تفسير قوله تعالى " ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها "
( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ( 2 ) ) .
يخبر تعالى أنه ما شاء كان ، وما لم يشأ لم يكن ، وأنه لا مانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع . قال الإمام أحمد : حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا مغيرة ، أخبرنا عامر ، عن وراد - مولى المغيرة بن شعبة - قال : كتب معاوية إلى المغيرة بن شعبة : اكتب لي بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم . فدعاني المغيرة فكتبت إليه : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انصرف من الصلاة قال : " لا [ ص: 533 ] إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير ، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " ، وسمعته ينهى عن قيل وقال ، وكثرة السؤال وإضاعة المال ، وعن وأد البنات ، وعقوق الأمهات ، ومنع وهات .
وأخرجاه من طرق عن وراد به .
وثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ، رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الركوع يقول : " سمع الله لمن حمده ، اللهم ربنا لك الحمد ، ملء السماء والأرض وملء ما شئت من شيء بعد . اللهم أهل الثناء والمجد . أحق ما قال العبد ، وكلنا لك عبد . اللهم لا مانع لما أعطيت ، ولا معطي لما منعت ، ولا ينفع ذا الجد منك الجد " .
وهذه الآية كقوله تعالى : ( وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله ) [ يونس : 107 ] . ولهذا نظائر كثيرة .
وقال الإمام مالك : كان أبو هريرة إذا مطروا يقول : مطرنا بنوء الفتح ، ثم يقرأ هذه الآية : ( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم ) . ورواه ابن أبي حاتم ، عن يونس عن ابن وهب ، عنه .