باحث أمريكي: مرسي لم يكن له سلطة على مؤسسات الدولة.. وكان اسمًا فقط
نشر إريك تراجر - الباحث الأمريكي - شهادته التي كتبها بصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، في تقرير تحت عنوان "شاهد عيان على 3 يوليو.. الشرطة التي خنقت المتظاهرين بقنابل الغاز عام 2011 تقف معهم الآن جنبا إلى جنب"، حول أحداث 3 يوليو 2013.
وذكر الباحث، تفاصيلًا مثيرة، تخص عزل الرئيس الأسبق محمد مرسى والكواليس التي كانت تدور في الغرف المغلقة.
ومن ضمن الكواليس، أن "مرسي" لم يكن له أي سيطرة على مؤسسات الدولة، لا سيما الجيش والشرطة، وكان رئيسًا إسميًا فحسب بشكل متزايد.
وهذه نص الشهادة:
في نهاية شارع عريض ملىء بالأشجار يؤدي إلى القصر الرئاسي المصري شمال القاهرة، انضم ملازم شرطة مرتديا بزته الرسمية إلى الآلاف من المتظاهرين المطالبين بعزل محمد مرسي بعد ظهر الأربعاء 3 يوليو 2013. لقد كان ذلك مشهدًا غريبًا، إذ أن قوات الشرطة صاحبة السلوك التعسفي المشبوه كانت سببًا رئيسيًا في انطلاق مظاهرات 2011 التي أسقطت حسني مبارك.
والآن يقف رجال الشرطة بأزيائهم الرسمية بجانب العديد من المحتجين الذين كانوا ذات يوم هدفا للقنابل المسيلة للدموع. وقال لي ملازم الشرطة: “إنها الثورة الأفضل التي تحدث في التاريخ المصري، حيث جمعت كل أنماط المجتمع معا، الشرطة والجيش والشعب والقضاء".
وسألت رجل الشرطة: “إذا لم يتنح السيسي هل ستغادرون الشوارع"، فأجابني قائلا: “سنظل بجانب الشعب". المشاركة السافرة للشرطة في الانتفاضة الحاشدة، التي كانت عاملا مساعدا لإجبار مرسي على الخروج من السلطة بعدها بساعات، تعكس الطبيعة غير الديمقراطية بالمرة للتطورات السياسية الأخيرة. ومع ذلك، فإن ثورة الضباط توضح لماذا كان انهيار حكومة مرسي حتميا.
مرسي لم يكن له أي سيطرة على مؤسسات الدولة، لا سيما الجيش والشرطة، وكان رئيسا اسميا فحسب بشكل متزايد. نقطة التحول في رئاسة مرسي حدثت في 22 نوفمبر 2012، عندما كرس لنفسه سلطة تنفيذية لا يمكن مراجعتها من خلال الإعلان الدستوري.
وبعد أسابع لاحقة، قام بحشر دستور إسلامي للتصديق عليه. وعندما اندلعت احتجاجات حاشدة كرد فعل، حشد مرسي ورفاقه بجماعة الإخوان كوادر الجماعة لمهاجمة المحتجين، ما أسفر عن مقتل سبعة أشخاص خلال الصراع.
من جانبها، قالت متظاهرة تدعى ماجدة يعقوب، في أواخر الخمسينات، خلال تواجدها بميدان التحرير الثلاثاء 2 يوليو 2013: “الدستور كان نقطة انهيار"، وهو ما وافقت عليه امرأة تجلس على كرسي بلاستيك بجوارها.
في الشهور اللاحقة للإعلان الدستوري، اندلعت العديد من الاحتجاجات الكبيرة التي اتسمت بالعنف غالبا. وقبل يناير 2013 أجبرت الفوضى المدمرة الجيش على فرض هيمنته على ثلاثة من مدن القناة.
جماعة الإخوان تروي قصة شديدة الاختلاف وخيالية على نحو كبير. من وجهة نظر الإخوان، فقد ورث مرسي وضعا شبه مستحيل عند تقلده المنصب، وتآمر ائتلاف واسع من قوى خبيثة على فشله. محمد سودان، مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب التابع للإخوان علق قائلا: “العديد منهم هو أشخاص لا يفهمون ما يدور، كما أن بعض وسائل الإعلام تكره المسلمين، فبعضهم مسيحيون يشعرون بالفزع من سلطة إسلامية، أو من تقلد مسلمين السلطة، علاوة على أن أغلبية وسائل الإعلام تنتمي للنظام السابق".
