صدام بين "النواب" والحكومة بسبب "التوقيت الصيفيي".. والخسائر المالية تضعهما في "مأزق"
أثارت أزمة تطبيق "التوقيت الصيفي" جدلا واسعًا خلال الأيام الماضية، بين مجلس النواب والحكومة، فعلى الرغم من موافقة البرلمان على قانون بإلغائه، إلا أن الحكومة تصر على تطبيقه الصيف الحالي بدءً من 5 يوليو الجاري، معللة ذلك بتجنبها دفع 8.5 مليون دولار لمنظمات الطيران المدني بسبب تغيير المواعيد.
وتجدد هذه الأزمة ليس طارئا أو جديدا، وإنما هي أزمة متكررة ويثار الجدل والنقاش حولها في كل عام، ولذلك رصدت " الفجر" تاريخ التوقيت الصيفي والجدل حول تطبيقه وإلغاؤه على مدار سنوات ماضية حتى الآن.
أصل التوقيت الصيفي
وترجع فكرة تغير "التوقيت الصيفي" إلى القرن الثامن عشر الميلادي تحديدًا عام 1784، وكان الأمريكي" بنجامين فرانكلين" أول من طرح فكرة التوقيت الصيفي، وأول من قدم التوقيت الصيفي الحديث كان العالم "نيوزلندي" مختص في علم الحشرات هو أول من طرح ذلك.
ولكن لم تبدأ الفكرة بجدية إلا في بداية القرن الـ20 بعدما طرحها من جديد البريطاني "ويليام ويلت" الذي بذل جهودا في ترويجها، حتى انتهت جهوده بمشروع قانون ناقشه البرلمان البريطاني في عام 1909 ورفضه.
وتحققت فكرة "التوقيت الصيفي"، لأول مرة أثناء الحرب العالمية الأولى في عام 1916، حيث أجبرت الظروف البلدان المتقاتلة على وجود وسائل جديدة للحفاظ على الطاقة.
ألمانيا البداية
كانت ألمانيا عام 1916 أول بلاد أعلنت التوقيت الصيفي وتبعتها بريطانيا بقليل، ومنذ ذلك الحين شهد العالم سن قوانين وإجراء تعديلات وإلغاء وإبطال لهذا النظام.
أما التوقيت الأصلي والعادي فهو ما يُعرف بـ"التوقيت الشتوي"، والتعديل كان عبر تقديم الساعة في الربيع ليُعرف بالتوقيت الصيفي أي أن قبل اتخاذ ألمانيا هذه الخطوة كان العالم يعرف توقيت واحد وهو التوقيت الشتوي.
الهدف من التغيير
ويعد سبب التغيير هو توفير الطاقة واستخدام طاقة العاملين لأكبر قدر ممكن وكان له أسباب سياسية واقتصادية أيام الحرب العالمية الأولى والثانية، بهدف توفير الفحم خلال الحرب.
إلغاء لمدة 3 سنوات
قانون التوقيت الصيفي دائما ما كان قرار اختلفت عليه الحكومات، فبعد ثورة يناير 2011 تم إلغاء العمل به لمدة 3 سنوات، حتى قررت حكومة المهندس إبراهيم محلب العودة للعمل به مرة أخرى عام 2014، إلا أنه في عام 2015 قرر مجلس الوزراء عدم العمل به، وتأجيله لعام 2016، ليتم الإقرار بتطبيقه مرة أخرى في عهد حكومة شريف إسماعيل.
الحكومة تصر على تطبيق التوقيت الصيفي
فالحكومة من جانبها لا تريد إلغاء العمل بالتوقيت الصيفي، بداعي أنه يكبد الدولة أعباء مالية، فضلاً عما يتسبب فيه من خسائر لحركة الطيران، حيث برر المستشار مجدي العجاتي، وزير الدولة للشؤون القانونية، قرار الحكومة بعودة العمل بالتوقيت الصيفي بأنها دفعت 8 ملايين دولار لهيئة الطيران المدني لتغيير مواعيد التوقيتين الصيفي والشتوي، قائلاً: إن الحكومة ستطبق التوقيت الصيفي لحين انتهاء قسم التشريع بمجلس الدولة من مراجعة القانون، بالإضافة إلى ذلك تعدد الحكومة فوائد التوقيت الصيفي من حيث توفير الكهرباء وزيادة ساعات العمل، وبالتالي زيادة الإنتاج.
