أحمد فايق يكتب: الغرب المتدين بطبعه 3.. كيف يستثمرون فى البشر؟
صناعة المواطن الشريف فى أوروبا
الضابط الطيار فى كل بلاد العالم له الأولوية فى كل شىء، حتى فى مصر، إذا خيرت الدولة بين خسارة طيارة ثمنها عشرات الملايين من الدولارات وبين حياة الضابط الطيار فإنها تختار حياة الطيار، لقد حدث هذا بعد نكسة ٦٧ خسرت مصر معظم الطائرات على الأرض، رفضت القوات المسلحة خسارة المزيد من أرواح الطيارين، قامت بتحديث سلاح الجو بالكامل، إن عملية إعداد الطيار تستغرق سنوات وأموالا طائلة، وتدريبه صعب وقاس وقد يفقد عمره، فى هذه البلاد كل المواطنين مثل الضابط الطيار يعتبرونه وثيقة استثمار طويلة المدى، تدفع فيه الدولة الملايين كى تستفيد منه فى كل شىء .....
لقد وضعوا تصنيفا عمريا للبشر فى أوروبا وأمريكا وكندا وإنجلترا وكل البلاد التى حققت المراكز الأولى فى الدول الأكثر تطبيقا لمبادئ الإسلام فى العالم ضمن دراسة علمية أعدتها جامعة أمريكية وشارك فيها علماء مسلمون من كل بلاد العالم.
من سن ١٨ وحتى ٢٥ عاما يسمى "youth" أو شباب ومن عمر ٢٥ حتى ٦٥ يسمى adult أو ناضج ومافوق الـ٦٥ يسمى senior فى ألمانيا تمنح الدولة مزايا إضافية لفئتى الشباب وكبار السن أى من تتراوح أعمارهم مابين ١٨ إلى ٢٥ سنة فقط أو ما تزيد أعمارهم على ٦٥ عاما، فهى دولة تحترم الشباب مثلما تحترم الكبار وتستثمر فى مستقبلهم، للشباب خصم ٥٠ فى المائة على تذاكر القطار والمواصلات العامة وخصومات كبيرة فى السينما والمسرح والعروض الثقافية المختلفة.
فى أوروبا تدفع الدولة مصاريف التعليم كاملة فى التعليم الأساسى وفى بعض الدول تتكفل بمصاريف الجامعات، نحن نتحدث عن تعليم حقيقى كامل قائم على البحث العلمى ولا علاقة له بالصم، غير مسموح للطالب فى التعليم الأساسى بالمذاكرة فى المنزل، يومه الدراسى ينتهى فى المدرسة، هناك لا يتعلم فى الكتب فقط، هو يخرج من المدرسة يجيد السباحة وقيادة السيارات ويعرف قواعد المرور، يمارس الرياضة يوميا، قضى شهورا فى العمل بالخدمة العامة، قام بأعمال خيرية فى الحى الذى ينتمى إليه، شارك فى ندوات ومؤتمرات وأبحاث تناقش أزمات المجتمع الذى ينتمى إليه، يتعرض لاختبارات صحية دورية نعرف من خلالها وضعه الصحى، لديه ملف كامل فى الدولة تستطيع أن تصل إليه بضغطة زر كمبيوتر واحدة.
ثم يذهب إلى الجامعة.
هناك دول مثل ألمانيا تتحمل بالكامل تكلفته ودوّل أخرى مثل فنلندا يحصل الشاب على قرض من الدولة بفائدة ١ فى المائة سنوية لمصاريف تعليمه الجامعى، ولا يسدده قبل أن يعمل ولو فشل فى إيجاد عمل يسقط القرض من عليه.
لقد استثمرت الدولة فيه ودفعت عشرات الآلاف وآن الأوان أن تحصد مازرعته.
هذا الشاب أصبح ناضجا وتجاوز عمره الـ٢٦ عاما فهو يدفع تذكرة قطار كاملة وتذاكر كاملة من وسائل المواصلات العامة، يدخل إلى سوق العمل تعلم كل شىء لذا فهو يعرف جيدا كيف ينتج، يستطيع قيادة السيارة ويعرف قواعد المرور، يعرف حقوقه القانونية وواجباته، يدفع ضرائب للدولة تصل إلى ٦٥ فى المائة من دخلهم، هذه الأموال تذهب مرة أخرى للاستثمار فى جيل آخر من الشباب.
