مى سمير تكتب: الكونجرس يقر قوانين تسمح لـ«الإخوان» بالعمل فى أجهزة المخابرات الأمريكية
■ المواد تسمح بالاستعانة بعناصر الجماعة فى وكالات المخابرات وإطلاعهم على معلومات سرية
■ «كير وإسنا» واجهات التنظيم الدولى تصيغ أهداف الأمن القومى لـ«واشنطن»
كشفت مجلة conservativereview فى تحقيق لها بعنوان «أجندات الحزب الجمهورى لدعم الإخوان ما بعد أحداث أورلاندو»، ليس فقط عن العلاقات القوية التى تجمع بين التنظيم الدولى لجماعة الإخوان، وإدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، ولكن يبدو أن للتنظيم أذرعا طويلة تمتد كذلك داخل الحزب الجمهورى الذى يسيطر على الكونجرس الأمريكى، فالجمهوريون بصدد الإعداد لمجموعة من القوانين التى تصب فى مصلحة التنظيم الدولى للجماعة وهى القوانين التى تأتى كنتيجة للحدث الإرهابى الأخير، الذى شهدته مدينة أورلاندو حيث فتح شاب من أصول أفغانية النار على أحد الملاهى الليلية ما أسفر عن مقتل أكثر من 50 شخصاً.
يشير كاتب التحقيق دانيال هورتيز، إلى أن الجمهوريين بدلاً من التفكير فى وضع تشريعات تصنف التنظيم الدولى للجماعة، كتنظيم إرهابى، وضعوا مجموعة من مشروعات القوانين التى لا تساهم فى حل المشكلة، ولكن تساهم فى حقيقة الأمر فى دعم أهداف وأجندات التنظيم الدولى من خلال مجموعة من المنظمات التى تمثل واجهة للتنظيم فى الولايات المتحدة الأمريكية.
يتجاهل الكونجرس الأمريكى، أن تصنيف التنظيم الدولى، كمنظمة الإرهابية، سيضع كلمة النهاية للتعاون المستمر بين الحكومة الأمريكية والمنظمات التابعة للتنظيم، كما سيعطى الفرصة للسلطات الأمنية فى أمريكا لمنع الجماعة من السيطرة على المساجد فى أمريكا والتى أصبحت تصدر الفكر المتطرف.
ومثل هذا التصنيف للإخوان كتنظيم إرهابى سيؤدى إلى عدم الاستعانة بعناصر التنظيم الدولية فى المجالس الاستشارية لكيانات مثل وزارة الأمن القومى والمباحث الفيدرالية.
المثير للدهشة أن اللجنة القانونية فى الكونجرس، صدقت بالفعل فى فبراير الماضى، على مشروع قانون يصنف الإخوان كتنظيم إرهابى وهو مشروع قانون يحمل رقم 3892 ولكن هذا القانون لم يتم التصويت عليه حتى هذه اللحظة، فى المقابل ينشغل الكونجرس بمشروعات لقوانين مختلفة تصب جميعها فى مصلحة التنظيم الدولى.
ويتكون الكونجرس من مجلسين، الأول هو مجلس النواب والثانى مجلس الشيوخ، وأقر مجلس النواب مجموعة من القوانين على مدار الشهرين الماضيين، ويتم الاستعداد لإرسال هذه القوانين فى حزمة واحدة للتصويت عليها فى مجلس الشيوخ، وتضم هذه الحزمة مجموعة من القوانين التى تصب مباشرة فى صالح التنظيم الدولى أهمها 3 قوانين تخدم مصالح الاخوان فى أمريكا وتكرس للعلاقات الأمريكية مع التنظيم الدولى.
