د. علي اسماعيل يكتب: الدولة والاستهلاك

ركن القراء

د. علي اسماعيل
د. علي اسماعيل


في هذا المقال سوف اتناول قضية جديدة من قضايا الوطن تؤثر بالسلب علي اقتصادة ونموه بالشكل الذي يعيق معه التنمية والموضوع الجديد هو قضية الاستهلاك وسوف أتناول هذه القضية ليس بالمفهوم الذي يدرس لطلبة كليات التجارة والاقتصاد والعلوم السياسية أو الزراعة ولكني سوف أتناول هذا من خلال العلاقه بين الأفراد وهم المواطنيين والدولة.

فالاستهلاك المفرط الغير مقنن ينعكس بشكل مباشر علي السلع ومدي توفرها وبالتالي أسعارها بالأسواق وهناك فرق بين السلع الاستراتيجية التي توفرها الدولة المصرية وحالة عدم الرضا أو القناعة لدي المواطنين تجاه الدولة في تحمل المسؤولية الاجتماعية نحو السكان رغم ما تقوم به من تقديم دعم لها من موازنتها سنويا ويسبب عجز في الموازنة.

وهنا السكان تعني مواطنين من الرعايا وضيوف ووافدين مقيمون يتعاملون مع هذه السلع والطلب عليها بنفس معاملة المصريين ولنتناول سلعة من السلع والخدمات التي تقدمها الدولة المصرية ومنها الوقود والكهرباء.

فالأسعار التي يباع بها الوقود في مصر تعتبر أسعار مدعمة وتتحمل الخزانة العامة أعباء ذلك لانها تباع لكل المقيمين داخل مصر بسعر واحد وان عدد المقيمين في مصر من الأشقاء العرب اللذين نزحوا لها بعد الخريف العربي ودول الجوار تقدر بالملاين ورعاية أجانب وعمالة أجنبية وافدة كلهم يتمتعوا بدعم الدولة المصرية لهم ولو فرضنا انهم يبلغون خمسه ملاين يعيشون بين اخوانهم من المصريين.

هل تعلم كم منهم يمتلك سيارة ؟؟؟ لا يقل عددهم عن مليون أجنبي يعيشون علي أرض مصر يستهلكون بنزين وكهرباء ويتمتعون بخدمات متساوية مع المصرين ولابد للدوله أن تراجع ذلك وتفصل بين الإقامة الدائمة والسياحة، فالسياحة لها معاملة تختلف بشكل كامل عن المقيمين من الأجانب علي أرض الوطن لأنهم يتمتعون بجزء كبير من دعم الدولة بصورة مباشرة أو غير مباشره من الضغط الاستهلاكي الذي تتحمله الدولة لتوفيرالعملة الصعبة لاستيراد معظم السلع الغذائية المطلوبة لتلبي احتياجاتهم .فهذا يشكل ضغط علي الطلب بالأسواق المحلية والعملة الصعبة المطلوبة لاستيراد هذه السلع المختلفة وكذلك أن معظم المقيمون منهم تتوفر لديهم القدرة الشرائية العالية التي تسمح برفع الأسعار للسلع داخل السوق المحلي وتمثل تنافسية شديدة للمواطنين محدودي الدخول لذا يتطلب الوضع إعادة تقيم رسوم إقامة الأجانب في مصر وأن تسدد بالعملة الصعبة وليس بالجنية المصري حتي يمكن أن توفر دخل مناسب من العملة الصعبة للخزانة العامة أو إعادة تقيم سعر السلع للمقيمين الاجانب مثل أسعار الكهرباء والبنزين والسولار وغيرها لهم وقد يري البعض أن الكرم المصري لابد وأن يسود الموقف ولكن الظروف الاقتصادية الطاحنة التي تمر بها الدولة المصرية لابد أن تعاود النظر في هذه المرحلة الحرجة في كل هذه الأمور.
                    .
ننتقل الي الدولة والحكومة الي تسهم بشكل مباشر علي ذيادة الاستهلاك من خلال تصرفات غير مدروسة أو غير مفهومة من مستخدميها من تصرفات تساعد في ذياده الاستهلاك من الوقود فالطرق الغير ممهدة تسبب زيادة الاستهلاك من الوقود وقطع الغيار بالإضافة إلي مشكلة الفتحات علي الطرق للرجوع أو سد الفتحات المرورية رغم وجودها يساعد علي استهلاك اعلي من الوقود.

