"الحياة اللندنية": انقسام في البرلمان المصري
قالت صحيفة الحياة اللندنية، إن حزمة من مشاريع القوانين الاقتصادية
التي طلبتها الحكومة المصرية في إطار «برنامج الإصلاح الاقتصادي» الذي تتبناه،
أثارت انقساماً بين نواب البرلمان الذين يتخوف بعضهم من تبعات ارتفاع أسعار السلع بسبب
بعض الإجراءات، لا سيما فرض ضريبة القيمة المضافة.
وواصل
النواب أمس تمرير مواد مشروع قانون الخدمة المدنية الذي ينظم قواعد العمل في الجهاز
الإداري للدولة، ومن المقرر الانتهاء منه اليوم تمهيداً لإقراره في شكل رسمي مطلع الشهر
المقبل، فيما بدأت اللجان البرلمانية مناقشة قوانين ضريبة القيمة المضافة الذي يتوقع
أن يسرع وتيرة ارتفاع أسعار السلع والخدمات، والنقابات العمالية والبناء الموحد.
ولوحظ
الانقسام داخل أروقة البرلمان في شأن القوانين الأربعة، إلا أن غياب كتلة موحدة للمعارضة
لن يحول دون تمرير تلك القوانين المثيرة للجدل.
وكان
لافتاً أن تعديلات على قانون المجلس الأعلى للصحافة يتبناها النائب مصطفى بكري القريب
من الحكم وتعطي للرئيس الحق في تعيين مجلس أعلى جديد للصحافة، توارت بعد عاصفة من الانتقادات
وجهتها الجماعة الصحافية إلى مشروع التعديلات الذي اعتبرته «مخالفاً للدستور».
وكان
مجلس النواب وافق أول من أمس من حيث المبدأ، على مشروع قانون الخدمة المدنية، قبل أن
يواصل أمس تمرير مواده في جلسة شهدت عودة الجدل بين النواب في شأن الثورة التي أطاحت
حكم الرئيس السابق حسني مبارك في العام 2011.
ووقعت
مشادات بين النواب بسبب تعديل طلبته وكيلة لجنة الشؤون الأفريقية مي محمود بإضافة فقرة
«الحق في التعيين لمصابي وأسر شهداء ثورة 25 كانون الثاني (يناير) 2011 و30 حزيران
(يونيو) 2013»، في إشارة إلى موعد التظاهرات التي سبقت عزل الرئيس السابق محمد مرسي.
لكن
عضو «تحالف 25-30» النائب أحمد طنطاوي اعترض على الاقتراح، موضحاً أن «الدستور لا يوجد
فيه شيء اسمه ثورتا 25 يناير و30 يونيو، بل نص على ثورة 25 يناير فقط، ولا يجب أن ننص
على كلمة ثورة 30 يونيو، لأنها غير موجودة في الدستور». فرد عليه رئيس البرلمان علي
عبدالعال قائلاً: «هذه وجهة نظرك»، ما عقب عليه طنطاوى قائلاً: «ليست وجهة نظر، بل
هذا نص دستوري».
وتدخل
عضو «تحالف دعم مصر» المحسوب على أجهزة رسمية النائب محمد أبو حامد مقاطعاً طنطاوي
الذي رفض تدخله، واعترض لرئيس البرلمان «على الطريقة التي يكلمنا بها النائب أبو حامد»،
ليتلقف الأخير الكلمة قائلاً: «لا يصح أن يقوم نائب في مجلس النواب ويشكك في ثورة
30 يونيو التي حررت البلد من الجماعة الإرهابية... ألا يستحق ذلك تحويلهم إلى لجنة
القيم؟».
واستدعت
المشادة تدخلاً من رئيس البرلمان الذي اعتبر أن «ثورة 25 يناير اختطفت من جماعة ضلت
الطريق، وانتفض الشعب في ثورة 30 يونيو التي شكل فيها الشعب والجيش يداً واحدة للتخلص
من هذه القوى الظلامية الراغبة في اختطاف الوطن، ووضع دستوراً للبلاد من أحدث الدساتير،
وانتخب رئيساً للبلاد يشهد العالم بنزاهته، واكتملت خريطة الطريق بانتخاب مجلس النواب».
وشدد
على «ضرورة احترام وجهات النظر المختلفة وتقبل الرأي والرأي الآخر كأحد قواعد الديموقراطية
ولو كان هناك بعض الآراء التي قد تبدو مؤلمة للبعض». وصوت على الاقتراح الذي رفضته
الغالبية.
ورفضت
الغالبية أيضاً بعد جدل اقتراحاً آخر قدمه النائب محمد مسعود بمنح أولوية في التعيين
لحمَلة الماجستير والدكتوراه، ما رفضه نواب «لعدم دستورية التمييز بين فئات المجتمع».
وبدأت
أمس لجنتا الخطة والموازنة والصناعة في اجتماع مشترك مناقشة مشروع قانون ضريبة القيمة
المضافة الذي تعوّل عليه الحكومة لخفض عجز الموازنة. وشهدت النقاشات داخل الاجتماع
الذي حضره وزير المال عمرو الجارحي انقساماً بين النواب لمخاوف من تأثير مشروع القانون
على الطبقات الفقيرة.
