«التمر والعصائر» موائد إفطار المواطنين على أيدى كبار السن والأطفال بمساجد الإسكندرية ..(صور)
يأتي شهر رمضان المبارك فى كل عام وفي أذهان المصريين عادات وتقاليد نشاءوا عليها منذ الصغر، تعلموها من أجدادهم وأبائهم ويحرصون على تطبيقها تماشيًا مع ديننا الإسلامى وأهمها هى إفطار الصائم فى شهر رمضان، خاصة أن "ثواب إفطار الصائم كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئًا"، وهذا الحديث الشريف عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
فعند الذهاب إلى شوارع المناطق الشعبية وقبل موعد الإفطار بساعة ونصف أو ساعتين على الأكثر، سترى المجهود الذى يبزل من أطفال صغار لا يتعدى أعمارهم الـ7 أو 8 سنوات وهم يتجمعون بجوار شيخ مسن فى الستينيات من العمر، ويملئون الأكواب البلاستيكية بالعصائر والمياه الباردة وأخرون يقيمون بجمع حبيبات التمور داخل أغلفة الكراسات من الورق، منتظرين أذان المغرب لتوزيعها على المصلين والمواطنين المارة فى الشوارع.
عم محمد شيخ يبلغ من العمر 63 عامًا يقف يوميًا أمام أحد المساجد بمنطقة الورديان بغرب الإسكندرية، ليقوم بتجهيز أكواب العصائر والتمور يوميًا بعد الإنتهاء من الخطبة اليومية لشيخ المسجد عقب صلاة العصر، وبمساعدة العشرات من أطفال المنطقة الذين يتجمعون معه يوميًا من أجل توزيع التمور والعصائر على المواطنين ليأخذون ثوابهم العظيم من الله سبحانه وتعالى، ولينشأو على ما نشأ عليه عم محمد وأبائهم وأجدادهم المصريين.
"كفاية يا ابنى أفطر صائم دى عندى بالدنيا كلها" بهذا الجملة بدأ "عم محمد" حديثه لـ"الفجر" قائلًا، رغم أن عمرى تعدى الـ60 عام وظهر عليا أعراض الزهايمر إلا أننى متذكر منذ صغرى وخلال شهر رمضان تجمعى مع العديد من أطفال قريتى فى الصعيد، وقيامنا بصناعة الزينة وتعليقها فى الحوارى البسيطة التى لم يتعدى عرضها 3 أمتار، وشراء البمب إنتظارًا لبعد صلاة المغرب مباشرة لضربها على الأسفلت، رمضان كان له مذاق خاص قديمًا كانت الايام فيها بركة وكنا نوجه أغلب أوقاتنا للمساجد وقراءة القراءن، فكان أبى رحمه الله حريص يوميًا أن يأخذنى معه بعد العودة من العمل لقضاء صلاة العصر فى أحدى الزوايا بالقرية وعند الإنتهاء من الصلاة نظل جالسين داخل المسجد حتى وقت أذان المغرب، وفى الفترة ما بين أذان العصر والمغرب كان يقوم بتحفيظى القراءن الكريم بعد الإستماع إلى خطبة الشيخ بالمسجد، ثم يأخذنى شيخ المسجد معه لتجهيز التمور والعصائر لتوزيعها على المصلين عند موعد الإفطار.
وتابع عم محمد، كنت أنتظر أبى يوميًا من أجل أن أذهب معه إلى المسجد والقيام بتجهيز العصائر والتمور وتوزيعها على الناس، إحساس جميل أن تقوم بإعطاء أى من الأشخاص ترة صغيرة او كوب عصير أو مياه لإفطاره، فشيخ المسجد دائمًا ما كان يقولنا أن ثواب إفطار الصائم عند ربنا كبيرة جدًا، وكبرت وظلت هذا الجملة فى عقلى وعلمتها لأولادى وأحفادى الصغار، حتى إن جاءت يوميًا إلى المسجد ومعى أحفادى لتعليمهم ما تعلمته منذ الصغر، رغم الإختلاف ما بين الزمن قديمًا وحديثًا فقديمًا كنا وسائل الترفيه لنا مجرد الراديو ونستمع فيها إلى الأحاديث الدينية أو إلى المسللات القصيرة التى كانت تأتى بعد الفطار وكنا لا نتعدى الـ15 دقيقة فقط للإستماع إلى الإذاعة، وكان أغلب وقتنا ذاهب إلى المساجد وقراءة القران، أما اليوم فأصبح الأطفال فى أيام الأنترنت ووسائل الإعلام وأصبح ما يأخذ وقتهم للأسف ما يعرض على التليفزيون، ولكننى حريص يوميًا قبل البدء فى تجهيز التمور والعصائر على الجلوس مع الأطفال وتحفيظهم للقران الكريم ثم القيام بأعمال توزيع العصائر والتمور على المواطنين.