سراج منير

الفجر الفني

بوابة الفجر


فنان مخضرم، لعب الكثير من الأدوار في أفلام الأبيض والأسود، نشأ في حي شبرا، في القاهرة، ثم درس الطب وهجره لممارسة الفن وتزوج من الممثلة ميمي شكيب، في عام 1942 أنه الفنان الراحل سراج منير.


"الفجر الفني"، في ذكرى ميلاده التي توافق اليوم 15 يوليو يحتفل به ويتذكر أهم اللقطات التي مرت في حياته الفنية والشخصية.


عن حياته
ولد سراج منير عبد الوهاب، وهذا اسمه الحقيقي، في الخامس عشر من يوليو عام 1904 في القاهرة، وبالتحديد في باب الخلق، ووالده هو عبد الوهاب بيك حسن وكان مديرا للتعليم في المعارف، ومن أخوته المخرجان السينمائيين حسن وفطين عبد الوهاب.

درس سراج منير، في المدرسة الخديوية، وكان عضوًا في فريق التمثيل في المدرسة، وقد بدأت عنده هواية التمثيل بعد حادثة طريفة حدثت له عام 1922، فقد دعاه بعض أصدقائه إلى سهرة في منزل أحد الزملاء، وحينما وصل إلى المنزل المقصود.

وفوجئ سراج منير، بأن السهرة عبارة عن مسرح نصب في حوش المنزل والحاضرون يشتركون في تمثيل إحدى المسرحيات، وكان سراج منير هو المتفرج الوحيد.

وقد تركت هذه الحادثة أثرًا في نفسه حيث ولدت في داخله هواية التمثيل، وبالتالي أصبح عضوًا في فريق التمثيل بالمدرسة، واستمر كذلك حتى أنهى دراسته الثانوية وسافر إلى ألمانيا لدراسة الطب.


وفي ألمانيا حدثت تطورات غيرت مسار حياة سراج منير، فقد كان المبلغ الذي ترسله له أسرته قليلًا، مما جعله يفكر في البحث عن مصدر آخر يزيد به دخله أثناء الدراسة.

عندها تعرف في أحد النوادي على مخرج ألماني سهل له العمل في السينما الألمانية مقابل مرتب ثابت.

وبدلًا من العكوف على الدراسة، أخذ يطوف استوديوهات برلين، عارضًا مواهبه حتى استطاع أن يظهر في بعض الأفلام الألمانية الصامتة، وبالتالي صرفته السينما عن دراسة الطب، فهجرها لدراسة السينما.

وفي ألمانيا ايضا التقى سراج منير بالفنان محمد كريم، حيث درسا الإخراج السينمائي معًا، وبعد عام واحد في برلين، انتقل إلى ميونخ حيث كان يوجد أكبر مسرح في ألمانيا، وكان معه في تلك الفترة الفنان فتوح نشاطي.


عودته إلى مصر
وقبل أسابيع من بداية الحرب العالمية الثانية، تلقى سراج منير برقية من فرقة مصرية للمسرح تستدعيه للعمل معها، فترك ألمانيا عائدًا إلى وطنه، وكانت هذه البرقية بمثابة المنقذ من الأسر بالنسبة لسراج منير، حيث بدأت ألمانيا الحرب بدخول النمسا، وتفاقمت الأوضاع، ولم يتمكن مصري واحد من الخروج من ألمانيا إلا بعد ست سنوات، أما هو فقد أفلت من الأسر ببرقية.

بعد عودته إلى مصر، عمل مترجمًا في مصلحة التجارة، إلا أن حنينه للتمثيل جعله ينضم لفرقة يوسف وهبي "فرقة رمسيس"، ثم للفرقة الحكومية، بعدها اختاروه للعمل في الأفلام، فقد اختاره صديقه محمد كريم لبطولة فيلمه الأول "زينب" الصامت عام 1930، أمام الفنانة بهيجة حافظ، وكان هذا أول أدواره في السينما.


