هذه هي الأسباب الحقيقية لانتحار الحيتان على الشواطئ المصرية

عقب تأكيد وزارة البيئة عن ظهور حوت صغير بالقرب من أحد السواحل الشمالية، أكد بعض خبراء الأسماك والمحميات أن ظهوره يرجع لعدة أسباب أبرزها التلوث البيئي، خاصة وأن وجود الحيتان بالبحار أمرًا نادرًا الحدوث، فضلاً عن انتحاره لعدم توفر المناخ المناسب في المياه المصرية.

وتداول مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لحوت صغير يجوب بالقرب من أحد شواطئ الساحل الشمالي.

ويظهر في مقطع الفيديو المتداول أصوات مواطنين يقولون: "يا جماعة يا ريت الناس كلها تاخد بالها الساحل الشمالي فى حوت".

ومن جانبها أكدت وزارة البيئة، صحة الفيديوهات المنتشرة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، قائلة - في بيان لها– إنه بالإشارة إلى الفيديوهات التي تم تداولها على مواقع التوصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، والبلاغات الواردة عن تواجد حوت في منطقة مارينا، على الفور تم تشكيل غرفة عمليات مركزية بجهاز شئون البيئة من المختصين بقطاع حماية الطبيعة للرصد والمراقبة والتتبع لحركة الحيوان والتنسيق مع الجهات المعنية لمساعدته على الخروج من السواحل الضحلة ومسح المناطق التي شوهد فيها الحوت والأماكن التي يتوقع تواجده فيها للتعامل الفوري مع الموقف من قبل المتخصصين.

وذكرت الوزارة، أن الفريق المختص قام بالتوجه إلى المنطقة لتفقد الوضع والتواصل مع المواطنين المتواجدين في المنطقة وأحد الفيديوهات المنتشرة وتبين أنه أحد أنواع الحيتان البالينية (عديمة الأسنان) والمعروف باسم حوت الزعنفة أو الحوت المزعنف (Fin whale)، مؤكدةً أن فريق العمل لازال متواجد بالمنطقة التي تم فيها مشاهدة الحوت.

وأوضحت "البيئة"، أن الحوت المشار إليه هو أحد الحيتان المسجلة المقيمة في المياه المصرية والمصنف عالمياً مهدد بخطر الانقراض (Endangered) طبقاً لقاعدة بيانات الاتحاد الدولي لصون الطبيعة (IUCN).

ورصدت "الفجر"، آراء مختصين في هذا الشأن، والذين رجحوا أن ظهور هذا الحوت يرجع إلى قرار انهائه دورة حياته، نظرًا للتلوث البيئي.

من جانبه قال محمود النقيب، الخبير في علوم الأسماك، والمعيد بكلية الزراعة، إن ظهور الحيتان بالقرب من الشواطئ سببه "الانتحار"، هروبًا من التلوث لاسيما التلوث البترولي، وبعض الضغوطات التي يعيشها في البيئة المائية، وخلل في القاعدة الغذائية التي يعيش عليها.

وأوضح "النقيب"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن حالة ظهور الحيتان بالبحار نادرة، ومعنى تواجده في البحار وظهوره بالقرب من الشاطئ فهذا ناتج عن قرار الحوت بإنهاء حياته، وهذه حالة تحدث بشكل طبيعي، مشيرًا إلى أن أسبانيا واستراليا وخليج المكسيك يطفوا على شواطئها كثير من الحيتان وبشكل دوري إزاء إطلالتهم على المحيط، بعكس القرش تهاجر في البحار والمحيطات، وأن هذه الحالة طبيعية جدًا، وليس منها أي خوف على الإنسان.

واستبعد "النقيب"، وجود أيادي خفية تتسبب في ظهور الحيتان بالقرب من الشواطئ المصرية، موضحًا أن هجرة الحيتان تتم عن طريق المحيطات لأنه يعيش في المياه العميقة، على أعماق متفاوتة تصل إلى 400 مترًا تحت المياه، وهذه العمق غير متوفر في البحار المصرية، ولكنه متوفر في بحر خليج العقبة فقط، لكن وجود الحيتان داخل البحار نادرًا، في حالة وجود بيئة مناسبة له، أما غير ذلك دخوله البيئة الضحلة والقرب من الشواطئ يشير إلى وجود ثلوث شديد جدًا فحاول الانتحار بالظهور من القرب للشواطئ، عقب عدم تلائمه مع البيئة المحيطة به في البحار.

