ملاهي الفقراء.. أرخص سعر لتذاكر رحلة العالم الآخر..(تحقيق)

تقارير وحوارات

ملاهي بحي فيصل بالجيزة
ملاهي بحي فيصل بالجيزة

محافظ الجيزة: ليس لدي علم بوجود حديقة في منطقة فيصل

انتشار للأسلاك المكشوفة بين الألعاب.. والحماية المدنية تحذر من الملاهي غير المرخصة

مالك الحديقة: الصيانة يومية للألعاب.. والبسطاء يقبلون على الحديقة لبساطة سعر الدخول

مواطنون: الأسعار أهم.. والعواقب "على الله" 
 
الكثير منا يرغب في الذهاب إلى الملاهي هروبًا من ضغوط الحياة الصعبة، يختار بعناية اللعبة التي تستهويه، لاسيما الأطفال في الأعياد في ظل البهجة والفرحة، ولكنهم لا يُفكروا أبدًا في العواقب التي من الممكن أن تحدث لهم إزاء تهالك بعض الألعاب المتواجدة داخل الملاهي، حيث باتت هذه المدن ساحة لدماء، وإزهاق الأرواح، وسط تقاعس المسؤولين عن الرقابة والاهتمام بمثل هذه الأماكن، الأمر الذي نتج عنه وفاة أكثر من مواطن في أيام العيد.
 
ففي حديقة "أكتوبر للأسرة"، بمنطقة فيصل في محافظة الجيزة، منذ دخولها ترى زحامًا شديدًا على الباب الرئيسي، نظرًا لسعر تذكرتها المنخفضة والتي تصل إلى جنيهًا واحدًا، وبمجرد دخولها نلاحظ تجمع لبعض الأسر مع أطفالهم يصطفون طوابيرًا للحصول على تذكرة الألعاب والتي تبدأ من اثنان جنيهًا إلى خمس جنيها لبعض اللعب، بالرغم من تهالك بعض الألعاب إلى أن الآباء يحرصون على التردد عليها، ليقضوا أبنائهم العيد مثلهم مثل باقي الأطفال.
 
أسلاك كهربائية مكشوفة

وبمجرد النظر على الجانب الأيمن من الحديقة من الداخل نرى" مراجيح" عالية تتصاعد في دوائر ثابتة، مليئة بالأطفال الذين يعبرون عن سعادتهم بأغاني العيد، دون أن يعلموا ما سيخفى لهم إزاء هذا المعدن المتهالك والمطرز بأسلاك الكهرباء يمينًا ويسارًا، حيث يقف الأطفال بجوار سلوك الكهرباء المكشوفة دون اهتمام من القائمين على هذه الحديقة.
 
واللافت للنظر في هذه الحديقة وجود أسلاك كهربائية التي توصل بها الألعاب عارية متواصلة عن طريق بعد القوافل الحديدية التي تفصل بين الألعاب، في حين توصلها مباشرة في اللعبة المصنوعة من المعادن، مما أدت إلى ظهور بعض "الشرار الكهربائي"، الذي من الطبيعي في حين تكراره ممكن ينتج عنه حريق يلتهم المكان بأكمله.
 
وفي اليسار نرى بعض ألعاب السيارات التي تسير و"الشرار الكهربائي"، يصعد من كل جوانب السيارات دون الاهتمام بمخاطر هذه الألعاب دون صيانة دورية، حيث بدى الأمر كأنه موسم رزق لا أكثر فكل المشاهد تثبت ذلك، لاسيما وأن في ظل وجود الألعاب الكهربائية المهترئة التي كان ينقصها الصيانة وإجراءات السلامة، فضلاً عن عدم رقابة المسئولين الواضحة من خلال الإهمال الفج داخلها، فضلا عن عدم وجود لوائح لتعليمات الطوارئ أو مكان للإسعاف.
 
ألعاب متهالكة 

وقالت "أم سلمى"، المختصة بشئون الحديقة وإدارتها، إنها استأجرت الحديقة مقابل رسوم شهرية من حي بولاق الدكرور، وأن حديقتها تشهد اقبالًا كثيفًا من الزائرين لاسيما البسطاء لأن رسوم دخول الحديقة لا تتعدى جنيهًا واحدًا وركوب اللعب في متناول الجميع، مشيرة إلى أنها تحرص دائما على أن يستمتع الطفل بالعيد، ونظرًا لارتفاع أسعار الملاهي الأخرى، اكتفت منذ سنوات ماضية بهذا السعر مما يزيد من الإقبال على حديقتها.

وبسؤالها عن الصيانة الدورية، قالت "أم سلمى"، لـ"الفجر"، :"لدي عمال فنيين ومختصين بيتابعوا بشكل يومي، ولا يمكن أن يعدي يوم دون متابعة الصيانة"، وعن الأسلاك الكهربائية العارية ترى أنه أمرًا طبعيًا لتشغيل الألعاب ومتواجد في جميع الملاهي، طالما هناك رقابة عليه، قائلة: "احنا واخدين بالنا كويس.. وعارفين بنعمل ايه.. مش سيبنه كده وخلاص"، نافية حدوث أي حالات وفاة أو إصابات على مدار خمس سنوات من عملها".
 
