تقرير: هل تغيّر أوروبا مبادئها خوفاًُ من الإسلام؟

عربي ودولي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


 أرجع البعض تنامي المشاعر المعادية للمسلمين والهجرة بأوروبا منذ صعود التهديد الداعشي بدءً من هجمات باريس وبروكسل، كسبب جوهري لصعود التيار القومي المتطرف وقرار البريطانيين الخروج من الاتحاد الأوروبي خوفاً من تأثير الهجرة.

 

وفي الأونة الأخيرة سلّط عدد من الصحف اليمينية بأوروبا، تأثيرات الهجرة والتعددية على القومية بالقارة العجوز، فأشار بعضها إلى أحياء شبه إسلامية بفرنسا وبلجيكا وبريطانيا، وأخرى إلى التعددية بعواصم أوروبية، التي تحمل شوارعها العديد من الجنسيات، وأخرى تثير المخاوف من ارتباط الهجرة بالتطرف.


وفي هذا السياق، عنونت صحيفة "جاثيتا" الاسبانية في تقرير لها الأسبوع الماضي: هل الإسلام خطر؟، لافتة إلى أن -أوروبا تتغير، وظهور أحياء شبه إسلامية بأوروبا.

وقالت الصحيفة  الإسبانية، إن أوروبا تشهد عملية تغيير، كشف عنها قرار البريطانيين بالخروج من الاتحاد الأوروبي نتيجة خطأ سياسات ذلك التكتل، خصوصاً بقطاع الهجرة.

 

وأبرزت الصحيفة أن عوامل التغيير بالغرب تكشف عنها الأرقام التالية، بداية من ألمانيا:

 

 فرغم إعلان المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" العودة للجذور المسيحية بأوروبا، أكتوبر الماضي، إلاّ أن كثير من المدن يبدو فيها المسيحيون أقلية في الوقت الذي يتدفق فيه المهاجرون بأعداد كبيرة.

 

وكشفت الصحيفة أن ألمانيا أغلقت في عام واحد 6 كنائس كاثوليكية في "دويسبورج"، وهي إحدى المدن التي يتواجد فيها المسلمون بنسبة كبيرة، يضاف إلى إغلاق أكثر من 400 كنيسة كاثوليكية وأكثر من 100 كنيسة بروتستانت، ورغم ذلك يوجد 200 مسجد بألمانيا، بينهم 40 مساجد كبرى، بجانب 2600 دور عبادة إسلامي وعدد كبير من المساجد غير الرسمية، و128 مسجد أخر قيد الإنشاء.

 

أما في فرنسا فيوجد 150 مسجداً قيد الإنشاء، الأمر الذي يعكس حجم المسلمين بالبلاد.

 

بريطانيا: وتشير الصحيفة إلى أن إسم "محمد" أصبح الأكثر شعبية بين الأسماء التقليدية في بريطانيا، وبين المواليد الحديثة للذكور، بعد أن فقد إسمي "جاك، وأوليفر" عرشيهما.

 

كما أصبحت العاصمة لندن إحدى المدن ذات التعددية الثقافية بأوروباليشكل المسلمون فيها تجمعات بضواحي إسلامية، مثل "نيوهام"، و"تاور هاملتس"، وحيث تتبع قرارات مجلس الشريعة الإسلامية في "ليفتون"، وتحوّل شرق العاصمة إلى ما يشبه الخلافة بقوانين خاصة ومدارس وقيادات ومساجد، ويسيطر عليها جماعات راديكالية مثل رابطة مسلمي أوروبا، كما أنه أصبح بإمكان هؤلاء السكان أن يعيشوا ببريطانيا بدون الحاجة للحديث بلغتها الانجليزية.

 

بلجيكا: وأبرزت الصحيفة حي "مولنبيك" بالعاصمة البلجيكية، الذي يعد قبلة المسلمين بأوروبا، وواقعاً ملموساً للانتشار الإسلامي بالقارة العجوز والذي يعيش به نحو 100 ألف مسلم، وتُرفع فيه أصوات الأذان 5 مرات يومياً من 22 مساجد كبرى وصغيرة.

 

وذكر تقرير لـ"جان هيرتوج" خبير اجتماعي، أن ان عدد مسلمي بروكسل "البلد الصغير" سيبلغ 1.2 مليون نسمة في 2020، منهم 50% مسلمون أو ذوي أضول إسلامية، و20% فقط من أصول بلجيكية، و30% أخرون من أصول أوروبية.

 

إسبانيا: تزايد عدد المسلمون نحو 300 ألف شخصاً خلال الـ5 سنوات الأخيرة، وتضم إسبانيا 1400 دور عبادة إسلامي، ونحو 2 مليون يعتنقون هذا الدين.

وتشير الصحيفة الإسبانية إلى أن المعهد الأمريكي "بيو ريسيرش" توقع أن يمثل المسلمون 26% من سكان العالم في 2030.


