"دماء على الأسفلت".. "علي" آخر ضحايا قائد سيارة متهور على طريق كورنيش الإسكندرية (فيديو)
عدة مترات تفصل حتى مرورك على طريق كورنيش الإسكندرية، ولكن هي طريقك أيضًا إلى العالم الآخر، السرعة الجنونية للسيارات على الطريق ترشدك إلى ملك الموت الذى ينتظرك فى الجهة الأخرى من الطريق، بعد أن تفرغ تمامًا لحصد أرواح المواطنين السكندريين على هذا الطريق، وخاصة فى موسم الصيف وهو الموسم الذى يشهد زحامًا كبيرًا من قبل المواطنين على الطريق الذى يفترض أنه طريق للتنزه، ولا يعنيه أى من المسعفين، فموعدك كتب بالثانية ينتظرك لتصبح ضحية من مئات الضحايا سنويًا على طريق الكورنيش.
طريق كورنيش الإسكندرية أصبح مقبرة أهالى الإسكندرية بعدما أصبح خطرًا داهمًا عليهم بسبب الإفراط الهائل لقائدى السيارات فى استخدام السرعة، لا زالت أرواح المئات من المواطنين تهدر سنويًا عليه دون أى تدخل من قبل المسؤولين لمعالجة هذه الكارثة والتى حولت طريق كورنيش البحر من طريق للتنزه إلى جحيم يقصد حياة المواطنين عليه، وخاصة الشباب وهى الفئة الأكثر تجمعًا على هذا الطريق، نظرًا لما يمثله هذا الطريق من أهمية كبرى فى الوصول إلى الجامعات أو حتى بغرض التنزه عليه.
على السيد محمود - شاب سكندري عمره 24 عامًا - حصل على بكالوريوس زراعة وكان يحضر درجة الماجستير فى علوم الأغذية، وعمل فى أحد المصانع حتى يتمكن من إنجاز مهمته التى تركزت على العلم فقط دون غير، وكان متفوقًا فى دراسته ويحلم بمستقبل جيد لخدمة وطنه مصر، ولكن إرادة المولى فوق كل شيء، ففى يوم 3 أغسطس الماضى وعقب خروجه من عمله مع أصدقائه بعد منتصف الليل بمنطقة الأزاريطة بطريق كورنيش الإسكندرية، دهسته سيارة ملاكي تسير بسرعة جنونية أدت إلى حدفه على بعد عشرات الأمتار وفر قائد السيارة هاربًا، تاركًا "علي" ملقى على الطريق وسط نزيف هائل من دمائه وصدمة أصدقائه الذين رافقه خلال لحظاته الأخيرة فى هذا الدنيا.
أصدقاء "على" قاموا بعمل حملة مكبرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بحق الشاب والتعريف بقضيته ومطالبة المسؤولين بضرورة وضع حد لكارثة كورنيش الإسكندرية، فى ظل ازدياد عدد الضحايا على الطريق، والذين باتوا ضحية لسائق سيارة متهور أو متعاطي للمخدرات، وهى الحملة التي أتت مردودها بطريقة كبيرة من قبل رواد موقع التواصل الاجتماعى الذين تعاطفوا مع "على"، وشاركوا "البوست" على صفحاتهم الشخصية والعامة لمساعدة عائلة الضحية في استرداد حقها من الجاني.
كاميرا "الفجر" انتقلت إلى منزل الشاب الضحية والذي يقع بمنطقة محمد نجيب بشرق محافظة الإسكندرية، لمقابلة أسرة الشاب.
قالت والدة "علي" لـ"الفجر"، "ابنى كان على أخلاق عالية جدًا يشهد بها جميع أصدقائه ومعارفه، وكان طموح ويطمع أن يصبح عالم فى مجاله ليفيد بلاده مصر والتى كان يعشقها لحد الجنون، كان يعمل فى أحد مصانع العصائر المشهورة فى الإسكندرية وفى نفس الوقت كان يستغل وقته عقب الانتهاء من عمله بأن يقرأ فى المكتبة الخاصة به بداخل الشقة أو أخذ الدورات التي تنمي قدراته ومهاراته لسرعة إنجاز مهمته التي كان يسابق الزمن من أجلها وهي العلم.
وأضافت: "فى يوم 3 أغسطس القادم خرج ابني من العمل ليلًا، ولكن لم يجد مواصلات للعودة إلى منزله، فاضطر إلى الخروج لكورنيش الإسكندرية لركوب أي من وسائل المواصلات بالقرب من مبنى مكتبة الإسكندرية، ولكن أتت سيارة كانت تسير بسرعة جنونية وضربته ونزلته جثة هامدة في حينها ثم هرب".
وتابعت والدة ضحية كورنيش الإسكندرية: "بعد الواقعة مباشرة قام أصدقائه من كانوا معه بالاتصال بوالده والذى كان يعمل فى السعودية، وذلك لخوفهم الشديد عليا من الصدمة ثم تفاجأت بزوجي يبلغني عبر الهاتف بما حدث، قائلًا (إلحقى إبنك فى المشرحة)، وإلى الآن لم تتواصل معنا أى جهة، وعلمنا أن من قام بدهس ابني، قام بتسليم نفسه لاحقًا إلى قسم شرطة باب شرق ثم أفرج عنه في الحال، أهذا عدل من وجهة نظر المسؤولين، ابنى يموت بهذه الطريقة ولا يتواصل معنا أحد ويتم الإفراج عن من قتله وكأنه دجاجة أو قطة فى الشارع".
ووجهت السيدة رسالتها إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي، قائلة: "ياريس ابني كان جندًا في الجيش وخرج منه فى أول شهر مارس الماضي، كان قدوة حسنة بشهادة الجميع فبدل من أن نزوجه روحت دفنته ياريس عشان قرار المرور الظالم عشان سواقين العربيات المتهورين"، متابعة: "مينفعش ياريس دم ابني يسيل على الأرض لثلاثة ساعات ثم ولادنا مش رخاص ياريس لازم تعمل حاجة".