نار أسعار الملابس تلتهم جيوب المطحونين وفرحتهم بقدوم العيد.. وربة منزل تصرخ: "الشعب هينهش في لحم بعض"
بنطلون أطفالي لسن 8 سنوات بسعر 400.. وفستان طفلة بـ 500 جنيه
صاحب محل ملابس: "الدولار" المتهم الأول في ارتفاع الأسعار.. و"الزبون" يعاني
بائع ملابس أطفال: الأسعار ارتفعت 20%.. وننتظر موسم عيد ضعيف الاقبال
ربة منزل: غلاء الأسعار أفسد فرحتنا.. المسؤولين لم يشعروا بنا و"منتظرين ننهش في لحم بعض"
موظف: أجيب لأولادي منين.. واضطررت للاستدانة لشراء ملابس العيد
أستاذ اقتصاد: لابد من مواجهة الاستيراد ورقابة التجار
اعتاد المصريون على شراء الملابس الجديدة في الأعياد، خاصة الأطفال بالرغم من ظروفهم الاقتصادية الصعبة وهو الأمر الذي يزيد من معاناة الأسر التي تشكو اضطربات في الميزانية، إثر توالي المواسم خلف بعضها، مطالبين الحكومة بتشديد الرقابة على الأسواق ومنع استغلال حاجة المواطنين.
في جولة لـ "الفجر" على الأسواق والمحلات التجارية لمعرفة الأسعار تبين من خلال الرصد والمتابعة وجود ارتفاع حاد بأسعار ملابس الأطفال، نتج عنه تقليل حجم الشراء، والاكتفاء بطقم واحد لكل فرد من أفراد الأسرة، علاوة على اختيار السعر الأرخص لكل طقم.
ارتفاع الدولار الأمريكي ضرب سوق الملابس
في البداية يقول عبد العزيز المصري، صاحب أحد محال الملابس الجاهزة، إن أسعار الملابس مرتفعة منذ بداية الموسم الماضي، ويرجع ذلك إلى ارتفاع سعر الدولار الأمريكي، موضحًا أن المصانع هي التي ترفع الأسعار على المستهلك، وأن "الزبون" هو الأكثر معاناة نظرًا لارتفاع الأسعار بشكل باهظ، بحسب وصفه.
ويضيف "المصري" لـ"الفجر"، أنه من الصعب على التاجر رفع التسعيرة أكثر مما يستحق المنتج، من أجل البيع؛ لكن ارتفاع الأسعار خارج عن إرادة التجار لأنه يعود إلى ارتفاع سعر الدولار الأمريكي الذي تسبب في زيادة تكلفة النقل والتعبئة والتغليف وفواتير الكهرباء والضرائب ويوميات العمال، ولهذا مضطرون لزيادة الأسعار لتعويض التكاليف الجديدة.
وأشار "المصري"، إلى أن نسبة الإقبال على القطع المستوردة انخفضت بنسبة 53 %، عن العام الماضي، مقارنة بارتفاع سعر المستورد بشكل مضاعف، موضحًا أنه :" كان في السابق الزبائن تشتري أكثر من قطعة حاليًا يكتفوا بقطعة واحدة، لافتًا إلى أن لهذه اللحظة ومع انتهاء النصف الأول من شهر رمضان لازال الاقبال ضعيف جدًا".
الاقبال ضعيف.. والملابس للأغنياء
في سياق متصل، لفت أشرف زيدان، صاحب محل ملابس أطفال بمنطقة وسط البلد، إلى أن ارتفاع أسعار ملابس الأطفال بهذا الشكل خارج عن إرادتهم، وأن أسباب هذا الارتفاع متعددة وتعود في الأساس إلى المصانع التي لا تعرف الأسعار فيها استقرارا، فضلا عن كثرة النفقات التي تتحملها المحلات، بدءًا بالإيجارات ورسوم الجمارك لاسيما مع ارتفاع التعريفة الجمركية أثناء استيراد البضائع، وانتهاء بدفع أجور العاملين في المحل، وهي أمور تضاف قيمتها إلى أسعار البضائع في المحلات.
وأردف "زيدان"، أن للتجارة مواسم، والأسعار خاضعة لميزان العرض والطلب، ومن المعروف أن مواسم الأعياد يميل فيها الميزان لصالح الطلب الذي يفوق العرض أحيانا، وكل محل يبحث عن تأمين ما يستطيع من أرباح خارج المواسم وأثناءها، مؤكدًا أنهم يحاولون بقدر الإمكان أن تكون التسعيرة مناسبة، لأن هدفهم الربح ولو في حالة غلائها بشكل كبير ستظل البضائع كما هي.
وتابع "زيدان"، أن حالة الركود الي تشهدها الأسواق حاليا تنذر بإقبال ضعيف خلال موسم العيد، خاصة وأن الأسعار ارتفعت عن بداية موسم الصيف حوالي 20 في المائة، مؤكدًا أن الكثير من الزبائن: "بيجو يتفرجوا ويمشوا، والاقبال بيكون من أصحاب الطبقة الغنية".
