5 مشاهد من كواليس الساعات الأخيرة في ليلة سقوط "المعزول والجماعة"
"إن القوات المسلحة لم يكن في مقدورها أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطني وليس دورها السياسي على أن القوات المسلحة كانت هي بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف تظل بعيدة عن العمل السياسى" هذه أولىّ كلمات الفريق أول عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع حينها، يوم 3 يوليو 2013، في الخطاب التاريخي الذي غيَّر مسار الديمقراطية في مصر حتى الآن.
اشتعال وتيرة الاحتجاج
خرجت مظاهرات يوم 30 يونيو 2013 في الذكرى السنوية الأولى لانتخاب محمد مرسي، أعداد قدرت بالملايين في أنحاء مصر، يطالبوا باستقالة فورية للرئيس وانتخابات رئاسية مبكرة، تحولت المظاهرات إلى العنف بعد أن كانت سلمية إلى حد كبير.
المتظاهرون في كل مكان، وحدثت بعض الاشتباكات أدت لقتل خمسة متظاهرين مناهضين لحكم "مرسي"، وكانت نظمت حينها جماعة الإخوان اجتماعا في مدينة نصر، وجمعت حركة "تجرد" المؤيدة للرئيس مرسي -على غرار حركة "تمرد" المعارضة لمرسي- 26 مليون توقيع مقارنة حتى تقنع الشعب بأن الشارع ما زال مع الشرعية.
مهلة 48 ساعة
عصر يوم الإثنين 1 يوليو، أصدر القائد العام للقوات المسلحة عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع وقتها، بيانًا يمهل جميع القوى السياسية مهلة مدتها 48 ساعة، لتحمل اعباء الظرف التاريخي الذي يمر به الوطن، وذكر البيان أنه في حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها.
لكن ما أعلنت عنه القوات المسلحة في هذا البيان لم يتم الاهتمام به من جانب جماعة الإخوان، ظننا منها أن لهم ظهير شعبي حاشد، يقدر على التصدي لأي موجة ثورية تقلع جذورهم من حكم مصر.
اللقاء الأخير بين مرسي والسيسي
"كان اللقاء الأخير للسيسي مع مرسي يوم ٢ يوليو قبل ٢٤ ساعة من انتهاء المهلة الثانية والأخيرة ولم يبد مرسي أي مرونة تجاه الاستفتاء، وظل علي فقدانه البصيرة بعد البصر، وفي يوم الثالث من يوليو، وقبيل ساعات معدودة من انتهاء المهلة، طلب السيسي من معاونيه الاتصال بثلاث شخصيات لإجراء محاولة تدخل أخيرة مع الرئيس مرسي لإقناعه، وكان الثلاثة هم الدكتور محمد سليم العوا، والدكتور هشام قنديل، والدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشوري" كان ذلك حديث الصحفي ياسر رزق رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم، لكواليس لقاء محمد مرسي ووزير الدفاع عبدالفتاح السيسي قبل انتهاء مهلة القوات المسلحة.
"وظهيرة نفس اليوم علمت بالصدفة بوجود الدكتور أحمد فهمي في مبني القيادة المشتركة، واتصلت به وعرفت أنه ذاهب للقاء الرئيس لمعرفة رأيه فيما طرح عليه وبعدها هاتفته من جديد، وعرفت أن كل ما يطرحه الرئيس هو تغيير وزاري، واجراء انتخابات برلمانية، ثم بعد ذلك يتم الحديث عن مسألة الاستفتاء، وكان واضحاً إذن، أن الإخوان يستبعدون تدخل الجيش لإنفاذ إرادة الجماهير، وكان رهانهم علي أن الجيش سيحجم خوفا من المواجهة" كما قال رزق، في مقال نشر على بوابة أخبار اليوم
الجميع يتنظر
دقت الساعة التاسعة مساء يوم 3 يوليو 2013، ينتظر الجميع أمام شاشات التلفاز، ما سيحدث بعد انتهاء مهلة القوات المسلحة، وكان قبلها بساعات تم الإعلان عن اجتماع وزير الدفاع مع شيخ الأزهر وبابا الكنيسة وبعض قيادات جبهة الانقاذ، الجميع ينتظر ويتساءل، ماذا سيحدث، وماذا ستكون نتيجته في السنوات المقبلة ؟ هل ينضم الجيش للمظاهرات الحاشدة في أغلب ميادين مصر أم يترك الساحة وتتحول لصراع شوارع؟
البيان
وجاء البيان المنتظر، من جميع الأطراف سواء مؤيد أو معارض لاستمرار محمد مرسي، فأعلن وزير الدفاع الفريق عبدالفتاح السيسي إنهاء حكم الرئيس محمد مرسي على أن يتولى عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا إدارة شئون البلاد لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وبعض الإجراءات في خارطة الطريق، وعقب البيان قام شيخ الأزهر أحمد الطيب بإلقاء كلمة، ثم عقبه كلمة للبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية ثم تحدث للدكتور محمد البرادعي المفوض من قبل المعارضة المصرية، وعضو مؤسس بجبهة الانقاذ.
وكانت "خارطة المستقبل" التي أعلنها "السيسي" بها الإجراءات التالية:-
• تشكيل حكومة كفاءات وطنية تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة المرحلة الحالية.
• تشكيل لجنة مراجعة التعديلات الدستورية على دستور 2012 .
• مناشدة المحكمة الدستورية العليا اقرار قانون انتخابات مجلس النواب ، والبدء في اجراءات الانتخابات.
• اتخاذ اجراءات لتمكين ودمج الشباب في مؤسسات الدولة ليكونوا شركاء القرار في السلطة التنفيذية.
• تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية تمثل مختلف التوجهات .
• وضع ميثاق شرف اعلامي يكفل حرية الاعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية .
هل كان انقلابا ؟!
سؤال تبادر في أذهان الكثيرين، هل هي ثورة أم انقلاب، يوجد تباين في ردود الأفعال حول ما قام به الجيش المصري، فاعتبره البعض من أنصار الجماعة ومؤيدي المعزول انقلاباً عسكرياً، واعتبره البعض الآخر استجابة "للمطالب الشعبية" بعد فشل جماعة الإخوان والرئيس الأسبق محمد مرسي في إدارة شؤون البلاد.
تحولات كثيرة حدثت في البلاد بعد عزل محمد مرسي، فالبعض يظن أن هذا البيان أنقذ مصر من دمار وخراب كان سيحل بها لو استمرت جماعة الإخوان في البلاد، والبعض الآخر كان يرجح فكرة أنه كان لابد أن يكمل فترته الرئاسية.