مى سمير تكتب: عملية نصب كبرى فى نيقوسيا

مقالات الرأي



ضابط مخابرات قبرصى وسمسار لبنانى ينصبان على رجال أعمال مصريين بوهم الجنسية القبرصية

الضحايا دفعوا171 ألف دولار تمهيداً لدخولهم البوابة الأسرع فى أوروبا


بات حلم الحصول على جنسية جديدة غير بعيد المنال، فالمال بإمكانه أن يجعلك تتمتع بجنسية مختلفة، تسهل لك السفر عبر دول العالم.. بشرط الاستثمار فى تلك الدول.

وبما أن الجنسية تحولت إلى سلعة وتجارة رائجة، فالأمر لم يخل من دخول السماسرة والنصابين الذين لعبوا على أحلام رجال أعمال وجدوا المناخ طاردا فى بلدانهم العربية فقرروا الاحتماء فى وطن بديل بجنسية جديدة، ومن بينهم رجال أعمال مصريين وقعوا فى براثن نصابين فى عهد الإخوان والسنوات القليلة التى سبقت رحيل مبارك.

وعلى هذا النحو، ألقت الشرطة القبرصية القبض على ضابط مخابرات قبرصى سابق ونصاب لبنانى، نجحا فى الاحتيال على اثنين من رجال الأعمال المصريين، بدعوى تسهيل حصولهما على الجنسية القبرصية.

وكان موقع cyprus-maiكشف فى تقرير له تحت عنوان «دور رجل مخابرات سابق فى عملية احتيال مالى مقابل جوازات سفر» أن شرطة مدينة ليمسول، فتحت باب التحقيق مع ضابط مخابرات قبرصى سابق ورجل أعمال لبنانى تم القبض عليهما بعد تقدم اثنين من المصريين ببلاغ أشارا فيه إلى أنهما دفعا 171.500 دولار من أجل الحصول على الجنسية القبرصية.

وكان رئيس الشرطة، يوانيس ستورياديس، أكد أن المصريين أصحاب البلاغ دفعا هذه الأموال مقابل حصولهما على وثائق تبدو مزورة، باعتبارها جزءاً من عملية التقدم من أجل الحصول على الجنسية القبرصية، وتعد هذه الوثائق بمثابة دليل إدانة ضد المتهمين.

المتهم الأول فى هذه القضية، لبنانى يبلغ من العمر 39 سنة، ويدير وكالة للتوظيف والثانى رجل مخابرات قبرصى يونانى سابق، يبلغ من العمر 54 سنة، وكان يعمل فى المخابرات القبرصية إلى أن تقدم باستقالته عام 2014.

وتضمن التحقيق إلقاء القبض على سيدتين الأولى تبلغ من العمر 44 سنة، والثانية 33 سنة، تم إطلاق سراحهما بعد تعاونهما مع الشرطة فى التحقيقات، وكانت السيدة الأولى تعمل سكرتيرة لرجل الأعمال اللبنانى فى وكالة التوظيف حيث طلب منها إخفاء جميع الوثائق المتعلقة بهذه القضية، قامت بدورها بتسليم هذه الوثائق لصديقتها، ثم سلمتها إلى الشرطة لتصبح الوثائق أحد الأدلة المهمة فى هذه القضية.

وبحسب الشرطة القبرصية، فإن رجلى الأعمال المصريين سعيا للحصول على مساعدة الوسيط اللبنانى فى عام 2010، من أجل الحصول على الجنسية القبرصية لعائلاتهما والذى وعدهما بالحصول على جوازات السفر بسهولة وفوراً بمساعدة رجل المخابرات القبرصى.

وأكد رجلا الأعمال المصريين فى بلاغهما أنهما رغم دفعهما 171.500 دولار، لم يحصلا على جوازات السفر، وبحلول عام 2013 هددا الوكيل اللبنانى باللجوء إلى الشرطة فى حالة عدم الإسراع بإتمام العملية، فى هذا العام قدم المتهمان لرجلى الأعمال وثائق مزورة باعتبارها جزءا من عملية إتمام الحصول على الجنسية، ووعدا بإعادة الأموال فى حال فشلهما فى الحصول على الجنسية لأصحاب البلاغ وعائلاتهما، وهو ما لم يتم حتى الآن، وفى بداية مايو اتجه رجلا الأعمال بصحبة محاميهما وقدموا بلاغاً إلى الشرطة.

