اللواء جمال سعيد.. "قائد حملات التطهير" (بروفايل)
36 عامًا في أمن القاهرة، وفي كل يومٍ كان يذهب فيه إلى عمله، الذي يتسم بالمخاطر نظرًا لدخوله في حروب شاسعة ومطارادات أمنية مع المجرمين والبلطجية والخارجين عن القانون، لا تُكِل زوجته من محاولة منعه من الذهاب إلى العمل لأنها تخشى أن يُلقى حتفه في أي لحظة، لم يأتى بمخيلة زوجة اللواء جمال سعيد، حكمدار القاهرة، أن يموت زوجها إثر حادث مروري على طريق العلمين، بعد انقلاب سيارته خلال عودته من الساحل الشمالي، أثناء عودته من أجازته الصيفية.
"مش هعزى فيك بالعكس فرحنلك أنك دلوقتى مع اللى خلقك وكانت آخر أعمالك عمرة لبيته الكريم.. كفايه إنى شفت ضحكتك قبل ما أفارقك.. بباركلك على ترقيتك الجديدة وهى جنة تجرى من تحتها الأنهار خير ليك من الدنيا وما فيها.. ربنا يصبرنى ويقدرنى اكون الولد الصالح اللى يدعيلك فى الدنيا ويدخلك الجنة فى الاخرة، بحبك يا أبويا وأمى واخويا وصحبى وكل مالى فى الدنيا.. ألف رحمة ونور عليك ياحبيبى"، بهذه الكلمات الحزينة، رثى الفنان أحمد جمال نجل اللواء جمال سعيد، والده معلنًا خبر وفاته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك".
"أقسم بالله العظيم، أن أكون جنديًا وفيًا لجمهورية مصر العربية، محافظًا على أمنها وسلامتها حاميًا ومدافعًا عنها".. لم يكن هذا مجرد قسم يقسمه اللواء جمال سعيد، في حفل تخرجه من كلية الشرطة 1980، بل كانت كلمات نابعة من القلب ظل يعمل بها طيلة عمله في أمن القاهرة، حيث التحق بالأمن المركزي كملازم أول، في بداية حياته المهنية.
تقلد "سعيد"، الذي ولد عام 1957، عدة مناصب حيث تم تعيينه كرئيس لقسم التحقيقات في قسم شرطة عابدين، ليصبح بعد ذلك رئيسا لعمليات فرقة عابدين، وتم تعيينه في منصب مأمور الأزبكية ، وانتقل بعدها إلي منصب مأمور قسم بولاق أبو العلا.
ونتيجة تفانيه وإخلاصه في عمله تتدرج في المناصب حتى تمت ترقيته كمساعد مدير أمن القاهرة لفرقة الغرب، ثم وكيلًا لمباحث شرطة الكهرباء، ثم نائبًا لمدير أمن القاهرة لقطاع الغرب، ثم عينه اللواء مجدى عبد الغفار، وزير الداخلية، حكمدارًا للقاهرة خلفًا للواء الراحل حمدى مجاهد.
لقب حكمدار القاهرة بـ"قائد حملات التطهير"، حيث دائمًا ما كان يقوم بحملات مفاجئة على الميادين والشوارع الرئيسية بالعاصمة، متركزة في مكافحة الإشغالات وإزالة الباعة الجائلين، إضافة إلى قيامه بوضع خطط أمنية محكمة لمطاردة البلطجة والخارجين على القانون، وهو الأمر الذي أعاد إلى العاصمة جمالها الحضاري ورونقها، الذي يعكس صورة مصر أمام السائحين ويجعلها محط أنظار العالم وأنها بلد الأمن والأمان.
لقي اللواء جمال سعيد حكمدار القاهرة مصرعه، في حادث انقلاب سيارته على طريق العلمين في اتجاه الساحل الشمالي، وذلك أثناء ذهابه لقضاء إجازة مصيف.
ومن المقرر تشييع جنازة الفقيد من مسجد السيدة نفيسة، عصر اليوم السبت، بحضور قيادات وزارة الداخلية وضباط أمن القاهرة والجيزة وأسرة الفقيد، وإقامة عزاء الحكمدار غدا الأحد بمسجد عمر مكرم.