خبير أثري: العرب أبرياء من قتل رهبان سيناء فى القرن الرابع الميلادي

محافظات

بوابة الفجر


قال الخبير الأثري الدكتور عبد الرحيم ريحان، أن نعوم بك شقير أبدع في كتابه عن تاريخ سيناء فى وصفه للحياة البرية فى سيناء وأوديتها وجبالها ولكن معظم ما كتبه عن آثار سيناء اعتمد على روايات فقط دون التأكد من صحتها لذا فمعظمها يحتاج للتحقيق أثريًا.

 

 

وأوضح ريحان، في تصريح لــ "الفجر" اليوم، أن من ضمن الروايات الذى ذكرها نعوم شقير وكلها مغالطات تاريخية أن الراهب أمونيوس وهو راهب مصـرى من كانوبيس زار سيناء عام 373م وروى بأسلوب قصصى أنه أثناء زيارته، غزا العرب رهبان طور سيناء (يقصد منطقة سانت كاترين حاليًا) فقتلوا أربعين راهبًا منهم وغزا البجاة (وهى قبائل من أفريقيا) رهبان راية بمدينة الطور فقتلوا منهم أربعين راهبًا ونقل عنه مؤرخى الغرب وأضافوا أن أمونيوس توجه بعد ذلك إلى ممفيس فى مصر، حيث سجل قصة قتل الرهبان باللغة القبطية ثم ترجمت لليونانية بواسطة الراهب إوانيس وحدث ذلك يوم 28 ديسمبر فى نهاية القرن الرابع الميلادى وعلى القارئ أن يبحث عن العام الذى يحلو له خلال هذا القرن.

 

 

وأكد ريحان أن هذه الرواية لا صحة لها تمامًا حيث أن المترجم اليونانى ذكر أن الحادثة كانت فى عهد دقلديانوس (248م – 305م) وأن رهبان طور سيناء لما هاجمهم العرب لجأوا إلى برج قرب مكان العليقة وهذه مغالطة تاريخية لأن الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين بنت برج قرب مكان العليقة ما بين 323 – 337م وبالتالى فلم يكن هناك برج يلجأ إليه الرهبان فى ذلك الوقت.

 

والنقطة الثانية أن أمونيوس يذكر أنه ذهب للتقديس إلى القدس ثم انتقل منها مع جماعة من المقدّسين إلى طور سيناء والثابت أن طريق الرحلة المقدسة للمسيحيين إلى القدس عبر سيناء لم يؤمّن إلا فى عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير (323 – 337م) ولم يكن للمسيحيين أى زيارات للتقديس عبر سيناء إلا بعد زيارة الإمبراطورة هيلانة للقدس حيث بنت فيها كنيسة القيامة 336م وأمرت ببناء برجين وكنيسة العليقة بطور سيناء.

 

 

كما ذكر أمونيوس أن رئيس مجموعة الرهبان أثناء الحادثة كان القديس ذولاس والمعروف أن ذولاس هو أول رئيس لرهبان طور سيناء من عام 373م كما ذكر المؤرخين أما الحادثة كما ذكرها المترجم اليونانى وقعت ما بين 248 – 313م كما ذكرت الرواية أسماء أماكن مجهولة قتل فيها الرهبان مثل تتراقن وقيدار وهى أماكن لا ذكر لها فى أى مصدر كما أن نعوم شقير نفسه يضع عليها علامات استفهام، كما يتحدث عن معجزة أنقذته هو والذين معه فقط رغم وجوده فى الحادثة وقتل باقى الرهبان والسؤال هل المعجزة حدثت فقط لتنقذه هو ومن معه ليروى لنا هذه الرواية؟ ولماذا لم تنقذ المعجزة بقية الرهبان؟.

 

كما ذكر أمونيوس فى روايته قتل رهبان آخرين بموقع راية الذى يشرف على خليج السويس وأؤكد أن أعمال الحفائر التى قامت بها بعثة آثار مصرية يابانية بهذا الموقع كشفت عن حصن إسلامى وتحف فنية إسلامية ولم يكشف عن أى أديرة أو قلاع تدل على وجود حياة رهبانية بهذا الموقع وهذا طبيعى لأن الرهبان يفضلون العزلة والأماكن الداخلية خصوصًا فى هذا الوقت والذى كان الاضطهاد الرومانى على أشده وقد قمت بتحقيق الموقع الحقيقى لمدينة رايثو المسيحية أثريًا وهى المدينة المكتشف بها دير الوادى بقرية الوادى الذى يعود للقرن السادس الميلادى وقلايا من القرن الرابع الميلادى بوادى الأعوج وهى تبعد عن خليج السويس تمامًا أما راية الحالية التى تشرف على خليج السويس فقد أطلق عليها هذا الاسم لوجود مقام الشيخ راية.

 

إذًا فلا يوجد دير محصّن بموقع راية المذكورة فى الرواية والمشرفة على خليج السويس يلجأ إليه الرهبان مما يدحض رواية قتل الرهبان من الأصل

 

وأشار ريحان إلى أن نعوم شقير نفسه قد حاول الخروج من المغالطات التاريخية فى الرواية فقام بتغيير تاريخ رحلة تقديس أمونيوس عبر سيناء ورجّح أن تكون ما بين 373- 380م مع أن تاريخ الحادثة فى الترجمة 248- 313 م ونقل عنه مؤرخى الغرب هذا التأريخ دون التحقق من صحته أمثال مينارديس الذى ذكر أن رحلة تقديس أمونيوس لسيناء كانت عام 373، وبنيت على ذلك كل كتابات مؤرخى الغرب التى تسئ لمجتمع سيناء فى ذلك الوقت والتى أكدت حوادث التاريخ التعايش الآمن بين كل الأطياف التى سكنت سيناء منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى الآن وصنعت أعظم ملحمة حضارية فى التاريخ