"النواب" يرفض
على الجانب الآخر يؤكد أعضاء مجلس النواب عدم جدوى مسألة تغيير التوقيت من حيث عملية توفير الكهرباء، أو زيادة ساعات العمل، حيث وقع 120 نائبًا، على طلب بإلغاء هذا القانون نهائيًا، بعدما تمت إحالة مشروع قانون مقدم من 121 نائبًا بتعديل القرار بقانون رقم 24 لسنة 2015 بشأن وقف العمل بالتوقيت الصيفي إلى لجنة الإدارة المحلية، وأصدرت تقريرًا بالموافقة على ذلك.
نائب برلماني: استمرار العمل بالتوقيت الصيفي لا فائدة منه
وطالب النائب أسامة هيكل، عضو مجلس النواب ورئيس لجنة الثقافة والإعلام بالمجلس، بضرورة إلغاء قانون التوقيت الصيفي، وعدم العودة إليه مرة أخرى، وذلك بعدما ثبت أنه لا يوفر في الطاقة كما تدعي الحكومة الحالية، وذلك بناء على التقارير التي وفرتها دراسة خاصة بوزارة الكهرباء، والتي أثبتت أن هذا الكلام غير صحيح وأن التوقيت الصيفي لا يوفر سوى 0.07% فقط من الطاقة على مستوى الجمهورية.
وأضاف "هيكل"، خلال اجتماع للجنة، أن الحكومة الحالية حينما قررت العودة للعمل به، جاء ذلك على خلفية تكبد الدولة خسائر وصلت إلى 7 ملايين دولار لمنظمة "إياتا" للطيران المدني، فيما يخص القرار بقانون 24 لسنة 2015 الذي كان ينص على إلغاء العمل بالقانون لوقت محدد، بسبب عدم إبلاغ الحكومة لمؤسسات الطيران الدولي بهذا القرار.
وتابع "هيكل": أن "هذا الكلام الذي تصدره الحكومة للشعب حول المكاسب التي ستعود على الدولة جراء عودة العمل بالتوقيت الصيفي لا صحة له"، واصفًا إياه بـ"الكلام الفارغ"، مقترحًا أن يذهب العاملون إلى عملهم في السابعة صباحًا بدلا من الثامنة، وبذلك سيكون هناك توفير لساعات العمل، ولكن لا أحد يعلم لماذا تصر الحكومة على عودة العمل بالتوقيت الصيفي رغم أن جميع الدراسات أثبتت أنه لن يوفر شيئا للدولة.
مصر للطيران: إلغاء العمل بالتوقيت الصيفي يكلفنا 2 مليون دولار
في هذا الصدد أوضح صفوت مسلم، رئيس الشركة القابضة لمصر للطيران، أن صناعة النقل الجوي عامةً لا تعمل بالتوقيت المحلي وإنما تعمل وفقًا للتوقيت العالمي، مؤكدًا على أنه إذا تم العدول عن تطبيق هذا القرار والذي تم اخطار الاتحاد الدولي للنقل الجوي (الآياتا) وأنظمة الحجز به فأن ذلك بلا شك سيسفر عن حدوث بعض التأخيرات في إقلاع الرحلات أو إغفال أو عدم تمكن بعض المسافرين من اللحاق برحلاتهم نتيجة اختلاف موعد الرحلة المدون على تذكرة سفرهم والذي تم حجزها منذ فترة وفقا لهذا القرار مع مواعيد إقلاع الرحلات المفعل والذى تم تبليغ الآياتا به.
وأشار" مسلم"، في بيان سابق له، إلى أنه في هذا الشأن قد تتحمل شركات الطيران دفع تكلفة إضافية لأنظمة الحجز تقدر بنحو ٨٠ سنت في المتوسط لكل مقطع سفر، أما فيما يخص مصر للطيران، فقد تتكبد الشركة ما يعادل نحو 2 مليون دولار خلال الأربعة أشهر المتبقية من العام، في حال إلغاء قرار الحكومة الذي أعلنت تطبيقه في 7 يوليو الحالي.