"رمضان خليفة".. مأساة جديدة تضاف إلى سجل "المنسيين" في الدولة.. (فيديو وصور)
مأساة جديدة تضاف لسجل الدولة، ليحتفظ بها التاريخ، دون أن يلتفت إليها غيره، وعلى الرغم من تسليط الأضواء على الأماكن العشوائية بمصر، وخاصة منطقة الدويقة، إلا أن أغلب مشاكل المواطنين بها لم ينظر إليها أحد، إلا ليشاهد ما التقطته عدسات الصحفيون، حتى ينساها فور غلق الشاشة التي أمامه، وتتناسى أوجاع من فيها، حتى يموتون دون أن نشعر أو يشعرون.
جسد "رمضان خليفة" في مشهد حياته البسيطة، الذي يتمثل في مواطن بسيط في العقد الثالث من عمره، متزوج ولديه ثلاثة أولاد، يعاني كملايين من المصريين، من أمراض الدرن والالتهاب الكبدي، وقبل ذلك يعاني من الفقر والجوع، وحتى تكتمل مأساة المشهد، لديه شقيقة طريحة الفراش والمرض، داخل مدافن الحكومة "المستشفيات الحكومية"، ووالدته مريضة نفسيًا، وتقطن رصيف أحد الشوارع بميدان الدقي.
يعمل رمضان خليفة ماسح أحذية لأكثر من 13 عامًا، حاول صغيرًا أن يعمل ميكانيكي، ويكتسب حرفة، كغيره ممن لم يحالفهم الحظ في التعليم أو الوظيفة، إلا أن تدهور حالته الصحية، حالت دون أن يكون له حرفة يكتسب منها لقمة العيش.
وفي ذات يوم، خرج رمضان وزوجته لزيارة شقيقة الثانية، التي عادت لمحافظة الفيوم مسقط رأسها، للاطمئنان عليه، وسرعان ما عادت لمنزلها، 25 شارع الجامع بمنشأة ناصر، الذي تلاشي ولم يعد موجودًا من الأساس، ولم تجد ما تبقى منه إلا بعض الصخور والرمال، وكست سقفه الذي أصبح أرضًا، فجائت المحافظة وهدمت منزلها البسيط عام 2012، دون تنبيه أو سابق إنذار، بعد سقوط صخرة الدويقة على بعض المنازل الأخرى، فهامت على وجهها تصرخ بحثًا عن منزلها البسيط، الذي كتبت نهايته دون أن تعلم، وكتب معها نهاية سعادتها البسيطة.
وقامت المحافظة بتسكين المتضررين في مساكن النهضة، ليست أكثر آدمية من لحظة هدم منازلهم دون سابق إنذار، لأكثر من أربعة سنوات، ينامون تحت سقف، دون شباك يحميهم من برد الشتاء، أو باب يسترهم ويستر عورات منزلهم، ولم يلبثوا كثيرًا حتى كشرت الظروف عن أنيابها مرة أخرى، وانقض عليهم البلطجية، على مرأى ومسمع من الدولة، التي لم تجرؤ أن تقترب منهم، وتركتهم يغتصبون مساكن الفقراء في النهضة، وسميت بـ "المساكن المحتلة".
وتوجه رمضان لمحافظة القاهرة، مستخدمًا فكره البسيط والفقير، الذي يعتقد أن الحكومة هي الحل لكل شيء، وكانت عصا الأمن الغليظة، هي ردًا كافيًا ووافيًا عليه، وقام حرس المحافظ السابق جلال السعيد، بالتعدي عليه وطرحه أرضًا، واقتياده لقسم عابدين، وتحرير محضرًا ضده بتهمة التعدي على المحافظ، وحكمت المحكمة فيها بالحبس شهرين، استئنف عليهم بالبراءة.
كل هذا وذاك قد لا يكون شيئًا أمام نظرة يأس وحزن من أب مكلوم، وأم تفيض عيناها من الدمع وأحيانًا الدم، حزنًا على حياة بسيطة لم تحلم بأكثر منها، رمضان خليفة جزء بسيط من دوامة فساد وإهمال الحكومات