أحمد ياسين.. شيخ فلسطين الذي هز إسرائيل بكرسيه المتحرك
"نحن واليهود في صراع على هذا الجيل، فإما أن يأخذه اليهود منا، أو ننقذه من أيدي اليهود" جملة كان دائما يرددها أحمد ياسين، مؤسس حركة حماس والأب الروحي للمقاومة الفلسطينية، خلال رحلته ضد الاحتلال الإسرائيلي.
اسمه أحمد إسماعيل ياسين وولد في قرية تاريخية عريقة تسمى "جورة عسقلان" على بعد 20 كيلو متر شمالي غزة يوم 28 يونيو من عام 1936، وكان هذا العام الذي شهد أول ثورة مسلحة ضد الاحتلال الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية، كان يبلغ أحمد ياسين من العمر 12 عاما حين وقعت نكبة فلسطين عام 1948 هاجرت أسرته إلى غزة مع عشرات آلاف الأسر التي طردتها العصابات الصهيونية حينها.
حادث الشلل
تعرض وهو في السادسة عشر من عمره لحادثة أثرت في حياته كلها، أصيب بكسر في فقرات العنق إثر مصارعة ودية بينه وبين أحد زملائه عام 1952 وبعد 45 يوما من وضع رقبته داخل جبيرة من الجبس اتضح بعدها أنه مصاب بشلل رباعي، لا يقدر على تحريك الأشياء إلا بلسانه فقط. وخوفًا من حدوث مشاكل عائلية بين أسرته وأسرة من أصابه، أخفى الأمر على الجميع ولم يكشف عن ذلك إلا عام 1989.
وبعد إصابته بالشلل كرس "ياسين" حياته لطلب العلوم الإسلامية، حيث درس في جامعة الأزهر في القاهرة. ورغم تعرضه إلى شلل شبه كامل في جسده تطور لاحقا إلى شلل كامل إلا أنه لم يمنعه الشلل عن مواصلة تعليمه وصولا إلى العمل مدرسا للغة العربية والتربية الإسلامية في مدارس وكالة الغوث بقطاع غزة.
أثر النكبة على حياة أحمد ياسين
عايش أحمد ياسين الهزيمة العربية الكبرى عام 1948 وكان حينها يبلغ من العمر 12 عاما، وخرج منها بدرس أثر في حياته الفكرية والسياسية فيما بعد مؤداه أن الاعتماد على سواعد الفلسطينيين أنفسهم عن طريق تسليح الشعب أجدى من الاعتماد على الغير، ويتحدث قبل اغتياله، عن تلك الحقبة فيقول:
«لقد نزعت الجيوش العربية التي جاءت تحارب الكيان الصهيوني السلاح من أيدينا بحجة أنه لا ينبغي وجود قوة أخرى غير قوة الجيوش، فارتبط مصيرنا بها، ولما هزمت هزمنا وراحت العصابات الصهيونية ترتكب المجازر والمذابح لترويع الآمنين، ولو كانت أسلحتنا بأيدينا لتغيرت مجريات الأحداث.»
النكسة وإلهاب المشاعر
احتلت إسرائيل كل الأراضي الفلسطينية بعد هزيمة نكسة مصر 1967، فكان دور أحمد ياسين عظيما في إلهاب مشاعر المصلين من فوق منبر مسجد العباس، فقبل أن يكون معلما كان خطيبا، وجنى ثمارها عن طريق انضمام أغلب من يسمه إلى المقاومة.
الإخوان
انتمى إلي جماعة الإخوان عام 1955 وخول إليه قيادة الجماعة في فلسطين في عام 1968. وأسس الجامعة الإسلامية وجمعية المجمع الإسلامي وجمعية الرحمة الخيرية ومستشفى دار السلام بخان يونس.
"ياسين" والاعتقال في حكم عبدالناصر
كانت مواهب أحمد ياسين الخطابية قد بدأت تظهر بقوة، ومعها بدأ نجمه يلمع وسط دعاة غزة، الأمر الذي لفت إليه أنظار المخابرات المصرية العاملة هناك، فقررت عام 1965 اعتقاله ضمن حملة الاعتقالات التي شهدتها الساحة السياسية المصرية وظل حبيس الزنزانة الانفرادية قرابة شهر ثم أفرج عنه بعد أن أثبتت التحقيقات عدم وجود علاقة تنظيمية بينه وبين الإخوان. وقد تركت فترة الاعتقال في نفسه آثارا مهمة لخصها بقوله "إنها عمقت في نفسه كراهية الظلم، وأكدت (فترة الاعتقال) أن شرعية أي سلطة تقوم على العدل وإيمانها بحق الإنسان في الحياة بحرية".
