مى سمير تكتب: إرهابيون وأموال قذرة فى حياة هيلارى كلينتون

مقالات الرأي



أمريكا هيلارى.. انتهت علاقة عائلة كلينتون بالعمودى، بعد القبض عليه فى عام 2003، حيث عوقب بالسجن 23 سنة بتهمة تمويل الإرهاب

■ ثروتها تضخمت لـ130 مليون دولار مع خروج زوجها من البيت الأبيض.. و60 شركة قدمت 26 مليوناً تبرعات لمؤسستهما

■ استضافت إرهابياً على علاقة بـ«بن لادن» وعمر


فى نهاية يوليو الماضى شهدت الولايات المتحدة الأمريكية عرضاً لفيلم وثائقى يسمى «أمريكا هيلارى: التاريخ السرى للحزب الديمقراطى»، ونجح الفيلم فى تحقيق إيرادات تعتبر تاريخية بالنسبة للأفلام الوثائقية، حيث وصلت أرباحه فى أول أسبوع عرض لـ5.2 مليون دولار، وتزامن مع إطلاق العمل صدور كتاب يحمل نفس العنوان، دخل قائمة أكثر الكتب مبيعاً على موقع أمازون.

الكتاب والفيلم، للكاتب والمحلل السياسى، دينس دسوزا، ذى الأصول الهندية، والذى يكشف من خلالهما كثيراً من الحقائق عن هيلارى كلينتون، مرشحة الحزب الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، والتى تقترب من الحصول على لقب أول سيدة تترأس الولايات المتحدة الأمريكية، ولا يكتفى الكتاب والفيلم بالهجوم بقسوة على هيلارى ولكنه يهاجم أيضاً الحزب الديمقراطى ويلقى بالضوء على ما وصفه بالتاريخ غير المشرف للحزب.

يُنظر للكتاب والفيلم باعتبارهما لعبة انتخابية تصب فى مصلحة الحزب الجمهورى، ولكن ما يميزهما أنهما يعتمدان على المعلومات الوثائقية المدعمة بالعديد من الأدلة، حول الفساد السياسى والمالى لهيلارى، مشيراً إلى أن عائلة كلينتون منذ دخولها للبيت الأبيض ارتبط اسمها بعمليات غسيل الأموال التى تصب فى الحسابات البنكية لمؤسسة كلينتون، مروراً برشاوى من الدول والشركات الدولية والحكومات التى قدمت لها عائلة كلينتون كثير من الخدمات، مقابل كثير من الأموال.

بحسب الكتاب تضخمت ثروة عائلة كلينتون منذ خروج الزوج، بيل كلينتون من البيت الأبيض، بما يعادل 130 مليون دولار، ويضيف المؤلف الذى قضى 8 أشهر بأحد السجون الأمريكية، بتهمة تقديم مساهمات سياسية غير مشروعة فى انتخابات الكونجرس: إن الفساد المالى والسياسى لهيلارى، يتضح بقوة خلال فترة عملها كوزير للخارجية الأمريكية، فحسب الوثائق الرسمية قدمت 60 شركة خاصة ترتبطها مصالح مشتركة بوزارة الخارجية الأمريكية، تبرعات وصلت إلى 26 مليون دولار إلى مؤسسة كلينتون.

ويبدو أن فترة عمل هيلارى كوزيرة للخارجية الأمريكية فى الفترة من 2008 إلى بداية 2013، ستكون بمثابة العقبة الرئيسية التى تقف فى طريقها للوصول للبيت الأبيض، إذ إن هذه الفترة محاطة بكثير من الفضائح السياسية، لعل أشهرها ارتباطها بدعم التنظيمات الإرهابية فى منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، إلى جانب التقارير الاستخباراتية التى يتم تسريبها عن قيامها بتمويل التنظيمات الإرهابية فى ليبيا سواء قبل أو بعد سقوط نظام معمر القذافى.

وظهرت تقارير أخيرة تربط هيلارى، مباشرة بتنظيم القاعدة وبالتحديد مع عبد الرحمن العمودى، المسجون حالياً بأحد السجون الفيدرالية فى ولاية كنتاكى ويحمل رقم 47042083، بتهمة تمويل تنظيم القاعدة، حيث ارتبط العمودى بعلاقات طويلة الأمد بعائلة كلينتون، وعندما كان بيل كلينتون، رئيساً للولايات المتحدة، دخل العمودى، البيت الأبيض وتعاون مع وزارة الخارجية والجيش الأمريكى وذلك قبل أن يتم القبض عليه فى عام 2000، بتهمة محاولة اغتيال ولى العهد السعودى، فى ذلك الوقت بتخطيط من المخابرات الليبية، وهى التهمة التى كشفت فيما بعد تورطه فى تمويل ودعم تنظيم القاعدة.

جمعت بين هيلارى والعمودى، علاقة صداقة قوية، وكانت الأولى طلبت منه تنظيم أول إفطار رمضانى يقام فى البيت الأبيض عام 1996، كما طلبت إدارة بيل كلينتون من العمودى، تأسيس وتطوير أول إدارة فى وزارة الدفاع الأمريكية من أجل تخريج دعاة مسلمين للعمل مع الضباط والجنود ذوى الأصول الإسلامية، وكان أنور العولقى مؤسس تنظيم القاعدة فى سيناء، من ضمن هؤلاء الدعاة، كما قامت وزارة الخارجية الأمريكية فى عهد بيل كلينتون، باختيار العمودى، سفيراً للنوايا الحسنة، وأرسلته فى رحلات دبلوماسية مختلفة إلى منطقة الشرق الأوسط وذلك قبل القبض عليه فى عام 2003.