المرحلة المقبلة "هننهش في لحم بعض"
من جانبها تقول سامية رمزي، ربة منزل، :" لدي ثلاثة أطفال وواجب عليا أشتري لهم لبس العيد، لأن ليس لهم ذنب في ارتفاع الأسعار، دول أطفال ومن حقهم يفرحوا في العيد؛ لكن غلاء الأسعار أفسد فرحتنا بكل شىء فالطقم الواحد بيكلف 500، بدون أي شىء وبحاجة لحوالي 4 آلاف مقابل شراء مستلزمات العيد لأطفالي فقط"، موضحة أنها من أجل شراء لبس العيد بتشارك في "جمعية نقدية" من أجل شراء مستلزماتهم كمحاولة لإسعادهم بالعيد.
وهاجمت "رمزي"، المسؤولين متسائلة إلى متى تظل الأسعار هكذا ولم يشعروا بنا؟، متابعة:"زوجي بيشتغل شغلانتين علشان بس يوفر لنا الإيجار والأكل، ومع ذلك لم يستطع، فمن أجل أننا نشتري لبس ولادنا بنيجي على نفسنا وما بناكلش علشان نتستر وسط الناس ونفرح ولادنا"، مشيرة إلى أن حجة التاجر ارتفاع سعر الدولار وأن كل حاجة مستورة اللبس، والأكل والصناعات: "طيب مصر بتصنع ايه بقى طالما كله مستورد؟".
وبوجع شديد قالت: " الرئيس السيسي أكيد سامع صرخة المواطن وهو يصرخ من ارتفاع الأسعار بشكل عام، وصبرنا كما طلب؛ لكن النتيجة العكس ارتفاع أكثر من الأول.. هنصبر لحد امتى؟.. لما ننهش في لحم بعض.. فرحة العيد ورمضان خلاص ماتت مع ارتفاع الأسعار، ولم نشعر إلا بالقهر وفي التفكير في تدبير كيفية توفير احتياجاتنا".
وعود الحكومة كلام ليس أكثر
واعتبر خالد محمود، موظف في إحدى القطاعات الخاصة، أن الأسعار ليست في متناول الجميع حتى أصابت الأغنياء، متوقعًا عزوف المواطنين على الشراء في ظل الارتفاع الباهظ الذي تشهده محال الملابس لاسيما الأطفال: " أقل طقم يبدأ سعره من500 جنيه، مشيرًا إلى ان لديه 3 أبناء، ومتسائلًا: "أجبلهم منين وأدفع مستلزمات باقي رمضان منين، والعيد وبعده المدارس".
ولفت" محمود"، إلى أنه اضطر لاستدانة مبلغ من المال من أحد أقاربه لشراء ملابس العيد لأطفاله بعد ارتفاع الأسعار عن الأعوام السابقة، ومع ذلك لم يستطع توفير ملابس لأطفاله، مؤكدًا أن المواطن يمر على المحلات لـ "الفرجة فقط"، نظرًا لقلة الحيلة على أملاً شراء أي شىء فالغلاء لم يصيب نوعا معينا من الملابس مثلا قبل أن كل الأنواع لم تسلم من الغلاء حيث ارتفعت أسعار جميع أنواع الملابس وكذلك الأحذية أيضا.
تقاعس الحكومة.. وغياب الرقابة
"جشع التجار.. وعدم الرقابة"، السبب الحقيقي في ارتفاع الأسعار بحسب رؤية حمدية أحمد، التي كانت تتجول بين محال الملابس الموجودة بوسط البلد لشراء ثياب العيد لأحفادها مع ابنتها، وقالت: "لو في رقابة من الحكومة على الأسواق كانت الأسعار هتكون متزنة لكن تقاعس الحكومة تسبب في انهيار الأسواق واعطاء الفرصة ليغلي على الزبون طالما لا يوجد رادع قانوني بيحسبه".
وتقول "أحمد"، الوضع أصبح لا يحتمل، وأصبحنا لا نستطيع نوفر قوت يومنا، فكيف على ملابس الأطفال: "دول لو كبار كنا قولنا ماشي لكن أطفال وحملنهم فوق طاقتهم من صغرهم حتى يوم العيد اللي بينتظره بقى صعب عليهم، لأن في كتير صعب يشتروا لبس جديد واكتفت الأباء باللبس القديم مما زاد من قهر الطفل واحساسه بالعجز".
أستاذ اقتصاد: الحل في المحلي
ويرى الدكتور إيهاب الدسوقي، أستاذ الاقتصاد ومدير مركز البحوث بأكاديمية السادات، أن جشع التجار هو السبب الرئيسي خلف ارتفاع أسعار الملابس بشكل غير مسبوق، قائلا إنهم "استغلوا رفع سعر الدولار الأمريكي، فضلاً عن غياب الرقابة على الأسواق لضبط وإلزام التجار بالبيع بأسعار محددة، مما يفاقم المشكلة ويجعل المحلات تحدد الأسعار كيفما تشاء.
ويضيف" الدسوقي"، في تصريح خاص لـ"الفجر"، أن عدم وجود صناعة محلية زاد من ارتفاع الأسعار، ناهيك عن أزمة الدولار الأمريكي وغلق بعض مصانع الملابس والتي أدت إلى انهيار الصناعة المحلية، وبالتالي لم يجد التجار أمامهم سواء الملابس والمنتجات المستوردة غالية الثمن.
ويرى "الدسوقي"، الحل يكمن في مواجهة الاستيراد بالصناعة المحلية، والرقابة على الأسواق من قبل المسئولين ووضع قوانين صارمة.