مى سمير تكتب: مدرسة إسبانية لتخريج «فتيات الليل» بمستوى احترافى

مقالات الرأي



■ الكورس الواحد يمتد إلى أربع ساعات وتصل تكلفته 45 يورو

■ العمل فى مجال العشق مدفوع الثمن يتطلب ذكاء عاطفيا ومهارات فى عالم الحب والغرام وقدرة على التعاطف ومهارات اجتماعية وثقة فى النفس


لا تحتاج فتيات الليل فى الدول العربية إلى مدارس لتعليمهن فنون الحب والغرام وأسرار فراش المتعة المحرم، ففتاة الليل، ليست فى حاجة إلى علم، فيكفيها قواما ممشوقا، وذمة تسمح لها ببيع شرفها.. وقوادا يدير أعمالها.

أما فى إسبانيا، تختلف الأمور شكلا وموضوعا، فالعلم يشمل كل شيء، حتى فى أمور البغاء، وافتتح مؤخرا مدرسة جديدة لتعليم فنون الحب والغرام للفتيات الراغبات فى أن يصبحن عاشقات، ويدخلن فى عالم صناعة «العشيقات» التى تعد شرعية فى دولة مثل إسبانيا.

وبحسب جريدة لوس أنجلوس تايمز الأمريكية، افتتحت جمعية العاملين فى الحب، جمعية مشهرة رسميا فى إسبانيا، مدرسة خاصة لتعليم فتيات الليل كيف يمكن ممارسة هذه المهنة بأعلى قدر من المهنية.

المدرسة تحمل اسم أبروسكس، وفقا لموقعها، وتقدم كورسات تعليمية عن فنون العشق والغرام، علاوة على النصائح الأمنية والمهنية، كما أن هناك فصولا مخصصة للتعرف على كيفية الحفاظ على السلامة النفسية فى ظل العمل فى مثل هذا المجال.

الكورس الواحد يمتد إلى أربع ساعات وتصل تكلفته 45 يورو، وهناك العديد من الكورسات مثل الأسباب التى تؤدى بالفتاة إلى العمل فى مجال العشق مدفوع الثمن، ما إذا كانت الفتاة مستعدة لكى تعمل فى هذه المهنة، كما يتم تقديم دورات تدريبية حول موضوعات متعلقة بالصحة وكيفية تجنب الإصابة بأى أمراض، وتقدم هذه المدرسة الفريدة من نوعها دورات تدريبية تساعد الراغبة فى العمل بهذا المجال على معرفة كيف يمكن أن تعثر على عشيق وأيضا كيف يمكن أن تجعله يقع فى غرامها.

وقالت المدرسة على موقعها على الإنترنت شعار (نحن نريد تقديم دورة تدريبية سوف تجعلك أكثر مهنية وسوف تمنحك مزيدا من الحكمة والأمان)، وأضاف الموقع: إن العمل فى مجال العشق مدفوع الثمن ليس بالأمر السهل ويتطلب ذكاء عاطفيا، التمتع بمهارات فى عالم الحب والغرام، وقدرة كبيرة على التعاطف، هذا إلى جانب المهارات الاجتماعية والثقة فى النفس.

الموقع أشار أيضا إلى أن العمل فى مجال العشق المدفوع لم يكن قائما من قبل على التعلم الاحترافى، وهو الأمر الذى تسعى هذه المدرسة إلى تغييره، كما أن هذا المجال يجلب الشعور بالخوف، الإحباط، الوحدة، التعاسة.. والعار.

ومن الطبيعى أن تكون مديرة هذه المدرسة هى امرأة عملت فى هذا المجال من قبل حتى تمتلك الخبرة الكافية لإدارة المدرسة التى تعتبر أن وجود عشيقة محترفة ومدربة أفضل بكثير من عشيقة غير متعلمة.

تتولى إدارة هذه المدرسة سيدة تدعى كونكسا بوريل، وكانت تعمل كرفيقة مدفوعة الأجر لمدة سبع سنوات، ففى الغرب تختلف مهنة الرفيقة عن العشيقة، فالرفيقة تصاحب رجال الأعمال والمشاهير فى رحلات العمل أو الحفلات ولكنها لا تقيم معهم أى علاقة عاطفية، مجرد امرأة جميلة يتباهى بها رجل الأعمال فى الأماكن العامة ولكن دون أن تتطور العلاقة بينهما إلى أكثر من ذلك.

