عادل حمودة يكتب: قانون جديد.. الجنسية مقابل الاستثمار

مقالات الرأي



■ 100 ألف أجنبى يدفعون ما بين 25 إلى 75 مليار دولار مقابل الجنسية فهل نمنحها لهم؟

■ سوريون ويمنيون وليبيون وسودانيون يمتلكون 800 مليار دولار ويسهل عليهم الحصول على الجنسية الكندية أو البريطانية أو الأمريكية لكنهم يفضلون مصر ضمانا لعائلاتهم

■ وحيد حامد يعترض ويهدد بالتنازل عن جنسيته لو أقر القانون قائلا: تموت الحرة ولا تأكل بثدييها


يعطى القانون (رقم 36 لسنة 1975) لوزير الداخلية الحق فى منح الجنسية لمن أقام فى مصر عشر سنوات متتالية.. ويعطيه الحق فى سحبها ممن حصل عليها بطريق الغش.. أو قام بعمل عدائى ضد البلاد.

وبعد ضغوط اجتماعية حادة مارستها شخصيات حقوقية وبرلمانية وسياسية وصحفية مؤثرة وافق القانون على منح الجنسية لأبناء المرأة المصرية المتزوجة من أجنبى. وفى الطريق إلى مجلس النواب تعديلات أدخلت على قانون الجنسية تسمح للمستثمر الأجنبى بالحصول عليها أسوة بدول مختلفة على خريطة العالم مثل بريطانيا وكندا والنمسا وألمانيا وقبرص والبرتغال والولايات المتحدة. وهناك من يرى أن هذه التعديلات ستساعد مصر فى الخروج من أزمتها الاقتصادية وتوفر موردا جديدا للعملات الصعبة سيسد عجزا واضحا وملحا فيها.

مالك الفكرة ودارسها والمتحمس لها المستشار الاقتصادى سامح صدقى (ابن شقيق رئيس الحكومة الأسبق الدكتور عاطف صدقى) وكنت أول من استضفته تليفزيونيا لشرحها والحديث عنها. حسب ما يقترح فإن هناك أكثر من برنامج استثمارى للحصول على الجنسية:

سداد مبلغ 250 ألف دولار مساهمة لا ترد فى صندوق «تحيا مصر» مما يؤدى إلى تحصيل 25 مليار دولار إيرادا مباشرا للخزانة العامة لو اكتفينا بمنح 100 ألف مستثمر الجنسية.

أو إيداع نصف مليون دولار (نحو خمسة ملايين جنيه) نقدا مجمدا لا يحق للمستثمر سحبه لمدة خمس سنوات على أن يحصل عليه فى نهاية هذه المدة بالعملة المحلية بدون فوائد.. وفى هذه الحالة يمكن الحصول على سيولة تصل إلى 50 مليار دولار من 100 ألف مستثمر.. مما يوفر تكلفة قروض بفوائدها تتحملها الخزانة العامة عن نفس المدة.. تصل إلى 280 مليار جنيه.. ودون الرضوخ لشروط صعبة ومؤلمة يفرضها صندوق النقد الدولى.. تهدد السواد الأعظم بمزيد من المتاعب الاقتصادية.. وتضع النظام القائم فى مآزق سياسية . أو إيداع نقدى لمبلغ 750 ألف دولار (نحو سبعة ملايين ونصف المليون جنيه) مجمدا فى وديعة بدون فوائد وغير قابلة للسحب إلا بعد ثلاث سنوات على أن تصرف بالجنيه حسب سعر الصرف المعلن فى البنك المركزى.. وهو ما يؤدى إلى حصولنا على 70 مليار دولار عند نفس الرقم من المستثمرين.. وهو ما يوفر تكلفة اقتراض كانت ستتحملها الخزانة العامة عن نفس المدة تصل إلى 250 مليار جنيه.

بواحد من هذه البرامج يحصل المستثمر على الجنسية هو وأسرته المكونة من خمسة أفراد (أقل من 18 سنة) ويمكن إضافة 50 ألف دولار عن كل فرد يزيد على العدد المحدد سواء كان ابنا أو أبا أو زوجة.

ويمكن زيادة المبلغ بعد المائة ألف مستثمر الأولى.

ولا شك أن الراغبين فى الجنسية المصرية سيفوق هذا العدد من المستثمرين الذين فروا بثرواتهم من سوريا وليبيا والعراق واليمن والسودان بسبب الحروب الأهلية وتراجع الاستقرار وصعوبة مواصلة الاستثمار.

وحسب تقديرات الاتحاد الأوروبى فإن حجم الأموال التى حولت من تلك الدول إلى البنوك الأجنبية يزيد على 800 مليار دولار.. استثمر سوريون 15 مليار منها فى تركيا وحدها.. ويحلم عشرة آلاف سورى يعملون فى صناعة النسيج أن يحصلوا على الجنسية المصرية ويستثمروا أموالهم فى مصر.. وربما عالجوا مشكلة تلك الصناعة التى تكلف الدولة 5 مليارات جنيه.. خسائر سنوية.

وتخوفا من التهديدات الإيرانية يتحمس كثير من أثرياء وشيوخ الخليج للحصول على الجنسية المصرية.. صحيح أنهم يستطيعون بسهولة الحصولة على جنسية دول غربية متقدمة.. لكن.. صحيح أيضا أنهم يفضلون هم وعائلاتهم الحياة فى دولة قريبة منهم ومن عاداتهم مثل مصر.

