مى سمير تكتب: بريطانيا ستغير خريطة العالم

مقالات الرأي



سواء كان يوماً للاستقلال أم دخولاً فى نفق مظلم

■ إسبانيا ترى أن الوقت حان لاستعادة منطقة جبل طارق من لندن 

■ القرار البريطانى يشجع هولندا وبلجيكا على الانفصال وانهيار الاتحاد 

■ خروج إنجلترا من الاتحاد الأوروبى دفعة لليمين المتطرف بالقارة العجوز

إنه يوم الاستقلال، هكذا أعلن بعض المحللين السياسيين البريطانيين، بينما وصفه آخرون بأنه يوم دخول لندن فى نفق مظلم، وما بين الاستقلال والنفق المظلم، يبقى الاستفتاء الذى صوت فيه أغلب الناخبين البريطانيين، لصالح الانفصال عن الاتحاد الأوروبى، حدث استثنائى سيلقى بظلاله على القارة العجوز وعلى توازن القوى العالمية.

كما تلقى نتائج هذا الاستفتاء بالضوء على توسع اليمين المتطرف فى أوروبا وانعكاسات هذه التحولات السياسية على العلاقات الدولية وأوضاع المسلمين فى القارة البيضاء، وفى ظل هذا التحول الكبير الذى تشهده يطل على الطرف الآخر من المحيط الأطلنطى المرشح الجمهورى دونالد ترامب، الأقرب للوصول إلى البيت الأبيض بأفكاره الأقرب للفاشية، وما بين يمين أوروبا المتطرف وفاشية ترامب يتجه العالم نحو عصر جديد من المتغيرات السياسية.

1- سر المادة 50 فى الانقلاب البريطانى

انعكست نتائج الاستفتاء البريطانى الذى شارك فيه 72% من الناخبين، وهو أعلى معدل مشاركة فى بريطانيا منذ عام 1992، ليس فقط على الحياة السياسية فيها ولكن على الاقتصاد المحلى أيضاً، ورغم أن إجراءات الانفصال عن الاتحاد الأوروبى لن تتم على الفور، إلا أن تبعيات الاستفتاء انعكست فى كثير من نواحى الحياة البريطانية.

ويتوقع أنصار رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، أن يلجأ إلى المادة 50 من معاهدة لشبونة، «اتفاية الاتحاد الأوروبى»، الأمر الذى يفتح الباب أمام إجراء مفاوضات حول الانفصال، تستمر عامين على الأقل، لما تتسم به هذه العملية القانونية السياسية من تعقيد كبير.

وتحولت المادة 50 إلى أكثر المواد القانونية شهرة فى الفترة الأخيرة، فهذه المادة ستنظم خروج بريطانيا من الاتحاد، وهى سارية منذ 2009، ولكن لم يسبق اللجوء إليها من قبل، وتسمح للحكومات بالإخطار عن نيتها بالمغادرة، وبالتالى تبدأ المباحثات بشأن عدد من القضايا بين الدولة الراغبة فى الخروج وبقية الأعضاء، وفى حال عدم التوصل إلى اتفاق، تتوقف العضوية تلقائياً بعد مدة عامين من الإخطار، ومشكلة هذه المادة أنها ليست سوى إطار أساسى لمغادرة دولة ما للاتحاد ولا تشمل تلقائياً قضايا مثل حركة الأشخاص والتجارة، التى قد تستغرق سنوات للتوصل إلى اتفاق بشأنها.

ومن المؤكد أن كاميرون ليس المسئول الذى سيتولى إدارة المفاوضات مع الاتحاد من أجل خروج بريطانيا منه، فقد أعلن أنه سيترك منصبه فى أكتوبر المقبل وذلك فى بيان ألقاه أمام مقر الحكومة فى لندن، بعد ظهور النتائج النهائية للاستفتاء، وأنه سيدير شئون البلاد مؤقتاً خلال الأشهر المقبلة واعترف بأن بلاده تحتاج لقيادة جديدة.

