عبدالرحمن سليم يكتب: اليهود أغبياء؟.. لا
منذ انتهت حرب فلسطين بهزيمة العرب وإعلان قيام دولة إسرائيل في عام 1948، مارست الدراما المصرية دورها، كونها أحد أهم روافد تشكيل الوعي العربي -آنذاك-؛ فرسمت ملامح الشخصية اليهودية عبر العديد من الأعمال الفنية، بدءً من فيلم «حسن ومُرقص وكوهين» إنتاج عام 1954، مرورًا بمسلسل «رأفت الهجان» إنتاج عام 1987، واستقرارًا إلى فيلم «ولاد العم» إنتاج عام 2009.
مثلت الأعمال الثلاثة حقبات زمنية مُختلفة، شهدت الكثير من الأعمال الفنية الأخرى التي تعرضت للصراع المصري العربي - اليهودي، وبنظرة تحليلية للشخصية اليهودية في الدراما المصرية، نلاحظ أنه وبرغم اختلاف المؤلف والمخرج -باعتبارهما الأكثر تأثيرًا في السياق الدرامي-، لم يظهر اليهود في الموروث الدرامي المصري إلا مجموعة من الأغبياء، الذين يُهزمون دائمًا أمام ذكاء المصريين، هل كان «أينشتاين» غبيًا؟
دَعَّم ذلك التصور المصري عن اليهود، العديد من الكُتّاب، مثل: الجغرافي جمال حمدان في كتابه «اليهود إنثروبولوجيا»، والباحث عبدالوهاب المسيري في موسوعته «اليهود واليهودية والصهيونية»، حيث سعى كل منهما إلى تسطيح دور اليهود تاريخًا.. قد يكون هذا كافيًا لإرضاء غرور البعض، فمن هو ذلك العدو، الغبي، السطحي، الذي ينبغي أن نتصدى له، سنقضي عليه وقتما نشاء.
هذا ما برهن عليه الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، عندما أكد بأننا سنُلقي بإسرائيل وما وراء إسرائيل في البحر، ولكن سرعان ما كذبته هزيمة يونيو 1967، عندما اجتاحت إسرائيل غزة وسيناء، واحتلت الضفة الغربية، وأسقطت هضبة الجولان.. يبدو أنهم ليسوا أغبياء فقد خدعونا، ولا ضعفاء فقد هزمونا، هل كان ينبغي أن نعرف ذلك لننتصر؟.
العداء بيننا أزليًا، هذا ما يدركه اليهود، يجتهدون قدر استطاعتهم لتدميرنا، يعلمون أن نهر النيل شريان الحياة في مصر، فسعوا إلى تجفيفه، استغلوا غيابنا عن إفريقيا، ربما لأننا عنصريون، وربما لأننا مرضى بقِصَر النظر، حاولوا التوغل في قلب إفريقيا منذ عقود، ورأس المال الإسرائيلي في إفريقيا أكبر دليل على ذلك، فكروا في استغلال من تعالينا عليهم؛ فدعموهم.
بنوا سدًا في إثيوبيا، واكتشفوا حقولاً للبترول في الكونغو، وباعوا سلاحًا لأنجولا، واستخرجوا الماس من كهوف ناميبيا، فكان طبيعيًا أن تكون إسرائيل عضوًا مراقبًا في منظمة الوحدة الإفريقية حتى حلت المنظمة عام 2002، ليبدأ في نفس العام الاتحاد الإفريقي، ويستمر حتى الآن.. قال لي جدي ذات مرة: قدرك من قدر أعداءك.. لو أنهم تافهون فنحن كذلك.
سعت إسرائيل مجدًدا منذ أيام للحصول على مقعد «مراقب» في الاتحاد الإفريقي، بعد اجتماع «نتنياهو» برؤساء دول وحكومات كل من: إثيوبيا، وروندا، وجنوب السودان، وكينيا، وزامبيا، ومالاوي، وأوغندا، وتقدمت عقب ذلك الاجتماع الإقليمي المصغر كل من كينيا وإثيوبيا بطلب رسمي لمنح إسرائيل صفة المراقب بالاتحاد، وهو ما قوبل بالرفض، بعدما أكدت الدكتورة «نكوسازانا زوما» رئيسة مفوضية الاتحاد، أن إسرائيل دولة احتلال، قائمة على نظام فصل عنصري.. قالت ذلك أثناء جولة الرئيس عبدالفتاح السيسي بدراجته في الإسكندرية.