الأسعار أهم.. والعواقب على الله

وتعلق حنان السيد، ربة منزل، أن لابد من خروج أطفالها في العيد، فهم ينتظرون هذا اليوم ليقضون أوقات سعيدة ويلعبون لاسيما وطوال العام كانوا ينشغلون بأمور الحياة الأخرى، مشيرة إلى أن هذه الملاهي سعرها بسيط:" على أد ادينا.. فالعيال بتلعب وتركب كل الألعاب بحاولي 20 جنية وبيروحوا فرحانين.. ودي كفايا".
 
وبسؤالها عن الخوف على أبنائها من الأسلاك الكهربائية، وتهالك بعد الألعاب، ردت:"بنسيبها على ربنا.. واللي مكتوب هنشوفه.. وبعدين بفضل واقفة جنب بنتي وابني طول اللعبة لحد ما يخلصوا..".
 
"محافظ الجيزة" ليست على علم بوجود حديقة بفيصل

من جانبه قال اللواء كمال الدالي، محافظ الجيزة، إنه ليس على علم بوجود حديقة تحمل اسم "أكتوبر للأسرة"، بمنطقة فيصل، نافيًا وجودها، ومشيرًا إلى أنها من الممكن أن تكون قطعة أرض مُستأجرة من "الحي"، وقام بعمل حديقة وإطلاق اسم عليها دون علمه حتى الآن، مشيرًا إلى أنه من الممكن أي شخص يكتب لافته على أي أرض ويقول أنها ملاهي.
 
وأضاف" الدالي"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن فيصل بأكملها لا توجد بها ملاهي، أو ألعاب كهربائية ممكن أن تتسبب في موت أحد، بالرغم من وجود بالفعل ألعاب كهربائية في هذه الحديقة.
 
وأشار "الدالي"، إلى أن هذه الأرض مرخصة من قبل الحي، ويتم الرقابة عليها وتتابع من قبل مجلس الحي بشكل يومي، نافيًا حدوث أي حوادث في فترة وجوده بمنصبه.
 
وفيات وإصابات

وبعد انتصاف ليل اليوم الثاني من عيد الفطر تحققت الكارثة الفعلية لينتهي اليوم بسقوط لعبة داخل إحدى ملاهي بحديقة الفردوس بالعباسية، أثناء لهو الأطفال احتفالا بـ"العيد"، فيما تسبب سقوط اللعبة في وقوع إصابات في صفوف الأطفال وأسرهم، جراء سقوطها فوق رؤوسهم من ارتفاع 10 أمتار، وهرعت سيارات الإسعاف إلى مكان الحادث، أسفر عن قتل أربع أطفال.
 
 وبحسب شهود العيان قال أحدهم، من مكان حادث سقوط اللعبة، إن أكثر من أربعة أطفال سقطوا على الأرض من ارتفاع 10 أمتار، وتوفوا في الحال، مؤكدًا أن بعض الأطفال ممن كانوا على اللعبة أصيبوا بكسور، مضيًفا أن سيارات الإسعاف حضرت بعد الحادثة بدقائق، ولم تتمكن بسبب شدة الزحام من الوصول إلى الأطفال القتلى وحالات الكسور، إلا بعد ضغوط من أسر القتلى.

ولم تكن هذه الواقعة هي الأولى، بل تعددت الحوادث بأكثر من مكان، حيث أصيب طفل في ملاهي ميت غمر في الدقهلية، في عيد الأضحى الماضي، بعد سقوطه من لعبة "الساقية" بسبب انقطاع التيار الكهرباء عن اللعبة فجأة وهو ما تسبب في حالة من الرعب داخل الملاهي.
  
الحماية المدنية تحذر من الملاهي غير المرخصة

وأوضح اللواء جمال حلاوة، نائب الحماية المدنية بالقاهرة، أن هناك سبل لابد وأن تأخذ لحماية هذه المنشآت، موضحًا أنها تأتي عن طريق "الحي"، فهو العامل المشترك الذي يُخطر جهات الحماية المدنية، بأي مخالفات تؤدي بحياة المواطنين، مثل الأسلاك الكهربائية غير المؤمنة(عارية) داخل الملاهي، مؤكدًا أن هذه الأسلاك تعتبر أخطر ما يمكن، إضافة إلى الأحمال الزائدة على الكابلات.

وأشار "حلاوة، إلى أن دور الحماية المدنية يأتي منذ اعتماد التصاريح على هذه المنشأت، لكي تحدد له كم ونوع المهمات ونظام الاطفاء أو الانذار المطلوب حسب نوع وحجم المنشأة ونشاطها، ناهيك عن معاينة المكان لسلامته والتأكد من أنه يتضمن كل المتطلبات الأمنة.

وأضاف "حلاوة"، أنهم بالفعل يقوموا بالرقابة على الملاهي بشكل دائم، لافتًا إلى أن بعض الملاهي غير المرخصة وغير المسجلة لا نتمكن منها إلى من خلال "الحي"، وبنحضر بالفور وقت اخطارنا بحدوث أي مشكلة.