منال لاشين تكتب: أسرار وحكايات سياسية
■ خناقة بيع الأصول تتصاعد بين وزيرة الاستثمار وأشرف الشرقاوى.. ومحافظ المركزى يؤيد البيع السريع
■ تعليمات عليا: 100 مليون جنيه من كعكة الإعلانات تذهب هدية لقناة «أون تى فى»
■ الحملة تشمل إعلانات لبنوك وشركات عامة وحملات توعية للترشيد ومقاومة الفساد
■ تعديل قانون الضريبة المضافة تم بنصيحة برلمانية ومخاوف من رفضه إذا لم يتم تخفيض سعر الضريبة على سلع جديدة
فى رمضان يتم سجن الشياطين وتقييدها، ولذلك فإن أى خطأ أو تجاوز أو خطيئة تحدث فى شهر رمضان لا يمكن نسبها لفعل الشيطان، ولكنها من فعل البشر والنفس الإمارة بالسوء. وبعض أسرار وحكايات هذا الأسبوع تدخل فى إطار الأخطاء البشرية حصريا، وبعضها يعكس قوة الأزمة الاقتصادية التى تمر بها مصر، ولكن ثمة حكايات فى البرلمان بعضها يمثل علامة استفهام سياسية كبرى، ولكن أهم سر هذا الأسبوع يخص سباق الفضائيات للحصول على أكبر قطعة من كعكة إعلانات رمضان، وهو سر أزعج البعض داخل وخارج وسط الفضائيات والإعلانات.
1- هدية خاصة
فى نطاق محدود جدا فى عالم الفضائيات تتداول هذه القصة المثيرة، فشهر رمضان يمثل ذروة العام بالنسبة لحصيلة الإعلانات، والفضائيات تنتظر هذا الشهر الكريم على أحر من الجمر حتى تعوض ما دفعته من ملايين الجنيهات فى المسلسلات والبرامج، وبعد بدء شهر رمضان بعدة أيام، أى فى ربع الساعة الاولى من الشهر الكريم وقعت أحداث هذه القصة الإخبارية، فقد حظيت قناة «اون تى فى» بحصة مميزة من الإعلانات، وذلك على حساب الفضائيات الأخرى، وحصلت القناة على إعلانات من فئات معينة. من بين هذه الفئات شركات عامة حكومية وعلى رأسها شركة مصر للطيران، وبعض البنوك، وذلك بالإضافة إلى حصة مميزة من إعلانات حملات التوعية، وهذه الحملات أطلقتها جهات حكومية.مثل حملات ترشيد الطاقة وشراء المنتج المحلى، ودخلت فئة أخيرة بحصة مميزة، وهى إعلانات مؤسسات والجمعيات الأهلية التى تجمع تبرعات لمشروعات علاج أو إفطار الصائم.
وقد أثارت الحصة المميزة التساؤل خاصة أن قناة «أون تى فى» تعرض لأول مرة هذا العام مسلسلات، ولم يتعود الجمهور بعد على مشاهدة أو متابعة القناة الإخبارية فى شهر رمضان، وتعرض قناة أون تى فى مسلسلا واحداً حصريا هو مسلسل القيصر، ولجأت القناة إلى رسائل المحمول للترويج إلى ثوبها الجديد.حيث لم تعرض قناة أون تى فى من قبل مسلسلات، وكان رجل الإعلام نجيب ساويرس قد باع القناة إلى رجل الأعمال أحمد أبو هشيمة منذ نحو شهرين، وجرى الاتفاق على الصفقة فى الجونة خلال إجازة شم النسيم.
وتولى منح قناة أون تى فى هذه الحصة المميزة التى تصل إلى نحو 100 مليون جنيه شركات توزيع الإعلانات التى تتعامل مع الشركات المعلنة، وتتولى عنها توزيع الإعلانات على الفضائيات، والمبلغ موزع بين بنوك بنحو 30 مليون جنيه، وشركات حكومية بنحو 30 مليوناً أخرى، وبقية الـ100 مليون موزعة ما بين شركة خاصة كبرى وكل من حملات التوعية والتبرعات.
المثير أن بعض هذه الشركات بررت هذا التصرف بجملة «تعليمات عليا» دون أن تحدد الجهة العليا التى أصدرت هذه التعليمات. أما الأمر الأكثر إثارة فهو أن هذه التعليمات العليا لم تختص التليفزيون المصرى بهذه الحصة المميزة، فتليفزيون الدولة هو الأولى بالرعاية، ولذلك أثارت هذه القصة دهشة وربما غضب المجموعة المحدودة جدا التى وصلت إلى مسامعها هذه القصة.