فليس من المعقول أن تجد اول فتحة للرجوع بعد أربعة أو خمسة  كيلومترات داخل طرق بالمدن كالقاهرة او الجيزه رغم توفر الطرق الحديثة والعلمية التي تنظم هندسة الفتحات المرورية دون أن ثؤثر علي الحركة المرورية بالشوارع الرئيسية فإذا تأملنا أن أحد الفتحات علي طريق النصر اول فاتحة بعد 4.5 كيلو من صن سيتي أمام المطار حتي الكوبري بما يعني أنك تسير حوالي 9 كيلو مترات  للدخول للمطار من هذا الطريق دون فتحة أليس كل لتربنزين يدعم ب4 جنيهات تتحملها الخزانة العامة والقياس علي ذلك متعدد وكثير ولكن لا ننكر الدور الرائع للاشارات الالكترونية للمرور التي حلت أزمات المرور وتعطلها بسبب التدخل البشري الذي يربك المرور الذي نجحت فية وزارة الداخلية وكاميرات المراقبة التي انتشرت وسهلت الحركة وعملت انضباط مروري بالشارع المصري لان اطالت الاشارات وتعطلها يسبب استهلاك اعلي للوقود وزيادة معدلات التلوث للشارع والبيئة وذيادة تكلفة تحسين الهواء وجودته بالاضافة الي سرعة الانجاز للمواطنين في وصولهم الي مصالحهم.
                   .                                                   
ولنأتي إلي قضية اخري مثل القمح والخبز والاستهلاك المفرط منه ومشاركة الحيوان للإنسان في غذاءه فالمواطن في أوروبا يستهلك 85 كيلوجرام من القمح في العام بينما استهلاك القمح في مصر تعدي 200 كيلوجرام في العام وهذا يرجع الي التوعية والثقافة العامة للمجتمع مع الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يعيشها المواطنين. ففساد المنظومة الخاصه بالقمح بدءا من الحصاد وحتي تصنيعه تسبب هدر يصل إلي20  بالمائة من إجمالي الاستهلاك الكلي للمحصول المحلي والحصة المستوردة الي زادت في السنوات الأخيرة نتيجة سوء إدارة المنظومة والصناعة الرديئة لرغيف الخبز واكيد أوضحت منظومة نقاط الخبز ومن معهم بطاقات الحصول علي الخبز  حجم الاستهلاك الفعلي كم تبلغ فعليا وكم تبلغ قيمة النقاط التي تتحول الي سلع غذائية بقيمة نقدية تكلف خزانة الدولة جزء من فشل المنظومة لأن من المستحيل أن يوفر مواطنين خبز هم في حاجة فعلية له الي سلع غذائية تدفع قيمتها الخزانة العامة وتذيد الأعباء وعجز الموازنة.

لماذا لا تتحول القيمة إلي  دخل حقيقي في أجور ومرتبات المواطنين وان ينتج رغيف بسعرة الحقيقي للمواطن فسلسلة الدعم تعني خلفها سلسلة فساد ومستفيدون قليلون يتربحون علي حساب الوطن والمواطنين  بدلا من سلسلة فساد تبدأ من استلام كاذب لمحصول القمح ثم يتطلب ذلك سداد قيمته من خزانة الدولة لاستلام كمية غير حقيقية من القمح يتم تعويضها باستيراد كميات مضاعفة من المحصول من الخارج للتغطية علي حجم الاستهلاك الوهمي وتتضاعف معه الاعباء علي موازنة الدولة والعملة الصعبة ويضاف الي ذلك أعباء فرق نقاط الخبز والاهدارفي صناعته وتحويل جزء منه الي علف حيواني في صورة خبز مصنع يعاد بيعة بالكيلو للعلف من المخابز لتغذية الحيوانات، لذا نحتاج دراسة المنظومة بصورة متوازية ومتكاملة الابعاد للاستفادة من موارد الدولة وتوفير العملة الصعبة المطلوبة لاستيراد كميات اضافية تتعدي الاحتياجات الفعلية.

