كيف تحسب زكاة الذهب

إسلاميات

زكاة الذهب - صورة
زكاة الذهب - صورة أرشيفية


كيف تحسب زكاة الذهب:
أجمع الفقهاء على وجوب زكاة كلّ من الذّهب والفضّة، وذلك لقوله تعالى:" وَاَلَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيل اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَِنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ "، التوبة/34-35.

وهناك شروط يجب أن تتوافر في الذّهب والفضّة لكي تجب فيها الزّكاة، مثل بلوغها الحول، والنّصاب، وغير ذلك، وأمّا المستثنى من ذلك فهي الحلي والمجوهرات من الذهب أو الفضّة، والتي يقوم مالكها باستعمالها استعمالاً مباحاً في التحلي والتّزين بها، وقال المالكيّة:" وَلَوْ لإِِعَارَةٍ أَوْ إِجَارَةٍ، فَلاَ يَكُونُ فِيهِ زَكَاةٌ "، وهذا رأي الجمهور، وأمّا في المذهب الحنفيّ فقد ذهبوا إلى أنّ الزّكاة تجب في الحلي، مثلها مثل غيرها من أنواع الذّهب والفضّة.

ونصاب الذّهب عند جمهور الفقهاء هو عشرون مثقالاً، وزكاة فيما كان أقلّ من ذلك، إلا في حال كان لمالكها فضّة أو عروض تجارة، وبالتالي يكتمل بها النّصاب. وفيما روي عن عطاء، وطاووس، والزّهري، وسليمان بن حرب، وأيوب السّختياني، أنّ نصاب الذّهب معتبر بالفضّة. (1) ونصاب الذّهب في الوقت الحالي يقدّر بخمسة وثمانين غراماً تقريباً، وقيمة الزّكاة فيه ربع العشر، وطريقة حساب النّصاب في ذلك أن يعرف الشّخص مقدار الذّهب أولاً، ثمّ يضرب مقدار الذّهب الذي ليه بسعر الجرام، وأمّا نصاب الفضّة فهو خمسمائة وخمسة وتسعين جراماً من الفضّة قياساً بالوزن الحالي، وفيه ربع العشر. (2) (3)

نصاب المغشوش من الذهب:
معنى المغشوش من الذّهب أو الفضّة ما سُبك مع غيره من المعادن، وقد رأى الشّافعية والحنابلة أنّه لا توجد فيه زكاة حتى يبلغ نصاباً خالصاً، وفي حال بلغه فعليه أن يخرج الواجب خالصاً، أو يخرج من المغشوش ما يعلم اشتماله على الخالص بمقدرا الواجب عليه من الزّكاة، مع مراعاة الجودة في ذلك.

وأمّا الحنفية فقد قالوا:" إِذَا كَانَ الْغَالِبُ عَلَى الْوَرِقِ الْمَضْرُوبِ الْفِضَّةَ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْفِضَّةِ، فَتَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ كَأَنَّهُ كُلُّهُ فِضَّةً، وَلاَ تُزَكَّى زَكَاةَ الْعُرُوضِ، وَلَوْ كَانَ قَدْ أَعَدَّهَا لِلتِّجَارَةِ "، وقالوا:" لأَِنَّ الدَّرَاهِمَ لاَ تَخْلُو مِنْ قَلِيل الْغِشِّ، لأَِنَّهَا لاَ تَنْطَبِعُ إِلاَّ بِهِ، وَالْغَلَبَةُ أَنْ تَزِيدَ الْفِضَّةُ عَلَى النِّصْفِ. أَمَّا إِنْ كَانَ الْغِشُّ غَالِبًا فَلاَ يَكُونُ لَهَا حُكْمُ الْفِضَّةِ بَل حُكْمُ الْعُرُوضِ، فَلاَ زَكَاةَ فِيهَا إِلاَّ إِنْ نَوَاهَا لِلتِّجَارَةِ، وَبَلَغَتْ نِصَابًا بِالْقِيمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَنْوِهَا لِلتِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَتْ بِحَيْثُ يُخَلِّصُ مِنْهَا فِضَّةً تَبْلُغُ نِصَابًا وَجَبَتْ زَكَاتُهَا، وَإِلاَّ فَلاَ ".