القانون الأول يحمل رقم 4407 وهو قانون مجلس مكافحة الإرهاب والذى تم التصديق عليه فى 16 مايو الماضى، والقانون يوجه القانون وزارة الأمن القومى لتأسيس مجلس لمكافحة الإرهاب تحت قيادة مكتب تنسيقى لمكافحة الإرهاب، يتولى هذا المجلس مهمتين رئيسيتين أولاهما، تقديم المشورة لوزارة الأمن القومى، فيما يتعلق بتحذيرات الإرهاب، وثانياً، الالتقاء بشكل دورى لمناقشة آخر المعلومات الاستخباراتية وتنسيق جهود وأنشطة إدارات وزارة الأمن القومى.
ويضع هذا القانون المعلومات الاستخباراتية بشأن الإرهاب تحت تصرف التنظيم الدولى، فالحكومة الأمريكية ترفض الاعتراف بأن الإخوان تنظيم إرهابى، وتتمادى وتتعاون معه فى القضايا المتعلقة بالإرهاب وتعتمد على عناصر إخوانية كمستشارين فى قضايا الارهاب الدولى، وبالتالى فإن هذا المكتب التنسيقى الجديد، سيقوم بتنسيق تلك السياسات السيئة للحكومة الأمريكية، وبحسب وصف التحقيق، القانون الجديد أقرب لإعطاء المخربين آلات إطفاء نار جديدة بدلاً من استبدال المخربين برجال إطفاء حقيقيين قادرين على إطفاء الحرائق.
ويحمل القانون الثانى رقم 4401، وهو قانون تضخيم الجهود المحلية للقضاء على الإرهاب، والذى تم التصديق عليه بتصويت صوتى وليس بتصويت مسجل فى 29 فبراير الماضى، ويشير التحقيق إلى أن القانون تمت كتابته خصيصاً من أجل الإخوان المسلمين.
يوجه هذا القانون وزارة الأمن القومى من أجل تقييم جهودها «لدعم مكافحة التطرف العنيف»، ومن ضمن أشياء عدة يطلب هذا القانون من وزارة الأمن القومى مساعدة الدول والحكومات المحلية فى مكافحة العنف والتطرف، ومراجعة الاتفاقيات بين وزارة الأمن القومى ومثل هذه الحكومات فى قضايا مكافحة الإرهاب، وتقييم خطط وزارة الأمن القومى وأى فرص محتملة لدعم أكبر لمثل هذه الحكومات التى تدعم وزارة الأمن القومى فى تحقيق أهدافها المتعلقة بمكافحة التطرف العنيف.
كاتب التحقيق قال إن هناك شائعات فى أروقة الكونجرس، تفيد بأنه يفكر جدياً فى النظر فى مشروع القانون الذى تقدم به مايكل ماكول رئيس لجنة الأمن القومى، بالكونجرس والذى يحمل رقم 2899 والذى ينص على تأسيس مكتب جديد لمكافحة التطرف العنيف، وبحسب التحقيق فإن هذا المكتب باختصار يعنى منح منظمة كير، إحدى منظمات التنظيم الدولى للإخوان فى أمريكا، وكالة أمنية تابعة لها داخل الحكومة الفيدرالية.
ويستعرض التحقيق بعد ذلك كيف توغل التنظيم الدولى للإخوان المسلمين فى الأجهزة الأمنية الأمريكية المعنية بمكافحة الإرهاب، ففى الوقت الذى يجب أن تحد فيه الحكومة الأمريكية من تواجد الإخوان فى الوكالات الحكومية، كما فعلت الحكومة البريطانية مؤخراً، تتبنى السلطات التشريعية الأمريكية أهداف التنظيم الدولى من خلال مجموعة من مشروعات لقوانين تحتل أولوية الاهتمام الأمريكى وتكرس هذه القوانين لتدخل التنظيم الدولى فى رسم سياسة أمريكا فى مكافحة الارهاب، وتضفى شرعية على مثل هذا التدخل، رغم أن الإخوان يشكلون تهديدا أكثر خطورة من تنظيم داعش، ويرجع ذلك لأنهم نجحوا فى التوغل المجتمع الأمريكى وساهموا فى نشر الفكر المتطرف بين العديد من المسلمين فى أمريكا.