2- حفيد وزير تركى مرشح لقيادة الإمبراطورية البريطانية

إذا كانت نتائج هذا الاستفتاء أنهت مشوار كاميرون، إلا أنها لن تؤثر على حزب المحافظين الذى ينتمى إليه كاميرون، خاصة أن عمدة لندن السابق، بوريس جونسون، أحد قادة الحزب أعرب عن تأييده لخروج بريطانيا من الاتحاد واعتبر كثير من المحللين نتائج الاستفتاء بمثابة انتصار شخصى لجونسون، المتوقع أن يكون رئيس وزراء بريطانيا القادم.

ولكن من هو بوريس جونسون؟ جونسون واحد من أكثر سياسيى بريطانيا شعبية، وبحسب «سى إن إن» فإن دعم جونسون لخروج بريطانيا من الاتحاد، كان أحد أسباب تصويت الأغلبية لعدم البقاء فيه ويشبه المحللين جونسون بالمرشح الجمهورى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، دونالد ترامب، خاصة فى الحديث بصراحة، والسخرية اللاذعة، والتعبير عن وجهة نظره مهما كانت صادمة أو مثيرة للجدل، دون أن ننسى تسريحة الشعر المميزة، فكلاهما يعطى أهمية خاصة لشعره، وكما ساعدت هذه الصفات ترامب فى التحول للحصان الأسود فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، فإن هذه الصفات ساعدت جونسون النائب البرلمانى فى اكتساب شعبية واسعة تدفعه بقوة لإدارة بريطانيا فى السنوات المقبلة.

وقبل الدخول فى عالم السياسة، كان جونسون صحفياً ناجحاً يكتب فى العديد من الجرائد الكبرى مثل التايمز والدايلى تليجراف، وعندما تم انتخابه كعمدة بريطانيا، قال إن راتبه كصحفى يفوق راتبه كسياسى.

يذكر أن أصول جونسون، تركية، فوالد جده، يدعى محمد كمال وبحسب صحيفة الاندبندنت البريطانية، فإن الأخير كان وزيراً فى الدولة التركية وتم اغتياله بعد إثارته غضب مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة.

لكن بوريس جونسون ليس المستفيد الوحيد من نتائج الاستفتاء، فمن أبرز الوجوه السياسية التى استفادت من هذه النتيجة نايجل فاراج، زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة، الذى اعتبر أن خروج بلاده من الاتحاد الأوروبى، هو بداية فجر بريطانيا المستقلة.

وكان ظهور هذا الحزب الذى يتسم بأفكاره العنصرية ومعاداة المهاجرين أحد أهم الأسباب التى دفعت ديفيد كاميرون إلى إجراء الاستفتاء، ولكن التحليلات السياسية، تستبعد، أن يأتى فاراج، كرئيس للوزراء، ولكن من المؤكد أن نتائج التصويت ستعطى حزبه دفعة للأمام لكى يلعب دوراً أكبر فى الحياة السياسية.

3- إنه الاقتصاد يا كاميرون

الانقلابات السياسية فى بريطانيا ليست هى الشاغل الأكبر، فالتبعيات الاقتصادية قد تكون أكثر خطورة، وعلى سبيل المثال بمجرد إعلان النتائج النهائية للتصويت انخفض سعر الجنيه الاسترلينى، لأقل معدل له أمام الدولار منذ عام 1985، وطلب وزير الخزانة فى حكومة الظل جون ماكدونل، من البنك المركزى الإنجليزى، التدخل لدعم الجنيه الاسترلينى الذى فقد 3% من قيمته أمام العملة الأمريكية ونحو 7% أمام اليورو.

وبحسبب تقرير مفصل لموقع «بى بى سي» فإن المشكلة الاقتصادية ستمتد وتتعدد مظاهرها لتضم زيادة التضخم، كما تتوقع وزارة الخزانة انحفاض أسعار العقارات، زيادة الفوائد على القروض، وانخفاض الأجور بنسبة تصل إلى 4%، وارتفاع نسبة البطالة، كما أكد وزير الخزانة البريطانى، جورج اسبورن، أن التصويت بالخروج من الاتحاد الأوروبى قد يؤدى إلى رفع الضرائب أيضاً.

4- الخائفون من المهاجرين غيروا خريطة أوروبا

«اللعنة، إنه يوم سيئ لأوروبا» يلخص هذا التصريح الذى أدلى به سيجمار جابريل، نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، فى تغريدة على موقع تويتر، ردود أفعال الدول الأوروبية الأعضاء فى الاتحاد، فخروج بريطانيا قد يكون مجرد حلقة أولى فى مسلسل تداعى الاتحاد وانهياره.

