قصة حياة "جلبية العيد " ما بين الملابس الجاهزة ومملكة الخياطين
فضفاضة، ومريحة، وتشعر بالرجولة، تحفظ كيان الإنسان، وفي ذات الوقت تعطيه الهيبة المطلوبة أمام الناس، كما أنها لا تبرز الجسد بما لا يتلائم مع الذوق العام، وليست ممن سلطوا على الجسد لتحشره شر حشرة ولا يستطيع حتي التنفس، كما تفعل الملابس الجاهزة، إنها الجلبية التي يفضلها الكثيرون كلباس في العيد، لا سيما أثناء صلاة عيد الفطر، حيث يظهر جميع المصلين وقد ارتدوا جميعا الجلبية ذات اللون الأبيض، فترى المنظر المبهج الذي يسر الناظرين.
ويتولى صناعة الجلبية في الأساس إمبراطورية الخياطين، التي تتلاشى أيضا مع قدوم الأيام، نتيجة عدم تعلم الجيل الجيد هذه المهنة الجليلة، التي كانت تمثل ولا تزال من أفضل المهن التي ترتبط ارتباطا وثيقا بسترة الإنسان، فكان الخياطين الذين كانوا يقبعون في محلاتهم يصنفون في الدرجة الثانية بعد الموظفين، حيث كانت محلات الخياطة عبارة عن مدارس تخرج أجيالاً ولا يوجد ترزي إلا وله عدد من التلاميذ والمتدربين ولأسباب مجتمعة أوشكت هذه المدرسة على الانهيار، فيكفيها شرفا وفخرا بأنه كان يعمل بها نبي من أنبياء الله الأجلاء عليهم الصلاة والسلام وهو نبي الله إدريس فما أروعه من فخر!.
ويعد عيد الفطر موسما هاما لشراء الملابس، حيث يفضل البعض شراء الملابس الجاهزة، في الوقت الذي يفضل فيه البعض الآخر، تفصيل الجلبية لتكون لباسه في العيد، ومن أهم الفئات التي تهتم الآن، بلبس الجلبية خاصة في القرى، هم فئة الشباب وهذا الذي يظهر جليا واضحا في استطلاع آراء بعض الشباب، حول ارتداء الشباب للجلبية ومكانتها في العيد، وسط الملابس الجاهزة التي تعج بها المحلات.
والبداية مع الشاب مصطفي البرادعي-25 عاما- حيث يؤكد على أنه لا يرتدي سوى الجلبية التي يرى أنها تعطيه أريحية عن الملابس الأخرى مثل القميص والبنطلون، فضلا عن إعطاءه الشعور بالرجولة المظهرية، وعليه أصبحت لباسه الأساسي في العيد، حيث يحرص دائما على الذهاب للخياطين في هذا الموسم ليفصل له جلبية جديدة"
كما أن الشاب أحمد حسن - 20 عاما – طالب بالمرحلة الثانوية قال بأن لباسه الأساسي والمفضل في العيد، هي الجلبية المفصلة التي يصنعها الخياط بإتقان، وعن أسباب اختياره يقول" للجلبية العديد من المميزات الكثيرة وهي أولا تعد سنة عن الرسول فالرسول عليه الصلاة والسلام ثبت عنه ارتداءه للجلبية، وبالتالي فأنا أقتدي به في هذا الجانب.
ويقول أحد الخياطين الذي يدعي دياب والبالغ من العمر 60 عاما، " أن مهنة الخياطة لديها تاريخا كبيرا، لكن يتأسف متحسرا على الأجيال الجديدة حتى من أبناء الخياطين، الذين سيتسببون في اضمحلال هذه المهنة نتيجة عدم تعلمها حيث تحتاج إلى صبر شديد، إلى أن يلم الإنسان بمعلوماتها"
وبسؤاله عن مكانة الجلبية في العيد وسط الملابس الجاهزة، يشير إلى أن لبس الجلبية له مذاق خاص، حيث
يحرص عليها دائما أئمة المساجد وكبار السن، والكثير من العلماء، الذين يترددون عليه كثيرا في محله"
ويختتم متحدثا عن إقبال الشباب في هذا العيد على الجلبية فيقول" هناك اقبال كبير من الشباب على لبس الجلبية، بخلاف ما يظن البعض وكذلك ما يسمى بالأفطان، بل هناك أطفال صغار جدا يأتون إلى المحل لأفصّل لهم بعض الجلبيات التي يتخذونها بديلا عن الملابس الجاهزة في العيد" .