إسلام النواوي: النبي أول من أطلق مشروع تمكين الشباب
يتواصل البث التليفزيوني للأمسيات الدينية من المساجد الكبرى حيث أُقيمت أمس الاثنين، الأمسية الرمضانية الثانية والعشرين من مسجد الإمام الحسين (رضي الله عنه) تحت عنوان: ”عناية الإسلام بالشباب”.
وحاضر فيها الشيخ إسلام النواوي من علماء وزارة الأوقاف، وقدم لها الإعلامي الكبير خالد سعد، بحضور نخبة من قيادات وشباب علماء الأوقاف عــلى رأسهم الدكتور هشام عبد العزيز معاون رئيس القطاع الديني، ولفيف من قيادات الأوقاف ورواد المسجد.
وفي بداية اللقاء أكد الشيخ إسلام النواوي من علماء وزارة الأوقاف أن الإسلام اعتنى بالشباب لأنهم يمثلون سواعد الوطن ويده التي تبني، وتحمل السلاح للزود عنه، مشيرًا إلى اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم وإشادته بالشاب الذين ينشأ في ظل تربية إيمانية سليمة، فيبشره النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه تحت ظل عرش الرحمن يوم القيامة، يوم لا يستوى فيه الظل ولا الحرور، قال تعالى : {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ } [فاطر: 19 – 21] ، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ: إِمَامٌ عَادِلٌ، وَشَابٌّ نَشَأَ فِي عِبَادَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ فِي خَلَاءٍ فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ، وَرَجُلٌ كَانَ قَلْبُهُ مُعَلَّقًا فِي الْمَسْجِدِ، وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ إِلَى نَفْسِهَا فَقَالَ: إِنَّى أَخَافُ اللَّهَ، وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا صَنَعَتْ يَمِينُهُ “. فمن هؤلاء الشاب الذي نشأ نشأة إيمانية صحيحة.
كما أوضح "النواوي"، أن النبي (صلى الله عليه وسلم) يعلمنا كيف نكتشف المشكلة ونضع حلولا لهذه المشكلة، فلا يكتف بتعنيف الشباب على ما يرى منهم من تقصير دون أن نضع لهم حلولا عملية تأخذ بأيديهم إلى الجادة والصواب، مشيرًا إلى حديث النبي (صلى الله عليه وسلم ) عندما أتاه شَاب فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي فِي الزِّنَا، فَصَاحَ النَّاسُ فَقَالَ: «مَهْ»، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ) : «أَقِرُّوهُ ادْنُ»، فَدَنَا حَتَّى جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ) فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ): «أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «وَكَذَلِكَ النَّاسُ لَا يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ، أَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «وَكَذَلِكَ النَّاسُ لَا يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ، أَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «وَكَذَلِكَ النَّاسُ لَا يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ، أَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «وَكَذَلِكَ النَّاسُ لَا يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ؟ أَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟» قَالَ: لَا. قَالَ: «وَكَذَلِكَ النَّاسُ لَا يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ» . فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمْ) يَدَهُ عَلَى صَدْرِهِ، وَقَالَ: «اللهُمَّ كَفِّرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ».
هذه التربية النبوية في خلق حوار مع الشباب وسماع مشكلاتهم، والتعامل معها بحكمة وروية، وإيجاد الحل الواقعي الذي يجعل من الشباب قوة إيجابية ويحول طاقاتهم السلبية لقوة إيجابية ، تحمي الوطن وتبنيه، ولا تدمره وتفنيه، كما تحول بينهم وبين الانجراف في براثن التطرف أو الإلحاد.
وعن الحل النبوي لمشكلة البطالة لدى الشباب أشار فضيلته إلى حديث النبي (صلى الله عليه وسلم) الذي رواه أنس بن مالك ( رضي الله عنه) قال: إن رجلاً من الأنصار أتى النبيَّ (صلَّى الله عليه وسلم) يسأله، فقال: “أما في بيتك شيء؟ ” قال: بلى، حِلْسٌ: نَلْبَسُ بعضَه ونَبْسُطُ بعضَه، وقَعْبٌ نشربُ فيه من الماء، قال: “ائتني بهما”، قال: فأتاه بهما، فأخذهما رسولُ الله (صلَّى الله عليه وسلم )بيده، وقال: “من يشتري هذين؟ ” قالرجل: أنا آخذهما بدرهم، قال: “مَنْ يزيدُ على درهم؟ ” مرتين أو ثلاثاً،قال رجل:”أنا آخذُهما بدرهمين”، فأعطاهما إياه، وأخذَ الدرهمين، فأعطاهما الأنصاريَّ، وقال: “اشترِ بأحدهما طعاماً، فانبِذْه إلى أهلك، واشترِ بالآخر قَدوماً فأتني به” فأتاه به، فشدَّ فيه رسولُ الله (صلَّى الله عليه وسلم ) عوداً بيده،ثم قال له: “اذهبْ فاحتَطِبْ وبع، ولا أرَيَنَّك خمسةَ عشرَ يوماً” فذهب الرجلُ يَحْتَطِب ويبيع، فجاء، وقد أصابَ عشرةَ دراهم، فاشترى ببعضها ثوباً، وببعضها طعاماً، فقال رسولُ الله (صلَّى الله عليه وسلم )”هذا خيرٌ لك من أن تجيءَ المسألةُ نكتةً في وجهك يومَ القيامة، إن المسألة لا تَصلُحُ إلا لثلاثة: لذي فَقْرٍ مُدْقع، أو لذي غُرْمِ مُفْظِعِ، أو لذي دَمٍ مُوجِع”، مشيرًا إلى أن الوطن يحتاج لسواعد الشباب الذين بنوا أنفسهم، فالتأهيل قبل التمكين ولذلك يقول الله تعالى : {قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ } [النمل: 39، 40] ، وقوله تعالى : {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} [الكهف: 13] ، فأول من أطلق مشروع تمكين الشباب هو رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، فهذا زيد بن ثابت أمَّره النبي (صلى الله عليه وسلم ) على جيش المسلمين بعد تأهيله ليتحمل المسئولية في وجود الشيوخ والاستفادة من خبراتهم، فالشباب إذا تم تأهيله وإعداده الإعداد الصحيح كان سببا لنجاة المجتمع من الفتن، كما نام سيدنا على (كرم الله وجهه) على فراش رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فداءً لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فما أحوج الأمة إلى إعادة النظر في منظومة القيم التي يربى عليها الشباب لتأهيلهم وثقل خبراتهم ليحملوا همَّ أوطانهم ويرفعوا راية بلادهم عالية خفاقة بإذن الله تعالى.