خصخصة المستشفيات الحكومية بين الضرب بالقانون عرض الحائط وتجاهل تطويرها
خبير السياسات الصحية: انضمام مستشفيات التكامل للقطاع الخاص.. ليس في صالح الفقراء
رئيس لجنة الصحة في "النواب": الإدارة البيروقراطية الحكومية فاشلة.. وإدارة القطاع الخاص الحل
المستشار الطبي لمركز الحق في الدواء: الغرض اقتصادي.. وليس خدمي
أثار اقتراح وزارة الصحة حول تحويل بعض المستشفيات العامة، إلى القطاع الخاص، جدلاً واسعًا، على الساحة العامة بمصر لا سيما المختصين في المنظومة الطبية لرؤيتهم أن هذا المقترح اقتصادي بحت ليس له أي هدف خدمي، فضلاً عن أنه ليس في صالح المواطن الفقير، ويضر بالتأمين الصحي، فيما أكدت اللجنة الطبية بمجلس النواب أن الهدف هو الوصول لخدمة طبية عالية دون مساس بحق المواطن.
الوزراة وفرص الاستثمار
طرحت وزارة الصحة، فرص التعاون الاستثماري في قطاع الصحة، من خلال تحديد 75 مستشفى في عدة محافظات مختلفة، بناءً على دراسة أعدتها الوزارة، توضح أن المستشفيات غير مفعلة، ولا تملك الوزارة العمالة أو تكلفة تطويرها وتجهيزها.
ومن المقرر مناقشة هذا المقترح على لجنة الصحة في مجلس النواب، يوم 16 من يوليو الجاري؛ لبحث تداعيات هذا المقترح.
ورصدت "الفجر" أراء بعض الخبراء المختصين في هذا الشأن حول هذه القضية الشائكة في السطور التالية.
مخالف لقانون التأمين الصحي.. وليس في صالح الفقراء
قال الدكتور علاء غنام - خبير السياسات الصحية - إن طرح مستشفيات التكامل الصحي على القطاع الخاص، لا يساهم في إصلاح المنظومة الصحية بشكل عام، ولا ينهض بالتأمين الصحي، موضحًا أن الأزمة ليست في المبانٍ ذاتها بل في حجم القوى البشرية، التي تقوم على إحياء وتشغيل هذه المستشفيات.
وأشار إلى أنه يوجد نقص في القوى البشرية المتواجدة في الريف، وهذا ما يجب التفكير، والروعونة في أخذ القرار لأن بالبحث سنجد حلول بديلة أقوى للنهوض بهذه المستشفيات بعيدًا عن خصخصتها.
وأوضح" غنام" - في تصريحات إلى "الفجر" - أن الشراكة مع القطاع الخاص بشكل عام كمبدأ موجود، ولكن السؤال لماذا يدخل هذا القطاع في المناطق الريفية؟، إلا إذا كان هيشارك في الإدارة بصفته الممول، وبهذا من الصعب تحمل أهالي القرى تكاليف العلاج في العيادات الخاصة، لافتًا إلى أن المواطنين في العادي بتنفق حوالي 70 في المائة من الإنفاق الكلي.
وتابع "غنام"، أن المواطنين بحاجة لتغطية صحية شاملة، خاصة الفئات الأفقر متوجدة في الريف، مؤكدًا أنه في طرق كثيرة لاستغلال أماكن المستشفيات في إطار برنامج منظوم شامل للمنظومة الصحية، بعيدًا عن التصليح الجزئي بدون رؤية شاملة لإصلحها، متابعًا أن عدد هذه المستشفيات 486 مستشفى بعدة مناطق قروية، وتأستت في منتصف التسعينات، ولكن لم يتم تشغيلها بشكل أمثل، لافتقارها الكثير مثل نقص العمالة والتمويل، وكان الحل الأمثل حلول هذه المشكلة لا تخصصها، فضلاً عن أنه مخالف لقانون التأمين الصحي الذي يتضمن بضم كافة منشآت وزارة الصحة تحت هيئة واحدة تعمل على تقديم الخدمة الطبية لا شرائها.