الأكثر سوءاً، أن الجماعة استطاعت اختراق وكالات الأمن الأمريكى، وأكبر مثال على ذلك التقرير الذى تم إعداده مؤخراً بأن أحد أعضاء لجنة فرعية لمكافحة التطرف العنيف، تابعة للمجلس الاستشارى لوكالة الأمن القومى الأمريكى، هو مهاجر سورى أعلن عن دعمه لأحداث 11 سبتمبر.
وهناك قائمة طويلة من الوكالات الأمنية الأمريكية التى تشهد اختراقا كبيرا من قبل الإخوان ومن قبل المنظمات التابعة للتنظيم الدولى، منها مركز مكافحة التطرف القومى التابع للمباحث الفيدرالية، وكذلك وكالة الأمن القومى ومكاتبها الخاصة بالحقوق المدنية والحريات المدنية، وممثلى المجتمعات الإسلامية ووزارة الدفاع الأمريكية، كل هذه الهيئات الحكومية الأمريكية تضم فى عضويتها أعضاء من جمعيات كير وإسنا وغيرهما من المنظمات التى تعد واجهة للتنظيم الدولى فى أمريكا، وهى نفس المنظمات المتورطة فى قضية تمويل مؤسسة الأرض المقدسة المتهمة بتمويل تنظيم حماس الذى تصنفه أمريكا كتنظيم إرهابى، وتشارك مثل هذه المنظمات الإخوانية فى برامج أو كتابة سياسة الأمن القومى الأمريكى.
كثير من الأمثلة تؤكد هذا التوغل الإخوانى بالوكالات الأمنية الأمريكية، منها على سبيل المثال، اختيار رشاد حسين، الذى تشير العديد من التقارير الصحفية إلى أنه أحد قيادات التنظيم الدولى للإخوان، كمسئول للإعلام الاستراتيجى لمواجهة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية، وبحسب منصبه يقود رشاد فريقا من مختلف الإدارات والوكالات الأمنية الأمريكية من أجل تطوير المواجهة الإعلامية للإرهاب، وآثار اختيار حسين حفيظة العديد من وسائل الإعلام التى أشارت إلي أن أوباما اختار إرهابيا من أجل مواجهة الإرهاب.
وتضم القائمة أيضاً زعيم تنظيم القاعدة فى شبه الجزيرة العربية الراحل أنور العولقى، الذى كان يعطى دروسا عن الإسلام فى وزارة الدفاع الأمريكية بعد 3 أسابيع من أحداث 11 سبتمبر، إلى جانب عبد الرحمن العمودى سفير النوايا الحسنة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط والذى ثبت فيما بعد أنه واحد من كبار ممولى تنظيم القاعدة، ومن ضمن الأسماء سامى العريان أحد المتهمين فى قضية الأرض المقدسة، وكان محاموه قد طلبوا من المحكمة الفيدرالية الكشف عن وثائق حكومية تكشف عقده للعديد من الاجتماعات فى البيت الأبيض، وزارة العدل، ومقار المباحث الفيدرالية. ولاتزال قائمة الإخوان الذين نجحوا فى اختراق الأجهزة الأمنية الأمريكية كبيرة ومن ضمنهم كفاح مصطفى، أحد ممولى تنظيم حماس والذى تم منحه تصريح أمن من أجل المشاركة فى برامج تدريب المباحث الفيدرالية.
يؤكد كاتب التحقيق، دانيال هورتيز أن القوانين الجديدة التى يستعد مجلس الشيوخ الأمريكى من أجل التصويت عليها ستضفى شرعية على هذا التوغل الإخوانى فى وكالات الأمن الأمريكية، الأمر الذى يلقى بظلال الشك حول مدى جدية الولايات المتحدة الأمريكية فى حربها على الإرهاب كما يكشف أيضا سبب هذا الدعم الكبير الذى قدمته أمريكا للإخوان المسلمين فى مصر.