نص الكلمة.. "السيسي" في ليلة القدر: الدول التي تسقط في الفوضى لا تعود مرة أخرى
شهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم، الاحتفال الذي نظمته وزارة الأوقاف بمناسبة ليلة القدر، وذلك بقاعة الأزهر للمؤتمرات.
حيث كان في استقبال الرئيس لدى الوصول الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، وكل من المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، والدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، و الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية.
وألقى كل من الإمام الأكبر و الدكتور وزير الأوقاف كلمتين بمناسبة الاحتفال بليلة القدر، وقدم وزير الأوقاف للرئيس كتاب "حماية الكنائس في الإسلام" مترجماً إلى عشر لغات كهدية من وزارة الأوقاف.
كما قام الرئيس بتوزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة حفظ القرآن الكريم من المصريين ومن أبناء الدول الإسلامية.
وقد ألقى الرئيس كلمة بهذه المناسبة وجه خلالها التهنئة للشعب المصري وشعوب الدول العربية والإسلامية بمناسبة ليلة القدر، وقد تحدث الرئيس عقب إلقاء كلمته حيث نوّه إلى المرحلة الدقيقة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية في الآونة الراهنة. و
طرح الرئيس دعوة إلى تقييم وضع الأمة الإسلامية بين مختلف الأمم من حيث احترامها للعديد من القيم الإنسانية ومن بينها الصدق والأمانة والعمل والتواضع والسماحة ومساعدة الآخرين واحترام المرأة، مؤكداً أن جميع هذه القيم قد حث عليها الإسلام، ونوّه إلى أهمية إعلائها في المجتمع الإسلامي.
وأكد الرئيس في كلمته على أهمية تحقيق التوازن بين الإتباع وبين النظر والتدبر وإعمال العقل، ونوّه إلى أنه إذا كانت السُنة النبوية المُطهرة قد تمت مراجعتها ووُجد أن هناك حوالي 600 ألف حديث غير صحيح، فإنه من الأحرى أن يتم التصدي للتفاسير المغلوطة والممارسات الخاطئة التي يقوم بها البعض في عالم اليوم، والعمل على إيضاح عدم صحتها حتى يتعرف عامة المسلمين على صحيح الدين.
وحذر الرئيس من مغبة استغلال الخلاف المذهبي بين المسلمين، منوهاً إلى أن تفاقم هذا الخلاف يؤدي إلى مزيد من التقسيم والفُرقة، وشدد الرئيس على أهمية التصدي للتطرف من خلال عملٍ جاد ومنظم، والعمل على الحيلولة دون توسعه واستمراره في تشويه صورة الدين.
وأكد الرئيس أن الأمم لا تُقام إلا بالعمل والجهد والإخلاص وليس بالقتل والتخريب وتدمير الأوطان وترويع الآمنين. وأوضح الرئيس أن الدول التي تسقط في براثن الإرهاب والفوضى لا تعود مرة أخرى، منوهاً إلى أن أعداء الدول لم يعودوا مقتصرين فقط على الأعداء من الخارج ولكن أيضاً هناك أعداء من الداخل يودون هدم الدولة، وهو الأمر الذي يتطلب التصدي لمحاولات تقويض الدولة الوطنية.
وأكد الرئيس على أهمية التفكر والتدبر وإعمال العقل كقيم أساسية في الدين الإسلامي، وهو الأمر الذي يدعو إلى الاطلاع والمعرفة في الدين لترسيخ الإيمان. وشدد الرئيس على مسئولية الفرد أمام الله سبحانه وتعالى عما يقدمه للمجتمع وللدين الإسلامي دفاعاً عن قيمه الصحيحة وإظهاراً لحقيقته السمحة.
وإلى نص الكلمة:_
بسم الله الرحمن الرحيم
نحتفل اليوم معاً بليلة القدر.. التي جعلها الله سبحانه وتعالي خير من ألف شهر.. فأنزل فيها القرآن الكريم نوراً يهدي به إلى صراط مستقيم.. ومنهاجاً ينظم حياتنا .. يحفظ به حقوقنا .. ويوضح من خلاله واجباتنا إزاء الوطن والمجتمع وأنفسنا والآخرين.. نتوجه إليه سبحانه وتعالى في تلك الليلة المباركة أن ينعم على وطننا بالخير والرخاء .. وأن يكتب لأمتنا العربية والإسلامية دوام الأمن والاستقرار والازدهار.
ويطيب لي ونحن نحتفل معاً بهذه المناسبة أن أتوجه بالتهنئة إلى شعب مصر العظيم .. وكافة شعوب الدول العربية والإسلامية .. وادعوهم جميعاً إلى استلهام روح الشهر الفضيل من أجل تجاوز الخلافات والبُعد عن الانقسامات امتثالاً لإرادة الله سبحانه وتعالى الذي حذرنا في كتابه الكريم من التنازع.. وأوصانا بالتراحم والتكاتف وجعل يده مع الجماعة تبارك وحدتها وترعى مساعيها وصولاً للحق والرشاد.