على موقع «حملة من أجل بريطانيا مستقلة» وهى الحملة التى دعت البريطانيين إلى التصويت للمغادرة تم رصد مجموعة من الأسباب التى تدعم فكرة استقلال بريطانيا عن قيود الاتحاد الأوروبى، وهى الأسباب التى قد تجد صداها فى مختلف الدول الأوربية التى تشهد بالفعل دعوات من أجل إجراء استفتاءات مشابهة كما حدث فى هولندا وبلجيكا.

لعل أهم أسباب الخروج البريطانى، هو التحكم فى الهجرة، فلندن تركت للاتحاد إدارة عمليات الهجرة ما بين دول الاتحاد، بحيث لا تتحكم سوى فى المهاجرين القادمين من الخارج، شكلت هذه القضية هاجساً يؤرق كثيراً من البريطانيين وغيرها من دول الأوروبية فى ظل عجز الاتحاد الكبير عن التعامل مع أزمة اللاجئين السوريين التى بدأت مع خريف عام 2015، وانتشار ظاهرة الإرهاب التى أصابت فرنسا وبروكسل، ولهذا يسعى البريطانيون إلى حماية أنفسهم وإدارة حدودهم على النحو الذى يتناسب مع سياستهم.

يرى بعض التحليلات السياسية أن الناخب البريطانى الذى صوت للمغادرة حركته مشاعر قومية ورغبة الاستقلال بوطنه عن دول الاتحاد التى تختلف فى اللغة والتاريخ والثفاقة، وفى نفس الوقت توفير الحماية من الأقليات المهاجرة التى أصبحت تشكل تهديداً ديموغرافياً لا يمكن تجاهله.

تبقى أيضا المشكلات الاقتصادية التى يعانى منها الاتحاد الأوروبى بمثابة إحدى المعضلات الأساسية التى تهدد مستقبله فقد فشل من خلال ذراعه المالى المتمثل بالبنك المركزى الأوروبى فى حل مشكلات هيكلية فى الاقتصادات الأوروبية كمعدلات البطالة المرتفعة وتدنى معدلات الفائدة، والتضخم.

كما فشل الاتحاد فى مساعدة الدول الصغيرة أو التى يطلق عليها الأسواق الطرفية مثل اليونان وبولندا من أجل الارتقاء بأدائهم الاقتصادى، ودفع هذا الوضع بأعداد ضخمة من سكان أوروبا الشرقية التى تعانى من المشكلات الاقتصادية فى الانتقال إلى أوروبا الغربية المستقرة اقتصادياً بحثاً عن فرصة عمل وكذلك الاستفادة من برامج الضمان الاجتماعى.

هناك أيضا النموذج السويسرى، فسويسرا بلد ليس عضواً فى الاتحاد لكنها تملك معدلات نمو اقتصادى وناتجاً إجمالياً محلياً أفضل من بريطانيا ومعدلات بطالة أقل وعملة أقوى من الجنيه الاسترلينى، وبالتالى فإن جنيف تعد دليلاً عملياً على أن الانضمام للاتحاد ليس ميزة كبيرة.

على ناحية أخرى، من الطبيعى أن يتأثر الاتحاد الأوروبى بخروج بريطانيا التى تعد ثانى أكبر اقتصاد فى أوروبا بعد ألمانيا، وتمثل لندن 17.6% من الناتج المحلى الإجمالى للاتحاد البالغ 14.6 تريليون يورو، كما تعد بريطانيا قوة دبلوماسية وسياسية لا يستهان بها فى العالم، إلى جانب كونها قوة عسكرية عظمى، فهى أكثر دولة فى منظمة الناتو، من ناحية الإنفاق العسكرى، كما تتميز أيضاً باستعدادها لاستخدام القوة العسكرية فى الخارج.

5- مغادرة أوروبا يتبعها تقسيم بريطانيا نفسها

هذا الإعصار لن يقتصر فقط على السياسة والاقتصاد، لكن آثاره ستمتد أيضاً للجغرافيا لتشهد خريطة العالم تغيرات بدأت بوادرها فى الظهور.