ننتقل الي من منظومة الكهرباء والاستهلاك المفرط لها من الحكومة للكهرباء في في انارة الشوارع واستمرار اضاءة الاعمدة في الشوارع في عز الظهر مما يتطلب احمال علي الشبكات واستخدام المنظومة الالكترونية لحساسات الضوء واستخدام اللمبات الموفرة والاعمدة القصيرة داخل شوارع المدن حتي يمكن ان تكون الاضاءة بالشكل الامثل والاقتصادي  وفي ظل تقلص موازنات الجهات الحكومية لا يتم سداد هذه الفواتير مع ان تطوير وترشيد الطاقة لابد ان يبداء من الحكومة وتطوير مصالحها وتصميمها بالشكل الذي يشجع استخدام الاضاءة الطبيعية والتهوية الجيدة لمنشاتها واستخدام نظم الترشيد في الاضاءة واجهزة التكييف التي زاد معدل استخدامها داخل المنظومة الحكومية والتي تبدأ تشغيلها من بدء الدوام الحكومي حي مغادرة الموظفين للعمل دون مراعاة للمصلحة العامة ويتطلب ذلك ترشيد الاستهلاك لدي المواطنين واحساسهم بالمسئولية كاملة تجاة وطنهم وظروفه الاقتصادية الحرجة نتيجة الاستهلاك المفرط وسرقة التيار الذي لا يتم تحصيل قيمته ويظهر عجز في الايرادات لشركات الكهرباء ويتم تحميل البعض به في عدم قراءة حقيقية لعدادات الانارة لنقل المواطن من شريحة لاخري تزيد معها الاحتقان الاجتماعي للمواطنين.

مع العلم أن الحساب الحقيقي للاستهلاك الشهري للمواطن يساعدة علي ترشيد استهلاكة وتحديد فاتورتة الحقيقية فلا يعقل ان تاتي فاتورة لمواطن ب 240 جنيها في شهر اغسطس وباقي ثلاث الاف كيلو وات في العداد فلا يتم حسابهم خلال شهر يونية ويوليو ويفاجيء المواطن بها في سبتمر بطلب 3000 جنية قيمة استهلاكه اعتقد نحتاج الي ان تقوم وزارة الكهرباء بعمل حساب علي الانترنت لموقع كل شركة توزيع يقوم كل مواطن  بنفسة بان يبلغ فية عن استهلاكه الشهري نهاية كل شهر او يرسل الي الشركة sms بقراءته الشهرية لعداده وتقوم الشركة بمراجعة القراءات من خلال الرقابة والمرور للمحصلين والكشافين وهذا سوف يساعد في اتخاذ قرار الاسرة في ترشيد الاستهلاك بدلا من القراءة العشوائية واثارة البلبلة اثناء سداد الفواتير.

لابد من العلاقة الايجابية بين الدولة والمواطنيين في فهم وتوضيح قضايا تهم الجميع وان تظهر القدوة من الدولة لمواطنيها في قضايا الاستهلاك وذيادة الانتاج بالشكل الذي يحقق الوفرة للمنتجات التي يحتاجها الوطن والمواطنيين ويقلل الضغط الاستهلاكي من هذه السلع بما ينعكس علي الخزانة العامة وتقليل الانفاق العام المخصص للدعم والضغط علي العملة الصعبة المطلوبة لتلك الاحتياجات.