الإخوان المسلمين أخبروني في الأسابيع الأخيرة أن مرسي ناجح، بالرغم من الطوابير الطويلة على أنابيب الغاز، والانقطاع اليومي المتعدد للكهرباء وارتفاع أسعار الطعام. وأخبرني أحد أعضاء الإخوان قبل أسابيع مضت بينما كنا نرتشف الشاي في مكتب تابع للجماعة: “لقد تحسنت الحياة بالنسبة لمعظم الناس، وأصبح الفقراء يكتسبون المزيد من الأموال، وكذلك تحسنت أوضاع الطبقة الوسطى.
المشكلة هي أن أن بعض الأثرياء لم يعودوا يكتسبون الأموال التي اعتادوا عليها ولذلك يمولون الحملة ضد الرئيس".
وتزايد اعتقاد الإخوان بأن مرسي ضحية يوم الأحد 30 يونيو عندما خرج ملايين المصريين إلى الشوارع مطالبين بعزله. وكرد فعل، نظم الإخوان معسكر احتجاج خارج مسجد رابعة العدوية بشمال القاهرة.
العديد من أفراد الإخوان توافدوا من خارج القاهرة للدعم العددي. وعندما رفضت الشرطة حماية مقار الإخوان التي تعرضت للنهب والإحراق، بدأت الجماعة في تنظيم وحدات حراسة وتسليحهم بخوذات وهراوات.
الإخواني عماد مصطفى، من الفيوم، علق قائلا: “سنظل هنا حتى يمارس مرسي سلطاته الكاملة، أو سنموت".
ولكن بعيدا عن استعراض القوة، فإن رد فعل الإخوان على الاحتجاجات المناهضة لمرسي عزز العجز المطلق للجماعة.
وبالرغم من سمعة الإخوان في القدرة على حشد أعداد كبيرة من المؤيدين، فإن المنظمة لم تتمكن فقط إلا من احتلال ميدان عام واحد، بينما يهيمن الآلاف من المحتجين على ميدانين في القاهرة فقط، بخلاف المدن والقرى عبر أنحاء مصر.
كتائب الهواة التابعة للإخوان التي يصفونها بكتائب الوعيد، لا تثير الخوف، بل أن البعض منهم يحملون في أيديهم فروع شجر بدلا من الهراوات.
رأيت حشدا إخوانيا يقوده شخص لا يزيد طوله عن أربعة أقدام. وبين المتظاهرين المناهضين لمرسي الأربعاء 3 يوليو 2013 كان الابتهاج هو سيد الموقف.
وقال متظاهر يدعى مايكل عادل بعد ظهر الثالث من يوليو 2013: “سوف ننهي المباراة"، في ظل أجواء كرنفالية تتضمن الطبل ونفخ الأبواق، وأكل الفشار"، واستطرد عادل: “اليوم هو الأخير". وعندما أعلن عبد الفتاح السيسي عزل مرسي مساء الأربعاء، دوت في ميدان التحرير هتافات تصم الآذان.
الرجال في الفندق الذي شاهدت الإعلان داخله تبادلوا العناق، حيث خرج أول رئيس إسلامي بمصر من الصورة، وتمم رجل في منتصف العمر قائلا: “الله أكبر".
قبل عام من أحداث 2013، كنت شاهد عيان على احتفال مختلف تماما في ميدان التحرير تضمن هتافات "الله أكبر" بشكل أكثر حميمية، عند إعلان فوز مرسي بانتخابات 2012. الحشود التي تجمعت عام 2012 كانت تسعى إلى تنفيذ مشروع ثيوقراطي بلا شك.
حقيقة أن مرسي لم يحقق إلا القليل من النجاح في تطبيق الشريعة ربما هو الفشل الأكبر في فترة حكمه. "الفشل" هي الكلمة التي صرخ بها المحتجون في 3 يوليو واصفين مرسي، الذي خلق ظروفا جعلت أحدا لا يمكنه الدفاع عن رئاسته، ووضعت مصر على الحافة. بيد أن الطريقة غير الديمقراطية التي عزل بها مرسي سوف تعقد جهود بناء إجماع في مصر خلال الأيام والشهور المقبلة.
لكن نظرا لعمق المشكلات المصرية، فإن مصير الديمقراطية لا يشغل كثيرا أذهان المحتجين الذي ساعدوا على إسقاط الرئيس.