2- نصيحة برلمانية
حكومة المهندس شريف إسماعيل تواجه أزمة مع مشروع قانون ضريبة القيمة المضافة، فالحكومة يجب أن تحصل على موافقة البرلمان على المشروع وإقراره بسرعة لسببين. الأول أن الحكومة ضمنت الموارد المالية الذى ستأتى من تطبيق القانون فى الموازنة الجديدة للدولة، أما السبب الثانى فهو أن تطبيق القانون كان ضمن برنامج الحكومة الإصلاحى التى تقدمت به للبنك الدولى، وبموجب هذا البرنامج حصلت الحكومة على قرض بـ3 مليارات دولار، والمشكلة التى واجهت الحكومة أن بعض قيادات البرلمان حذرت الحكومة من احتمال رفض القانون داخل المجلس.لأن عدداً كبيراً من النواب يخشون من تأثير القانون على رفع جديد للأسعار، ومن ثمة زيادة الأعباء على المواطنين، ووجدت الحكومة حلا وسطا لضمان تمرير القانون بالبرلمان، الحل هو تعديل فى مشروع القانون، والتعديل هو خفض سعر الضريبة فى المشروع على سلع جديدة، وذلك للحد من تأثير القانون على رفع الأسعار، وكانت بعض قيادات البرلمان قد حذرت من إرسال المشروع للبرلمان قبل الانتهاء من قانون الخدمة المدنية وتمريره بشكل نهائى، وبالفعل أجرت الحكومة تخفيضا فى سعر الضريبة بمشروع القانون الذى يفرضه عدد من الخبراء.
3- جدل مستمر
الأسبوع الماضى كتبت عن الجدل الحكومى حول طرح شركات قطاع أعمال فى البورصة، أو بالأحرى طرح حصص من هذه الشركات.بداية وقعنا فى خطأ غير مقصود، فالخلاف بين وزيرة الاستثمار ووزير قطاع الأعمال، وليس وزيرة التعاون الدولى سحر نصر والتى كانت فى رحلة عمل خارج البلاد، وزيرة الاستثمار داليا خورشيد يساندها كل من محافظ البنك المركزى طارق عامر ووزير المالية عمرو الجارحى، ووجهة نظرهم هو الطرح الفورى لحصص من شركات قطاع الأعمال فى البورصة، ولكن وزير قطاع الأعمال الدكتور أشرف الشرقاوى يرى ضرورة التأجيل لحين إتمام تعديلات فى قوانين ولوائح الشركات، وحتى الآن لم يتم حسم الخلاف داخل الحكومة، ويرى الشرقاوى أن مسئوليته عن قطاع الأعمال تجعله صاحب الرأى الحاسم فى توقيت طرح حصص من الشركات فى البورصة، فالخلاف ليس حول الطرح فالجميع فى الحكومة مع بيع حصص من الشركات، ولكن الخلاف حول موعد الطرح، ويتوقع فى ظل هذا الخلاف أو بالأحرى استمراره أن تبدأ الحكومة فى طرح حصص من الشركات التى لا تتبع وزارة قطاع الأعمال وحصص من البنوك أولا.
4- نفى غامض
منذ أيام أصدرت أمانة مجلس النواب نفيا مثيرا للدهشة، فقد نفت الأمانة أن يكون لرئيس مجلس النواب مستشارون سوى مستشار واحد وهو من مجلس الدولة، ولم يعرف أحد سر هذا النفى. لكن بعض المحررين البرلمانيين بحثوا عن هذا السر، فاكتشفوا أن النفى يخص أحد النواب السابقين، وان النائب ادلى بتصريحات لإحدى الصحف وقال إنه مستشار رئيس المجلس، والحقيقة أنه مستشار رئيس اللجنة التشريعية فقط، وقد لفت نظرى فى هذه الحكاية أمران. الأول أن هذا المستشار يشغل منصب مساعد رئيس حزب الوفد، ورئيس اللجنة التشريعية يشغل منصب سكرتير عام حزب الوفد، واعتقد أن المواءمة السياسية كانت تقتضى ألا يختار رئيس اللجنة مستشارا من حزبه.خاصة أن النائب السابق ومساعد رئيس حزب الوفد ليس من المستشارين السابقين أو أستاذة القانون المشهورين، واعتقد أن هذا الاختيار قد يجعل البعض يفسر الأمر كانحياز حزبى. أما الأمر الثانى فهو أن الأمين العام للبرلمان المستشار أحمد سعد قال إن الرجل لا يتقاضى أجرا أو يعمل بدون مقابل، وهذا الأمر مثير جدا لأن البرلمان لا يجب أن يقبل بمبدأ «عينى مستشاراً بدون مقابل». بل يجب أن يسعى إلى أكبر الاسماء والخبراء فى كل المجالات، وأن يتحمل مقابل عملهم لأن وظيفة المستشار وظيفة مهمة جدا، وتؤثر فى التشريع وفى عمل البرلمان، ولا يجب أن يتأثر البرلمان وقياداته ببعض ما ينشر حول ميزانية أو مصروفات البرلمان، ويسعى للترشيد فى ملف مهم، وليس عيبا أن يكون لرئيس البرلمان أكثر من مستشار من كبار المتخصصين فى كل المجالات، وأن يكون لكل رئيس لجنة مستشار أو اثنان من أهل الخبرة، ولكن الشرط الوحيد هو أن يكونوا من الكفاءات المتميزة، وذلك دون النظر لما يحصلون عليه من مكافآت. نحن نريد برلماناً على أعلى مستوى لإنجاز المهمة التشريعية والرقابية.لأن الدستور منح البرلمان مهام كبرى.
