطنة.
كما يقول :" إذا استمر تعويض الأهالي المتضررة مالياً ستتكرر هذه الواقعة مستقبلاً، أما إذا تم معاقبة الجاني سيكون ذلك ردع لكل متطرف".