المثير للدهشة أن ملفات المباحث الفيدرالية، تتضمن وثائق تشير لعلاقة العمودى بالقاعدة منذ بداية التسعينيات من القرن الماضى، ورغم ذلك تمتع العمودى بعلاقات قوية بعائلة كلينتون، وكان ضيفاً دائماً على مائدة عشاء البيت الأبيض، وبحسب وثائق المباحث الفيدرالية اعتراف كاتب خطابات عمر عبد الرحمن، أثناء التحقيق معه فى أعقاب تفجير مركز التجارى العالمى عام 1993، أن العمودى نقل 5 آلاف دولار، من أسامة بن لادن، إلى عمر عبد الرحمن.

وتتضح عمق العلاقة بين هيلارى والعمودى فى عام 2000 عندما قدم الأخير تبرعات ضخمة للحملة الانتخابية لهيلارى فى انتخابات الكونجرس الأمريكى، وتعرضت هيلارى فى ذلك الوقت لانتقادات حادة بعد انتشار فيديو للعمودى وهو يلقى خطبة يعلن فيه دعمه لتنظيمى حماس وحزب الله.

وانتهت علاقة عائلة كلينتون بالعمودى، بعد القبض عليه فى عام 2003، حيث عوقب بالسجن 23 سنة بتهمة تمويل الإرهاب، ولكن فى عام 2011، وأثناء الولاية الأولى للرئيس الأمريكى باراك أوباما، حينما شغلت هيلارى منصب وزير الخارجية تم عقد اتفاقية مع وزارة العدل، لخفض مدة العقوبة إلى 17 سنة مقابل تقديم العمودى معلومات فى محاكمات أخرى مرتبطة بالإرهاب.

يشير الكتاب أيضا إلى إعجاب هيلارى وباراك أوباما بمهندس التغيرات الاجتماعية الجذرية، شارل الينسكى، والذى يتبنى وجهة النظر القائمة على استخدام أساليب العصابات من تنظيم المجتمعات والتلاعب بالأنظمة، والذى اعترف بأنه من أشد المعجبين بعصابات آل كابون، وتحدث من قبل عن علاقته مع فرانك نيتى، الرجل الثانى فى هذه العصابات، وأشار إلى أنه فى الستينيات أخذه نيتى تحت جناحه وأصبح تلميذاً له، فى المقابل أصبحت هيلارى تلميذة الينسكى ولكتابه الشهير «قواعد الراديكاليين» الصادر فى عام 1971 .

ويلقى الكتاب الضوء على الفساد المالى والسياسى لهيلارى، يرسم صورة قاتمة للحزب الديمقراطى وللمؤسسات الأمريكية، ويقدم صورة مختلفة لأجهزة الأمن الأمريكية، واصفاً المباحث الفيدرالية بأنها أقرب للعصابة التى تعمل على نطاق واسع وتستخدم جميع أساليب المافيا من سرقة وابتزاز، ولكن لا يتم القبض على عناصرها لأنهم هم من يضعون القانون.

كما يصف الحزب الديمقراطى الذى يدعى حماية الأقليات والدفاع عنهم بأنهم من رسخ فكرة العبودية فى المجتمع الأمريكى، كما يحرص الكتاب على إلقاء الضوء على تاريخ الفضائح الأخلاقية التى ارتبطت بالحزب ويرصد العلاقات الغرامية للرؤساء الديمقراطيين، وإلى جانب التعرض لفضائح بيل كلينتون المختلفة وأشهرها فضيحة مونيكا لوينسكى، يلقى الكتاب الضوء على فضائح أندرو جاكسون، سابع رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، والذى ارتبط بعلاقة عاطفية مع زوجته الثانية راتشيل، وهى لاتزال زوجة لرجل آخر، وكانت قصة غرامهما غير الشرعى سبباً فى الهجوم عليهما أثناء حملته الانتخابية التى شكلت مصدر ضغط كبير على راتشيل ما أدى لوفاتها متأثرة بأزمة قلبية قبل الإعلان عن فوز زوجها بالانتخابات الرئاسية.

تعرض الفيلم والكتاب لانتقادات عديدة من جانب الصحافة الأمريكية، ورغم ذلك حقق نجاحاً كبيراً، ومن المؤكد أن الأيام المقبلة ستشهد مزيداً من الكتب والمقالات الصحفية والتقارير عن فساد هيلارى، ومنافسها الرئيسى فى انتخابات الرئاسة المرشح الجمهورى دونالد ترامب، فانتخابات الرئاسة الأمريكية هى أقرب للعبة فضائح يسعى فيها كل طرف لكشف الجانب المظلم فى حياة الطرف الآخر، وأثناء هذه المعركة الشرسة غير الأخلاقية يستمتع الناخبون بالتعرف على الوجه الحقيقى للحياة السياسية الأمريكية.