أول معالم هذه التغيرات ظهر فى أيرلندا الشمالية، التى تعد جزءاً من بريطانيا، فقد دعا حزب «شين فين» الذى يمثله نواب على كلا الجانبين من الحدود، إلى التصويت حول ما إذا كان ينبغى على أيرلندا الشمالية أن تظل جزءاً من المملكة المتحدة أو أن تصبح جزءاً من أيرلندا الموحدة.

وعبرت أيرلندا على لسان وزير خارجيتها تشارلى فلاناجان، عن رغبتها فى ضم أيرلندا الشمالية، على ناحية أخرى بدأت الإشكاليات السياسية فى الظهور حيث اختلفت الحكومة الأيرلندية مع وزيرة الدولة البريطانية لشئون أيرلندا الشمالية، تيريزا فيليرز، بشأن ما إذا كان سيصبح من الضرورى تشديد أم تخفيف الرقابة الحدودية إذا قرر البريطانيون مغادرة الاتحاد الأوروبى، ومن المؤكد أن نظاماً جديداً لمراقبة الحدود سيتم استحداثه بما أن أيرلندا هى الدولة الوحيدة فى الاتحاد الأوروبى التى تشترك فى حدود برية مع بريطانيا.

ولم يختلف الوضع كثيراً فى منطقة جبل طارق، فبعد التصويت بشكل حاسم للبقاء فى الاتحاد من قبل سكان منطقة جبل طارق التابعة لبريطانيا، قال وزير الشئون الخارجية والتعاون الإسبانى، خوسيه مانويل جارسيا مارجايو، إن القرار البريطانى بمغادرة الاتحاد فتح إمكانات جديدة بشأن وضع هذه المنطقة.

واعتبر مارجايو أن احتمال رفع العلم الإسبانى على جبل طارق أصبح قريباً جداً ونظراً لرغبتها فى البقاء بالاتحاد الأوروبى، تتجه اسكتلندا أيضاً لإجراء استفتاء من أجل الانفصال عن بريطانيا كما أعلنت رئيسة الوزراء الاسكتلندية، نيكولا ستورجين.

6- دفعة لليمين المتطرف فى القارة القديمة

على ناحية أخرى أعطى هذا الاستفتاء البريطانى دفعة قوية لليمين المتطرف فى جميع أنحاء أوروبا، وفى فرنسا وصفت زعيمة اليمين المتطرف، مارى لوبان، نتائج الاستفتاء عبر تغريدة لها بأنه «انتصار للحرية»، كما طالب النائب الهولندى اليمينى المتطرف، جيرت فيلدرز، بإجراء استفتاء حول إمكانية خروج هولندا من الاتحاد.

وكانت جريدة نيويورك تايمز، الأمريكية، قد نشرت تحقيقاً تعرضت فيه للصعود الكبير الذى تشهده تيارات اليمين المتطرف فى أوروبا، حيث شهدت جولة الانتخابات الرئاسية فى النمسا، التى بدأت فى إبريل 2016 صعود نوربرت هوفر، مرشح حزب الحرية، المعادى للمهاجرين ورغم خسارته فى الجولة النهائية لصالح السكندر فان دير بيلين، إلا أن نجاحه للوصول للجولة النهائية وحصوله على 35% من الأصوات بالجولة الأولى يؤكد أن حزبه سينجح فى الفوز بنسبة كبيرة فى الانتخابات البرلمانية.

فى بولندا، تمكن حزب القانون والعدالة، الجناح اليمينى فى بولندا من دخول الحكومة بقوة من خلال الفوز بـ39% من الأصوات فى الانتخابات البرلمانية فى 2015، وفى المجر، تمكن الحزب اليمنى «فيدس» من الفوز بالأغلبية البرلمانية على مدار 3 انتخابات، كما حصد حزب جوبيك اليمينى المتطرف المعادى للمهاجرين على 20% من الأصوات فى الانتخابات البرلمانية فى 2014، ليصبح ثالث أكبر الأحزاب المجرية، وفى السويد، تمكن الحزب الديمقراطى اليمينى المتطرف من حصد 13% من الأصوات فى انتخابات البرلمانية 2014، واحتل المرتبة الأولى فى استطلاعات الرأى الأخيرة، وفى اليونان فاز حزب الفجر الذهبى بـ18 مقعداً فى الانتخابات البرلمانية 2015، ويتسم الحزب بنشاطه الواسع ضد المهاجرين.