الاستخبارات الفرنسية تتوقع حرباً أهلية:

 

وحذّر رئيس الاستخبارات الفرنسية "باتريك كالفر"، من أن بلاده على حافة حرب أهلية من صعود اليمين المتطرف بعد هجوم إرهابي وأخر بالأماكن العامة.

 

وجاءت تلك التحذيرات من "باتريك" لأعضاء لجنة برلمانية قبل هجوم "نيس" الدموي بيومين، والذي أسفر عن مقتل 84 شخصاً وإصابة العشرات في هجوم لشاحنة وإطلاق نار الليلة الماضية.

 

ولدى حديثه لصحيفة "لو فيجارو" الفرنسية، 12 يوليو الماضي، أكد باتريك أن تلك المواجهة مرّجح لها أن تحدث بعد هجوم إرهابي أو أخر، ثم تدفعنا للاستباق وحظر تلك الجماعات.

 

كما أعرب المسؤول الاستخباراتي، عن خوفه من مواجهة لا يمكن تفاديها بين اليمين المتطرف والمسلمين تمثل تهديداً خطيراً عن الإرهاب، مضيفاً "أوروبا أمام خطر عظيم، التطرف ينمو بكل مكان.

 

وكشفت المعلومات الأولية لحادث "نيس" بأن منفذ الهجوم فرنسي من أصول تونسية يقطن بنفس المدينة التي وقع بها الهجوم الإرهابي.


وبعد كل هجوم إرهابي، يخرج الرئيس الفرنسي وزعماء أوروبا للتأكيد على وحدة الشعب وتماسكه وعدم التفريط في قيمه ومبادئه الليبرالية، وللتحذير من صعود التيارات القومية المتطرفة.

 

صعود اليمين المتطرف:

 

وأشارت الصحيفة إلى أن التيارات الشعبوية "اليمين المتطرف" عاودت الظهور مجدداً لتكتسب قواعد شعبية، وتحولت إلى حركات لها اجندة سياسية وأغلبية من المؤيدين، مثل حزب "يوكيب" البريطاني، والجبهة القومية بفرنسا، واليسار المتحد بإسبانيا، كما وصلت للحكم في هولندا والنمسا والمجر، وصعدت كحزب بديل بألمانيا، كما اكتسبت شعبية بإيطاليا خلال الانتخابات المحلية الاخيرة.

 

كما وصفت الصحيفة، تلك التيارات الشعبوية الراديكالية بالفيروس الذي يستوطن جسد المجتمع السياسي، ويسبب عدوى لباقي الحركات السياسية، وفي ظل أزمات عميقة تجتاح أوروبا، مثل الفساد السياسي والأزمات الاقتصادية والهجرة، ومستغلاً خطاب الكراهية.

 

كما حذّرت من عودة الاستقطاب بين الديموقراطية والشعبوية كما حدث بأوروبا أوائل القرن العشرين بظهور أنظمة ديكتاتورية، لافتة أن غزو اليمين المتطرف أمر بدا واضحاً هذه الأثناء.

 

.الخوف من التعددية بين الأوروبيين:

 

وأظهر استطلاع لمعهد "بيوريسيرش" الأمريكي أن 8 بين 10 دول أوروبية، يشعر أكثر من نصف مواطنيها بأن وصول المهاجرين لأوروبا مقترن بزيادة الإرهاب، كما حذّر من صعود اليمين المتطرف، وأشار الاستطلاع إلى أن دول المجر وبولندا واليونان الأكثر معاداة للمسلمين.

 

فيما أظهرت بيانات من الاستطلاع أن 33% فقط من البريطانيين يرون أن التعددية هي التي جعلت بلادهم أقل، كما أبرز أن أكثر من 70% من مواطني 10 دول أوروبية يرون أن التعددية جعلت بلادهم أسوأ، أو لا تختلف عن غيرها.

 

كما أوح أنه حتى في البلاد الأكثر تسامحاً، مثل "ألمانيا، هولندا، بريطانيا، والسويد" يعتقد أكثرمن نصف مواطنيها أن المسلمين يؤيدون داعش، أو على الأقل يتعاطفون معه.

 

كما أوضح التقرير نقلاً عن صحيفة "ديلي اكسبريس" البريطانية، أن مشاعر كراهية المسلمين زادت في بريطانيا خلال العام الأخير بمقدار 9 نقاط، و8 نقاط بإسبانيا وإيطاليا، أمام في اليونان وصلت نسبة العداء 12%.

.عودة الرجل القوي للسياسة الغربية:

 

كما نوّه التقرير إلى تأثّر الرأي العام سلبياً تجاه المجاهرين من خلال النقاش السياسي لزعمائهم، كما في المجر واليونان وبولندا.

 

ويأتي ذلك الاستطلاع في ظل صعود شعبية اليمين المتطرف بالدول الغربية، حيث حذّر وزير بولندي من أن التعددية الثقافية بأوروبا سبب الهجمات الإرهابية، كما جدّد المرشح الأمريكي "دونالد ترامب" رفضه لاسستقبال المهاجرين.