الجدير بالذكر أن قائمة ضحايا الضابط القبرصى والنصاب اللبنانى لا تضم فقط اثنين من رجال الأعمال المصريين ولكن وصل عدد ضحاياهما من مصر فقط، 4 ضحايا من رجال الأعمال الذين سعوا للحصول على الجنسية القبرصية لعائلاتهم.

وتم القبض على رجل الأعمال اللبنانى فى مطار لارناك، أثناء عودته من رحلة خارج قبرص، وتم احتجازه احتياطياً لمدة 8 أيام قبل أن يتم نقله إلى أحد المستشفيات بعد ادعائه المرض، كما تم القبض على ضابط المخابرات السابق واحتجازه لمدة 7 أيام قيد التحقيق، ووجه للاثنين تهمة التآمر لارتكاب جريمة، الابتزاز تحت مزاعم كاذبة، التزوير، الترويج لوثائق غير صحيحة إلى جانب تهمة غسيل الأموال.

وعما إذا كان ضابط المخابرات القبرصى، قد يواجه تهما أخرى خاصة أنه كان فى الخدمة أثناء ارتكابه هذه الجرائم، أكد رئيس جهاز الشرطة، أن هذا الأمر ليس مستبعداً وأن جهات التحقيقات تبحثه مع السلطات القضائية لمعرفة إمكانية توجيه اتهامات إضافية للضابط السابق.

وأضاف رئيس جهاز الشرطة: إن التحقيقات تجرى فى ظل اعتبار السلطات المسئولة أن القضية شديدة الخطورة ولهذا تسعى إلى إرسالها سريعاً إلى الجهات القضائية، وهو ما تم بالفعل ومن المنتظر أن تكون أول جلسة استماع فى سبتمبر المقبل.

وتعد الجنسية القبرصية من أسهل وأسرع الجنسيات التى يمكن الحصول عليها، ولكنها بالتأكيد ليست أرخصها، حيث يتم الأمر فى خلال 3 أشهر ودون أى إجراءات معقدة، ويتطلب الأمر ضخ استثمارات مالية تقدر بـ2.5 مليون يورو.

وتأتى أهمية الجنسية القبرصية لأنها البوابة الأسرع للحصول على جنسية دول عضو فى الاتحاد الأوروبى، وتستغرق عملية الحصول على جنسية إحدى هذه الدول، 5 سنوات مثل فرنسا، والدنمارك، و10 سنوات كما هو الحال فى إنجلترا وإسبانيا.

ويعطى جواز السفر القبرصى صاحبه الحق غير المقيد للعيش والعمل وامتلاك وتشغيل الأعمال التجارية، والسفر والدراسة فى أى مكان فى الاتحاد الأوروبى، كما يعطيه حق السفر بدون تأشيرة إلى 159 بلداً، يتم منح الجنسية لمقدم الطلب وشريك الحياة الرسمى وجميع الأطفال الذين يعتمدون مالياً على مقدم الطلب تحت سن 28 سنة، وتسمح قبرص بازدواج الجنسية، كما تعطى فرصة الوصول إلى الرعاية الصحية فى الاتحاد ونظم التعليم من الدرجة الأولى، ولاتفرض قبرص ضرائب على الميراث، وتطبق أدنى معدل ضريبة الدخل على الشركات فى أوروبا، تقدم قبرص مناخاً رائعاً، كما تعد واحدة من أكثر الأماكن أمانا فى العالم.

أما شروط الحصول على الجنسية القبرصية فهى لا تشترط التواجد فى قبرص، ولا تقديم أى تبرعات مالية أو حتى الخضوع لاختبارات فى اللغة أو التاريخ كما هو معتاد، ولكن تطلب فقط القيام باستثمارات عقارية بقيمة 2.5 مليون يورو، والاحتفاظ بملكية هذه العقارات لمدة 3 سنوات على الأقل، بعد ذلك يمكن بيع هذا الاستثمارات العقارية مع شرط الاحتفاظ بممتلكات لا تقل قيمتها عن نصف مليون يورو، وأن يكون للمتقدم للحصول على الجنسية مجموعة واسعة من الاستثمارات سواء فى شكل سندات، أسهم وودائع، أو أعمال تجارية وممتلكات خاصة به.