"جبهة النصرة" وتغير الايدلوجية الفكرية.. مزيد من التطرف أم لعبة ثورية؟
بان: القاعدة تتجه اتجاهات خطيرة.. وتعنت "بشار" سيؤدي إلى مزيد من التطرف
عبد المنعم: الخطاب يتطور وله تأثيرات قوية
الكتاتني: تحولات الخطاب ستؤثر إيجابا على انضمام بعض الفصائل
منذ أن جاءت الثورات العربية وانتشرت انتشار النار في الهشيم بالعديد من الدول العربية، أصبحت هناك العديد من التأثيرات السلبية وهناك من نجا منها ببعض المكتسبات مثل مصر وتونس ولكن البعض الآخر سقط في محيط الفوضى التي سببت تكالب العديد من الجماعات المتطرفة على هذه الدول.
وكانت سوريا هي الكارثة الأكبر التي جمعت شتات القريب والبعيد من تلك الجماعات، فأصبحت مكانا لتجمع قوى الشر الدولية بجانب هذه الجماعات المتحاربة التي تختلف فيما بينها كجبهة النصرة "فرع تنظيم القاعدة" وتنظيم داعش.
وفي إطار الاختلاف بين تنظيم داعش وجبهة النصرة، نشر مركز عمران، للدراسات الاستراتيجية، دراسة جديدة تأتي تحت عنوان " تحولات خطاب تنظيم القاعدة في سوريا" والتي أكد فيها أن تجربة تنظيم القاعدة في سورية، من خلال فرعه المتمثل بجبهة النصرة، التجربة الأهم والأكثر فرادة ضمن تجارب القاعدة في البلدان الأخرى، لتوفرها على عدد وعتاد ومساحة نفوذ وعلاقات بالمجتمع المحلي أكبر مما حظيت به فروع القاعدة الأخرى، عدا عن التحولات الحركية والخطابية التي مرّت بها.
وأوضحت الدراسة أنه ليس المقصود بالخطاب هنا البيانات المكتوبة، بل المقصود هو مجمل المنتج الرمزي الذي تعبّر به الحركة عن نفسها، سواء بالكتابات الرسمية أو كتابات القادة والمنظّرين أو الأنصار، وكذلك المنتج الصوتي والمرئي الذي يقدّم أيديولوجية التنظيم وأهدافه ورسائله لأنصاره وخصومه وللفضاء العام.
التحولات جاءت فشملت عدة جهات من بينها، التحول على الصعيد الأيدلوجي وهو التطور في مخاطبة الفصائل الثورية السورية الأخرى التي كان يعاديها تنظيم القاعدة قبل انفصاله عن تنظيم الدولة، فضلا عن هيمنة الخطاب الثوري في أحاديث جبهة النصرة، فبعد أن كانت تعادي دائما هذه الفصائل الثورية السورية مثل الجيش الحر وجيش الفتح وغيرها من الفصائل، سرعان ما تحولت تحولات كبيرة في درجة الخطاب من أسلوب متشدد يتجه اتجاه ديني بحت، إلى أسلوب يأتي أكثر ودًا وتساهلًا، بحسب الدراسة.
وفي ذات السياق، تطرح "الفجر" العديد من التساؤلات حول ما أوردته الدراسة وهي تأثيرات هذا الخطاب الجديد على الفصائل السورية الأخرى؟ وهل من الممكن في النهاية أن تتحول هذه الفصائل إلى اعتناق نهج جبهة النصرة التي تعد فصيلا أساسيا من تنظيم القاعدة؟
اتجاهات خطيرة
وبناء على التساؤلات أكد أحمد بان خبير الجماعات الجهادية، أن هناك تحركات مهمة للغاية يتولاها تنظيم القاعدة في سوريا وهي تغيير نوع الخطاب تجاه هذه الجماعات والفصائل السورية، بحيث يجمع شتات من يحاربون ضد بشار الأسد ومن يعاونونه مثل روسيا وايران.
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن الخلاف بين تنظيم داعش وبين جبهة النصرة في سوريا أدى إلى هذه التحركات من قبل تنظيم القاعدة بحيث يستميل بقية الفصائل المحاربة ضد بشار الأسد وبالتالي يؤثر هذا بالإيجاب على حجم القوة التي تستهدفها القاعدة في سوريا بحيث تكون أقوى وأشد.
ولفت خبير الجماعات الجهادية، إلى أن تعنت بشار الأسد هو سبب البلاء المبين الذي تعيشه الدولة السورية منذ ثورتها، وهو ما دفع إلى ظهور مزيد من الجماعات المتشددة على الساحة، التي أعلنت الحرب على بشار الأسد، مبينا أن مشكلة سوريا ستؤدي إلى مزيد من الجماعات المتطرفة إذا لم تحل.
الخطاب يتطور وله تأثيرات قوية
كما أكد عمرو عبد المنعم، الباحث في فكر الجماعات الجهادية، أن خطاب جبهة النصرة التي تعد فرع تنظيم القاعدة في سوريا متطور للغاية ويختلف اختلافا كبيرا مع خطاب تنظيم داعش، الذي يتمسك بالأيدولوجيات الدينية المتحجرة والتي تجعله بالنهاية مطاردا ومحاربا من قبل الجميع .
وأضاف عبد المنعم في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن هناك تخوفا كبيرا بشأن تحولات الخطاب من قبل جبهة النصرة، في سوريا المتجه إلى بقية الفصائل السورية، مثل جيش الإسلام والجيش الحر وأحرار الشام، مشددًا على أن تحولات هذا الخطاب لديه الكثير من الأهمية والخطورة في ذات الوقت التي من الممكن أن تؤدي بالنهاية إلى مزيد من الجماعات التي تعتنق وجهة نظر جبهة النصرة.
تحولات الخطاب ستؤثر إيجابا على انضمام بعض الفصائل
كما أكد إسلام الكتاتني الباحث في فكر الجماعات الجهادية، أن هذه الدراسة تثبت أيضا شيئا هاما وتحولا كبيرا للغاية وهو اتجاه جبهة النصرة إلى مخاطبة الفصائل الثورية السورية والتي تعد من الفصائل التي لها ثقل على الأرض، ولا يستهان بها .
وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الفجر"، أن إبراز الخطاب الثوري من قبل جبهة النصرة تجاه هذه الفصائل، سيحول الكثير منها إلى تبنى اعتقادات جبهة النصرة مما سيزيد الوضع تعقيدا في الدولة السورية.
ولفت إلى أن الإشكالية أيضا تأتي بسبب القمع الشديد الذي يمارسه بشار الأسد مع ما تمارسه إيران وكذلك روسيا وأمريكا، مما يسبب بالنهاية العديد من الأسباب التي تجعل هناك كثرة في هذه الجماعات.