طموحاته
لقد كان سراج منير كفنان يبذل أقصى جهده لكي يصبح علمًا بارزًا من أعلام الفن، فقد كان يشعر في قرارة نفسه بالندم لأنه لم يستكمل دراسته للطب، وعاد من ألمانيا ليجد كل أفراد أسرته قد اعتلوا مناصب بارزة ونالوا شهرة واسعة في الحياة الاجتماعية، ولم يكن الفن في ذلك الوقت من الأعمال التي ترتاح لها الأوساط الاجتماعية التي كان ينتمي إليها سراج منير.

لهذا سعى ليكون من المشاهير في دنيا الفن، ليعوض ذلك النقص الذي كان يشعر به في وسطه الاجتماعي.


بداياته في المسرح
وقد حرص في بداية حياته المسرحية على أن يقوم بأدوار معينة تتميز بالجد والرزانة ويتمسك بأدائها، وذلك حرصًا على مظهره الاجتماعي.

إلا أن الفنان زكي طليمات أثناء إعداده لإخراج أوبريت "شهرزاد"، قد رشحه للقيام بدور "مخمخ" فثار سراج منير وغضب واتهم زكي طليمات بأنه يريد تحطيم مكانته الفنية، لكن طليمات، الذي كان عنيدًا جدًا في عمله، أصر على إسناد الدور لسراج منير، والذي بدوره انصاع لذلك.

وعرضت المسرحية وارتفع سراج منير إلى قمة المجد كممثل مسرحي، واكتشف في نفسه موهبة جديدة كممثل كوميدي، كما أسند إليه أيضًا دور البطولة في مسرحية "سلك مقطوع" الهزلية، وذلك بسبب مرض بطلها فؤاد شفيق، فنجح سراج منير نجاحًا ملحوظًا.


ممثلًا ومنتجًا في السينما
وبالإضافة إلى أدواره في المسرح، كانت هناك السينما التي أعطاها الكثير من فنه، فقد خاض سراج منير معترك الحياة السينمائية ممثلًا ومنتجًا، وقدم مايقارب المائة فيلم سينمائي، قام ببطولة 18 منها، أما فيلمه "عنتر ولبلب" عام 1945 فقد كان نجاحه الجماهيري أكبر تعويض له عن شعوره بالنقص، حيث أن شهرته في هذا الفيلم قد جعلت لشخصيته في الحياة توازنًا اجتماعيا يتناسب مع وسطه الاجتماعي.

وفي خضم عمله في السينما، لم ينس المسرح، فقد انضم لفرقة الريحاني، وأصبح منذ اليوم الأول من نجومها، وكان ندًا للكوميدي الكبير نجيب الريحاني، وعندما مات الريحاني استطاع سراج منير أن يسد بعض الفراغ الذي تركه هذا الكوميدي العظيم في فرقته، وأن يسير بهذه الفرقة إلى طريق النجاح بعدما تعرضت لانصراف الناس عنها. وكان سراج منير محبًا للجميع يمد يد العون والمساعدة لكل من يلجأ إليه طلبًا لمعونته، لدرجة إلى أنه في السنوات الأخيرة من حياته أراد أن يجعل من فرقة الريحاني مدرسة تخرج جيلًا جديدًا من فناني المسرح الكوميدي، وبالفعل ضم عددًا كبيرًا من الشبان وأراد أن يكون صاحب هذه المدرسة، إلا أن غالبية هؤلاء الشبان قد انصرفوا عن الفرقة ولم يبق منهم إلا قلة.