حركة المقاومة الإسلامية 1987
اتفق "ياسين" مع مجموعة من قادة العمل الإسلامي الذين يعتنقون أفكار الإخوان المسلمين في قطاع غزة على تكوين تنظيم إسلامي لمحاربة إسرائيل بغية تحرير فلسطين أطلقوا عليه اسم حركة المقاومة الإسلامية المعروف اختصاراً باسم حماس. وكان لها دور مهم في الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت آنذاك والتي اشتهرت بانتفاضة المساجد ومنذ ذلك الوقت وأحمد ياسين اعتبر الزعيم الروحي لتلك الحركة، كان تأسيس حركة حماس مع اندلاع الانتفاضة الفلسطينية عام 1987 نقلة نوعية في حياة أحمد ياسين وفي تاريخ القضية الفلسطينية حيث قلبت الحركة المعادلة من خلال تنظيمها القوي.
إسرائيل تخشى رجل مشلول وتحكم عليه بالسجن مدى الحياة
عام 1982 أمرت سلطة الاحتلال الإسرائيلي باعتقاله ووجهت إليه تهمة تشكيل تنظيم عسكري وحيازة الأسلحة، والتحريض على إزالة الدولة العبرية من الوجود وحوكم الشيخ الجليس أمام محكمة عسكرية أصدرت عليه حكما بالسجن لمدة 13 عاما، لكنها عادت وأطلقت سراحه عام 1985 في إطار عملية لتبادل الأسرى بين السلطات الإسرائيلية والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، بعد أن أمضى 11 شهرا في السجن.
وتصاعدت اعمال الانتفاضة فبدأت السلطات الإسرائيلية بالتفكير في وسيلة لإيقاف نشاط أحمد ياسين وحركة المقاومة فقامت في أغسطس من عام 1988 بمداهمة منزله وتفتيشه وهددته بالنفي إلى لبنان. ولما ازدادت عمليات قتل الجنود الإسرائيليين واغتيال العملاء الفلسطينيين قامت السلطات الإسرائيلية يوم 18 مايو من عام 1989 باعتقاله مع المئات من أعضاء حركة حماس في محاولة لوقف المقاومة المسلحة التي أخذت آنذاك طابع الهجمات بالسلاح الأبيض على الجنود الإسرائيليين ومستوطنيه واغتيال العملاء.
وفي 16 أكتوبر عام 1991 أصدرت إحدى المحاكم العسكرية حكماً بسجنه مدى الحياة إضافة إلى 15 عاما أخرى.
محاولات الإفراج عنه
فحاولت مجموعة فدائية تابعة لكتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحماس- الإفراج عن الشيخ ياسين وبعض المعتقلين المسنين الآخرين، فخطفت جندي إسرائيلي قرب القدس يوم 13 ديسمبر 1992 وعرضت على إسرائيل مبادلته نظير الإفراج عن هؤلاء المعتقلين، لكن السلطات الإسرائيلية رفضت العرض وشنت هجوم على مكان احتجاز الجندي مما أدى إلى مصرعه ومصرع قائد الوحدة الإسرائيلية المهاجمة ومقتل قائد مجموعة الفدائيين.
وفي عملية تبادل أخرى في الأول من أكتوبر 1997 جرّت بين المملكة الأردنية الهاشمية وإسرائيل في أعقاب المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل في العاصمة عمان وإلقاء السلطات الأمنية الأردنية القبض على اثنين من عملاء الموساد سلمتهما لإسرائيل مقابل إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين، أفرج عن الشيخ وعادت إليه حريته منذ ذلك التاريخ.
"فلسطين" تضع قائد المقاومة تحت الإقامة الجبرية
وبسبب اختلاف سياسة حماس عن السلطة كثيرا ما كانت تلجأ السلطة للضغط على حماس، وفي هذا السياق فرضت الحكومة الفلسطينية أكثر من مرة على الشيخ أحمد ياسين الإقامة الجبرية مع إقرارها بأهميته للمقاومة الفلسطينية وللحياة السياسية الفلسطينية.
محاولة الاغتيال
قد تعرض الشيخ أحمد ياسين في 6 سبتمبر 2003 لمحاولة اغتيال إسرائيلية حين استهداف مروحيات إسرائيلية شقة في غزة كان يوجد بها الشيخ وكان يرافقه إسماعيل هنية. ولم يكن إصاباته بجروح طفيفة في ذراعه الأيمن بالقاتلة.
لم تفشل هذه المحاولة
ولم تفشل هذه المحاولة كما حدث سلفا، واستشهد الشيخ أحمد ياسين، الأب الروحي للمقاومة والجهاد في فلسطين والوطن العربي، فجر 22 مارس 2004 و7 أشخاص، إثر قيام مروحية الأباتشي الإسرائيلية بإطلاق ثلاثة صواريخ على الشيخ المقعد وهو خارج على كرسيه المتحرك من مسجد المجمّع الإسلامي بحي الصّبرة في قطاع غزة.