د. بهاء حلمى يكتب: أمن الفضاء المعلوماتى ضرورة لاستكمال منظومة الدفاع

مقالات الرأي

د. بهاء حلمى - صورة
د. بهاء حلمى - صورة أرشيفية


تؤكد المادة 31 من الدستور المصرى أن «أمن الفضاء المعلوماتى هو جزء أساسى من منظومة الاقتصاد والأمن القومى، وتلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ عليه.

ويعتبر مصطلح الفضاء المعلوماتى «السيبيرى» حديثًا فقط أطلقه الأمريكى وليام جيبسون لدى وصفه للبيئة الافتراضية للإنترنت ووسائل الاتصال الرقمية فى روايته الشهيرة «نيورومانسر» عامر 1984م.

إلا أن التطور فى تكنولوجيا المعلومات أو تكنولوجيا الاتصالات مذهل.. وباتت الجرائم الإلكترونية تشكل تحديًا للأجهزة القانونية والأمنية وسيادة الدول فى ضوء قصور التشريعات الحالية على الصعيدين الدولى والمحلى.

وإذا كان تأثير تلك الجرائم سلبيًا على عمليات التجارة الدولية والمصرفية ويؤدى إلى خسائر للشركات حول العالم قد تصل إلى 2.1 تريليون دولار بحلول العام 2019م وفقًا لتقرير سيسكو السنوى للأمن، فلها تأثير أيضًا على الحقوق والحريات الشخصية وتهدد الأمن القومى والسيادة الوطنية إضافة لأثرها السلبى على الأبناء والدخول لمواقع محظورة.

فالخطر يتضاعف بالنسبة للدول النامية التى لا تمتلك تكنولوجيا خاصة بها، وتعتمد على استيرادها من الدول المتقدمة والمحتكرة لها، لأن الدول النامية فى مرمى الاستهداف الإلكترونى فضلاً عن خضوع معلوماتها للدول التى تمتلك مفاتيح البرامج الإلكترونية ووسائل حمايتها.

وإذا كان الإرهاب يتمحور حول التفجيرات فإن الحرب الإلكترونية يتسع نطاقها لتشمل جميع مناحى الحياة، ما دعا البعض إلى المناداة بأن التهديد القادم من الإرهابيين الجدد قراصنة الإنترنت سيكون عابرًا للحدود وفتاكًا، وذلك بعد شن روسيا هجومًا إلكترونيًا على جميع المواقع الرسمية الجورجية على شبكة الإنترنت.

وتفرض الصين رقابتها الإلكترونية الصارمة على فضائها المعلوماتى ووصفت صحيفة جلوبال تايمز الصينية ذلك بالحائط النارى العظيم الذى سيعطى الصين الوقت لتشكيل قواها الناعمة فى وجه التدخل الغربى فى الرأى.

ويزداد اهتمام الدولة بأمن الفضاء المعلوماتى فعقد أول اجتماع للمتخصصين بين أمريكا والصين لمناقشة الأمن الإلكترونى الدولى والأعراف الدولية وسلوكيات الدول حيال بعضها البعض والتعاون لمنع الاختراق الإلكترونى فى مايو الماضى.

وعقدت قمة أمنية آسيوية فى سنغافورة لبحث الأمن الإلكترونى فى ضوء سرقة 81 مليون دولار من حساب للبنك المركزى فى بنجلاديش فى فبراير الماضى، وأعرب ممثل الهند عن الاستعداد لتأسيس جيش يضم 500 ألف مفتش إلكترونى خلال خمس سنوات لمكافحة الجرائم المتطورة، وناقش مؤتمر الخليج فى مارس الماضى مخاطر الأمن الإلكترونى وتأثيره على الطموحات الرقمية، وهناك مشروع قانون مكافحة الجريمة الإلكترونية أمام مجلس النواب المصرى.

ونحن نرى أن أمن الفضاء المعلوماتى ضرورة لاستكمال منظومة الدفاع فى مصر، وأن إصدار القانون يعتبر أحد محاور استراتيجية أمنية تعتمد على:

أولاً: إلزام المؤسسات والشركات العامة والخاصة لتعيين مدير أمن إلكترونى على غرار مسئول الالتزام بالبنوك يكون على درجة من الكفاءة لتقليل المخاطر الإلكترونية وسرعة مواجهتها تنسيقًا والمركز المصرى للاستجابة والطوارئ المعنى بتنسيق الفضاء الإلكترونى فى مصر.

ثانيًا: تأسيس جيش إلكترونى متخصص لحماية وتأمين الفضاء المعلوماتى تنسيقًا والإدارة العامة لتكنولوجيا المعلومات بوزارة الداخلية، وأجهزة المعلومات المختصة بالدولة.

ثالثًا: المزيد من الاهتمام والاستثمار فى التكنولوجيا لإنتاج وتصميم التكنولوجيا بعقول وطنية ليس للأمن والحماية فقط بل للتصدير وجلب العملات الصعبة.

رابعًا: نشر ثقافة أمن الفضاء المعلوماتى بالمدارس والجامعات والمعاهد وتوعية الناس من خلال وسائل الإعلام.

خامسًا: مداومة التنسيق والتعاون الدولى لدمج الإمكانات الأمنية للتعامل مع التهديدات ومضمونها دون المساس بالحريات والحقوق، بما يكفل تحقيق أمن الفضاء المعلوماتى بوجهيه وهما الأول المعلوماتى والتقنى والوجه الثانى، القانونى والتنظيمى.