وتشهد
مصر ارتفاعاً غير مسبوق في التضخم. وقال الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في
بيان الأسبوع الماضي، إن «معدل التضخم السنوي في أسعار المستهلكين قفز إلى 14.8 في
المئة الشهر الماضي، مقابل 12.9 في المئة في أيار (مايو) الماضي».
وطالب
الرئيس عبدالفتاح السيسي الحكومة والجيش بالتدخل «للجم الأسعار» بعد ارتفاعات كبيرة
فيها، موجهاً اللوم إلى التجار.
ودافع
وزير المال خلال الاجتماع عن مشروع القانون، لافتاً إلى أن ضريبة القيمة المضافة «مطبقة
في 150 دولة»، متوقعاً ألا تؤدي إلى زيادة التضخم.
وأوضح
أن «القانون تعديل لقانون الضريبة على المبيعات. القيمة المضافة فيها نسب إعفاءات كبيرة،
وهذه العناصر المعفية من القيمة المضافة توضح أن الأقل دخلاً لن يُمس به».
وأضاف:
«نأخذ ممن ينفق أكثر ودخله أكبر لنصرف على البرامج الاجتماعية، على أن نصل بنسب النمو
إلى ما بين 6 و7 في المئة، كما نسعى إلى تحسين البيئة الضريبية لترتفع نسبة الحصيلة
إلى الناتج القومي». وأشار إلى أن «الحصيلة من الضرائب قبل 2010 كانت تصل إلى 15 في
المئة من الناتج القومي والآن وصلت إلى 13 في المئة»، مؤكداً أن «معدلات العجز كبيرة
في الموازنة وتصـــــل إلى 11.7 في المئة نتيجة تراكم العجز وارتفاع الفائدة. كلما
زاد العجز زاد التضخم وزادت المصروفات، ولذا لا بد من تخفيض عجز الموازنة في شكل متدرج».
لكن
وكيل لجنة الخطة والموازنة النائب مصطفى سالم اعتبر أن الموافقة على ضرائب القيمة المضافة
«جريمة... لأن الناس لا تجد ما تأكله». وتساءل خلال الاجتماع عن «الجدوى الاجتماعية
من إقرار ضريبة القيمة المضافة»، مطالباً وزارة المال بموافاة المجلس بقائمة السلع
التي ستخضع للقانون، والقائمة التي كانت في قانون المبيعات.
وقال
إن «المواطنين يعانون أشد المعاناة من ارتفاع الأسعار فليس من المعقول أن تكون هناك
ضرائب جديدة، لذا لا بد من مراعاة العدالة الاجتماعية في تطبيق القانون».
وحدد
أعضاء لجنتي الخطة والموازنة والشؤون الاقتصادية في مجلس النواب ثلاثة تحفظات عن مشروع
القـــانون، محذرين من عدم دستوريته.
واعترض
رئيس لجنة الصناعة النائب محمد السويدي على وضع حد أدنى لمن سيخضعون للقانون وهـــــم
أصحاب المشاريع الأعلى من 500 ألف جنيه، مطالباً بإلغاء حد التسجيل، مع وضع فترة لخمس
سنوات حتى تدرج جميع المشاريع في التسجيل التجاري.
ولفت
عضو اللجنة الاقتصادية النائب أشرف العربي خلال الاجتماع، إلى أن «مشروع القانون فيه
نصوص لضريبة أخرى تسمى الاستهلاك أو ضريبة جدول، ما سيؤدي إلى رفع الأسعار». ونبه إلى
أن «القانون سيكون معرضاً لعدم الدستورية».
على
صعيد آخر، خلص اجتماع عقد أمس بين ممثلين عن وزير الداخلية والأمن الوطني والأمن العام
ومساعد وزير العدل ولجنة برلمانية مشتركة شكلت لمناقشة العقوبات الإيطالية احتجاجاً
على ضعف تعاون مصر في قضية مقتل الباحث الإيطالي جوليو ريجيني، إلى التوصية بـ «أن
تكون الإجراءات التي يتخذها مجلس النواب في إطار الديبلوماسية البرلمانية الهادئة بعيداً
من الديبلوماسية التصادمية أو الخشنة».
وقال
رئيس اللجنة اللواء السابق كمال عامر، إنها «رأت أهمية وضع خطة لتبادل الزيارات والوفود
بين البرلمان المــــصري وجميع البرلمانات الأوروبية، لاسيما برلمانات فرنســــا وبريطانيا
واليــــونان وإيطاليا، لتفعيل دور الديبلوماسية البرلمانية، مع الاستفادة من جميع
نتائج الزيارات والوفود المصرية التي توجهت سابقاً إلى إيطاليا».
وأضاف:
«سيتم تشكيل مجموعة إدارة أزمة بين جميع الوزارات المعنية بمتابعة قضية ريجيني وما
صاحبها من تطورات، لتحقيق الأهداف المصرية».
وأوضح
أن «اللجنة البرلمانية... تعد بمثابة لجنة تقصي حقائق لمتابعة تطورات الأحداث مع الجهات
المعنية، وتُعنى باقتراح الإجراءات الواجب اتخاذها، وستعقد اجتماعاتها دورياً وفقا
لما يستجد من أحداث ولمتابعة ما تنتهي إليه التحقيقات الرسمية التي تجريها السلطات
المصرية».