وفى فرنسا اكتسب حزب الجبهة اليمينى المتطرف زخماً كبيراً خاصة فى أعقاب الأحداث الإرهابية التى تعرضت لها فرنسا فى العام الماضى، ومن المتوقع أن تترشح زعيمة الحزب مارى لوبان، فى انتخابات الرئاسة القادمة.

ولا يختلف الوضع كثيراً فى ألمانيا، فقد تأسس حزب البديل من أجل ألمانيا، اليمينى المتطرف، منذ 3 سنوات كحركة احتجاجية ضد عملة اليورو، وتمكن من الفوز بـ25% من الأصوات فى انتخابات الولايات الألمانية فى مارس2016، ما يعكس صعوداً غير متوقع لليمين المتطرف فى الدولة التى تعتبر القائد غير الرسمى للاتحاد.

هذا الصعود لليمين المتطرف، سينعكس بشكل سلبى على المهاجرين فى أوربا خاصة المسلمين، وتتبع هذه الأحزاب سياسات تسعى إلى تضييق الخناق على الإعانات التى تقدمها الحكومة للمهاجرين، بما فيها الرعاية الصحية، وكذلك تقليل أعداد المهاجرين الوافدين إلى أوروبا.

يذكر أن اتساع مد اليمين المتطرف فى أوروبا يأتى فى الوقت الذى أصبح فيه رجل الأعمال الأمريكى دونالد ترامب، الحصان الأسود فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وترامب لا يمثل فقط اليمين المتطرف فى أمريكا فقد اعتبره بعض المحللين نموذجاً جديداً للفاشية، الأمر الذى يهدد مستقبل العالم فى حالة وصوله للبيت الأبيض، خاصة فى ظل آرائه العنصرية خاصة ضد المسلمين.

الخروج مصلحة لواشنطن وحرية أكبر لفرنسا وألمانيا.. والشرق الأوسط قد يستفيد

رغم أن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، دعا بريطانيا، خلال زيارته الأخيرة للمملكة المتحدة، فى إبريل الماضى للبقاء فى الاتحاد وبحسب عباراته فإن انجلترا ستقف فى نهاية صف العلاقات التجارية التى تربط أمريكا بأوروبا فى حال خروجها من الاتحاد، إلا أن التحليلات السياسية تؤكد أن خروج بريطانيا سيصب مباشرة فى مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية.

وبحسب زيدان خليف، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة باريس، لموقع دويتش فيل، فمن المتوقع زيادة درجة الانسجام بين أمريكا وبريطانيا فى مجال السياسة الخارجية، وتاريخياً اتسقت سياسة الدولتين الخارجية ولكن بريطانيا كانت تحرص على عقد توازنات فى علاقتها بأمريكا حتى لا تتعارض مع السياسات العامة للاتحاد، واليوم لم تعد لندن فى حاجة لعقد مثل تلك التوازنات بعد أن تحررت من عضويتها.

كما أن التعاون الاستخباراتى والعسكرى بين أمريكا وبريطانيا سيضمن حرص واشنطن على دعم بريطانيا وبالتالى وعلى العكس من تصريح أوباما، من المستبعد أن تقف فى آخر الصف، أما خروج بريطانيا من الاتحاد وتأثير ذلك على منطقة الشرق الأوسط، فإن الأمر قد يصب فى مصلحة العلاقات العربية مع الاتحاد حيث كانت لندن تمثل فى أغلب الوقت صوتاً يتماشى مع المصالح الأمريكية، وبالتالى فإن إدارة ألمانيا وفرنسا للاتحاد وإدراتهما للعلاقة مع الشرق الأوسط ستكون أفضل، أما فيما يتعلق بالاستثمارات العربية التى تصل قيمتها إلى 60 مليار جنيه استرلينى، فمن الطبيعى أن تتأثر خاصة أن أغلب الاستثمارات العربية استثمارات عقارية، لكنها لن تتأثر على المدى البعيد.