أمّا المالكيّة فقالوا:" إِنْ كَانَتِ الدَّرَاهِمُ وَالدَّنَانِيرُ الْمَغْشُوشَةُ رَائِجَةً كَرَوَاجِ غَيْرِ الْمَغْشُوشَةِ، فَإِنَّهَا تُعَامَل مِثْل الْكَامِلَةِ سَوَاءً، فَتَكُونُ فِيهَا الزَّكَاةُ إِنْ بَلَغَ وَزْنُهَا بِمَا فِيهَا مِنَ الْغِشِّ نِصَابًا، أَمَّا إِنْ كَانَتْ غَيْرَ رَائِجَةٍ فَالْعِبْرَةُ بِمَا فِيهَا مِنَ الذَّهَبِ أَوِ الْفِضَّةِ الْخَالِصَيْنِ عَلَى تَقْدِيرِ التَّصْفِيَةِ، فَإِنْ بَلَغَ نِصَابًا زُكِّيَ وَإِلاَّ فَلاَ ".

وفي حال كان الذّهب مغشوشاً بالفضّة، فإنّه يؤخذ بالاعتبار عن الشّافعية والحنابلة كلّ جنس منهما، فإذا كان واحد منهما نصاباً زُكّي الجميع وإن لم يبلغ الآخر النّصاب، وكذلك إن كان النّصاب يكمل بضمّ أحدهما للآخر، كأن يكون فيه ثلاثة أرباع نصاب من الذّهب، وربع نصاب من الفضّة، وإلا فلا زكاة.

وذهب الحنفيّة إلى أنّه في حال بلغ الذّهب المخلوط بالفضّة نصاب الذّهب ففيه زكاة الذّهب، وإن بلغت الفضّة نصاب الفضّة فإنّ فيها زكاة الفضّة إذا كانت الغلبة للفضّة، وفي حال كانت الغلبة للذهب فهو كله ذهب، وذلك لأنّه أغلى قيمةً، ولم يتعرّض المالكيّة لهذه المسألة. (1)

الذهب والفضة في تكميل النصاب:
يرى الجمهور ( الحنفيّة، والمالكيّة، ورواية عن أحمد، وقول الثّوري، والأوزاعي ) أنّ الذّهب والفضّة يتمّ ضمّهمها إلى بعضهما البعض في إكمال النّصاب، فلو كان عند شخص ما خمسة عشر مثقالاً من الذّهب، مئة وخمسون ردهماً، فإنّ عليه زكاةً في ذلك. وكذكل الحال إن كان عنده من واحد منهما نصاباً ومن الآخر مالاً يبلغ النّصاب فإنّهما يزكّيان معاً، واستدلةا على ذلك بأنّ نفعهما متحدّ.

أمّا الشّافعية، وفي رواية أخرى عن أحمد ، وقول لأبي عبيد، وابن أبي ليلى، وأبي ثور، أنّه:" لاَ تَجِبُ فِي أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَكْمُل وَحْدَهُ نِصَابًا، لِعُمُومِ حَدِيثِ: لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ مِنَ الْوَرِقِ صَدَقَةٌ ".

وأمّا القائلون بالضمّ فقد اختلفوا، فرأى مالك، ومحمّد، وأحمد في رواية، وأبو يوسف، أنّ عملية الضمّ تكون بالأجزاء. أمّا أبو حنيفة فقد ذهب إلى أنّه يضمّ أحدهما إلى الآخر بالتقويم في أحدهما بالآخر بما هو أنفع وأحظّ للفقراء، أي ضمّ الأكثر إلى الأقلّ. وأمّا العروض فإنّ قيمتها تضمّ إلى الذّهب والفضّة، ويكمل بها نصاب كلّ منهما، قال ابن قدامة:" قَال ابْنُ قُدَامَةَ: لاَ نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلاَفًا "، وفي هذا المعنى أيضاً تندرج العملة النّقدية المتداولة. (1)