وتقول السيدة كونكسا: إن المدرسة تقدم نصائح مهمة وضرورية للحفاظ على أمن الفتيات اللاتى يعملن فى مجال العشق مدفوع الثمن، غير أنها تعلم الفتيات كيف يمكن التمتع بشخصية قوية والحفاظ على حقوقهن.

فى إسبانيا، لم يتم تقنين العمل فى هذا المجال ولكن لا يعد اقتحام هذا المجال أمرا غير شرعى، وتطبق إسبانيا مبدأ معروفا فى هذا المجال يحمل شعار (دعهم يعملون) وهو نفس المبدأ الذى تطبقه دول مثل بلجيكا، والتشيك.

وبحسب القانون الإسبانى فإن العمل فى مجال العشق المدفوع ليس مجرما، وتلجأ العديد من الدول الأوروبية إلى تقنين هذا المجال، أولا لأنه تجارة تقدر قيمتها بعشرات المليارات من اليوروهات وهناك سياحة قائمة عليها، ولهذا تفضل بعض الدول الأوروبية إخضاعها للقانون وتنظيمها لوضع إطار لها، من بينها دول البرتغال، النرويج، فرنسا، هولندا، وغيرها من الدول.

وتحتل إسبانيا المرتبة الثانية بعد الصين كأكثر الدول دخلا من تجارة العشق المدفوع بحسب موقع havocscope المتخصص فى تقديم دراسات وإحصائيات عن عالم التجارة فى السوق السوداء والتجارة غير الشرعية فى مختلف أنحاء العالم، ونشر الموقع دراسة تحت عنوان (الدعارة: أسعار وإحصائيات لتجارة الجنس العالمية) تكشف الدخل السنوى الذى تحققه الدول التى اشتهرت بهذه التجارة.

وجاءت الصين فى المرتبة الأولى بدخل سنوى يصل إلى 73 مليار دولار، وفى المرتبة الثانية إسبانيا بدخل سنوى يصل إلى 26.5 مليار دولار، وفى المرتبة الثالثة اليابان بـ26 مليار دولار.

بحسب فيرنانودو استبيان، المحامى الذى قام بالإجراءات القانونية من أجل إطلاق هذه المدرسة فإن المدرسة تستهدف فى المقام الأول إشعار الفتيات اللاتى احترفن العمل فى هذا المجال أنهن ليس بمفردهن، وأنه فى حالة تعرضهن لأى اعتداء يمكن لهن اللجوء إلى الشرطة.

تقنين هذه المهنة فى العديد من الدول بما فى ذلك بعض الدول الإسلامية مثل تركيا التى تمنح للفتيات العاملات فى هذا المجال كارنيه لممارسة المهنة، لم ينجح فى نزع ملامح العار التى تلتصق بمهنة تظل غير أخلاقية حتى لو لم يعاقب عليها القانون.

هذا الشعور بالعار الذى يلتصق بمثل هذه المهنة امتد ليلاحق المدارس المتخصصة فى تعليم فتيات الليل، ولا تعد مدرسة أبروسكس هى الأولى من نوعها فى إسبانيا، ففى عام 2012 شهدت إسبانيا افتتاح أول مدرسة من هذا النوع، حيث أطلقت شركة فالنسين دورة تعليمية مقابل 100 يورو لفتيات الليل، وتم رفع قضية ضد هذه الشركة ولكن الأخيرة فازت بالمعركة القضائية واستمرت فى تقديم هذه الدورات التعليمية حول فنون العشق المختلف.

وتم تقنين هذا المجال فى إسبانيا منذ عام 1995، ولكن الجدل لايزال قائما داخل المجتمع الإسبانى بشأن الآثار الاجتماعية والثقافية والأمنية على المجتمع، خاصة أن تقنين العمل فى هذا المجال لم ينف حقيقة أن هناك قدرا كبيرا من المشاكل المتعلقة بالأمن، تجارة البشر، الاستغلال الجسدى المرتبطة بهذا العالم.

وبحسب القائمين على هذه المدارس فإن مثل هذه الدورات تسعى فى المقام الأول إلى الحد من قدر المشاكل المتعلقة بهذا المجال.