وفي الوقت الذي تدهورت فيه صناعة السينما وفقدت سمعتها وهبطت فيها مواضيع الأفلام، بعد أن اقتحم السينما أغنياء الحرب، نزل سراج منير إلى ميدان الإنتاج، وكان هدفه أن يكون منتجًا مثاليًا يرقى بصناعة السينما. فقد اختار قصة وطنية تصور حقبة من تاريخ مصر وتعالج الفساد والرشوة التي عاشت فيها البلاد، فكان فيلم "حكم قراقوش" عام 1953، والذي تكلف إنتاجه أربعين ألفًا من الجنيهات، بينما إيراداته لم تتجاوز العشرة آلاف، مما اضطر سراج منير من أن يرهن الفيلا التي بناها لتكون عش الزوجية مع زوجته الفنانة ميمي شكيب "التي عاش معها حياة زوجية استمرت 17 عامًا"، وقد كانت هذه الخسارة أو الصدمة عنيفة أصابته بالذبحة الصدرية وهو في تمام عافيته.

تقول المصادر بأن أجر أول فيلم تلقاه كان 150 جنيهًا عن فيلم "ابن الشعب"، وهذا بالطبع غير صحيح، حيث أن أول فيلم له كان "زينب"، وفيلم "ابن الشعب" هو الفيلم الثالث في قائمة أفلام سراج منير. ولاندري إن كان هذا الأجر قد تلقاه عن نفس الفيلم أم عن فيلم "زينب". أما آخر أجر له فكان ثلاثة آلاف جنيه.

زواجه بالفنانة ميمي شكيب وعملهما
تم زفافهما عام 1942، واستمر زواجهما قائما حتى رحل الفنان سراج منير عن الحياة عام 1957.

اعتبر هذا الزواج في وقته أحد أقوى الارتباطات الفنية حيث كان زواجا مبنيا على التفاهم والحب والاحترام بين النجمين الكبيرين في تلك الفترة وخاصة أنه استطاع التغلب على العديد من الصعاب التي واجهت الزوجين وأهم هذه الصعاب ماتردد بقوة عن المعاناة الكبيرة التي عاشها الفنان الكبير سراج منير لفترة طويلة محاولا اقناع أسرة ميمى شكيب التي كانت رافضة إتمام هذا الزواج بشده وإن كنا لاندرى السبب وراء ذلك حتى الآن.

ولم ترد أية أخبار عن زواج الفنانة ميمى شكيب بعد وفاة الفنان الكبير سراج منير طوال حياتها وحتى وفاتها بعده بحوالى عشرين سنة عام 1982. ومن أشهر الأفلام التي جمعت بين النجمين الكبيرين وكانا في معظمها يجسدان دور الحبيبين أو الزوجين، نذكر "الحل الاخير" عام 1937 و"بيومى افندى" عام 1949 و"نشالة هانم" عام 1953 و"ابن ذوات" و"كلمة الحق" عام 1953.


ثقافته العالية
وقد عرف عن سراج منير ثقافته العالية وإدمانه على القراءة، وكان من أكثر الفنانين إلمامًا بقواعد اللغة وأصول النحو والصرف، وكان واحدًا من اثنين أو ثلاثة من الممثلين ممن لايخطئون لفظ أدوارهم، خصوصًا في المسرحيات المكتوبة بالعربية الفصحى، وكان الممثلون والممثلات يلجئون إليه لضبط أواخر الكلمات في أدوارهم.


وفاته
توفي في العام 1957 أكثر من ثلاثون عامًا، أعطى فيها سراج منير للسينما والمسرح الكثير من إبداعه، وكان حضوره فيهما مميزًا وبارزًا مليء بالمودة والتعاون لكل من شاركوه رحلته الفنية الطويلة، إلى أن حانت لحظة الوداع، وذلك بعد عودته من الإسكندرية في رحلة فنية مع فرقة الريحاني، حيث كانت تقدم إحدى مسرحياتها هناك، فتحدث إلى زوجته في التليفون، وقال لها "مساء الخير يا حبيبتي"، ثم أقفل السماعة ومات. هكذا كانت نهاية الفنان سراج منير.

من أشهر الأدوار التي أداها هي دور عنتر في فيلم عنتر ولبلب مع الفنان الشعبي محمود شكوكو، ولعب أدوار الأب والزوج المغلوب على أمره كما لعب دور البلطجي في فيلم عنتر ولبلب.