لم تدم أكثر من يوم أجواء التفاؤل، شعبياً وسياسياً، بأن تكون المصالحة مع روسيا وإسرائيل فاتحة لسياسة خارجية جديدة تُكسب تركيا مزيداً من الأصدقاء وتقلّل الأعداء. إذ إن التفجيرات الانتحارية التي استهدفت مطار أتاتورك الدولي في اسطنبول ليل الثلثاء، ذكّرت الأتراك بأن الإرهاب هو أخطر عدو تواجهه بلادهم الآن. وأعلن مسؤول أمني تركي أن «العالم سيشهد مفاجآت كبرى» في بلاده.
وووفقا للحياة اللندنية، فالتفجيرات التي اتهمت أنقرة تنظيم «داعش» بتنفيذها، قلبت مزاج السياسة العامة في تركيا التي أعلنت حداداً رسمياً ليوم، على أرواح 41 شخصاً بينهم 6 سعوديين، قتلهم ثلاثة انتحاريين. ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية «إدانة المملكة واستنكارها الشديدين الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت مطار أتاتورك»، مؤكداً «تضامن المملكة ووقوفها إلى جانب الشقيقة تركيا». وعزّى «أسر الضحايا وتركيا الشقيقة، حكومة وشعباً»، متمنياً شفاءً عاجلاً للمصابين، كما تلقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان برقيات تعزية من القيادة السعودية.
وأعلن البيت الأبيض أمس، أن الرئيس باراك أوباما أبلغ نظيره التركي خلال اتصال هاتفي، استعداده لـ «عرض أي مساعدة قد يحتاج إليها الأتراك، خلال التحقيق (في التفجيرات)، واتخاذهم خطوات لتعزيز الوضع الأمني في بلدهم». وأبدى «قلقاً من قدرة داعش على شنّ هذا النوع من الهجمات الإرهابية، ليس في العراق وسورية فقط، بل في أماكن أخرى» أيضاً.
وكان أردوغان اعتبر أن «الهجوم الذي نُفذ خلال شهر رمضان، يظهر أن الإرهاب يضرب من دون أي اعتبار لمعتقد أو لقيم»، وحض المجتمع الدولي على «مكافحة مشتركة» للإرهاب.
والهجوم على مطار أتاتورك هو الأكثر دموية بين خمسة تفجيرات استهدفت اسطنبول هذه السنة، اتُهم «داعش» بتنفيذ اثنين منها، وطاولت مواقع سياحية، فيما أعلن ناشطون أكراد مسؤوليتهم عن الأخرى. ويذكّر الهجوم الأخير بأسلوب تفجيرات باريس التي أوقعت 130 قتيلاً في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، وبتفجيرات بروكسيل التي أوقعت 32 قتيلاً في المطار والمترو في آذار (مارس)، ونفذها «داعش». وكان لافتاً استئناف العمل في مطار أتاتورك بعد 12 ساعة على التفجيرات، علماً أن مطار بروكسيل استأنف عمله بعد 12 يوماً على هجمات آذار.
وأفادت الرواية الرسمية التركية بأن ثلاثة انتحاريين حاولوا دخول صالة الرحلات الدولية في مطار أتاتورك الساعة العاشرة ليل الثلثاء، وعند نقطة التفتيش الشخصي على باب الصالة، اكتشف المفتشون سلاحاً مع أحدهم أثناء تفتيشه، فأخرج زميله الذي ينتظره في الطابور بندقية كلاشنيكوف وأطلق النار على رجال الأمن والناس، فيما ألقى الثالث قنبلة يدوية داخل المطار، لكي يفتح المهاجم الأول الطريق لزميليه. وأظهر فيديو مهاجماً داخل مبنى الركاب، سقط أرضاً بعد إطلاق شرطي الرصاص عليه، ثم فجّر نفسه.