الهدف خدمة طبية عالية دون مساس بحق المواطن
وفي ذات السياق، تابع الدكتور مجدي رشد - رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب - أن مستشفيات" التكامل" بأجمعها غير مفعلة ولا تقدم أي خدمات طبية للمواطن على الإطلاق، فهي مجرد مبانٍ دون أجهزة ولا أطباء، وبتفعلها ستزيل العبء من كاهل المستشفيات المركزية والعامة، فضلا عن تمهيدها لأداء خدمة طبية عالية من أجل التأمين الصحي.
وواصل "رشد" - في تصريحات إلى "الفجر" - أن فكرة دخول القطاع الخاص تأتي من احتياج منظومة الصحة لفكر وإدارته فضلاً عن التمويل لتطوير هذه المستشفيات والإرتقاء بها من أجل المواطن البسيط، مؤكدًا عدم تغوله على القطاع العام والمساس به.
ولفت "رشد"، إلى أن إدارة القطاع الخاص للمستشفيات يأتي في إطار محدد تحت رقابة وزارة الصحة وإشراف الحكومة، نظرًا لأنها المالك الأساسي، وغير مسموح بتمليك المستشفيات لمؤسسات خاصة لكن ممكن الإدارة نظير نسبة في الإدارة فقط؛ لأن الإدارة البيروقراطية الحكومية، (فاشلة) بحسب وصفه، مؤكدًا على عدم المساس بالمواطن وحقه في العلاج الحكومي.
الغرض اقتصادي ليس خدمي
ومن جانبه قال الدكتور محمد عز العرب - المستشار الطبي لمركز الحق في الدواء - إن هذا المقترح غرضه اقتصادي، ومن الأجدى النظر له كمنظومة طبية تهدف لصالح المواطن البسيط الذي لا يستطيع الانفاق على العلاج، لافتًا إلى أن القاعدة الأساسية في القطاع الصحي، لا بد أن يكون خدمي.
وأردف "عزالعرب" - في تصريحات خاصة - أن الفكرة لو كانت خصخصة مستشفيات "التكامل" لتوفير جزء مالي يتم به توفير علاج فكان ممكن دراسة الموضوع بشكل آخر بعيدًا عن امتلاك القطاع الخاص لها، مشيرًا إلى أن الوحيد الذي سيدفع الثمن هو المواطن البسيط الذي لا يجد ثمن العلاج.
وطالب "عزالعرب"، بإعادة النظر في خصخصة بعض مستشفيات التكامل، على أن يكون القطاع العام داعم للدولة بدعم العلاج المجاني بالصورة اللائقة كتجهيزها للتأمين الصحي الاجتماعي الشامل، بمعنى فصل مقدم الخدمة عن الدولة، غير ذلك" ليس من حق وزارة الصحة المساس بحق المواطنين الغير القادرين في العلاج".
متوسط التكلفة 30 مليون
وفي السياق ذاته أكد الدكتور أحمد عماد الدين راضي - وزير الصحة والسكان - أنه تم تحديد ما يقرب من 75 مستشفى بناءً على دراسة مبدئية شاملة أعدت، وطرحت على وزيرة الاستثمار داليا خورشيدـ لبحث فرص التعاون الاستثماري في القطاع الصحي.
ونوه "راضي" - في تصريحات صحفية سابقة - بأن الدراسة شملت عدة بدائل للاستغلال الأمثل لمستشفيات التكامل من بينها مشاركة القطاع الخاص بنظام (PPP)، أو تأسيس شركة متخصصة لإدارة المستشفيات بالتعاون مع جهات مختلفة، أو تشغيل المستشفيات عن طريق رجال الأعمال، أو عن طريق نقل إدارة هذه المستشفيات إلى مؤسسات تابعة لوزارة الصحة بهدف الاستفادة منها.
وأورد "راضي"، أن الدراسات الأولية التي أعدتها الصحة أظهرت أن متوسط التكلفة التقديرية لتطوير المستشفى الواحد شاملة التجهيزات وتحويلها إلى مستشفى مركزي كاملة الخدمات تقدر بنحو 30 مليون وذلك بحد أدنى.