العرب اللندنية: محاولة اغتيال "جمعة" تهدف لاستفزاز "السيسي"
قالت صحيفة العرب اللندنية، إن محاولة اغتيال علي جمعة، مفتي مصر السابق، عكست رغبة لدى البعض من الجماعات المتشددة لاستفزاز الحكومة المصرية بطريقة أمنية صادمة، ودفعها إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة وسط مخاوف من وجود خطة لاستهداف شخصيات بارزة.
ونجا علي جمعة من محاولة اغتيال أثناء توجهه لأداء صلاة الجمعة، بمسجد في مدينة 6 أكتوبر غرب القاهرة، حيث استقرت رصاصة في إحدى قدمي احد مرافقيه، أثناء إطلاق المسلحين النار عليه.
وجاء الحادث بعد إعلان القاهرة عن مقتل زعيم تنظيم أنصار بيت المقدس أبودعاء الأنصاري وعدد من أهم مساعديه، وتأتي محاولة استهداف شخصية أزهرية بارزة كردة فعل على النجاحات الأمنية، فضلا عن التغطية عن حالة الضعف التي أصبحت عليها هذه الجماعات.
وتهدف هذه الجماعات من وراء عملياتها المحدودة إلى إعادة أجواء ما بعد اغتيال الشيخ محمد حسين الذهبي في 1977 من قبل التكفير والهجرة ثم اغتيال الرئيس المصري الأسبق أنور السادات في 1981.
وقال مراقبون إن استهداف رموز دينية أو سياسية معروفة يهدف إلى التأثير على المزاج الشعبي العام، لافتين إلى أن اختيار اسم معتدل ووسطي مثل علي جمعة كاف لاستفزاز الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي وإثارة الحكومة ليس فقط على الإخوان المسلمين والحركات الإسلامية بل سيصل الأمر إلى القوى الليبرالية واليسار والمنظمات المدنية، وهي القوى التي ساندت ثورة 30 يونيو.
وأعادت محاولة الاغتيال إلى الأذهان مشاهد التصفيات الجسدية التي تعرض لها مسؤولون مصريون في ما بعد ثورة يونيو بينهم هشام بركات النائب العام السابق.
وبعد نحو خمس ساعات من الحادث، أعلنت جماعة تدعى “حسم” مسؤولياتها عن محاولة اغتيال جمعة الذي وصفته بـ”مفتي الإعدامات”.
وقالت الجماعة، التي تقول أوساط مصرية إنها قريبة من الإخوان المسلمين، في بيان أسمته “بلاغ عسكري رقم 2: تمت عملية الاستهداف له وطاقم حراسته ما أسفر عن إصابة طاقم حراسته وذلك من خلال كمين تم إعداده له ولطاقمه”، زاعمة أن “ظهور مدنيين في المشهد منع اغتياله”.
وقالت مصادر أمنية بوزارة الداخلية إنه عقب خروج جمعة من منزله متوجها إلى المسجد الذي يبعد عن منزله قرابة 50 مترا، وفور وصوله إلي بابه، قام 4 ملثمين كانوا يختبئون خلف شجرة في حديقة بإطلاق وابل من الأعيرة النارية تجاهه فأدخله الحرس والمصلون إلى المسجد، وتبادلوا إطلاق النار مع الملثمين الذين فروا هاربين مستقلين دراجتين بخاريتين.
وجاء الحادث بعد أسبوع واحد من إطلاق مسلحين النار على قوة أمنية أعلى الطريق الدائري المجاور لمدينة 6 أكتوبر، التي شهدت محاولة اغتيال المفتي السابق.
وتأتي محاولة الاغتيال وسط ظروف يشتد فيها النزاع بين المعتدلين والمحافظين داخل المؤسسات الدينية الرسمية.
واتهم علي جمعة جماعة الإخوان المسلمين، بالوقوف وراء محاولة اغتياله.
وقال خلال مداخلة تلفونية لفضائية “سي بي سي” الخاصة، إن “محاولة اغتيالي بسبب مهاجمتي للإخوان وجماعات التطرف”، مضيفا “الإخوان حاولوا اغتيالي منذ سنتين، وسأبدأ بنشر كتب تبقى عبر العصور، تكشف وتفضح جماعة الإخوان”.
وكان جمعة دعا في آخر لقاءاته التلفزيونية على فضائية سي بي سي بعدم الصلاة في المساجد التي يسيطر عليها الإخوان مشبها إياها بمسجد الضرار الذي بناه المنافقون في عهد النبي محمد.
واتهمت تركيا علي جمعة الخميس، على لسان رئيس الشؤون الدينية التركية، محمد جورماز، بأنه على علاقة وثيقة بجماعة فتح الله كولن، المتهمة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف يوليو الماضي، وأن الاتصال الأبرز بين الطرفين كان عقب فض اعتصام رابعة بساعات قليلة، في 14 أغسطس 2013.
وقال مجدي البسيوني مدير أمن الجيزة السابق لـ”العرب” إن محاولة اغتيال جمعة ليست بعيدة عن ذكرى فض اعتصام رابعة (14 أغسطس) لأن جماعة الإخوان تسعى خلال الفترة الحالية للتخلص من كل الداعمين لفض الاعتصام، سواء من رجال الشرطة أو علماء الدين، وبينهم جمعة الذي أفتى كثيرا بحرمة الاعتصام وقطع الطرق وتعطيل مصالح الناس.
وشدد اللواء محمد نور الدين، عضو جهاز التفتيش الجنائي بوزارة الداخلية سابقا، لـ”العرب” على وجود علاقة بين ذكرى فض رابعة، ومحاولة اغتيال جمعة، متوقعا المزيد من محاولات الاعتداء والتصفية الجسدية لمن شاركوا في هذا الأمر بالقول أو الفعل.
والمنطقة التي تعرض فيها المفتي السابق لمحاولة الاغتيال مليئة بالمخابئ والبؤر والوحدات السكنية الجديدة البعيدة عن أعين رجال الأمن، وتستطيع العناصر الإرهابية الاختباء فيها والهرب منها عبر الدروب الصحراوية.
وقال عمرو عبدالمنعم الباحث في شؤون الحركات الجهادية لـ”العرب”، هناك تنظيم يستهدف كل من له علاقة بملف الجماعات الإسلامية عموما، وأن محاولة اغتيال علي جمعة مجرد بداية وأنها قد تطول شخصيات أخرى، معتبرا أن محاولة الاغتيال ترمي إلى النيل من الدولة، وجهاز الأمن.