ولتحويل الفكرة إلى أمر واقع يقترح سامح صدقى إنشاء موقع إلكترونى حكومى مشابه لما هو معمول به فى معظم دول العالم لراغبى الاستثمار مقابل الحصول على الجنسية مع شرح جميع الشروط الواجب توافرها قبل تحديد البرنامج المناسب له.. مثل ألا يكون حاصلا على الجنسية الإسرائيلية.. أو يعتنق أفكارا سياسية أو دينية متطرفة.. أو صدر بحقه أحكام جنائية مخلة بالشرف.. أو مصاب بأمراض معدية. يتقدم المستثمر بطلب يبدى فيه الرغبة فى الاستثمار مقابل الجنسية مع تحديد البرنامج المناسب له ويملأ البيانات الأساسية.. وفى حالة توافر الشروط الفنية يطلب منه إرسال جميع المستندات المؤيدة لبياناته.. وتحويل مبلغ 3 آلاف دولار مصروفات إدارية .

بعد استلام التحويل والمستندات يرد على المستثمر بالموافقة المبدئية أو برفض الطلب دون إبداء أسباب فى خلال مدة أقصاها شهران تكون خلالها الجهات الأمنية قد قامت بعملها كاملا.

بعد الموافقة المبدئية يطلب من المستثمر:

1- فتح حساب باسمه فى واحد من البنوك العامة (حساب أمانات).

2- تحويل مبلغ الاستثمار بالدولار وفقا للبرنامج الذى اختاره.

3- تنشأ وديعة باسم المستثمر لمدة ستة شهور بالمبلغ المحول وبالسعر السائد للفائدة.

وخلال الستة شهور (الحد الأقصى) تحدد الجهات الأمنية المختلفة موقفها من الطلب بقبول نهائى أو رفض لا رجعة فيه.. وفى حالة الرفض يخاطب البنك للإفراج عن الوديعة بفوائدها.. وفى حالة الموافقة النهائية يخطر المستثمر والبنك لتحويل مبلغ الوديعة بالدولار إلى البنك المركزى.

لو كان المستثمر اختار البرنامج الأول (سداد 250 ألف دولار لا ترد) يخطر بالحضور إلى مصر خلال ستة شهور لحلف اليمين واستلام القرار الجمهورى بمنحه الجنسية بعد نشره فى الجريدة الرسمية وعندها يقوم المستثمر بسداد الدفعة الثانية من الرسوم (5 آلاف دولار) ليصبح إجمالى الرسوم 7 آلاف دولار مع استخراج الرقم القومى له ولعائلته .

أما لو كان المستثمر قد اختار برنامجا آخر فإن البنك المركزى يحول الوديعة الدولارية إلى العملة المحلية بسعر صرف يوم التحويل ليردها فى نهاية المدة (3 أو 5 سنوات) وفى الوقت نفسه يطلب من المستثمر الحضور إلى مصر خلال ستة شهور لاستكمال باقى الإجراءات حسب السابق.

ويقترح سامح صدقى فى المشروع أن يصدر رئيس الجمهورية قرارا بتشكيل هيئة خاصة لتلقى طلبات الجنسية مقابل الاستثمار يتكون مجلس إدارتها من شخصيات عامة على أن يضم مجلس أمنائها مسئولين على مستوى رفيع من الأجهزة الأمنية والرقابية بجانب خبراء فى الأحوال المدنية والشئون القانونية.

وقد أتيحت لصاحب الفكرة عرضها على رئيس الحكومة ووزير الداخلية ووزير التضامن الاجتماعى ووزير الخارجية ووزير الشئون القانونية فى اجتماع ضم مديرى أجهزة أمنية ورقابية.. ودارت المناقشات حول المخاوف الأمنية.. ومدى قبولنا للتحول من منح الجنسية بالدم إلى منحها بالاستثمار. وانتهت المناقشات إلى صياغة للتعديل التشريعى بما يهدد الفكرة.. حيث ينص على أن يضع المستثمر الوديعة المقررة حسب ما يحدد وزير الداخلية فى البنك لمدة خمس سنوات ليتقرر بعدها حصوله عليها أو رفض الطلب دون أسباب.. ومعنى ذلك أن الحكومة يمكن أن تستفيد من الوديعة دون تعهد منها بشىء.. والمناسب تخفيض المدة إلى سنة.. تكون خلالها الأجهزة الأمنية فحصت المستثمر وراقبت سلوكه لتقرر بعدها ما تجده مناسبا.

على جانب آخر ارتفعت المعارضة للمشروع ووصلت إلى حد أن هدد كاتب السيناريو اللامع وحيد حامد، كما قال لنا بالتنازل عن جنسيته إذا ما أقر التشريع بعد أن صرح بأن «مجلس النواب لو وافق على هذا التعديل يتحرق أحسن».. مضيفا: إن ظروف مصر الآن لا تحتمل مثل هذه المغامرة.. «أعداؤها كثر».. «بلد لا تطيق نفسها» فكيف ستطيق غيرها؟.. كما أنه يرى فى الفكرة تهديدا للهوية والتركيبة المصرية.. واختراقا للأمن القومى.. بجانب أن من العار بيع الجنسية.. فالحرة تجوع ولا تأكل بثدييها.