وتابع الدكتور جمال جمعة، رئيس قطاع المحميات بوزارة البيئة، أن من الطبيعي وجود الحيتان في المياه المصرية، والإقليمية، نظرًا لانتشاره في البحر الأبيض المتوسط من الشمال إلى الجنوب، مشيرًا إلى أن ظهوره حاليا ليس على الشاطئ بل بالقرب منه، وذلك لأسباب عدة منها أنه ضل الطريق عن أسرته لاسيما وهو (حوت صغير).

وأضاف "جمعة"، في تصريحات لـ"الفجر"، أن من الصعب تحديد أسباب الخلل برجوعها لخلل في الدورة الغذائية أو المناخية؛ لأن هذا يحتاج لدراسة كبيرة ووقت للتوصل لنتائج، نافيًا ما تردد حول هذا الشأن في الوقت الحالي، إلا عقب مسح شامل للبيئة بأكملها، لأن الحيوان لا يعيش بمفرده، لافتًا إلى أن العملية الغذائية سلسلة متكاملة صعب حصرها من خلال فردًا، مستبعدًا أن يكون التغير المناخي سبب في ظهور الحيتان بالقرب من الشواطئ المصرية.

ولفت "جمعة"، إلى أن مصر من الدول القليلة التي تم فيها رصد لهجوم في  سمك القرش، في السنوات الأخيرة، مقارنة ببلدان العالم كأمريكا الذي وصل فيها الهجوم لـ(35)حالة، لافتًا إلى أن الحيتان لا تهاجم البشر مطلقًا، حتى أسماك القرش صعب مهاجمته للإنسان، إلا في حالة استفزازه وبعض حدوث سلوكيات خاطئة للإنسان.

من جانبه رأى  الدكتور ضياء الدين القوسي، خبير المياه العالمية، أن ظهور حوت الزعنفة ، بالقرب من أحد شواطئ الساحل الشمالي، ليس أمرًا طبعيًا، لكن ممكن حدوثه، أما ظهور القرش فهو غير طبيعيًا ولكن ظهر بصورة كبيرة في الآونة الأخيرة لاسيما وأن إنتاج اللحوم في مصر يعتمد على الاستيراد، ونتيجة ذلك ممكن في حالة نقل الحيوانات الحية عبر مرورها بالبحر تموت، وبالتالي يتم التخلص منها بطريقة سلبية من الممكن تكون سببًا في انتشار أسماك القرش لتغذيته على اللحوم، مشيرًا إلى أن البيئة غير بيئته وسبب تواجده طبيعي جدًا يكون بحثًا عن الغذاء، وبالنسبة للحيتان فتبحث عن الأسماك والقشريات.

وأضاف" القوسي"، في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن من الممكن يكون لسبب آخر يرجع لوجود خلل بالنظام الغذائي الخاص بها فتسبح نحو الشاطئ بحثا عن الغذاء، فضلاً عن الارتفاع في درجات حرارة الماء والذي ممكن أن تكون سبب رئيس في ظهور هذه الأسماك والحيتان على الشاطئ، وهربها من البحر المتوسط يرجع أيضًا للتلوث الكهرومغناطيسي.

واستبعد" القوسي"، وجود أيدي خفية حول ظهور الحيتان بهذا الشكل في المياه، نظرًا لصعوبة السيطرة عليهم فمن المستحيل نقلهم من مكان لآخر، مشيرًا إلى أن الأمر بحاجة لرقابة أكثر، لاسيما وهذه الحالة الثانية لظهور حوت على الشواطئ المصرية، ففي مايو الماضي ظهر بمرسى مطروح حوت نافق من المحيط الأطلنطي.