حمام سباحة لكل مواطن
الإعلانات فى رمضان تنافس المسلسلات سواء فى متابعة المشاهدين لها وتعليقاتهم من ناحية، أو فى أسلوبها الفنى من ناحية أخرى.
وقد لفت نظرى استمرار غزو اعلانات الڤيللات والقصور تعبيرا عن استمرار ثقافة الكمبوند. فلايوجد اعلان واحد عن شقة لا متوسطى الدخل أو محدودى الدخل. وذروة اعلانات هذا الصيف هو إعلان عن ڤيللا بثلاثة حمامات سباحة وثلاث حدائق. وذلك لتوفير حمام سباحة لكل فرد فى الأسرة واعتقد أن هذا الاعلان هو الأكثر استفزازا للمواطنين من الطبقة المتوسطة فضلا عن الفقراء. ومن المثير أن تتجه كل إعلانات العقارات فى رمضان لفئة محدودة جدا، ولست بالطبع اعترض على حق الشركة فى الإعلان على منتجها، أو حق الاثرياء فى العثور على ڤيللا أو قصر العمر.
ولكن الملاحظة الأساسية أن سوق العقارات فى مصر لا تزال تعانى من خلل هائل، وهذا الخلل يعكس خللا اجتماعيا هائلا وضاغطا على الطبقة المتوسطة فى مصر. فبينما يشغل المبدعون فى اختراع كل وسائل الترفيه والرفاهية فى مجال القصور، وفى استيرداد وابتكار الجديد والاكثر رفاهية عاما بعد عام، لا نجد لا الحماس ولا الإرادة فى هذا المجال فيما يخص شقق الطبقة المتوسطة أو لحل أزمة الشباب الذى ينتظر سنوات طوال للحصول على جدران للزواج .لا نجد مثلا حماسا أو ابتكاراً، ومن ثم تسويقا لفكرة الشقة الاستديو التى تحل أزمة الشباب المقبل على الزواج. أو الشقق شبه المفروشة التى يعرفها العالم كله، وهى شقة مجهزة ببعض الاثاث داخل جدران الشقة للاستفادة من المساحة الصغيرة للشقة، فضلا على أن هذه الشقق تكون مجهزة بمطبخ صغير أيضا داخل الجدران، لا نجد مثلا ابتكارات ولا عقولا تفكر فى طرق لخفض تكلفة بناء الشقق، وهذا الأمر يتنافى مع أبسط قواعد العدالة الاجتماعية فى المجمتع، لأن ما يحدث فى صراع أو سباق القصور يجعل أراضى مصر ومواد البناء بها تخدم فئة محدودة جدا، وأرجو ألا يسارع القطاع الخاص بالرد بأن هذه مهمة الحكومة، ففى العالم كله يقوم القطاع الخاص بتوفير كافة أشكال وأنواع العقارات والشقق التى يطلبها السوق، ولكن معظم شركات العقارات فى مصر لا تكلف نفسها مجرد التفكير فى حلول إبداعية لسكن الطبقة المتوسطة، ولا تسعى إلا لمزيد من سباق الرفاهية فى قصور وڤيللات، ووسط هذا المناخ كان من البديهى أن ترفع إحدى الشركات شعار حمام سباحة لكل مواطن، وفى المقابل تعلن شركة أخرى عن مدينة الاحلام التى تجمع أرقى ما فى كل مدن العالم، وتنافس دبى وباريس ولندن وإيطاليا.. ولسه.