وأعلنت السلطات التركية مقتل 41 شخصاً، بينهم 13 أجنبياً، وجرح 239. وبين القتلى خمسة سعوديين وعراقيان وتونسي وأوزبكي وصيني وإيراني وأوكراني وأردني.
وتحدث مسؤول تركي عن «لغز»، مشيراً إلى أن «السلطات تفحص لقطات كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة وإفادات الشهود»، علماً أن تقارير أمنية أفادت بأن الحكومة باتت تعرف هوية منفذي التفجيرات، وستعلنها بعد التأكد منها، باختبار الحمض النووي. ورجّحت وكالة «دوغان» للأنباء أن يكون الانتحاريون الثلاثة أجانب. وأعلن رئيس الوزراء بن علي يلدرم من موقع الهجوم أن «الأدلة تشير إلى داعش» مشدداً على أن الإرهاب «بات يشكّل تهديداً عالمياً»، ومرجحاً ارتباطه بخطوات تركيا للمصالحة مع روسيا وإسرائيل.
وإذا تبيّن أن اتهام «داعش» صحيح، ستكون هذه نقلة نوعية لرصيد أهداف التنظيم في تركيا، والتي اقتصرت سابقاً على تجمعات كردية وسياح أجانب، في تفجيرات بدت بعيدة من استهداف منشآت رسمية تركية.
ولعل هذا التحوّل الخطر دفع أردوغان إلى لقاء رئيس أركان الجيش الجنرال خلوصي أكار بعد الهجوم، لتقويم الرد العسكري على «داعش»، ما يفتح لتركيا باب تدخل عسكري في سورية للمرة الأولى، مستفيدة ربما من أجواء المصالحة مع موسكو ومن تعاطف دولي ضخم، واهتمام أميركي بدعم أنقرة في حربها على الإرهاب.
واعتبر محللون أتراك أن دور أنقرة قد يتعزّز في شكل قوي في التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش»، ورجحوا أن تلجأ الحكومة إلى تغيير مسؤولين أمنيين، استعداداً لحرب أوسع ضد التنظيم وشبكاته داخل تركيا وفي سورية والعراق. وقال مسؤول أمني تركي: «سيشهد العالم مفاجآت كبرى في تركيا، وداعش سيُجتث من جذوره ويُقضى عليه تماماً».
و تعقيباً على التصريحات التي أدلى بها رئيس وزراء تركيا
"بن على يلدريم" على مدار اليومين الماضيين فى قناة TRT
HABER التركية الرسمية
وأمام البرلمان التركي، حول علاقات بلاده مع مصر، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية
عن عدم الارتياح لاستمرار التناقض في التصريحات والمواقف التركية، والتأرجح مابين إظهار
الرغبة في تطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية مع مصر، وبين استمرار حالة عدم الاعتراف
بشرعية ثورة 30 يونيو وما نتج عنها من أوضاع سياسية ومؤسسات شرعية إختارها الشعب المصري.
وأكد المتحدث باسم الخارجية، على انه مع ترحيبنا بكل جهد
يستهدف تحسين تركيا لعلاقاتها مع مصر، إلا انه يجب أن يكون واضحا ان الاعتراف بشرعية
إرادة الشعب المصرى ممثلة فى ثورة 30 يونيو وما نجم عنها من تولى مؤسسات شرعية مسئولية
إدارة البلاد، يحتم الاعتراف بها والانخراط فى العمل معها كنقطة انطلاق لتطوير علاقة
تركيا مع مصر .
وأعلنت المعارضة التركية دعمها الحكومة في الحرب على «داعش» والإرهاب، لكنها وجّهت إليها انتقادات لاذعة، بعد كشف تحذير أميركا رعاياها من احتمال عمل إرهابي في اسطنبول قبل يوم من الهجوم، وأن جهاز الاستخبارات التركية كان حذر أجهزة الأمن ووزارة الداخلية من أن «داعش» يخطط لاستهداف مطار اسطنبول، قبل 20 يوماً من التنفيذ.