كما أود أن أرحب بضيوف مصر الأعزاء في احتفالنا معاً بهذه المناسبة الجليلة.. وأقول لهم إن أبواب مصر مفتوحة لكم لتدخلوها بسلام آمنين، وقلوب أبنائها ترحب بكم وتدعوكم إلى التعاون إعلاءً لكلمة الله وإنفاذاً لتعاليمه السمحة التي نستقيها من آيات القرآن المجيد وسُنة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم.. الذي يتعين أن نتأدب بهدْيه ونقتدي بأخلاقه القويمة فقد كان الحبيب صلى الله عليه وسلم يترجم القيم القرآنية النبيلة إلى معاملات ملموسة فينشر روحاً من التعاون والود والتسامح تسود المجتمع وتوفر البيئة المواتية للاستقرار والعمل والنمو.
وأود أن أوجه تحية إعزاز وتقدير لعلماء الأزهر الشريف الأجلاء .. من ينتمون إلى منبر العلم .. وواحة الوسطية والاعتدال .. تلك المؤسسة العريقة التي تخرج فيها كبار العلماء المستنيرين .. الذين طالما أثروا الفقه الإسلامي بآراهم الرشيدة وفتاواهم الواعية .. أدركوا أن التجديد سُنة كونية وأن الجمود مناقضٌ لحركة الحياة وما تتطلبه من تغير مستمر.
ومن هذا المنطلق أقول لعلماء الأزهر الشريف واصلوا جهودكم ومساعيكم المحمودة لنشر صحيح الدين وتصويب الخطاب الديني والتعريف بجوهر الإسلام الحقيقي الذي يحض على التسامح والرحمة وقبول الآخر وإعمال العقل والذي يتنافى تماماً مع دعاوى القتل والتدمير والتخريب والطاعة العمياء التي تُغَيِّب العقل الذي هو أسمى ما ميز به الخالق سبحانه وتعالى الإنسان عن سائر مخلوقاته.. ونبهوا عامة المسلمين إلى أن "الدين المعاملة" وبأن المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.
شعب مصر العظيم
إن شهر رمضان الكريم يرسم لنا في كل عام صورة إيمانية تتجسد فيها المعاني السامية لديننا الحنيف وفي مقدمتها التكافل والتراحم لتحقيق الكفاية في المجتمع والمساهمة في إيجاد واقع أفضل يكفل لغير القادرين تعليماً جيداً ومسكنا لائقاً ورعايةً صحية مناسبة ويعكس المعنى الحقيقي للعدالة الاجتماعية كما أرادها الإسلام الحنيف.
كما يؤكد الشهر الكريم على أهمية قيمة العمل التي هي من أعظم القيم التي يذكرنا بها شهر رمضان الفضيل .. ونحن أحوج ما نكون إليها .. فما مر به وطننا الحبيب من سنوات ماضية كان له أثر بالغ على مختلف مناحي الحياة سياسياً واِقتصادياً واِجتماعياً.. وتقتضي معالجة تلك الآثار وتداركها تضافراً للجهود ومثابرة على العمل من أجل تحقيق مستقبل أفضل للوطن.
السيدات والسادة
يمر العالم الإسلامي بمنعطف خطير ويواجه تحديات غير مسبوقة تستهدف وجوده وشعوبه .. وهو الأمر الذي يستلزم منا جميعاً تضافر جهودنا وطرح كافة الخلافات جانباً .. فأي طرف يريد تحقيق مصلحة محدودة أو ينتصر لأي نوع من أنواع التمييز على أسس مذهبية أو عرقية سيخسر كل شيء ولن يجد في نهاية المطاف وطناً من الأساس ليتنازع فيه على مصلحة يحققها أو خير يستأثر به .. إنها دعوة خالصة من القلب إلى شعوب الدول العربية والإسلامية التي تشهد أزمات وتعاني من ويلات الإرهاب.. ليكونوا على قلب رجل واحد.. ويقفوا صفاً واحداً .. ويكونوا يداً واحدة تذود وتدافع .. تبني وتعمر .. وتنشد الخير والسلام للجميع .. فبذلك فقط تنجو الأوطان وترتفع راياتها وتتبوأ مكانتها اللائقة بين الأمم .. ولنتذكر دائماً أن أمتنا هي خير أمة أُخرجت للناس بالعمل الصالح والإيمان وليس بالتناحر والخلاف.
شعب مصر العظيم ..
لقد افتتحنا خلال المرحلة القليلة الماضية بفضل الله ثم بالعمل الدؤوب المتواصل بعقول المصريين وسواعدهم العديد من المشروعات التنموية في مجالات الطاقة والصناعة والزراعة والإسكان وتطوير العشوائيات .. وسنواصل بعون الله وتوفيقه وبمثابرتكم يا أبناء مصر العملَ والإنجاز وافتتاح مزيد من المشروعات في مختلف المجالات التي تحقق التنمية الشاملة.. وسنظل معاً قلباً واحداً ويداً واحدة .. لن نلتفت إلى الوراء أبداً بل سنواصل طريقنا بعزم وتصميم نحو المستقبل .. سنشيد معاً وطناً آمناً مستقراً .. يتسع للجميع .. ينعم فيه المصريون .. جميع المصريين بحقوقهم كاملة غير منقوصة .. ويؤدون واجباتهم إزاء الوطن بدأب وإخلاص.. لقد لبينا بالفعل نداء الوطن ولن يثنينا عن ذلك شيء .. فنحن جميعاً من مصر ولأجل مصر التي ستحيا دوماً بشعبها الذي هو في رباط إلى يوم القيامة وبجُندها الذين هم خير أجناد الأرض.
شكراً لكم .. وكل عام وأنتم بخير
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته